عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 6-5-2024 بالصاغة    أسعار الفاكهة والخضروات فى الأقصر اليوم الإثنين 6 مايو 2024    عاجل| المخاطر الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط تقفز بأسعار النفط عالميا    غدا.. أول أيام تفعيل قانون التصالح الجديد بالشرقية    يلين: معدلات التضخم تحت السيطرة، وهذا أكبر تهديد للاقتصاد الأمريكي    الاحتلال الإسرائيلي يطالب الفلسطينيين بإخلاء الأجزاء الشرقية من مدينة رفح    الرئيس الصيني يلتقي ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية في باريس    أوكرانيا: تدمير 12 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا خلال 24 ساعة    إصابة 3 مدنيين في غارة إسرائيلية على بعلبك بشرق لبنان    نجم الأهلي ينتقد بيرسي تاو لهذا السبب    جدول مباريات اليوم.. مباراتان في الدوري المصري.. قمة السعودية.. وختام الجولة في إنجلترا    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 7 مايو 2024 | إنفوجراف    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    قبل الامتحانات.. ما مصادر التعلم والمراجعة لطلاب الثانوية العامة؟    لمواليد برج العذراء والجدي والثور.. ماذا يخبئ مايو لأصحاب الأبراج الترابية (التفاصيل)    في شم النسيم، الصحة تكشف مدة ظهور أعراض التسمم بعد تناول الأسماك المملحة    تحذير: احتمالية حدوث زلازل قوية في الأيام المقبلة    فيلم السرب يواصل تصدر شباك التذاكر.. حقق 4 ملايين جنيه في 24 ساعة    في يوم شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد في مستشفيات شمال سيناء    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 6 مايو    مصرع طالب ثانوي وإصابة آخرين في حادث تصادم بدائري الإسماعيلية    وسيم السيسي يعلق علي موجة الانتقادات التي تعرض لها "زاهي حواس".. قصة انشقاق البحر لسيدنا موسى "غير صحيحة"    نيرمين رشاد ل«بين السطور»: ابنة مجدي يعقوب كان لها دور كبير في خروج مذكرات والدها للنور    موعد وقفة عرفات 1445 ه وعيد الأضحى 2024 وعدد أيام الإجازة في مصر    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    سعر التذكرة 20 جنيها.. إقبال كبير على الحديقة الدولية في شم النسيم    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «بيتمشى في الملعب ومعندوش قلب خالص».. ميدو يفتح النار على نجم الزمالك    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفقة ال «نصف قرن»!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 15 - 02 - 2020

فى الوقت الذى تحارب «واشنطن» شركة «هواوى» الصينية وتتهمها بالتحايل من خلال أجهزتها المختلفة للتجسس على الدول التى تستعين بشبكات الاتصالات التابعة لها، فجرت صحيفة «واشنطن بوست» مفاجأة من العيار الثقيل؛ إذ أزاحت الستار عن عملية استخباراتية أمريكية تجسست فيها «وكالة الاستخبارات المركزية» CIA على عدد من الحكومات حول العالم من خلال شركة سويسرية مفترض أنها تعمل فى مجال تشفير البيانات والمعلومات السرية لتلك الحكومات بهدف تأمينها والحفاظ على سريتها. العملية بدأت منذ عام 1970 واستمرت لعقود تالية ظل خلالها جواسيس «الولايات المتحدة الأمريكية» و«ألمانيا الغربية» يخترقون اتصالات تلك الدول ويتجسسون عليها.
التقرير الذى أعدته الصحيفة الأمريكية بالاشتراك مع «SRF» التى تعتبر أكبر دار إعلامية إلكترونية سويسرية ناطقة بالألمانية وقناة «ZDF» الحكومية الألمانية، كشف النقاب عن العملية «ثيسوراس» التى قامت الإدارة الأمريكية خلالها بالتجسسس على حكومات موالية ومعادية لها، على حد سواء، على مدار أكثر من نصف قرن. الشركة التى قام ال CIA بالتجسس من خلالها هى ىشركة «كريبتو إيه. جى»، أو CRYPTO AG.
بدأت الشركة بالحصول على عقود لبناء ماكينات إعداد الأكواد أى ماكينات التشفير، وذلك خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وبعد حصولها على مبالغ مالية كبيرة أصبحت تسيطر على مجال أجهزة التشفير لعقود طويلة وطوّرت من نفسها، إذ كانت بدايتها مع تروس ميكانيكية ثم دوائر كهربائية وصولًا إلى شرائح السيليكون والبرمجيات. وحققت الشركة أرباحًا بلغت ملايين الدولارات من جراء بيع أجهزتها لأكثر من 120 دولة حول العالم ومن بينها «إيران»، الحكومات العسكرية فى «أمريكا اللاتينية»، والغريمتان النوويتان «الهند» و«باكستان» إلى جانب «الفاتيكان».
لكن السر الذى كان عملاء الشركة من الحكومات يجهلونه هو أن «كريبتو ايه. جى» مملوكة سرًا ل«وكالة الاستخبارات المركزية» CIA وهى شراكة غاية فى السرية بين الوكالة وأجهزة استخبارات «ألمانيا الغربية»، فقد قامت تلك الأجهزة الاستخباراتية بإعداد أجهزة التشفير بشكل يسمح لها بفك الشفرات المستخدمة من الحكومات لإرسال رسائل مشفرة، وتعتبر هذه العملية واحدة من أهم وأكبر الأسرار المخابراتية خلال «الحرب العالمية الثانية».
الوثائق الخاصة بالعملية تتحدث تفصيليًا عن ضباط الCIA الذين أداروا البرنامج التجسسى ومسئولى الشركة التى استُخدمت كغطاء لتنفيذ ذلك البرنامج الذى كان اسمه فى البداية «ثيسوروس» ثم تغير فيما بعد إلى «رابيكون» الذى وصفه تقرير الوكالة بأنه «الانقلاب الاستخباراتى الأكبر فى القرن العشرين»؛ حيث كانت الحكومات الغربية تدفع أموالًا طائلة ل«الولايات المتحدة الأمريكية» و«ألمانيا الغربية» بهدف الحفاظ على أسرارهم بينما تقوم البلدان ، وربما خمس أو ست دول أخرى حليفة لهما، بالاطلاع على اتصالاتهم السرية.
شملت عمليات التجسس مراقبة نظام الملالى فى إيران خلال أزمة الرهائن عام 1979 ومد «بريطانيا» بمعلومات مخابراتية حول الجيش الأرجنتينى خلال «حرب فوكلاند» التى اندلعت عام 1982 بين «بريطانيا» و«الأرجنتين» إلى جانب تتبع حملات الاغتيال فى «أمريكا الجنوبية»، كما سجلت عمليات اختراق الاتصالات تهنئة المسئولين الليبيين لبعضهم البعض بعد تفجيرات «برلين» التى وقعت عام 1986.
ورغم نجاح العملية «رابيكون» فإنها فشلت فى اختراق اتصالات اثنتين من أكثر الدول المعادية ل«واشنطن» وهما: «الصين» و«الاتحاد السوفيتى» السابق، حيث لم تكن الدولتان عميلتين للشركة، فيبدو أن الدولتين كانت لديهما شكوك حول العلاقة الخفية بين الشركة وشركائها بالمخابرات الأمريكية والألمانية، إلا أن جهازى الاستخبارات نجحا فى اختراق اتصالات دول أخرى مع مسئولى «موسكو» و«بكين»، وأغلب الظن أن تلك الشكوك ظهرت على إثر تسريبات حدثت فى السبعينيات وكشفت عن مراسلات واسعة بين «وكالة الأمن القومى»NSA ومؤسس شركة «كريبتو» فضلًا عن القبض على أحد مندوبى الشركة فى «إيران» عام 1992 والذى كان يجهل أنه يبيع أجهزة تشفير يمكنها فك الشفرات واختراق الاتصالات، ما فجّر الأسرار وكشف جزءًا من الحقيقة التى تم الكشف عنها كاملة الآن.
وهنا قرر جهاز الاستخبارات الألمانى BND التخلى عن دوره فى العملية فى التسعينيات بينما أصرت «واشنطن» على الاستمرار، حيث اشترت حصة ألمانيا فى الشركة وقررت استمرار الأعمال التجسسية ل«كريبتو» حتى عام 2018 عندما قررت بيع أصول الشركة وذلك وفقًا لمسئولين أمريكيين سابقين وحاليين.
قرار «واشنطن» بيع الشركة لم يكن بالطبع لخجلها من خداع دول وحكومات على مدى نصف قرن؛ بل بسبب انخفاض أهمية الشركة وضعف دورها فى سوق التأمين عالميًا فى الوقت الحالى بعد التطور الهائل الذى طرأ على تكنولوجيا التشفير عبر الإنترنت، وبالتالى فقد أصبحت هناك وسائل وأساليب أكثر تطورًا وربما أقل تكلفة، فبعد أن كانت أنظمة التشفير القوية حكرًا على الحكومات والشركات الكبرى فقط أصبحت الآن متوافرة وشائعة فى شكل تطبيقات أو apps على أجهزة المحمول.
وربما يفسر ذلك القلق الزائد والهجوم القوى من جانب «الولايات المتحدة الأمريكية» على شركات مثل «كاسبرسكى» الروسية التى تنتج برامج مضادة للفيروسات التى تخترق أجهزة الكمبيوتر وشركة «هواوى» الصينية العملاقة للاتصالات، ف«واشنطن» بدأت العمل فى مجال التحايل من خلال شركات تشفير أو اتصالات أو تأمين ضد الفيروسات والاختراق بهدف التجسس والقرصنة والمراقبة.. وهو مجال كانت «الولايات المتحدة الأمريكية» تعتبر اللاعب الأهم فيه فى الماضى، لكن مع التطور التكنولوجى أصبح هناك لاعبون آخرون بنفس الاهمية والقدرة والكفاءة، وبالطبع تستطيع «واشنطن» اكتشافهم كونها من أوائل اللاعبين فى المجال.
أما الشركتان اللتان اشترتا شركة «كريبتو إيه. جى» فهما: «CYONE SECURITY» والتى تبيع حاليًا أنظمة أمان للحكومة السويسرية و«Crypto International» التى احتفظت باسم الشركة وشعارها ونشاطها الدولى، وقد صرحت الشركتان بأنهما ليس لهما أى صلة بأى جهاز استخبارات، بينما ادعت الأخيرة أنها ليس لديها معلومات حول امتلاك الCIA للشركة فى الماضى! وقد جاء ذلك على لسان «أندرياس ليندى» مدير الشركة الذى قال: «إذا كان ما تم الكشف عنه صحيحًا فإننى وعائلتى نشعر بالخيانة وكذلك الموظفون بالشركة وعملائها».
جدير بالذكر أن قصة العملية وتفاصيلها جاءت بناء على بيانات حقيقية من تاريخ «وكالة الاستخبارات المركزية» وحوارات مع مسئولين استخباراتيين غربيين حاليين وسابقين إلى جانب مسئولى شركة «كريبتو» وموظفيها.
رفض جهازا ال CIA الأمريكى وال«BND» الألمانى التعليق على ما كشفته «واشنطن بوست» و«ZDF»، لكنهما فى الوقت نفسه لم ينفيا القصة ولم يعقبا على صحة الوثائق التى انقسمت إلى قسمين :الأول تضمن 96 صفحة تحكى عن العملية حتى عام 2004 من جانب وكالة ال«CIA» وقد أعدها «مركز دراسة الاستخبارات» التابع للوكالة، أما القسم الثانى فجاء فى شكل تسجيل تاريخى شفهى سجله مسئولو الاستخبارات الألمانية عام 2008.
المقارنة بين الروايتين تكشف الخلافات التى وقعت بين البلدين الشريكين فى العملية حول الأموال والسيطرة والحدود الأخلاقية، حيث يتضح مدى شعور الألمان بالفزع من الحماس الشديد لجواسيس الCIA فى استهداف حلفاء «واشنطن»! لكن الروايتين اتفقتا على النجاح الفائق للعملية والذى فاق توقعاتهما.
يذكر أن الحكومة السويسرية فتحت مؤخرًا تحقيقًا حول القضية للتأكد من المعلومات والوثائق بعد نشرها وافتضاح أمر الشركة. 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.