عندما صدر قرار بحظر السفر الذى فرضته الولاياتالمتحدةالأمريكية فى عهد الرئيس دونالد ترامب خلال ولايته الأولى عام «2017» والذى استهدف عدة دول - معظمها ذات أغلبية مسلمة - لم تكُن مصر من بين هذه الدول التى شملها الحظر، رغم أنها دولة ذات أغلبية مسلمة وعدد سكانها كبير، وعاد هذا القرار للظهور مرة أخرى (فى 4 يونيو 2025) - تساءل الكثيرون عن سبب عدم شمول القرار مصر من هذا الحظر، فكان هناك عدة أسباب وراء هذا الاستثناء أهمها أن مصر حليف تقليدى للولايات المتحدةالأمريكية فى الشرق الأوسط، وتجمعهما علاقات سياسية وأمنية واقتصادية قوية، كما أن أمريكا تقدم مساعدات عسكرية سنوية لمصر، وهى من أهم شركاء أمريكا فى محاربة الإرهاب خاصة فى سيناء، ناهيك عن أن القيادة المصرية كانت تُنظر إليها على أنها حليف مستقر مقارنة ببعض الدول الأخرى التى شملها الحظر مثل (ليبيا وسوريا واليمن)، كما أن هناك تنسيقا أمنيا عاليا بين مصر وأمريكا، خاصة فى مجال مكافحة الإرهاب، ما يُسّهِل على الولاياتالمتحدةالأمريكية تقييم المخاطر الأمنية المرتبطة بالمواطنين المصريين، ووجود جالية مصرية كبيرة ومندمجة فى المجتمع الأمريكى، جعل حظر دخول المصريين للأراضى الأمريكية قد يؤدى إلى رد فعل سلبى داخلى وتأثيرات قانونية ومعنوية غير مطلوبة، مع الوضع فى الاعتبار أن معظم الدول التى شملها الحظر كانت تعانى من صراعات أهلية وطائفية، أو ضعف شديد فى مؤسسات الدولة مثل (سوريا، اليمن، ليبيا، الصومال)، ما يجعل من الصعب التحقق من خلفيات المسافرين، وإذا كان قرار الحظر الأمريكى يُركِّز أساساً على ضعف أنظمة التحقق الأمنى مثل معدلات تجاوز التأشيرات وسوء التعاون فى إعادة القبول، إلا أن مصر لا تُصنّف ضمن تلك الفئات ضعيفة المؤسسات، ورغم وقوع حادث «بولدر» بولاية «كولورادو» الذى نفذه مواطن مصرى، أكد الرئيس الأمريكى «ترامب» أن مصر تخضع الآن لمراجعة أنظمتها الأمنية لكنه أوضح أن ذلك لا يضعها على قائمة الحظر الحالية، ومع ذلك - حتى تتجنب مصر الإدراج ضمن قائمة الحظر الأمريكى- هناك إجراءات أمنية وإدارية ودبلوماسية يمكن تعزيزها، هذه الإجراءات يُمكن أن تلعب دوراً مباشراً فى تقييم واشنطن لموثوقية الدول فى ملفات السفر والهجرة، وذلك من خلال استخدام تقنيات أكثر تطوراً فى توثيق الهوية البيومترية، والتأكد من عدم وجود ثغرات فى استخراج جوازات السفر أو فقدانها، ومنع التزوير أو استخدام وثائق مزيفة للسفر، هذا لأن الولاياتالمتحدة تقوم بتقييم مدى صرامة الدول فى حماية جوازات سفرها، كعنصر أساسى فى تحديد المخاطر، بالإضافة إلى تعزيز تبادل المعلومات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية من خلال توقيع أو تحديث اتفاقيات لتبادل المعلومات الأمنية عن المشتبهين بالإرهاب، والأشخاص الخطرين أمنياً، أو أصحاب السجلات الإجرامية، مع إظهار تعاون واضح مع وزارة الأمن الداخلى الأمريكية ووزارة الخارجية، وذلك من باب الشفافية والتعاون الاستخبارتى اللذين يخفضان التصنيف الأمنى السلبى لأى دولة، ومن المهم أن تقوم مصر بإطلاق حملات توعية للمواطنين حول أهمية الالتزام بفترات الإقامة القانونية فى أمريكا، والعمل على تتبع وضبط سفرات المواطنين الذين لا يعودون فى الموعد المحدد، مع تطوير نظام تسجيل للخروج من البلاد يُمكن مشاركته مع السفارات الأجنبية، وذلك مهم لارتفاع نسبة المصريين الذين يتجاوزون مدة الإقامة القانونية فى أمريكا وهو ما يُعد عاملاً سلبياً. خلاصة القول أنه وحتى يومنا هذا، مصر ليست ضمن دول الحظر الأمريكية وذلك بسبب تقييم الولاياتالمتحدةالأمريكية لقدراتها الأمنية، والتعاون فى تبادل المعلومات.. وتحيا مصر.