غيرت الصورة النمطية لزوجة الأب «القومى للمرأة»: دراما رمضان نجحت فى تجسيد قوة وإرادة الشخصية النسائية

على الرغم من الانتقادات الموجهة لصورة المرأة فى دراما رمضان هذا العام؛ إلا أنها نجحت فى تقديم نماذج إيجابية للمرأة، تجسد قوة وإرادة الشخصية النسائية مع التغير الإيجابى فى تصوير شخصية «زوجة الأب»؛ حيث تم التخلص من الصورة النمطية التقليدية التى لطالما قدمتها الدراما فى السنوات الماضية، والتى كانت تُظهر زوجة الأب كرمز للشر والانتقام، وبدلًا من ذلك؛ قدمت بعض المسلسلات صورة أكثر إنسانية وحنانًا لزوجة الأب، مما يعكس تطورًا فى كيفية عرض الشخصيات النسائية فى الدراما.
هذا ما كشف عنه التقرير السنوى للجنة الإعلام بالمجلس القومى للمرأة حول تحليل صورة المرأة فى الأعمال الدرامية التى قُدمت خلال شهر رمضان 2025 والذى سلط الضوء على كيفية تمثيل صورة المرأة فى الدراما الرمضانية بهدف إصدار مؤشرات حول تمثيل المرأة فى الأعمال الفنية..
حيث أكدت د.سوزان القلينى عضوة المجلس القومى للمرأة ومقررة اللجنة، أن هذا التقرير يأتى فى إطار اهتمام المجلس بمتابعة صورة المرأة فى الإعلام، وتقديم توصيات تساهم فى تحسين تمثيلها بما يعكس دورها الحقيقى فى المجتمع، وللخروج بمؤشرات حول صورة المرأة فى هذه الأعمال، مؤكدة على أن الرصد الإعلامى هو أداة أساسية لدعم اتخاذ القرار ورسم السياسات الفعالة، مشددة على التزام اللجنة بتطوير آليات الرصد والمتابعة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة بكفاءة وشفافية.
وأوضحت د.سوزان القلينى أن اللجنة بدأت بتصميم استمارات تحليل للمضمون من حيث فئتىّ الشكل والمضمون للأشكال الإعلامية المستخدمة خلال شهر رمضان سواء على مستوى المسلسلات أو البرامج أو الإعلانات أو مواقع التواصل الاجتماعى، وتمت مراجعة هذه الاستمارات من خبراء اللجنة التى تضم العديد من خبراء وأساتذة الإعلام، وتم تشكيل فرق بحثية مكونة من 238 طالبًا وطالبة، بالإضافة إلى مجموعة من الباحثين وأعضاء هيئة التدريس من مختلف الجامعات الخاصة والحكومية على مستوى محافظات الجمهورية فى إطار التعاون التطوعى بين الجامعات والمجلس القومى للمرأة، وتم تدريبهم على استمارة التحليل.
وأضافت إنه تم الوقوف على ما تناولته الصحف حول المسلسلات وموقف النقاد والمجتمع المحيط من الأعمال الرمضانية المعروضة لهذا العام ومراعاة مؤشرات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فيما يخص صورة المرأة وتوافق الأعمال مع الكود الإعلامى الصادر عن لجنة الاعلام بالمجلس القومى للمرأة.
حصر شامل للمسلسلات فى رمضان
علاوة على حصر شامل للمسلسلات المقدمة فى القنوات الفضائية المصرية والمنصات الرقمية والتى تم عرضها مع بداية شهر رمضان، والبالغ عددها 39 مسلسلًا، بالإضافة إلى رصد وتحليل صورة المرأة فى الإعلانات المعروضة لموسم رمضان2025 وعددها 221 إعلانًا لسلع تجارية وخدمية وحملات خدمة عامة على جميع القنوات المصرية.
كما تم اختيار البرامج عبر القنوات التليفزيونية والإذاعية المسموعة التى تناولت المرأة شكلاً أو مضمونًا، إلى جانب الوقوف على ما تناوله رواد مواقع التواصل الاجتماعى حول المسلسلات والبرامج والإعلانات وموقف النقاد والمجتمع المحيط من الأعمال المعروضة لهذا العام، وتم عمل استطلاع رأى على الجمهور المصرى من خلال استمارة استبيان إلكترونية طبقت فى محافظات مصر.
المسلسلات أظهرت المرأة بصورة إيجابية
هذا وقد أظهرت نتائج التقرير فيما يتعلق بالمسلسلات، وجود تباين واضح فى تقديم صورة المرأة؛ حيث أظهرت المرأة بصورة إيجابية فى عدد من الأعمال، فيما تصدرت الصورة السلبية أو المشوهة فى أعمال أخرى، ومن النتائج الإيجابية وجود بطولات نسائية مطلقة أو متساوية مع الرجال فى 19 مسلسلًا، منها: «أم أربعة وأربعين، وتقابل حبيب»، وتم تناول قضايا جديدة ومهمة مثل: حق الكد والسعاية فى مسلسل «حسبة عمرى»، الابتزاز الإلكترونى فى «كامل العدد» و «وتقابل حبيب»، والتحرش والعنف الأسرى فى «لام شمسية».
وفيما يخص صورة المرأة فى البرامج الإذاعية والتليفزيونية فقد أشاد التقرير بدور الإذاعة المصرية التى احتفلت بالمرأة وقدمتها كنموذج إيجابى، بينما تم رصد تجاوزات فى بعض البرامج التليفزيونية مثل «كريزى ومان والعرافة ورامز».
تغير الصورة النمطية لزوجة الأب
ومن أبرز نتائج التقرير لهذا العام هو التغير الإيجابى فى تصوير شخصية «زوجة الأب»؛ حيث تم التخلص من الصورة النمطية التقليدية التى لطالما قدمتها الدراما فى السنوات الماضية، والتى كانت تظهر زوجة الأب كرمز للشر والانتقام، وبدلًا من ذلك؛ قدمت بعض المسلسلات صورة أكثر إنسانية وحنانًا لزوجة الأب، مما يعكس تطورًا فى كيفية عرض الشخصيات النسائية فى الدراما.
مسلسل «كامل العدد 3»
فى مسلسل «كامل العدد 3»، تم تقديم صورة إيجابية لزوجة الأب التى لا تفرّق بين أبناء الزوج؛ بل على العكس، تتسم بالدعم والمساندة للأبناء.
قدمت البطلة شخصية زوجة الأب بشكل يتسم بالعطف والرغبة فى رعاية كل الأطفال، وهو ما أضاف بُعدًا إنسانيًا للصورة التقليدية.
مسلسل «قلبى ومفتاحه»
أمّا مسلسل «قلبى ومفتاحه» فقدم زوجة الأب بشكل جديد تمامًا؛ حيث تجسد شخصية نسائية تراعى ابنة زوجها وتعاملها بكل حب واهتمام، تمامًا كما تفعل مع ابنها البيولوجى.
وقامت هذه الشخصية بدعم ابنتها فى العديد من المواقف، مما يعكس صورة إيجابية لزوجة الأب التى تساهم فى بناء أسرة متوازنة.
مسلسل «حكيم باشا»
وفى مسلسل «حكيم باشا» تظهر الزوجة الثانية فى هذا المسلسل بشكل إيجابى تجاه ابن زوجها من علاقة سابقة، تقوم بتقديم الدعم العاطفى له وتظهر سلوكًا يعكس العناية والاهتمام، مما يساهم فى تغيير الصورة النمطية لزوجة الأب فى الأعمال الدرامية.
مسلسل «لام شمسية»
أمّا مسلسل «لام شمسية» فقدم صورة قوية لزوجة الأب التى تتصدى لمشاكل ابن الزوج؛ حيث قامت البطلة بحماية الطفل من التحرش والدفاع عن حقه، فى حين أن الأب فى البداية لم يصدقها، والأم كانت تهاجمها وتتهمها بتشويه صورة ابنها، ومع تقدم الأحداث، يظهر دور زوجة الأب فى معالجتها القضية ومساندتها للطفل على الصعيد النفسى طوال المسلسل.
إيجابيات التناول الدرامى
يُعد هذا التوجه فى التناول الدرامى لهذا العام خطوة إيجابية نحو تحسين صورة المرأة؛ خصوصًا فيما يتعلق بكيفية تقديم شخصيات زوجات الأب؛ حيث أظهرت الدراما هذه الشخصيات ليس كرمز للشر أو الانتقام؛ بل كأشخاص قادرين على العطاء والمساندة.
ويُعد تغير الصورة النمطية لزوجة الأب فى المسلسلات الرمضانية لهذا العام إنجازًا مُهمًا فى مسيرة تطوير دور المرأة فى الإعلام المصرى، وقد شهدت الدراما هذا العام تحولًا إيجابيًا فى تصوير هذه الشخصية، مما يسهم فى نشر الوعى المجتمعى حول أهمية التعامل مع الأدوار العائلية برؤية أكثر إنسانية ومتوازنة.
«شهادة معاملة أطفال»
وفى مسلسل «شهادة معاملة أطفال»، تم تصوير المرأة الطبيبة التى تُظهر شغفها وحبها لمهنتها، على الرغم من محاولات إحباط المحيطين بها.
«العتاولة 2»
وفى «العتاولة 2»، ظهرت صورة المرأة القوية التى تحمى أسرتها وتدافع عن حقوقها، بينما فى «الشرنقة»، جسدت المرأة التى تخاطر بحياتها لإنقاذ زوجها وعدم الاستسلام.
كما ظهرت المرأة العاقلة والمستقلة فى أعمال مثل «العتاولة 2» و«عايشة الدور»؛ حيث أكدت هذه الشخصيات على رفض العنف وتأكيد حقوق المرأة فى اختيار حياتها.
المرأة القوية
وتُظهر بعض الأعمال الأخرى صورة المرأة القوية والمسانِدة فى مواجهة المرض والصعوبات، كما فى مسلسلىّ «80 باكو» و«كامل العدد 3»؛ حيث تجسد المرأة محاربة السرطان ومثابرتها على التغلب على التحديات.
كما قدمت المسلسلات بعض الشخصيات النسائية التى تصف المرأة على أنها محاربة فى مواجهة التحديات، مثل الشخصية النسائية فى مسلسل «الحلانجى» و«منتهى الصلاحية».
وكشف التقرير التعاون مع الوزارات والهيئات الحكومية حيث تميزت بعض المسلسلات هذا العام بتناول قضايا مهمة لأول مرّة بالتعاون مع الجهات الحكومية كما فى مسلسل «ولاد الشمس»، الذى تم تسليط الضوء على قضايا دُور الأيتام وتجاوزات بعض العاملين بها، من خلال التعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى لتقديم نماذج إيجابية.
انتشار مَشاهد العنف
كما شهدت دراما رمضان 2025 انتشارًا ملحوظًا لمَشاهد العنف بكل أشكاله، سواء العنف البدنى أو المعنوى، وتصدرت المَشاهد التى تتعرض فيها المرأة للعنف المشهد العام فى العديد من الأعمال. وهذا ظهر واضحًا فى مسلسل «نقابل حبيب»، الذى تم تسليط الضوء على العنف المعنوى ضد المرأة، والذى يصعب إثباته قانونيًا، مما يجعل هذا النوع من العنف من أخطر الأنواع.
بالإضافة إلى ذلك؛ تكثفت مَشاهد العنف الجسدى واللفظى فى مسلسلات مثل «سيد الناس»، «الغاوى»، «قهوة المحطة»، و«حسبة عمرى»
وأظهرت هذه المسلسلات مَشاهد مرعبة من ضرب وسحل وتهديد بالقتل، مما يعكس تفشى ظاهرة العنف ضد المرأة فى العديد من الأعمال الدرامية.
مَشاهد المخدرات والتدخين والإدمان
كما تزايدت مَشاهد المخدرات والتدخين والإدمان فى مسلسلات مثل «إش إش»، و«أهل الخطايا»، و«فهد البطل»، وشهدت أيضًا بعض الأعمال تكثيفًا للمَشاهد الحسية الخادشة للحياء واستخدام الألفاظ غير اللائقة من قِبَل الشخصيات، مما أدى إلى تدنى صورة المرأة وتهديد خصوصيتها.
ورغم تزايُد المَشاهد السلبية فى دراما رمضان 2025؛ فإن هناك إشارات إيجابية فى بعض الأعمال التى قدمت صورًا للمرأة تدعم حقوقها وتبرز قوتها وقدرتها على مواجهة التحديات، يبقى من الضرورى أن يتم العمل على تعزيز الصورة الإيجابية للمرأة فى الدراما من خلال معالجة القضايا الاجتماعية والإنسانية بطرق هادفة وواقعية.
ظهور المرأة فى أدوار متعددة
أمّا بالنسبة لصورة المرأة فى الإعلانات الرمضانية فقد ظهرت المرأة فى 202 إعلان من إجمالى 221 إعلانًا. وتمثلت أبرز النتائج فى ظهور المرأة فى أدوار متعددة منها الطبيبة والمعلمة ورائدة الأعمال، واستخدام رموز الهوية المصرية، مثل المرأة الفرعونية.
كما رصد التقرير ما شهدته الأعمال الرمضانية من تفاعل واسع وإشادة الجمهور بأعمال مثل «لام شمسية وحسبة عمرى وتقابل حبيب وقلبى ومفتاحه»، بينما انتقدوا العنف والإثارة الزائدة فى أعمال مثل «سيد الناس والعتاولة».
وأوصَى التقرير بضرورة تعزيز التوازن فى تقديم صورة المرأة، وتشجيع الإنتاج الواعى بقضايا المرأة، وتمثيل أوسع للمرأة الريفية والبدوية، والحد من استخدام العنف والإثارة الجنسية والألفاظ البذيئة.
2
3