اختتم معرض القاهرة الدولى للكتاب 2025 فعالياته الثقافية والفنية، يوم الأربعاء الماضى، بعد 13 يومًا من الأنشطة الثقافية والعروض الأدبية التي جذبت الملايين من الزوار وعشاق القراءة على مدار تلك الأيام حيث كسر عدد زوار المعرض حاجز ال5 ملايين زائر منذ انطلاقه بحسب ما تم إعلانه. كما شهد خلالها المعرض حضورًا مكثفًا للندوات، وحفلات التوقيع، علاوة على التواجد الكبير للعديد من المنصات الرقمية. خلال تلك الفترة تصدرت العديد من الكتب قائمة المبيعات، بما في ذلك الروايات التاريخية والأعمال الفلسفية، فضلاً عن الكتب التي تناقش القضايا المجتمعية الحديثة. كما شهدت الإصدارات الرقمية رواجًا كبيرًا، وهو ما يعكس التحول نحو القراءة الإلكترونية. وبإسدال الستار على المعرض هذا العام، تنتهي دورة ثقافية جمعَت بين التراث والحداثة، فيما أعلنت اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولى للكتاب بدورته ال56، الذى تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهى الدين، أسماء الفائزين بجائزة المعرض لعام 2025، فى 16 فرعًا فى كل فروع المعرفة. جوائز معرض الكتاب وفاز بجائزة المعرض هذا العام في فرع الرواية مناصفة بين «جزيرة هرموش» للكتاب محمد يونس حسانين، و«شبح عبد الله بن مبارك» لماجد طه علي شيحة، وفرع القصة القصيرة فازت بها المجموعة القصصية «تيريز لا أحد» للكاتب كريم سعيد. وفى فرع شعر العامية فاز ديوان «مناب الغايب» للشاعر إبراهيم عبد الفتاح، وشعر الفصحى فاز به ديوان «مزرعة السلاحف» للشاعر عيد عبد الحليم، وفي مجال كتاب الطفل فاز كتاب «ماما وجدتي» للكاتبة نور الهدى عبد الحافظ، وفي مجال العلوم الإنسانية والدراسات الإفريقية فاز كتاب «المجتمع المدني وبناء السلم الإفريقي.. حالتا أنجولا والكنغو الديمقراطية» للكاتب محمد عبد الستار سليمان. وفى مجال الكتاب العلمى فاز كتاب «جينات المصريين» للكاتب أحمد حسن بلح، وفي مجال النقد الأدبي فاز كتاب « شغف الترحال: علم السرد المعرفي مدخلاً إلى أدب الرحلة» للكاتبة دعاء حسن البلكي. أما فى مجال الفنون فرع الموسيقى بالتعاون بين هيئة الكتاب وأكاديمية الفنون فاز كتاب «العزف على آلة الناي» للكاتب عاطف إمام فهمي، وفي مجال تحقيق التراث والتي تمنحها هيئة الكتاب ودار الكتب والوثائق القومية فاز كتاب «نزهة النفوس والأفكار في خواص الحيوان والنبات والأحجار- الجزء الثالث» تحقيق الدكتور إكرامي عشري، والدكتور أشرف غنام. وفى مجال أفضل كتاب مترجم فرع الكتاب العام فاز كتاب «اسمها فلسطين.. المذكرات الممنوعة لرحالة إنجليزية في الأرض المقدسة» تأليف آدا جودريتش، وترجمة خميلة عبد الحميد، وفي مجال أفضل كتاب مترجم فرع مجال الطفل فاز كتاب «المحقق باور: لغز الكلمات النائمة»، تأليف سن روي، وترجمة هاجر محمد فوزي. فيما فازت دار منشورات الربيع بجائزة أفضل ناشر مصري، وأفضل ناشر عربي كانت الجائزة مناصفة بين دار نماء للبحوث والدراسات من مصر، ودار منشورات تكوين من الكويت. روزاليوسف رصدت أهم ردود الفعل على الدورة 56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب.. أجواء ثقافيه مُبهجة وفي هذا السياق يشير المهندس هاني الشافعي كاتب المجموعة القصصية «كفر طعطع» إلى أن هناك العديد من الإيجابيات والسلبيات التي لاحظها في معرض القاهرة في نسخة هذا العام. وجاء من ضمن إيجابيات المعرض التنوع الثقافي الواسع، خاصة أنه يحتضن عددا كبيرا من دور النشر من دول عديدة ومتنوعة، وهو ما يعطي الفرصة للزوار للتعرف على ثقافات وتجارب أدبية متنوعة. علاوة على الإقبال الجماهيري الكبير الذي شهده المعرض خاصة من النساء والأطفال؛ بالإضافة إلى الأنشطة والفعاليات المتنوعة التي ساهمت في خلق أجواء ثقافية مُبهجة. أما عن السلبيات؛ فقد أشار الشافعي إلى احتكار بعض دور النشر لمساحات كبيرة؛ إذ إن توزيع دور النشر داخل المعرض لم يكن متوازنًا، حيث استحوذت بعض الدور على مساحات كبيرة، مما أثر على ظهور دور نشر أخرى وهو ما أثر بدوره على ظهور العديد من الأعمال الأدبية. كما اشتكى الشافعي كذلك من ارتفاع أسعار المأكولات والمشروبات داخل المعرض، مما قد يؤثر على تجربة الزائرين؛ بالإضافة إلى عدم وجود موقف مجاني لسيارات الزوار. ولفت مؤلف مجموعة «كفر طعطع» إلى عدم وجود أماكن للجلوس بجوار الصالات أو في البلازا مما يرهق الزوار خاصة كبار السن في الوصول لأماكن الجلوس، علاوة على أن عدد أماكن الجلوس في الحديقة قليلة جدا لا تناسب أعداد الزوار الكثيفة، بالإضافة إلى عدم وجود تغطية جيدة لشبكات الهاتف المحمول بالداخل. أجواء تشبه المعرض القديم.. وتواجد واسع للأزبكية وفي سياق متصل تشير علا باهي، أحد زوار المعرض، إلى عدد من الإيجابيات التي رصدتها في معرض هذا العام، وجاء على رأسها كما أشارت باهي الاهتمام بجناح سور الأزبكية الذي أصبح أكبر في المساحة؛ بالإضافة إلى أن أجواءه هذا العام تشبه أجواء المعرض القديم في أرض المعارض بمدينة نصر. كما أوضحت علا باهي أن أسعار الكتب في سور الأزبكية أصبحت في المتناول؛ بالإضافة إلى هدوء عمليات البيع والشراء بداخله. ونوّهت باهي إلى أن دورات المياه أصبحت أكثر نظافة مما كانت عليه؛ بالإضافة إلى وجود أماكن مخصصة للنساء للصلاة، في الدور الأرضي من كل بلازا، مشيرة إلى أن أماكن الاستراحة والكراسي المتاحة للجميع وليست التابعة للكافيهات أصبحت متوافرة بكثرة مقارنة بالأعوام الماضية، بالإضافة إلى أكشاك بيع القهوة السريعة والمشروبات الخفيفة المتنوعة والمنتشرة وأسعارها مناسبة. علامة ثقافية لكل الناشرين العرب وباعتبار عمان هي ضيف المعرض هذا العام التقت روزاليوسف بكاتب قصص الأطفال والحكواتي العماني أحمد الراشدي صاحب كتاب «هيا بدلتي الخارقة»، الذي أشار إلى سعادته بوجوده هذا العام في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي يعد من أفخم المعارض الثقافية وأكثرها ازدحامًا وحراكًا ثقافيا. وشدد الراشدي على أن المعرض يُعد علامة ثقافية لكل الناشرين والكتاب العرب، والمشاركة فيه تعد توقيعا ثقافيا على وجود اسمك بين كوكبة من كبار الكتاب، والناشرين على حد سواء. معربا عن سعادته الشخصية بالحضور إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب للعام الرابع على التوالي، قائلا: «لدي شعور بسعادة كبيرة، وكذلك لسعادتي بنشر كتابي الأول في دار الشروق، وبالمشاركة السنوية في جناح الطفل»، وتابع: «أتابع عن كثب الحضور الثقافي والتطور والعمل الاحترافي الذي يقدمه القائمون على المعرض». واستطرد قائلا: «من النقاط الإيجابية التي أتابعها في معرض القاهرة البرنامج الثقافي الذي يطرحه المعرض، وبصفتي مطلعًا على البرامج الثقافية في المعارض الأخرى، لا أجد غضاضة أو مبالغة في القول إن برنامج معرض القاهرة الدولي للكتاب يعد دليلا للتدرب على كيفية إنتاج برنامج ثقافي احترافي؛ بالإضافة إلى الفعاليات الثقافية، وبصفة خاصة جناح الطفل، الذي يعد أحد أهم الأجنحة في المعرض هذا العام». اقتراح بتقديم كوبونات لطلاب المدارس لشراء الكتب مخفضة وعلى صعيد دور النشر، أشاد محمد ابراهيم طعيمة صاحب دار حابي للنشر بالتنظيم الجيد للزوار والقاعات والترتيب والتي تختلف عن العام الماضي. وأضاف طعيمة أنه من الإيجابيات هذا العام أيضًا الحضور المكثف بشكل كبير أكثر من العام الماضي. ولكن كانت المشكلة حسب كلامه في أن حوالي %85 من الحضور كانوا من طلاب المدارس ممن جاءوا للمعرض للتنزه وليس الاطلاع على الكتب، حيث إن أغلبهم جاء للمعرض وهو لا يملك المال الكافي لشراء الكتب ولكن فقط لشراء ما يكفيه من طعام خلال النزهة.. وهو ما جعل الزحام يظهر بشكل كبير جدًا في المعرض ولكنه زحام غير مُجد بالنسبة للناشرين. مشيرا إلى أن مبيعات الهيئة المصرية العامة للكتاب هذا العام التي احتلت أكثر الأماكن تميزا في المعرض تشتكي هذا العام من قلة المبيعات فرغم الحضور الكبير لا تزال القوة الشرائية مُنعدمة وجمهور الزوار جاء للتنزه وليس لشراء الكتب. ومن السلبيات الأخرى التي رصدها صاحب دار نشر حابي هي أن جميع دور النشر في النهاية تسعى للربح، ولكن المعرض هذا العام كان غير مُربح ل%100 من المشاركين من دور النشر والعارضين. ونوه إلى شكل من أشكال الترويج لبيع الكتب التي شهدها في معارض خارجية قائلا: «عندما نذهب لمعارض في العراق على سبيل المثال فإن هناك كوبونات تخفيض تقدمها وزارة التربية والتعليم لطلاب المدارس لتسهيل شراء الكتب وتشجيعهم على القراءة، والطالب عندها يُمكنه الذهاب لأي دار نشر في المعرض سواء حكومية أو خاصة ويقوم بشراء الكتاب الذي يرغب فيه ويترك الكوبون للدار بمجرد الحصول على الكتاب. ثم تعود الدار مرة أخرى للوزارة لتحصيل الأموال وأعتقد أنها فكرة جيدة لتشجيع الجيل الجديد على القراءة والتثقيف بدلًا من التعامل مع المعرض كنزهة فقط ويشاهد العروض الفنية ونحن نحتاج لتطبيق هذا الأمر خلال الدورات القادمة لمعرض الكتاب». سخرية السوشيال ميديا.. مبيعات صفرية وازدواجية في أسعار الكتب فيما كان لرواد مواقع التواصل رأي آخر حيث سخر العديد من رواد مواقع التواصل من استمرار ظاهرة «الكتابة للجميع» التي ظهرت في المعرض منذ أعوام؛ حيث ظهرت العديد من الأعمال الأدبية مجهولة المصدر على رفوف الكتب وهو ما جعل الزوار ينتقون الأعمال بحكمة، خصوصًا مع ارتفاع أسعار الكتب الذي جعل توجه الزوار نحو الكتّاب المشاهير مباشرة وهو بدوره ما أضاع فرصة الكثيرين من الكتّاب الجدد الجيدين وجعل من ناحية أخرى الكثير من الكتب تحقق مبيعات صفرية. ومع كل هذه الإيجابيات وبالرغم من هذه السلبيات، يظل معرض القاهرة الدولي للكتاب حدثًا ثقافيًا مهمًا يعزز من التواصل الثقافي الفعال.