أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلًا جديدًا تناول من خلاله مخاطر المعلومات الخاطئة والمضللة على العالم، مشيرًا إلى أن الإنترنت أصبح فى الوقت الحالى المصدر الرئيس للأخبار والمعلومات للعديد من المواطنين فى جميع أنحاء العالم، ومع تزايد التقنيات التكنولوجية الحديثة أصبح العالم معرضًا كل يوم لخطر أكبر من أى وقت مضى لمواجهة المعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة. وتعد المعلومات الخاطئة المضللة من أهم المخاطر التى تهدد العالم خلال عام 2024، فوفقًا للمنتدى الاقتصادى العالمى تعتبر المعلومات المضللة المدعومة بالذكاء الاصطناعى الخطر الأكبر على مستوى العالم فى العامين المقبلين، والخطر العالمى الخامس فى السنوات العشر المقبلة. فلم تعد المعلومات المضللة تتطلب مجموعة من المهارات المتخصصة، فقد مكنت أدوات الذكاء الاصطناعى سهلة الاستخدام من زيادة المعلومات المزيفة وما يسمى بالمحتوى «الاصطناعى». وأشار المركز إلى أن المعلومات الخاطئة معلومات غير دقيقة، فى حين أن المعلومات المضللة هى محتوى كاذب عن عمد، يمكن استخدامها لنشر الدعاية وزرع الخوف والشك، وتعمل أدوات الذكاء الاصطناعى التوليدى على زيادة مشكلة المعلومات المضللة، حيث تسهل التقنيات الجديدة قيام أى شخص بإنشاء ونشر الصور ومقاطع الفيديو بشكل كبير أكثر من أى وقت مضى، وجعل من الصعب معرفة ما هو حقيقى أو ما هو غير حقيقى، لذا، تمثل هذه التكنولوجيا مخاطر جسيمة، بالإضافة إلى الفرص. وأضاف التحليل أنه وفقًا لبعض التقديرات، قد يمثل قريبًا المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعى %99 أو أكثر من جميع المعلومات الموجودة على الإنترنت، حيث ظهرت بالفعل الكثير من «المواقع الإخبارية» المليئة بمحتوى تم إنشاؤه آليًّا عن طريق الذكاء الاصطناعى، وحدد موقع NewsGuard المتخصص فى مواجهة المعلومات المضللة حتى منتصف مايو 2024 ما يقرب من 831 موقعًا إخباريًّا ومعلوماتيًّا تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعى تعمل دون إشراف بشرى، وتعمل هذه المواقع على نشر الأخبار غير الموثوق بها التى يُنشئها الذكاء الاصطناعى، والصور التى تنتجها مولدات الصور التى تعمل بالذكاء الاصطناعي. فى السياق ذاته، عندما يتعلق الأمر بانتشار المعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة، فإن وسائل التواصل الاجتماعى تمثل سببا رئيسيا، فمع اتساع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى زاد هذا الخطر، فبدلًا من الصحف أو البرامج المتخصصة، تقوم وسائل التواصل الاجتماعى بخلط الآراء والحقائق معًا، وكلما كانت القصة أكثر غرابة، كانت أكثر جذبا للانتباه.. وعلى الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعى كانت مصدر الأخبار الأقل ثقة على مستوى العالم منذ عام 2016، كشفت دراسة أن أكثر من 50 % من مستخدمى الإنترنت المستجيبين فى 23 دولة مختلفة يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعى كوسيلة لمواكبة آخر التطورات، وغالبًا ما يكون المستهلكون الأصغر سنًا أكثر عرضة لخطر التعرض للأخبار المزيفة من الأجيال الأكبر سنًا بسبب استخدامهم العالى لوسائل التواصل الاجتماعى. وأشار التحليل إلى أن الباحثين فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجدوا أن الأخبار المزيفة يمكن أن تنتشر بسرعة تصل إلى 10 مرات أسرع من التقارير الحقيقية على وسائل التواصل الاجتماعى. وعلى العكس فعند انتشار الأخبار المزيفة والمضللة على نطاق واسع، لا يتم تصحيحها بنفس المستوى الذى انتشرت به، فى الوقت الذى تشير فيه التقديرات أن 8 أو أكثر من كل 10 أمريكيين يحصلون على أخبارهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى، بدلا من التلفزيون أو الراديو أو الأخبار الورقية. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعى تكافئ الأشخاص الذين يشاركون المحتوى بشكل متكرر من خلال بث منشوراتهم على عدد أكبر من وسائل التواصل الاجتماعى، مما يكسبهم المزيد من المشاهدات والتعليقات والمشاركات. وأظهرت دراسة أجرتها جامعة جنوب كاليفورنيا أن 15 % من الأشخاص الذين يشاركون الأخبار بشكل متكرر على وسائل التواصل الاجتماعى كانوا وراء ما يصل إلى 40 % من الأخبار المزيفة المتداولة على فيسبوك. وأشار مركز المعلومات فى تحليله إلى التقرير الصادر من شركة Adobe فى أبريل 2024، والذى يتضمن نتائج استطلاع إجابات من 6 آلاف شخص فى الولاياتالمتحدة والعديد من الدول الأوروبية، حيث أظهر التقرير أن معظم المشاركين (حوالى 84 % من الولاياتالمتحدة، 85 % من المملكة المتحدة، 84 % فرنسا، 80 % ألمانيا) أعربوا عن قلقهم من أن المحتوى الذى يتصفحونه عبر الإنترنت عرضة للتزييف وأنه قد يحتوى على معلومات خاطئة. وقال عدد كبير (70 % الولاياتالمتحدة، %76 المملكة المتحدة، %73 فرنسا، 70 % ألمانيا) أنه أصبح من الصعب التحقق مما إذا كان المحتوى الذى يتصفحونه عبر الإنترنت جدير بالثقة. واعتقد معظم الأشخاص (83 % من الولاياتالمتحدة، و88 % من المملكة المتحدة، و84 % من فرنسا، و79 % من ألمانيا) بأنه من الضرورى أن تكون لديهم الأدوات المناسبة للتحقق مما إذا كان المحتوى عبر الإنترنت جديرًا بالثقة، بالإضافة إلى ذلك، وافقت نسبة عالية من المشاركين (76 % من الولاياتالمتحدة، و82 % من المملكة المتحدة، و77 % من فرنسا، و74 % من ألمانيا) على أنه من المهم معرفة ما إذا كان المحتوى الذى يتصفحونه قد تم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعى، كما أثرت المخاوف بشأن المعلومات الخاطئة أيضًا على استخدام الأفراد لمنصات التواصل الاجتماعى، حيث قال بعض المشاركين (39 % فى الولاياتالمتحدة، 29 % فى المملكة المتحدة، 37 % فى فرنسا، 24 % فى ألمانيا) أنهم أوقفوا أو قلصوا من استخدامهم لمنصة معينة من وسائل التواصل الاجتماعى بسبب كمية من المعلومات الخاطئة المتداولة عبره. وأضاف تحليل مركز المعلومات أنه مع وجود انتخابات- ما بين رئاسية وتشريعية- فى عدد من الدول هذا العام، بما فى ذلك الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة والهند وباكستان والعديد من الدول الأخرى، يمكن توقع زيادة المعلومات السياسية المضللة، التى يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعى، مثل مقاطع الفيديو المزيفة التى أنشأها الذكاء الاصطناعى، حيث قُدرت عدد مقاطع الفيديو المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعى بأكثر من 500 ألف فى عام 2023 وحده. وفى الولاياتالمتحدة، اعتقد 80 % من المشاركين فى الاستطلاع السابق الإشارة إليه أن المعلومات الخاطئة ستؤثر على الانتخابات المقبلة، كما اعتقد 78 % من المشاركين بالاستطلاع أنه لا ينبغى السماح لمرشحى الانتخابات باستخدام المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعى فى الحملات، بينما اعتقد 83% من المشاركين فيه أن الحكومة وشركات التكنولوجيا يجب أن تعمل معًا لمعالجة المشكلات المتعلقة بالمعلومات الخاطئة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي. ولمكافحة المخاطر المتزايدة جراء المعلومات الخاطئة والمضللة عبر الإنترنت، بدأت الحكومات فى طرح لوائح جديدة ومتطورة لاستهداف كل من مضيفى ومنشئى المعلومات المضللة والمحتوى غير القانونى عبر الإنترنت. ووافق بعض مطورى الذكاء الاصطناعى على وضع علامة مائية وبصمات الأصابع على الصور ومقاطع الفيديو التى تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي. وتقوم دول مثل الولاياتالمتحدة باتخاذ إجراءات لتنظيم الذكاء الاصطناعى، فعلى سبيل المثال، يقضى الأمر التنفيذى الأخير الذى أصدره الرئيس الأمريكى جو بايدن بشأن النشر الآمن للذكاء الاصطناعى بضرورة قيام الشركات بمشاركة نتائج اختبارات السلامة مع الحكومة، وتنظيم اختبارات الفريق الأحمر (محاكاة هجمات القرصنة)، ووجه بوضع العلامات المائية على المحتوى. كما أعلنت الأجهزة الحكومية والشركات فى أمريكا الشمالية وأوروبا عن خطط للحد من المعلومات الخاطئة الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعى قبل الانتخابات المقررة هذا العام؛ فحظرت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية المكالمات الآلية التى تستخدم الأصوات الناتجة عن الذكاء الاصطناعى بهدف تضليل الناخبين. وفى الوقت نفسه، ستعمل شركة ميتا على مكافحة المعلومات المضللة فى انتخابات الاتحاد الأوروبى، وسيتم تشكيل فريق فى يونيو القادم لمعالجة المخاوف بشأن انتشار المعلومات المضللة، وذلك قبل انعقاد انتخابات البرلمان الأوروبي. وأشار مركز المعلومات إلى قيام الأممالمتحدة باتخاذ إجراءات مماثلة، ففى أكتوبر الماضى، أنشأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش هيئة استشارية تمثيلية متعددة التخصصات فى مجال الذكاء الاصطناعى، والتى قدمت مؤخرا توصيات لتعزيز الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعى، فى حين أصدرت اليونسكو مبادئ توجيهية مهمة بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعى وكيفية التخفيف من الأضرار المحتملة الناتجة أثناء استخدام الإنترنت. 2907