محافظة الجيزة تشهد إقبال ملحوظ من المواطنين فى إنتخابات مجلس النواب 2025    مصر والكويت تبحثان مضاعفة حجم التجارة البينية والاستثمارات المشتركة    منتخب مصر يتأخر بهدف أمام إنجلترا فى الشوط الأول بكأس العالم للناشئين    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي    واشنطن تتحرك لاستكمال المرحلة الثانية من اتفاق شرم الشيخ بإرسال مبعوثين لإسرائيل    فيلمنج ل"القاهرة الإخبارية": مصر من الدول ذات النفوذ الكبير في المنطقة    مندوب فلسطين بالجامعة العربية: مؤتمر إعادة إعمار غزة فرصة لإعادة تأهيل البنية التحتية بالقطاع    العمل تسلم 36 عقد توظيف للشباب في مجال الزراعة بالأردن    أول رد من الأهلي على واقعة زيزو ونائب رئيس الزمالك    انتخابات النواب 2025.. استمرار توافد الناخبين للإدلاء بأصواتهم بلجان كرداسة    اللحظات الأخيرة في حياة المطرب الشعبي إسماعيل الليثي.. مدير مستشفى ملوي يكشف التفاصيل    رابط وموعد التسجيل في مبادرة "شتاء رقمي" لطلاب المدارس    أحمد سعد يشن هجوم على الناقدة ماجدة خير الله.. لهذا السبب    «الله يجمعك مع ابنك حبيبك»..حماد هلال ينعي إسماعيل الليثي بكلمات مؤثرة    الأرصاد تحذر من بدء تقلبات جوية من الخميس المقبل    كرة سلة - الكشف عن مواعيد قبل نهائي دوري المرتبط رجال    بعد اعتذار رئيسها.. ترامب يهدد باتخاذ إجراءات قانونية ضد «بي بي سي»    استبعاد مدافع آخر من منتخب السعودية    الآثار: المتحف الكبير يستقبل 19 ألف زائر يوميًا    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    هيئة الدواء: التطعيمات تساهم في منع نحو 3 ملايين وفاة سنويًا    وزير الصحة: شراكة مصرية لاتفية لتطوير الرعاية الصحية وتبادل الخبرات في الأورام والرعاية الحرجة    «يا جبل مايهزك ريح».. 3 أبراج قوية وثابتة بعد الانفصال    إطلاق سراح ساركوزى رئيس فرنسا الأسبق ووضعه تحت الرقابة القضائية في قضية التمويل الليبي    استعدادات التموين لشهر رمضان 2026 لضمان توافر السلع بأسعار مناسبة    «حارس النيل» ينطلق من القاهرة قريبا.. أول قطار سياحي فاخر يجوب معالم مصر    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    اشتريت سيارة ووجدت بها عيبا فهل يجوز بيعها دون أن أُبين؟.. الأزهر للفتوى يجيب    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    الأربعاء.. فن الكاريكاتير وورشة حكى للأوبرا فى مركز محمود مختار بمناسبة اليوم العالمى للطفولة    تاجيل محاكمه 17 متهم باستهداف معسكر امن مرغم بالاسكندريه    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    بتكلفة 2.37 مليار جنيه.. وزير التعليم العالي يتفقد مشروعات جامعة الأقصر    الاتحاد الأفريقي يدعو لتحرك دولي عاجل بشأن تدهور الوضع الأمني في مالي    «غير مستقرة».. آخر تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي بعد نقله للعناية المركزة    البنك المركزي المصري يطرح عطاء أذون خزانة بقيمة 1.5 مليار دولار    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    المفتي: الشائعة زلزال يهز الثقة وواجبنا بناء وعي راسخ يحصن المجتمع من الاضطراب    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    مصابان وتحطيم محل.. ماذا حدث في سموحة؟| فيديو    وزير الصحة يلتقي وزيرة الشؤون المدنية في البوسنة والهرسك    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وينفذون جولات استفزازية    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    وزير الزراعة: بدء الموسم الشتوى وإجراءات مشددة لوصول الأسمدة لمستحقيها    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    إلغاء وتأخير 10 آلاف رحلة جوية في أمريكا بسبب الإغلاق الحكومي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة باريس «الدافئة» ترعب «واشنطن»

فى أكتوبر الماضى، وقف نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس، يُلقى خطابًا فى احتفالات الصين الشعبية بالذكرى 69 لتأسيس الجمهورية، وكعادة مسئولى إدارة دونالد ترامب، تحدث «بنس» بلهجة متعالية قائلًا، إن بلاده هى التى أعادت بناء الصين خلال السنوات ال25 الماضية.
الصينيون تلقوا الخطاب الذى ترجمته سفارة الولايات المتحدة لدى بكين من الإنجليزية إلى الصينية، ونشرته فى حسابها الرسمى على «ويتشات» (موقع تواصل اجتماعى صينى)، بغضب شديد، منتقدين زعمه بأنه من بنى بلدهم هى واشنطن، وليس نضال الشعب الصينى، الذى أعاد بناء نفسه مرارًا، ولم يعتمد على قوى خارجية.
وتساءل الصينيون بسخرية، على مواقع التواصل الاجتماعى: «إذا كانت الولايات المتحدة استطاعت إعادة بناء الصين فى وقت قصير، فليس صعبا عليها فعل الأمر ذاته فى العراق وأفغانستان وسوريا»، فى إشارة إلى تسبب الولايات المتحدة فى دمار تلك البلدان الثلاث. ولم يسلم «بنس» من سخرية الأمريكيين أنفسهم، إذ ردوا على تصريحه بأن «الصين تريد رئيسا أمريكيا آخر»، قائلين: «ونحن أيضا!».
الثلاثاء الماضى، وبعد مرور أكثر من 5 أشهر على خطاب «بنس»، قرر «التنين الصينى» الرد على هذه التصريحات التى تأتى كحلقة من حلقات «حرب تكسير العظام التجارية» التى تنتهجها إدارة «ترامب» ضد بكين، بمشهد يتجاوز كثيرا مرحلة السخرية والتهكم، هو عقد «القمة الدافئة» فى العاصمة الفرنسية باريس، والتى جمعت بين الرئيس الصينى شى جين بينغ، وقيادات الاتحاد الأوروبي: المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جونكر، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون.
مشهد بدت فيه واشنطن معزولة وغائبة عن قمة يحضرها أثنان من أقرب حلفائها فى التحالف الغربى، فى الوقت الذى لا تزال تعانى فيه من عزلة مماثلة عن بقية أعضاء مجلس الأمن الدولى، بسبب قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالاعتراف ب«سيادة إسرائيل» على هضبة الجولان السورية المحتلة.
ووسط هذه العزلة، جاءت أول جولة خارجية للرئيس الصينى شى جين بينغ فى عام 2019، وحققت نتائج مثمرة، من حيث رفع علاقات الصين مع كل من إيطاليا وفرنسا إلى مستوى جديد، وضخ قوة دافعة جديدة فى علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأوروبا.
فخلال الأسبوع المنصرم، حضر الرئيس الصينى أكثر من 40 حدثا خلال زياراته إلى 5 مدن أوروبية، هي: روما وباليرمو وموناكو ونيس وباريس، فى جولة موسعة تركزت بالأساس على تعميق علاقات شراكة التعاون، وتحسين الحوكمة العالمية، ودعم التعددية، كما ألقى خطابا فى «منتدى الحوكمة العالمية» الذى انعقد فى باريس، قدم فيه توصيفًا دقيقًا لحال النظام العالمى فى عصر الاضطراب الذى نعيشه حاليا، وعرض وجهة نظر بلاده فى كيفية الخروج منه، بدلا من استمرار الانزلاق أكثر فى ممارسات «الحرب الباردة»، بشكل أظهر إحساس الصين بمسئوليتها كدولة كبرى.
وعلى الرغم من المخاوف الأوروبية، التى تمثلت فى تصريح الرئيس الفرنسى ماكرون، الخميس الذى سبق «قمة الثلاثاء» مع الرئيس الصينى،بأنه «ينبغى التنبه والدفاع عن السيادة الأوروبية أمام بكين»، وكشفت عن حذر فرنسى أوروبى من طموحات الصين الاقتصادية، وانتقادهم لإيطاليا حيال انضمامها إلى مبادرة «طريق الحرير»، استثمرت بكين- التى تعمل مع دول وسط أوروبا فى إطار (مجموعة 16 + 1)- فى العديد من المنشآت الإستراتيجية فى أوروبا على غرار ميناء «بيرايوس» اليونانى،وأكبر شركات تزويد الكهرباء فى البرتغال، ووقعت مع إيطاليا مؤخرا اتفاقات تتضمن استثمارات صينية فى مرفأى «جنوى» و«ترييستى».
وتمكن «التنين الصينى» فى الزيارة الأخيرة، من صياغة علاقات شراكة استراتيجية شاملة أكثر صلابة واستقرارا وحيوية مع فرنسا، بل إن الحذر والتخوف الأوروبى من «الهيمنة والتبعية الاقتصادية لبكين»- الذى سبق الزيارة- تحول إلى ترحيب، بعد محادثات الرئيس الصينى التى أكد فيها أن بلاده ستواصل دعم عملية الإصلاح والانفتاح الشاملة، ودعم تحرير وتسهيل التجارة والاستثمار، حتى «يستطيع الأصدقاء الأوروبيون تقاسم فرص تنمية الصين بشكل أفضل».
وأعرب القادة الأوروبيون، عن سعادتهم برؤية تنمية أكبر فى الصين، ورحبوا باستعداد الصين لتقاسم فرص التنمية بها، وأعلنوا أن الشركات الصينية محل ترحيب للاستثمار فى الدول الأوروبية، وتعهدوا بعدم تبنى تدابير تقييدية ضد شركات محددة، وتوفير بيئة أعمال عادلة ومفتوحة وشفافة لجميع الشركات الأجنبية، فى دليل قاطع على نجاح جولة الرئيس الصينى الأوروبية.
ومن المتوقع إذن أن تغير بكين وجه العالم على جميع الأصعدة، من الحوكمة العالمية إلى القواعد التجارية، مرورا باحترام البيئة وعمليات الاستثمار، عن طريق توظيفها استثمارات كثيفة فى جميع أنحاء العالم، فى سياق مشروعها «طرق الحرير الجديدة»، والذى أعلنته فى خريف العام 2013، من أجل تصدير منتجاتها والبيع مباشرة فى أوروبا وفى جميع أنحاء العالم، لتحتل بذلك المكانة التجارية التى كانت تحتلها المملكة المتحدة، وبعدها الولايات المتحدة، منذ الثورة الصناعية.
رعب ترامب وتفوق «العملاق الآسيوى»
كان من الطبيعى أن تثير كل هذه النتائج المتوقعة «رعب» الولايات المتحدة، والتى لم تخفِ قلقها من تنامى النفوذ الصينى، ونموها الاقتصادى الكبير، ومشروعها «طريق الحرير». وترى واشنطن ما تطلق عليه «التهديد الصينى» على أكثر من جبهة، لذا فإن «حربها الباردة» ضد بكين تجرى أيضا على أكثر من جبهة.
فبحسب الدكتور إبراهيم نوار، مستشار الشئون السياسية بالأمم المتحدة، من أهم المؤشرات التى تنظر إليها الولايات المتحدة على أنها مصادر للتهديد: امتلاك الصين أقوى قوة عسكرية برية فى العالم بثانى أكبر ميزانية عسكرية، بجانب امتلاكها ثالث أكبر قوة جوية فى العالم، وتطويرها لطائرات متقدمة بتكنولوجيا محلية، لأغراض الدفاع المحلى والتصدير، فضلًا عن تطوير سلاحها البحرى بسرعة فائقة، ونجاحها فى إنتاج حاملة طائرات محلية، وصعودها إلى الفضاء بإرسال سفينة إلى سطح القمر مصنوعة بتكنولوجيا محلية.
وأضاف إن الصين بدأت تسعى لإقامة قواعد عسكرية فى الخارج (جيبوتى)، كما تتوسع فى الحصول على تسهيلات فى الكثير من الموانئ، وامتلكت شركاتها حصصا فى 13 ميناء فى أوروبا، وأنشأت العديد من الجزر الصناعية فى بحر الصين الجنوبى للتحكم فى حركة الملاحة، بالاضافة إلى تبنيها استراتيجية اقتصادية توسعية، لربط الصين بالعالم من خلال مبادرة «الحزام والطريق».
وتملك الصين نفوذا متزايدا فى سوق المنتجات التكنولوجية المتقدمة بمجالات الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة الشمسية، والسيارات وأجهزة الذكاء الاصطناعى،وغيرها، وهى قادرة على المنافسة، لدرجة أنها تحولت فعلا إلى «مصنع العالم» فى فترة قصيرة زمنيا، وتستخدم فوائضها المالية من أجل إقراض الدول التى تستهدفها، ثم تقتنصها عندما تقع فى «مصيدة الديون»، كما وصفتها الولايات المتحدة.
وفى مواجهة هذه التهديدات، يشن «ترامب» حربا شرسة على الصين، فى مجالات التجارة (رفع الرسوم الجمركية)، والتكنولوجيا (حظر نشاط الشركات الصينية مثل هواوي)، العلوم (تقليل عدد الطلاب الصينيين فى الجامعات الأمريكية بحجة أنهم جواسيس)، إضافة إلى استخدام جميع مقومات القوة الناعمة، وتحريض حلفاء الولايات المتحدة ضد الصين فى هذه المجالات وغيرها.
وفوق كل ذلك، يحاول «ترامب» استعارة الأداة التى ابتكرها الرئيس الامريكى السابق رونالد ريجان ودمر بها الاتحاد السوفيتى ألا وهى سباق التسلح.
وأضاف د.نوار: «لكن الولايات المتحدة ستواجه مقاومة شديدة من الاتحاد الأوروبى، فيما يتعلق بالتحريض ضد الصين وروسيا وإيران، وقد شهدنا حتى الآن خلال الزيارة التى يقوم بها الرئيس الصينى إلى أوروبا، حفاوة الاستقبال الأوروبى له، والصفقات التى عقدها فى روما وباريس، وامتداد مبادرة الحزام والطريق من آسيا وأفريقيا إلى أوروبا رسميًا».
ولا تحاول الولايات المتحدة احتواء الصين، وإنما تتعمد استفزازها وإشعال العداء معها، ما أدى إلى خلق حالة من عدم الثقة بين الجانبين، وسيؤدى إلى دعم اتجاه الصين لتطوير تكنولوجياتها المتقدمة المستقلة بسرعة، لمواجهة حرب التكنولوجيا، وإلى تعزيز قوة الطلب المحلى لتوسيع سوق منتجاتها محليا، اعتمادا على طبقة وسطى ضخمة وواعدة، فضلًا عن تطوير قوتها العسكرية بسرعة لتصبح القوة العسكرية الأولى فى العالم. وبذلك تسقط كل الخيارات الأمريكية الحالية ل«الحرب الباردة» ضدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.