تحديّات كبيرة واجهت الفنان «أحمد عبدالعزيز» بمجرد قبوله منصب رئيس المهرجان القومى للمسرح فى دورته الثانية عشرة، الذى تستمر فعالياته حتى يوم الثلاثين من الشهر الجارى، قد تتعلق بعضها بضيق فترة التجهيز للدورة لخروجها بشكل منظم يليق بالمهرجان العريق؛ حيث تولى منصبه منذ أربعة أشهر فقط خلفًا للدكتور «حسن عطية» الذى ترأس المهرجان فى دورتين متتاليتين كان عليهما الكثير من المآخذ. ورُغم المجهودات الواضحة لرئيس المهرجان وفريقه من أجل خروج الدورة إلى النور بشكل يليق باسم مصر ومكانتها، وهو ما بدا جليّا فى حفل الافتتاح الأسبوع الماضى؛ حيث التنظيم المبهر، والتكريمات المستحقة لرموز لطالما أثروا الحياة المسرحية، بالإضافة إلى استحداثه جائزة ثالثة ضمن جوائز المهرجان، مقسمة إلى ثلاثة أقسام، مسرح الطفل، والتأليف المسرحى والنقد؛ فإن الأزمات أبت إلّا أن تلاحق المهرجان منذ رفع ستار حفل الافتتاح، بداية من أزمة البوستر الرسمى للمهرجان الذى أغضب كثيرًا من أبناء الفنانين، بسبب ما سموه تجاهلًا متعمدًا لتاريخ آبائهم الطويل على خشبة المسرح، وكان على رأس الغاضبين والغاضبات «عمرو محمود ياسين»، و«ميريت عمر الحريرى»، بالإضافة إلى الشاعر الغنائى «أيمن بهجت قمر» الذى اتسمت رسالته الغاضبة بنوع من التطاول على إدارة المهرجان بشكل مباشر، وصولًا إلى أزمة العرض المسرحى (سوبيبور) الذى عُرض على مسرح السلام يومَى الثلاثاء والأربعاء الماضيين، ممثلًا لجامعة عين شمس، ضمن مسابقة النشاط المسرحى المعنية بعروض فِرَق المعاهد والكليات؛ حيث اتهم العرض بالتطبيع، ومحاولة خَلق نوع من التعاطف مع الصهيونية.. وعن الإنجازات التى حققها المهرجان، والأزمات التى واجهته كان حوارنا مع رئيس المهرجان الفنان أحمد عبدالعزيز.. فإلى نص الحوار: يجهل الكثيرون تاريخك المسرحى، ويعرفك الغالبية كنجم تليفزيونى يحتوى مشواره الفنى على مسلسلات تشكل علامات فى تاريخ الدراما التليفزيونية، ما أثار حفيظة البعض من فكرة اختيارك رئيسًا للمهرجان القومى للمسرح.. كيف وجدتَ هذا الانتقاد؟ - انتقاد ليس فى محله على الإطلاق، فأنا ابن المسرح، ومتربى بداخله، وتاريخى المسرحى طويل جدّا، بداية من مسرح المدرسة، ثم الجامعة، ثم التحاقى للدراسة بأكاديمية الفنون، ثم عضوًا فى المسرح القومى، ومسرح الطليعة، كما قمت ببطولة نحو 20 عرضًا مسرحيّا، بالإضافة إلى أننى أخرجت نحو 25 عرضًا، والأهم من ذلك كله أننى أرى أن من يشغل منصب رئيس المهرجان القومى للمسرح لا يشترط أن يكون له تاريخ طويل فى المسرح؛ لأنه عمل تنظيمى بالأساس. أربعة أشهر مدة غير كافية على الإطلاق للإعداد لدورة مهرجان من حيث تكوين لجان المشاهدة والتحكيم واختيار العروض المشاركة فى المهرجان وتجهيز المسارح.. كيف تغلبتَ على عنصر الوقت؟ - كنتُ أواصل الليل بالنهار من أجل ذلك، فقد بذلتُ مجهودًا استثنائيّا، فبمجرد أن أنهيت تصوير مسلسل (كلبش) الذى عُرض رمضان الماضى بدأتُ العمل مباشرة فى الإعداد للمهرجان، ولم أحصل على إجازة حتى الآن، وقد واجهتنى العديد من الصعوبات المالية، بالإضافة إلى العديد من المسائل التنظيمية التى كنت أعتقد أن المهرجان قد أسّسَ لها من قبل، ووجدت أننى وفريقى مضطران لإعداد الكثير من الأشياء من الألف إلى الياء، لدرجة أننا قمنا بكتابة لائحة المهرجان! 21 مسرحًا من مسارح الدولة استقبلت عروض المهرجان، لكن غالبية تلك المسارح فى حالة يُرثى لها.. فكيف واجهتم هذه المشكلة؟ - تم تكوين لجنة قبل بداية المهرجان بشهر كامل مسئوليتها تكمن فى المرور على المسارح، وإصلاح التلفيات بها، سواء فيما يتعلق بالإضاءة، أو المقاعد، أو دورات المياه، أو اشتراطات السلامة المهنية، ومع ذلك أتفق تمامًا أن المسارح متهالكة جدّا، لكنى أعمل فى حدود المتاح لى، ولذلك طالبت فى كلمتى التى ألقيتها فى حفل الافتتاح بضرورة الاهتمام بإنشاء مسارح فى المدن الجديدة التى تشيدها الدولة. ثورة غاضبة أصابت عددًا من أبناء الفنانين بسبب تجاهل آبائهم وعدم وضع صورهم على أفيش المهرجان لدرجة دفعتك للقول فى أحد المواقع الإخبارية بأنك ستتدارك الأمر وتصنع أفيشًا جديدًا فى الختام تضع فيه باقى الصور.. فهل تم الإعداد فعلًا لهذه الخطوة؟ - مبدئيّا هذا التصريح المنسوب لى ليس دقيقًا، فلستُ متأكدًا حتى الآن إذا ما كنتُ سأجرى تعديلات على الأفيش أمْ لا، ومَهما تداركنا بعض الأسماء سيظهر غاضبون جُدُد لأننا لن نستطيع أن نضع صور كل مبدعينا الراحلين، فالقائمة طويلة جدّا والاختيار كان صعبًا جدّا. هل تم التواصل مع «عمرو محمود ياسين» أو «أيمن بهجت قمر» بصفتهما زميلين مثلًا لتوضيح ملابسات الأمر لهما؟ - لم يتم التواصل، لكن أقول ل«عمرو» إن الأفيش تم تخصيصه للراحلين فقط وليس هناك أى نية متعمدة لتجاهل الفنان القدير «محمود ياسين» متّعه الله بالصحة وطول العمر، أمّا «أيمن بهجت قمر» فقد تعجبتُ كثيرًا من حدته ورد فعله المبالغ فيه، وحاولتُ تجنب قراءة ما كتب حتى لا أغضب منه، وعمومًا فقد أخذ الموضوع أكبر من حجمه. من ضمن التساؤلات التى شغلت بال الجمهور يوم حفل الافتتاح هو السبب فى عدم إذاعة الحفل على الهواء كما أعلن مسبقًا.. ما السبب فى ذلك، وهل سيتكرر ذلك فى حفل الختام؟ - بالفعل لم يذع الحفل على الهواء، لكنه أذيع ليلتها فى الثالثة فجرًا، وأعيدت إذاعته ظهر اليوم التالى، لكن قرار إذاعته على الهواء من عدمه ليس من اختصاصى، ولكنه من اختصاص قناة Dmc؛ لأنها الراعى الإعلامى للمهرجان، ولذلك لا أعرف إذا كان سيذاع حفل الختام على الهواء أمْ لا. أعلن من قبل عن أن عدد العروض المشاركة فى المهرجان هى 72 بينما يحتوى الجدول على 68 عرضًا فقط.. فلماذا تقلص العدد؟ - لأن هناك أربع فرق مسرحية ضمن المسابقة المخصصة لمسرح الطفل اعتذرتْ عن عدم المشاركة قبيل بدء المهرجان فأصبحت العروض مقسمة إلى 24 عرضًا فى مسابقة المحترفين، و24 عرضًا فى مسابقة النشاط المسرحى ومسرح الشباب، و20 عرضًا فى مسابقة مسرح الطفل. الدعاية واحدة من أهم المشكلات التى صاحبتْ هذا المهرجان فى دوراته السابقة؛ حيث يذهب ويجىء دون أن يشعر به أحد من غير المتخصصين، وهى النقطة التى يبدو أن مجهودًا كبيرًا قد بُذل فى هذه الدورة من أجل تجاوزها.. هل ترجم ذلك فى شكل الإقبال على العروض من قبل الجمهور؟ - بالطبع، فأنا أقوم بجولات يومية على عدد من المسارح من أجل متابعة العروض التى يكون معظمها كامل العدد، ولاسيما فى مسرح العرائس الذى يشهد إقبالًا كبيرًا من الأطفال وذويهم، لدرجة التزاحم ومحاولة دخول أحد العروض بالقوة، وهو ما جعلنى أطالب مدير المسرح «محمد الشافعى» بالتعامل بهدوء مع الأمر، والتفكير جدّيّا فى مَدّ عرض المسرحيات التى تشهد إقبالًا كبيرًا ليوم إضافى إذا ما سمح جدول المهرجان بذلك، فهدفى ببساطة هو إثارة الانتباه مرّة أخرى إلى وجود مسرح فى مصر على مستويين، المستوى الأول هو الجمهور العادى الذى لم يكن يعرف بوجود مهرجان قومى للمسرح رُغم وجوده منذ سنوات طويلة، والمستوى الثانى خاص بالمسئولين الذين يجب عليهم أن يولوا اهتمامًا أكبر بالمسرح فى المدارس والجامعات، وفى كل القرى والمحافظات. على ذِكْر المحافظات، لطالما طالب الجمهور بضرورة إقامة عروض موازية للمهرجان فى محافظات مصر المختلفة، وعدم الاكتفاء باستقبال فِرَق المحافظات لعرض أعمالهم داخل مسارح القاهرة.. هل هناك نية لهذا التوسع قريبًا؟ - نعم هناك نية لذلك، وقد أقام المهرجان فى دورته الحالية ولأول مرّة عروضًا محدودة خارج القاهرة، وكان فى مخططى أن تتوسع العروض فى وجه بحرى وقبلى، ولكن نظرًا للصعوبات المادية التى واجهتنى لم أستطع إتمام ذلك.