أطراف خارجية عدة دخلت على خط التصعيد فى غزة، فقد أعلنت ميليشيات الحوثى فى اليمن أنها أطلقت دفعة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة باتجاه إسرائيل. وفى ظل اشتعال التوترات وتصاعد حدة الاشتباكات على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان بات الجنود الإسرائيليون يراقبون ما يحدث من مناوشات مع حزب الله ويخشون من أن تتحول إلى الجبهة التالية للحرب. وتقول إسرائيل إن نظامها الدفاعى الصاروخى عالى المدى أطلق نيرانه للمرة الأولى منذ هجمات حماس فى السابع من أكتوبر الماضى، والذى جاء ردًا على صاروخ تم إطلاقه من الحوثيين فى اليمن. فى حين يرى المسئولون الإسرائيليون أن دولة واحدة تقف وراء كل هذه الهجمات وهى إيران. ويشهد الجنوب اللبنانى منذ 25 يومًا، توترًا شديدًا وتبادلًا متقطعًا للنيران بين جيش الاحتلال من جهة، و«حزب الله» وفصائل فلسطينية من جهة أخرى. وقال حزب الله اللبنانى إنه تم تنفيذ «105 هجمات منذ 8 أكتوبر طالت منظومات استخبارات واتصالات وأنظمة تشويش و33 رادارًا». فى السياق نفسه، أعلنت حركة أنصار الله فى اليمن، المعروفة باسم الحوثيين، الحرب فعليًا على إسرائيل. وفى بيان، قال المتحدث العسكرى للحوثيين، يحيى سريع إن «قواتنا المسلحة أطلقت مجموعة كبيرة من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وعددًا كبيرًا من الطائرات المسيَّرة على أهداف مختلفة للعدو الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة». ووصف سريع الهجمات بأنها داعمة للفلسطينيين فى غزة الذين يواجهون «عدوانًا أمريكيًا إسرائيليًا» وسط «ضعف الأنظمة العربية الرسمية وتواطؤ البعض مع العدو الإسرائيلي». وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن طائرات مقاتلة أسقطت المسيَّرات، بينما اعترض نظام الدفاع الجوى صاروخًا باليستيًا أطلق من منطقة البحر الأحمر. والأهم من ذلك، أن سريع قال إن هجوم 31 أكتوبر هو الثالث من نوعه الذى تقوم به الحركة اليمنية، وأعلن مسئوليته عن ضربات جوية أخرى كانت قد سُجِّلت فى الأيام الأخيرة. ويبدو أن الهدف الرئيسى هو مدينة إيلات بجنوب إسرائيل. ويأتى انضمام الحوثيين رسميًا إلى الصراع بين حماس وإسرائيل فى أعقاب تحذيرات أطلقتها إيران بأن حرب غزة قد تؤدى إلى «فتح جبهات جديدة». وأكد سريع هذه الرواية، قائلًا إن ما «يوسع رقعة الصراع هو استمرار العدو الصهيونى فى ارتكاب الجرائم والمجازر بحق أبناء قطاع غزة». إن فتح جبهة يمنية يعرض إسرائيل لمزيد من الهجمات الخارجية فى وقت تلوح فيه فى الأفق مواجهة إسرائيلية شاملة مع حركة حزب الله فى لبنان. وقد يؤدى دخول الحوثيين إلى حرب غزة إلى تدخل من قبل دول الخليج العربية والولاياتالمتحدة، ما قد يؤدى إلى انهيار الهدنة التى توسطت فيها الأممالمتحدة فى اليمن. دوافع متعددة إن إعلان الحوثيين دخول الحرب رسميًا يعزز مكانة الحركة اليمنية كعضو فى «محور المقاومة» الذى تقوده إيران. والجدير ذكره أن الكوكبة تضم أيضًا سوريا وحزب الله اللبنانى، بالإضافة إلى جماعات مسلحة فى العراق. وفى الوقت الذى تشعر فيه الجماهير العربية بالغضب إزاء العنف فى غزة، قد يكون الحوثيون يستعدون بالإضافة إلى ذلك لبناء شرعية إقليمية بعد سنوات من الانتقادات اللاذعة، وخاصة فى وسائل الإعلام العربية الخليجية. كما سلط المراقبون الضوء على الأسباب الداخلية لانضمام الحوثيين إلى الصراع مع إسرائيل. ويرى إبراهيم جلال، الباحث غير المقيم فى معهد الشرق الأوسط، أن الحوثيين لديهم «أربعة دوافع أساسية»: صرف الاستياء المتزايد من حكمهم وحشد الدعم فى الداخل ورفع الروح المعنوية بين مقاتليهم «وزيادة النفوذ» فى محادثات السلام الجارية مع السعودية. لقد كانت المناورات السياسية التى قامت بها الحركة اليمنية مرنة وسريعة. فبعد ثلاثة أيام فقط من الهجوم الذى شنته حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل فى السابع من أكتوبر الماضى، أعلن زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثى استعداده للدخول فى المعركة إذا تدخلت الولاياتالمتحدة بشكل مباشر فى غزة. وعلى وجه التحديد، حذر من أنه سيتم نشر طائرات مسيَّرة و«خيارات عسكرية أخرى» فى مثل هذا السيناريو. ولفت الزعيم اليمنى إلى أن هناك «تنسيقًا كاملًا» مع بقية أعضاء «محور المقاومة». وبعد أيام من «طوفان الأقصى»، صرح محمد على الحوثى، العضو البارز فى المجلس السياسى الأعلى الذى يسيطر عليه الحوثيون، أن طلبهم المزعوم من السعودية فتح حدودها للمقاتلين اليمنيين لمواجهة إسرائيل لم يتم الرد عليه. وفى هذا السياق، صرح فابيان هينز، وهو زميل باحث فى معهد الدراسات الدولية، إنه بالنسبة للاعبين الإقليميين الذين يرغبون فى استهداف إسرائيل، فإن اليمن يشكل «منصة إطلاق مثالية». وتابع قائلًا: «من وجهة نظر سياسية واستراتيجية، اليمن بلد رائع بالنسبة لمحور المقاومة، حيث لا يوجد خطر اندلاع حرب كارثية تنتج عن تدخله كما هو الحال فى لبنان». وعن احتمال شن غارات جوية انتقامية إسرائيلية أو أمريكية، قال إن مثل هذه الأعمال من غير المرجح أن تردع الحوثيين أو إيران، وأضاف: «إنهم معتادون على ذلك، رغم أن هذا يبدو فظيعًا». وأضاف هينز، وهو خبير فى الطائرات المسيَّرة والصواريخ الحوثية، إن اليمن لا يعد «منصة إطلاق مثالية» من «وجهة نظر فنية... لأنه بعيد جدًا». وفى الوقت نفسه، أشار إلى أن إسرائيل لديها «دفاعات ممتازة ضد الأسلحة التى يمتلكها الحوثيون»، معتبرًا أن الحركة اليمنية ستجد صعوبة فى إرباك الدفاعات الإسرائيلية بأنواع الطائرات المسيَّرة والصواريخ الموجودة فى ترسانتها. ويرى الخبراء أن استخدام الحوثيين لصواريخ باليستية يعنى رفع مستوى النزاع إلى مستوى أعلى. كما يرى البعض الآخر أن : «القمة العربية المتوقع عقدها فى 11 نوفمبر بالسعودية وخطاب حسن نصر الله وهو الأول له منذ بدء الحرب فى غزة، وواقع تطور العمليات، قد تعطى مؤشرات إلى أن الحرب الإقليمية تلوح فى الأفق». 2