أقل جرام ب2053 جنيه.. هزة تضرب أسعار الذهب وعيار 21 غير متوقع    شوبير يوجه رسائل للنادي الأهلي قبل مباراة الترجي التونسي    الأرصاد: رياح مثيرة للرمال على هذه المناطق واضطراب الملاحة في البحر المتوسط    حبس 4 أشخاص بتهمة النصب والاستيلاء على أموال مواطنين بالقليوبية    اسلام كمال: الصحافة الورقية لها مصداقية أكثر من السوشيال ميديا    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    دايملر للشاحنات تحذر من صعوبة ظروف السوق في أوروبا    تقارير أمريكية تتهم دولة عربية بدعم انتفاضة الجامعات، وسفارتها في واشنطن تنفي    حزب الله يستهدف زبدين ورويسات العلم وشتولا بالأسلحة الصاروخية    مستوطنون يهاجمون بلدة جنوب نابلس والقوات الإسرائيلية تشن حملة مداهمات واعتقالات    اعتصام عشرات الطلاب أمام أكبر جامعة في المكسيك ضد العدوان الإسرائيلي على غزة    حرب غزة.. صحيفة أمريكية: السنوار انتصر حتى لو لم يخرج منها حيا    وزير الدفاع الأمريكي: القوات الروسية لا تستطيع الوصول لقواتنا في النيجر    5 أهداف لصندوق رعاية المسنين وفقا للقانون، تعرف عليها    مواعيد مباريات الجمعة 3 مايو 2024 – مباراتان في الدوري.. بداية الجولة بإنجلترا ومحترفان مصريان    خالد الغندور عن أزمة حسام حسن مع صلاح: مفيش لعيب فوق النقد    الكومي: مذكرة لجنة الانضباط تحسم أزمة الشحات والشيبي    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    تشاهدون اليوم.. زد يستضيف المقاولون العرب وخيتافي يواجه أتلتيك بيلباو    البابا تواضروس يترأس صلوات «الجمعة العظيمة» من الكاتدرائية    إشادة حزبية وبرلمانية بتأسيس اتحاد القبائل العربية.. سياسيون : خطوة لتوحيدهم خلف الرئيس.. وسيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    «التعليم»: امتحانات الثانوية العامة ستكون واضحة.. وتكشف مستويات الطلبة    خريطة التحويلات المرورية بعد غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر    ضبط 300 كجم دقيق مجهولة المصدر في جنوب الأقصر    ننشر أسعار الدواجن اليوم الجمعة 3 مايو 2024    لأول مرة.. فريدة سيف النصر تغني على الهواء    معرض أبو ظبي يناقش "إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية"    «شقو» يتراجع للمركز الثاني في قائمة الإيرادات.. بطولة عمرو يوسف    استقرار أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة.. عز ب 24155 جنيهًا    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    حكم وصف الدواء للناس من غير الأطباء.. دار الإفتاء تحذر    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    موضوع خطبة الجمعة اليوم وأسماء المساجد المقرر افتتاحها.. اعرف التفاصيل    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    «سباق الحمير.. عادة سنوية لشباب قرية بالفيوم احتفالا ب«مولد دندوت    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان مسلسلات بابا جه وكامل العدد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة3-5-2024    مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    الخضري: البنك الأهلي لم يتعرض للظلم أمام الزمالك.. وإمام عاشور صنع الفارق مع الأهلي    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاصم حنفى.. وحكاية البنت السويسرية

ومر عام إلا قليلًا على رحيل ضحكة روزاليوسف، بالأمس القريب كان يملأ الدنيا صخبًا.. بقفشاته المعهودة وأسلوبه الساخر.. افتقدت روزاليوسف كاتبًا من طراز رفيع.. كانت عيون القراء تقرأ المجلة من آخر صفحة لمطالعة مقاله الذى اعتاد على كتابته لأكثر من ربع قرن كامل من الزمان، ولكن لأن السيرة أطول من المسيرة.. يظل الأستاذ حاضرًا وبقوة رغم رحيله.. وها هو العدد التذكارى الذى يحمل رقم 5000 يحتفى برموز الدار الذين تركوا بصمة لا تُنسى وفى القلب منهم الساخر الكبير عاصم حنفى آخر ظرفاء جيل الكبار.

اتصل بى الباحث الشاب عبدالرحمن عكاشة محمد ليخبرنى أنه بصدد تحضير رسالة الماجستير بعنوان «تقنيات السرد فى أعمال عاصم حنفى. دراسة تحليلية نقدية» والباحث الذى ينتمى لكلية اللغة العربية بالمنصورة قسم الأدب والنقد بجامعة الأزهر اختار أن تكون رسالته عن كتابات عاصم حنفى. سألته مباشرة ولماذا عاصم حنفى خاصة أنك تنتمى لمدرسة الأزهر الشريف؟.. فوجئت أنه اختار الكاتب الراحل لأنه تربى على كتاباته، وكان يتابع مقالاته، ويقتنى مؤلفاته.. وهو ابن المنصورة وليس القاهرة.. علمت حينها أن الكتابة الصادقة تخرج من قلم الكاتب لتسكن وجدان القارئ دون وسيط، وربما زادنى تشجيعًا على الانتهاء من تجميع مقالاته لضمها فى كتاب يبقى أثره للقراء بعد عقود.
رحلة عاصم حنفى نفسها رحلة ساخرة بامتياز، هو خريج كلية الزراعة يحكى عنه أبوه الروحى محمود السعدنى قائلًا: مع أنه لا يوجد فى أسرة عاصم فلاح واحد أمسك بالفأس واستعمل المحراث، فقد فرضت عليه الظروف أن يدرس الزراعة، هو نفسه لم يسأله أحد عن رأيه فى دراسة الزراعة، ولكن مجموعه فى الثانوية العامة هو الذى قاده إلى هناك.
وهكذا وجد عاصم حنفى نفسه يحمل شهادة جامعية وعاطلًا عن العمل، حظه الحسن أنه من مواليد ثورة يوليو، عاش فترة الأحلام العريضة والتحديات الكبرى، واتصل ببعض المثقفين وتأثر بهم، لكنه اكتشف بعد قليل أن الشعارات شىء والواقع شىء آخر.
عمل عاصم حنفى موظفًا بعض الوقت فى مصنع بإحدى مدن الدلتا، واكتشف أن أكثر الناس تشدقًا بالاشتراكية هم أشدهم نهمًا إلى المال العام، وأن أكثر العمال تشنجًا هو أقلهم عطاء وأبعدهم عن الثورية، استقال من المصنع، وآثر أن يعيش عاطلًا فى القاهرة!
فى بداية حكم السادات وجد له مكانًا فى جريدة تابعة لمنبر من المنابر ووجد نفسه فى الصحافة، ولكنه أخطأ البداية الصحيحة.. يحكى محمود السعدنى عن بدايات تلميذه الصحفية قائلًا: انهمك عاصم حنفى فى كتابة مقالات ثورية عن الحنجورى المتشامخ والشواى العليا للبرجوازية، ثم غادر مصر فى أواخر السبعينيات، وعرضوا عليه العمل فى الخليج، حيث الهدوء والفلوس.. لكنه رفض العرض وذهب إلى لندن وعمل محررًا فى مجلة 23 يوليو، ومن أول مقال «ثورى» كتبه اكتشف العبدلله أن مصر فى محنة بدليل أنها خلت من نوع «البقال» الأستاذ.
أما البقال فهو مكتشف نجوم كرة القدم فى عصرها الزاهر، كان عبده البقال يجوب الحوارى والنجوع والكفور بحثًا عن مواهب جديدة.. كان له عين صقر لا تخطئ الموهبة، وكان جاهزًا لتوريد كل أنواع المواهب، فى الهجوم والدفاع وحراسة المرمى.. وعلى من يريد الاتصال به أن يتصل به عند البقال، لم يكن فى بيت عم عبده العارف والخبير جهاز تليفون.
وبموت عبده البقال خلت ملاعبنا من المواهب، ويبدو أن الحال نفسه وصل إلى مجال الأدب والصحافة بعد أن رحل جميع البقالين، فلم يعد يوجد منهم أحد.. وعندما جاء عاصم حنفى إلى لندن كان لا يزال يلتزم بأسلوب الحنجورى، ولكن العبدلله لمح بين سطور الحنجورى عينًا ناقدة وساخرة، وروحًا قلقة لا يعجبها العجب، ولا الصيام فى رجب، وأشرت له على الطريق فاندهش واستنكر، ثم جرب نفسه مرة ومرة.. فإذا به يعثر على نفسه، وصار عاصم حنفى من الكتَّاب الساخرين، واستطاع أن يفرض سخريته على الصحف المصرية والعربية أيضًا.
هكذا يحكى السعدنى عن حنفى والذى كتب له مقدمة كتابه «بالطول والعرض.. رحلة إلى بلاد الخواجات». وكما عاش عاصم حنفى فى حى المتناقضات واكتوى بنارها، إلا أنه لم يلجأ إلى الخداع لكى يعيش، فلم يكذب ولم ينافق ولم يبحث عن باب للارتزاق، وعندما اشتغل بالصحافة لم ينضم لجانب ضد جانب، ولم يرفع شعارات جوفاء، ولكنه انحاز إلى جانب الشعب، والتزم الصدق ودافع عما يعتقد أنه الحق.
وصل عاصم حنفى إلى قمة التناقض عندما التقى ببنت سويسرية واسعة الثقافة، صارمة النظام.. أحبت عاصم حنفى ابن حى المواردى وقررت أن تتبعه إلى آخر الأرض، سويسرية نقلته من أكل الطواجن والاكتفاء بأكل السلاطة، وحرمت عليه البدلة أم صفين، ونقلته إلى البنطلون والسويتر، وعلمته أن الحياة ليست مناظر أو مظاهر، ولكنها سلوك ثم مبدأ وهدف محدد.
السويسرية تزوجت عاصم حنفى، مع أنه فى علم الأجناس ينتمى إلى الجنس المضطهد فى الولايات المتحدة، ولعل هذه التوليفة التى فرضتها عليه الحياة هى التى شقت طريقه فى عالم السخرية ليصبح واحدًا من أبرز كتابها من الجيل الوسيط.
ومع اقتراب الذكرى الأولى لرحيلك ستظل الصاخب رغم الصمت!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.