حينما نتحدث عن المرأة المصرية، لا بُدّ أن نذكر قوتها وإصرارها على تحقيق النجاح رغم التحديات التى تواجهها. فهى دائمًا ما تكون مَصدرًا للإلهام والصبر، وتحمل على عاتقها العديد من المسئوليات والمهام. ومن بين هذه النساء المبدعات تأتى قصة كرستين جابر، التى سعت بكل جهد لتغيير واقع أسرتها فى ظل الظروف الصعبة. كرستين، التى نشأت فى محافظة المنيا، استطاعت أن تستفيد من فرص تمكين المرأة التى تقدمها الدولة، فحوّلت التحديات إلى فرص ونجحت فى مساعدة زوجها على تطوير مشروعه فى مجال النجارة. من خلال الدعم الذى تلقته من المبادرات الحكومية، أصبحت قادرة على تطوير مشروعها الخاص؛ بل تحقيق الاستقلال المالى لأسرتهما. قصة كرستين هى مثال حى على الدور الكبير الذى تلعبه المرأة فى المجتمع المصرى فى مختلف المجالات. كرستين جابر من محافظة المنيا قرية كوم المحرص بمركز أبو قرقاص حصلت على دبلوم فنى صناعى وتزوجت فى عام 2012 وأنجبت ثلاثة أبناء، تقول كرستين: زوجى يعمل فى النجارة ومَرّ بظروف مَرضية وكانت ظروفنا المعيشية ضيقة؛ حيث إن أبنائى الثلاثة بالمدرسة ويحتاجون إلى مصاريف؛ فأحدهم بالصف الخامس الابتدائى والثانى بالصف الثالث، أمّا الصغير فبالصف الأول الابتدائى، فكان زوجى يعمل شغل نجارة بسيط؛ حيث لم يكن لديه أى معدات تساعده على العمل، فعرفت أن الدولة تساعد على التمكين الاقتصادى وتشجع الأسر على عمل مشروعات صغيرة ففرحت جدًا ووجدتها فرصة لى أنا وزوجى للتوسع فى العمل وتقدمت بطلب للمشروع وحصلت على تدريبات لمعرفة كيفية إدارة المشروع وتطويره وقررت مساندة زوجى والعمل معه، وبالفعل حصلت على قرض قيمته 50 ألف جنيه لشراء معدات وأدوات جديدة بالورشة الصغيرة بمنزلنا وأقف مع زوجى بالورشة وأساعده فى العمل إلى جانب تربية أبنائى ورعايتهم، نعمل أبواب وشبابيك ومقاعد وأنتيكات وغيرها من المنتجات الخشبية. تطوير المشروع وأضافت كرستين: استفدت كثيرًا من التدريب؛ حيث عرفت الكثير عن كيفية عمل مشروع وكيفية إدارته وكيف أفصل بين الأموال الخاصة بالمشروع والمصاريف الشخصية وكيف أحقق أرباحًا وأعرف مدى ربح المشروع والحفاظ على رأس مال المشروع وأيضا كيفية التسويق والدعاية للمشروع والمنتجات التى نصنعها، وأكثر شىء أفادنى هو فصل فلوس المشروع عن مصاريف البيت حتى أطوّر المشروع وأكبّره، وأيضًا التسويق مهم جدًا فأستطيع تسويق ما أعمل، ليس فقط فى القرية والمكان الذى أعمل به ولكن أتوسع لنشر عملنا فى القرى والمحافظات الأخرى، فمثلاً نعمل تصميمًا لركنة من الخشب بشكل معين ونرتبها ونصوّرها ونعرضها على السوشيال ميديا سواء الفيسبوك أو الإنستجرام أو جروبات الأصدقاء بالواتس آب، فنجد إقبالاً عليها وطلبات لعمل أكثر من قطعة، بالإضافة إلى أن بعض العملاء يطلبون شغل فنفرّجهم على التصاميم التى صممناها فينبهروا بها وقد يطلبون أحدها أو يطلبون تصميمًا آخر فيرسمونه وننفذه لهم. المرأة فى القرية وأكدت «كرستين» على أهمية تسديد الأقساط المطلوبة منهم وأنهم حريصون على الانتهاء منها وبعد ذلك يفكرون فى التوسع أكثر فى المشروع، فنتمنى أن يكون لدينا ورشة خاصة منفصلة عن البيت لضيق المكان وللعمل أكثر وعدم إزعاج الموجودين بالبيت.. وتابعت: كانت المرأة فى القرية إذا خرجت للعمل ينظر لها الآخرون نظرة سيئة ولكن الآن المجتمع أصبح أكثر تحضُّرًا ويتفهم عمل المرأة وحقها فى التعليم والعمل والتمكين الاقتصادى ومساعدة أسرتها، ولدينا برامج للتوعية كثيرة فى القرية تشجع على التعليم والعمل وتحذرنا من العادات والتقاليد الضارة التى تؤثر سلبًا على الأسرة وتؤذينا مثل ختان الإناث والتسرُّب من التعليم وتفضيل الذكور على الإناث والزواج المبكر تحت سن 18 سنة وخطورة الإدمان وغيرها.. وختمت كرستين حديثها: أتمنى أن يكون لنا ورشة كبيرة للنجارة منفصلة عن المنزل، وأتمنى فتح مشاريع أكثر لتشجيع السيدات على العمل وأن تستمر التوعية وتنتشر بشكل أكبر.