المرأة.. ذلك اللغز المحير والذى لم تكشف أسراره بعد رغم كل محاولات الفنانين والأدباء لفك شفراته.. وما بين ذلك العالم الغامض وبين الموروثات المصرية والتيمات الشعبية الأصيلة يأتى عالم المرأة فى لوحات الفنان محمد الطراوى مليئًا بالنبض الأنثوى -بعيدا عن كونها رمزا للشهوة. برغم (الدلال) الفطرى لنساء طراوى ف(هن) يظهرن على سطح لوحاته فى وضع شامخ لمواجهة قبح القهر والتطرف الذى استخدم جسدهن معبرًا لإلهاء المجتمع عن كشف النقاب عن حقيقة وجوه التطرف الدينى الكئيب وجعلهن وليمة للإرهاب الفكرى واستغلاله فى انقياد المجتمع تحت لواء أسود. ظهر ذلك السمو جليًا فى محاكاة الفنان للوحة (بنات بحري) لأيقونة الفن المصرى محمود سعيد، فنساء طراوى يبرزن فى اللوحة بقوة وشموخ على خلفية القلعة وامتداد زرقة البحر.. وتقدير واحترام الفنان وإثارة لغة تشكيلية معاصرة للفن المصرى الحديث.. وربما استدعاء للماضى ومحاولة إحياء قيمه ونظرته لقيمة المرأة. ورغم أن لوحات محمد الطراوى والتى استخدم فيها ألوان (الأكليرك) المعتمة إلا أنها تمتلئ بالعذوبة والشفافية التى تنعكس بوضوح فى الألوان المائية والتى امتلك ناصيتها الفنان على امتداد تاريخه الفنى الكبير، فهو مازال يبحث فى علاقة الإنسان بالطبيعة المصرية فنجد المرأة فى لوحاته قد امتزجت بالبيوت وكأنها هى (الدار) التى تحمى الجميع وتأويه فى ظلها. توهجت تشكيلات طراوى بألوان طازجة مفعمة بالحيوية ما بين الأزرق والأصفر فى اتزان تجريدى وبناء عمودى تمثل فى نسائه سواء كن (بنات بحري) أو (بنات الواحة) فى فراغ تشكيلى ومساحات لونية مدهشة.. على الرغم من تعدد المحاولات لكشف غموض عالم المرأة يأتى تحدى طراوى لذلك العالم السحرى الثرى ليكشف لنا بعض الوجوه ل(حضن وسكن الوطن). فمن قال إن وجوه حواء قد كشفت بعد.