تعد قوانين نيوتن للحركة من أهم نظريات الفيزياء، والتى حملت الكثير من التفسيرات فيما يتعلق بقوانين الحركة والجاذبية الأرضية، ومنها القانون الأول «الجسم الساكن يبقى ساكنًا ما لم تؤثر عليه قوى خارجية، والجسم المتحرك لا تتغير سرعته طالما لم تؤثر عليه قوة خارجية، ولكل قوة فعل قوة رد فعل، مساوٍية لها فى المقدار ومضادة لها فى الاتجاه». أتذكر بعضًا من قوانين تلك النظرية التى درسناها فى مراحل تعليمية مختلفة، وأتساءل منذ بداية أحداث الحلقة الأولى من مسلسل (لعبة نيوتن) كيف سيحول المخرج الموهوب تامر محسن بعضًا من قوانين تلك النظرية إلى دراما حية مليئة بالتفاصيل، وهو السؤال الذى تأتينا إجابته منذ اللحظة الأولى بل لنكن أكثر دقة من الإعلان التشويقى للمسلسل، والذى حمل قدرًا من الاختلاف والدلالات على أننا أمام عمل مختلف، يستحق أن تبحث عنه وتنتظره لتشاهده وسط موسم مسلسلات ودراما رمضان الصاخب والممتلئ بالكثير من المسلسلات والنجوم. والمدهش أنه مع كل عمل درامى جديد يتأكد لنا قدرة المخرج تامر محسن على صياغة عوالم خاصة به ومختلفة وغنية بالتفاصيل عن كل الدراما التى تنافسه، حيث صار علامة مميزة للأعمال الأصيلة والمختلفة، ولا نبالغ إذا قلنا إنه من المخرجين القلائل أصحاب الأسلوب الخاص، ومثلًا إذا كنا نقول فى السينما إن هناك مدرسة محمد خان، أو داود عبدالسيد أو خيرى بشارة، فإن تامر محسن أصبح كذلك فى الدراما منذ أن قدم تجربته الأولى فى (بدون ذكر أسماء) مع الكاتب وحيد حامد، ثم (تحت السيطرة)، (وهذا المساء)، وفى ظنى أنه أيضًا من الموهوبين المخلصين لتلك المهنة والذين يرغبون فى إتقان التفاصيل. المخرج تامر محسن فى لعبة نيوتن يأخذنا ببساطة إلى واحد من قوانين الحركة وهو قانون الجاذبية وتحديدًا هو أنه لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه، من خلال تلك العلاقة بين زوجين يملكان مشتلًا صغيرًا وتعمل هى فى إحدى الهيئات الزراعية وهما، «هنا» تجسدها «منى زكى»، و«حازم» يجسده «محمد ممدوح» هى علاقة تبدو لطيفة من الخارج. «هنا» بمرور الأحداث نكتشف أنها شخصية اعتمادية أعنى تعتمد كليا على «حازم»، يصعب عليها اتخاذ أى قرار دون الرجوع ل«حازم»، ليس ذلك فقط بل لديها فوبيا من الكلاب والظلام (مشاهد تعرقها ورعبها من الكلب وهى تخرج كيس القمامة، غضبها ودخولها الحمام وإغلاقها الباب دون أن تتذكر أن هناك مشكلة فى مقبض الباب ثم حالة الرعب التى تصاب بها ومحاولاتها فتح الباب بفرشة أسنان تعرقها وصوتها المرتعش، مع محاولات «حازم» مساعدتها فى الخروج). استطاع تامر محسن من الحلقة الأولى أن يقدم بناءً دراميًا شديد الذكاء، وفلاش باك موظفًا بدقة ليكشف الكثير من ملامح «هنا» وكيف تكون رد فعل لما يدفعه إليها «حازم» بشكل قد يكون واعيًا أو لا إراديًا وهذا ما ستكشفه الحلقات المقبلة من العمل، حيث نجد أن «هنا» تلك الشخصية الاعتمادية والتى تملك فوبيا من الكثير من الأشياء تخطط مع «حازم» فى صمت لإنجاب طفلهما فى أمريكا وتستغل فرصة سفرها فى مؤتمر علمى إلى هناك. يقدم «محسن» من اللقطة الأولى عملًا متماسكًا.. تبدو فيه بعض الخيوط الدرامية واضحة، والأخرى تتوارى ولكنها تحمل الكثير من التساؤلات عن شكل تطورات الأحداث وبالطبع هناك أداء هائل من جميع الممثلين بلا استثناء.. «منى زكى» فى تركيزها فى تفاصيل الشخصية بدقة وعناية، اهتمامها بمظهر الشخصية من الخارج وانفعالاتها الداخلية (مشهد الحمام، ومشهد المطار، ومشهد ذهابها لمعاينة الشقة فى أمريكا، ورد فعلها بعد تخطيها خوفها من الكلب الذى كان يقف أمام الباب)، و«محمد ممدوح» فى دور «حازم» ويبدو أنه سيكشف عن وجوه أخرى مع تطور الأحداث الشخصيات الثانوية لا تحمل أى نوع من الاستسهال فى الاختيارات بل تم توظيفها جيدًا ومنها (أستاذ طلعت) مسئول الوفد الذى تسافر ضمنه «هنا» إلى أمريكا.. موسيقى تامر كروان تضيف الكثير للمشهد وبالطبع لا يزال أمامنا الكثير لنكتشفه عن المسلسل، ولكنها براعة الاستهلال فى الحلقات الأولى، من الأعمال والمسلسلات الدرامية المتنافسة.