بعد موافقة مجلس النواب على مشروع تعديل قانون مجلسى النواب والشيوخ، ومع قرب إجراء الانتخابات البرلمانية، تطرح عدة تساؤلات نفسها حول تأثير تلك التعديلات على التحالفات الانتخابية المقبلة، خاصة مع رفضها من مجموعة من الأحزاب كانت فى تحالف انتخابى مع الأغلبية فى قائمة واحدة عام 2020، مثل أحزاب الإصلاح والتنمية، والمصرى الديمقراطى، والعدل، وعدد من النواب المستقلين. فى حين أعلن أحزاب مستقبل وطن، والشعب الجمهورى، وحماة وطن، ومصر الحديثة، والمؤتمر، والتجمع، ونواب من تنسيقية شباب الأحزاب، وعدد من النواب المستقلين، موافقتهم على التعديلات. ووافق مجلسا الشيوخ والنواب على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ الصادر بالقانون رقم 141 لسنة 2020، الذى ينص على تقسيم جمهورية مصر العربية إلى (27) دائرة انتخابية بالنظام الفردى، و(4) دوائر بنظام القوائم، دائرتان منها مخصص لكل منها 13 مقعدًا، وهما دائرة قطاع شرق الدلتا ودائرة قطاع غرب الدلتا، على أن يكون بكل قائمة 3 نساء على الأقل، ودائرتان تضم كل منهما 37 مقعدًا، وهما دائرة قطاع القاهرةوجنوب ووسط الدلتا، ودائرة قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد، على أن يكون بكل قائمة منهما 7 نساء على الأقل، ليحتفظ مجلس الشيوخ بعدد المقاعد البالغة (300) مقعد، منها (100) بالتعيين، و(100) بالانتخاب بالنظام الفردى، و(100) بنظام القائمة. وقد أبقى مشروع القانون الجديد على الجمع بين نظامى الفردى والقائمة المغلقة المطلقة، والإبقاء على إجمالى عدد مقاعد مجلس النواب 568، كما هو فى القانون الحالى، بخلاف المعينين بعدد 28 مقعدًا، ليصبح إجمالى عدد مقاعد مجلس النواب 596 مقعدًا، بحيث يشمل عدد 284 مقعدًا للفردى، وعدد 284 للقوائم مع تقسيم القوائم إلى أربع قطاعات انتخابية. وتمثل أبرز تعديلات قانون مجلس النواب، بإعادة توزيع عدد المقاعد المخصصة للقوائم المغلقة المطلقة وعددها 4 قوائم، بواقع عدد (102) مقعد لكل من دائرتى «جنوب ووسط الدلتا» و«شمال ووسط وجنوب الصعيد»، بدلًا من 100 مقعد فى التقسيم السابق، وتخصيص عدد (40) مقعدًا لكل من دائرتى «قطاع شرق الدلتا» و«قطاع غرب الدلتا»، بدلًا من (42) مقعدًا فى التقسيم السابق، بالإضافة إلى زيادة قيمة التأمين إلى 30 ألف جنيه للمرشح الفردى بدلًا من 10 آلاف جنيه، وإلى 120 ألف جنيه للقائمة المخصصة لها (40) مقعدًا، و306 آلاف جنيه للقائمة المخصصة لها (102) مقعد، وتم الإبقاء على عدد الدوائر الفردية (143) مع إعادة هيكلة داخلية تمثلت فى إلغاء دائرتين واستحداث اثنتين جديدتين. حسام الخولى، زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ، ونائب رئيس حزب مستقبل وطن، قال ل «روزاليوسف» إن ما تم تعديله فى مشروع القانون هو إعادة تقسيم بعض الدوائر الانتخابية وعدد النواب فى بعض الدوائر، وذلك وفقًا لعدد السكان وعدد الناخبين، مشيرًا إلى أن إجراء الانتخابات البرلمانية كل خمس سنوات يعنى زيادة فى عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت فى كل دائرة، ويتم تسجيل وإضافة من يصل إلى 18 سنة تلقائيًا على الكشوف، وذلك توافقًا مع أحكام الدستور، ومنسجمًا مع نص المادة 87 التى تنص على حق المواطن فى الانتخاب والترشح، وتسجيله فى قاعدة بيانات الناخبين دون الحاجة إلى طلب كتابى أو إذن مسبق. ولفت إلى أنه تم الاعتماد على أحدث قاعدة بيانات للسكان صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء والهيئة الوطنية للانتخابات خلال إعداد مشروع القانون، مع استثناء المحافظات الحدودية لتعذر التطبيق عليها فى أغلب الأحوال بالنظر إلى عدد سكانها، فضلًا عن وجود رغبة فى تمثيلها بما يعكس أهميتها الجغرافية باعتبارها خط الدفاع الأول عن أمن الوطن، وهو يعد تمييزًا مبررًا استنادًا إلى أسس موضوعية. وأوضح أن إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية كل 5 سنوات يتماشى مع نص الدستور، لمراعاة التغيرات فى عدد السكان، وحتى لا يتم الطعن على دستورية الانتخابات. وأكد أن التعديلات التى تمت، تحقق مبدأى العدالة السياسية والتمثيل المتوازن للسكان بكل محافظة، وعدد النواب الممثلين لهم. وأوضح «الخولى» أن الإبقاء على النظام الانتخابى بالقائمة المغلقة المطلقة هو الأفضل لصالح العملية الانتخابية، حيث تمكن من تمثيل 7 فئات الكوتة المنصوص عليهم فى الدستور، وهم الأقباط والعاملون بالخارج، وذوى الاحتياحات الخاصة، والشباب والمرأة، والعمال والفلاحين، وبالتالى فنحن مضطرون للعمل بالقائمة المغلقة لإتاحة تفعيل النص الدستوري، بالإضافة إلى أنها الأسهل فى الفرز. وانتقد «الخولى» المطالبين بإجراء الانتخابات وفقًا للقائمة النسبية، لاستحالة تحقيقها تمثيل ال 7 فئات الكوتة، بالإضافة إلى أنها صعبة فى الفرز، وقال إن المعارضين لقانون الانتخابات الجديد الذى تمت الموافقة عليه، كانوا معنا فى تحالف انتخابى على نفس القوائم البرلمانية السابقة، مثل أحزاب الإصلاح والتنمية، والمصرى الديمقراطى، والعدل، وقد يكونون معنا فى القوائم القادمة، رغم تحالفهم مع المعارضة حاليًا، لكن خريطة التحالفات النهائية لم تتضح بعد. وقال النائب عاطف المغاورى، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، إن الحزب وافق على التعديلات، حتى لا تتأجل الانتخابات، وأوضح أن مشروع القانون أبقى على النظام الانتخابى الحالى، و«التجمع» تكتيكيًا موافق عليه، ولكن استراتيجيًا نحن مع نظام القائمة النسبية لكنها تحتاج وقتًا لإعدادها وتطبيقها بما يهدد إجراء الانتخابات فى موعدها، وبالتالى مخالفة النص الدستورى. كما أن القائمة النسبية يصعب أن تحقق التمييز الإيجابى لبعض الفئات، مثل المرأة وذوى الإعاقة، وغيرهما، مطالبًا بإعادة النظر فى المادة (102) من الدستور، حيث لم يحدد الدستور شكل النظام الانتخابى، وترك الأمر لقانون الانتخابات، وقال إنه لا يليق بمصر أن يحدث تعديل فى القانون مع كل دورة انتخابية. وأشار إلى أن دخول حزب التجمع فى تحالفات انتخابية قرار لم يتم حسمه حتى الآن لأن الأمور لم تتضح بعد، ولكن هناك تحركات واجتماعات فى الوقت الحالى. ولفت إلى تحالف عام 2020، الذى تشكل من القائمة الوطنية فى حب مصر وضمت 11 حزبًا، والتحالف انتخابى وليس سياسيًا، لأنه بمجرد انتهاء الانتخابات فإن كل حزب يعمل وفقًا لأجندته الخاصة، وقال إنه من المحتمل أن تكون انتخابات مجلس الشيوخ بروفة لشكل التحالفات لمجلس النواب، وستكون مؤشرًا لما يمكن أن يكون عليه شكل التحالف. على الجانب الآخر، أشار إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصرى الديمقراطى، إلى أن الحزب رفض تعديلات قوانين انتخابات مجلسى النواب والشيوخ، ليس اعتراضًا على بنود المشروع، المتضمن إعادة تقسيم بعض الدوائر وتعديل عدد المرشحين بالبعض الآخر، بناءً على تغير تعداد السكان، واتساقًا مع نص المادة 102 من الدستور، التى تُلزم المُشرِّع بمراعاة التقسيم العادل للدوائر الانتخابية وفقًا لمجموعة من المعايير، منها التعداد السكانى والموقع الجغرافى، وفى ظل الزيادة السكانية التى تجاوزت 7 ملايين و400 ألف نسمة منذ آخر تعداد سكانى لانتخابات 2020، بالإضافة إلى زيادة قاعدة الناخبين بأكثر من 6 ملايين و200 ألف ناخب مقارنة بانتخابات 2020. وأوضح أن الاعتراض كان على عدم تضمين مشروع القانون تغيير النظام الانتخابى ليصبح بنظام القائمة النسبية، قائلًا: «إحنا كنا طرحنا رؤية للقائمة النسبية، وعملنا نماذج لها، وطرحنا ذلك فى الحوار الوطنى وأوضحنا أهميته، وكان معنا فى هذا الطرح العديد من الأحزاب والقوى السياسية، وكنا ننتظر أن ياتى إلى مجلس النواب من الحكومة مشروع قانون يمثل ذلك»، وكان وزير المجالس النيابية المستشار محمود فوزى قد أكد وجود 3 توصيات للحوار الوطنى، من بينها القائمة النسبية، ولم يتم التوافق على إحدى تلك التوصيات، وبالتالى كان يجب حسم الأمر بالمناقشة برلمانيًا والتصويت. وكشف عن أن الحزب رغم الاعتراض سوف يتعامل مع ما تم إقراره بالفعل، ولفت إلى أنه تم بالفعل تأسيس تحالف انتخابى للمعارضة باسم تحالف الطريق الديمقراطى، ويضم أحزاب المصرى الديمقراطى، والإصلاح والتنمية، والعدل، وذلك لخوض الانتخابات المقبلة فى مجلسى الشيوخ والنواب على جميع المقاعد الفردية، وهذا التحالف الجديد يأتى للتأكيد على أن المشاركة فى العملية السياسية، ودعم مسارات الحوار بين كل أطراف المشهد السياسى، هو الطريق لبناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة.. قائلًا «إحنا من دعاة المشاركة، فالمشاركة أفضل من المقاطعة، لأن المقاطعة أمر سلبى».. مضيفًا أنه يوجد أيضًا تواصلات شخصية مع تحالف الحركة المدنية الديمقراطية، رغم أنه سبق أن جمّد حزبا المصرى الديمقراطى والعدل عضويتهما فى الحركة قبل الانتخابات الرئاسية الماضية، على خلفية دعم الحزبين للمشاركة فى الانتخابات، فى حين فضلت الحركة إعلان مقاطعة الانتخابات، وذلك لأن الأبواب مفتوحة للجميع، ولكن ذلك ما زال فى مرحلة المناقشات ولم يُتخذ قرار بشأنها بعد.