جاءت كلمة الشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها ال72 بنيويورك كاشفة عن حجم التخبط الذى يعانيه النظام الحاكم هناك، فقد عكست كلمات الأمير الشاب بعمق عدم الاتزان الذى بات يسيطر على الإمارة وتتزايد وتيرته يومًا تلو الآخر، مع الأحداث المتلاحقة التى تشهدها الدوحة. الشاب الثلاثينى راح يوزع الاتهامات فى كل ناحية ويصف المقاطعة العربية لإمارته بالحصار ويصف سلوك الدول المقاطعة بالإرهاب، وفى الوقت الذى يحاول أن يبدو متماسكًا فى مواجهة القرار العربى، إذا به يتحدث بلهجة تحمل قدرًا كبيرًا من ادعاء المظلومية. كلمات تميم أعقبت عدة أحداث مهمة على الساحة القطرية منها بيان الشيخ سلطان بن سحيم وإسقاط الجنسية عن أكبر القبائل القطرية الشيخ طالب آل مرة، وهى متغيرات تنبئ بأن التغيير فى الدوحة بات على الأبواب وأن كرة الثلج تحركت بالفعل وأن الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت والأخبار القطرية التى ظلت طوال عقود شحيحة الظهور فى الإعلام. حول حقيقة ما يجرى فى الداخل القطرى كان حوارنا مع المتحدث باسم المعارضة القطرية على آل دهنيم، وهو موظف سابق بالمخابرات القطرية مقيم الآن فى لندن، فى ظل استحالة وجود معارض قطرى خارج السجن أو ممنوع من السفر. كيف قرأت خطاب الأمير تميم الأخير فى الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ - الخطاب كان مخيبًا للآمال الخليجية والقطرية بصفة خاصة، وكان متوقعًا بالنسبة لنا فى المعارضة لمعرفتنا السابقة بهذا النظام الفاشى والفاشل، كان الخطاب هزيلاً وركيكًا وتحدث بصفته وصيًا على الدول العربية وما هو مطلوب منها أن تعمل مع التغافل عما يحصل فى دولة قطر، وتكلم عن الإرهاب وكأن دولة قطر تعانى من الإرهاب ليس كأنها الدولة التى ترعى الإرهاب وتموله منذ سنين وتجاهل الشأن القطرى تمامًا لأنه شعب لا يريد غير المال فقط لا يبحث عن الحرية ولا الديموقراطية ولا المشاركة فى السلطة أو القرار السياسي. تميم حاول أن يظهر وكأن قطر لا تعانى أزمة وفى الوقت نفسه تحدث بشىء من المظلومية، صف لنا حقيقة المشهد الآن داخل القصر فى قطر؟ - حقيقة الوضع داخل قطر مزرٍ للغاية مع تعثر إنهاء الأزمة بينها وبين الدول العربية، ووصول الخلاف إلى طريق مسدود، الحديث اليوم فى كل قطر عن تغيير نظام الحكم باعتباره السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة الكبيرة وإعادة اللُّحمة الخليجية إلى سابق عهدها، تم اتخاذ تدابير أمنية مشددة خوفًا من وقوع أى شىء، فى نفس الوقت جارٍ ترتيب الوضع فى تركيا لاستقبال نظام الحمدين فى حالة سقوطه. إلى أين تتجه الأمور داخليًا فى ظل تزايد حالة الرفض ضد الأمير الشاب؟ - هناك انشقاق فى الشارع القطري، ولكنه غير معلن لأن أحدًا لا يجرؤ على المجاهرة برأى معارض للسلطة فى قطر، هناك انشقاق أيضًا فى الأسرة الحاكمة خاصة بعد وصول 17 شخصًا من الأسرة إلى المملكة العربية السعودية، اليوم كل الأمور فى الخليج وفى قطر تتجه فى اتجاه واحد فقط هو تغيير النظام داخل قطر وتزايد شعبية سمو الشيخ عبدالله بن على آل ثان، ومن المتوقع أن يغدو الأمير المقبل لقطر وهو حق أصيل لهذا الرجل، وفى السعودية تم اتخاذ هذا القرار وجارٍ تنفيذه، مع العلم أن السعودية تعامل الشيخ عبدالله كأمير المعارضة القطرية تنتظر الضوء الأخضر والدعم المادى واللوجيستى لعمل المطلوب داخل قطر. هل معنى هذا أنه يمكن توقع تغيير قريب فى شكل الحكم فى قطر؟ - كل الأمور متوقعة فى ظل تعنت نظام الحكم فى قطر مع تزايد أزمة المقاطعة الخليجية وزيادة حجم الخسائر فى الاقتصاد القطرى وهروب العمالة الوافدة من البلاد وزيادة نسبة الاستهلاك والأسعار فى مواد التموين والانزعاج من الإجراءات الأمنية الصعبة والتشويش على الاتصالات ومواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعى بين الأفراد مثل «واتس آب» و«تويتر» و«فايبر».. وغيرها. وهل تتخلى إيرانوتركيا عن حليفهما فى قطر بسهولة؟ - الحليف الوحيد لقطر هو تركيا بسبب سيطرة نظام إخوانى عليها بالتوازى مع سيطرة الإخوان من الباطن على نظام تميم، وهى ستظل داعمة للنظام إلى آخر لحظة بس فى حالة تغيير الأمور، فإن تركيا ستتنصل من دعم قطر، أما بخصوص إيران فهناك مطالب مازالت قطر تراوح مكانها لتنفيذها حتى تكون إيران حليفا مثل تركيا فى نفس القوة والدعم، وهى مطالب تتعلق بموقف قطر فى الصراع الدائر داخل كل من سوريا والعراق. زيارات الأمير تميم الخارجية تزايدت فى الفترة الأخيرة.. كيف ترى هذه الزيارات وتأثيرها على الخلاف الدائر الآن؟ - زيارات تميم لها طابعان الأول هو تحذير الدول العظمى من تضرر مصالحها من استمرار الضغط على قطر، ومطالبتها بسرعة إنهاء الخلاف، والطابع الثانى هو محاولة إيجاد حل للأزمة عن طريق المال والاعتماد على اللوبى الصهيونى خصوصًا فى أمريكا، لكن أقول بكل ثقة إن تميم سوف يرجع من هذه الزيارات جميعا بخفى حنين. فى حال تغيير النظام القطرى الحاكم كيف ترى مستقبل علاقات النظام الجديد داخليًا على مستوى العائلات والقبائل وخارجيًا على مستوى الإقليم؟ - مستقبل العلاقات خارجيًا سيكون زاهرًا خصوصًا بعد استعادة الثقة بين كل الأطراف الإقليمية وتحجيم العلاقات مع كل من إيرانوتركيا وإنهاء علاقة قطر بالإرهاب نهائيًا وإقامة دولة المؤسسات والقانون وعدم التدخل فى شئون الدول المجاورة. بعد بيان الشيخ سلطان بن سحيم الأخير هل تعتقد أن المعارضة القطرية مرشحة لاستقبال شخصيات جديدة وهل لديها برنامج لإدارة السلطة بدلا عن النظام الحالى؟ - نعم ستشهد الأيام المقبلة اتساعًا فى قاعدة المعارضة القطرية لنظام تميم فى خارج دولة قطر، وهناك جهود لتوحيد الصفوف. ومن أبرز الشخصيات المرشحة للانضمام لصفوف المعارضة خلال الفترة المقبلة؟ - هناك شخصيات كثيرة لا تستطيع الكشف عن مواقفها بشكل صريح، وربما تنتظر تغييرًا جديدًا فى الموقف داخليًا وإقليميًا، وهناك شخصيات ممنوعة من السفر مثل الدكتور نجيب النعيمى وزير العدل السابق، هذا الوضع ينبئ بأن دائرة المعارضة فى سبيلها للاتساع والخروج لساحة العلانية. فى رأيك ما السبب الحقيقى وراء منع النعيمى من السwفر؟ - هو انقلب عليهم، لأنهم وضعوه فى منصب أكبر من حجمه، ثم أخذوا يوجهونه بطريقتهم، لكنه فشل فى أهم قضية وهى قضية الحدود مع البحرين، قال لهم أنتم قدمتم وثائق غير قانونية، هم أفشلوه، وهو أراد أن ينتقم بطريقته، يطالب بالحرية وهذه الأمور، كان وزيرًا وله صولات وجولات واتصال بالأمير إلى إنسان عادى ومحامٍ عادي، لا يقبلها. فى بيانه الأخير وجه الشيخ سلطان انتقادات للتواجد التركى على الأراضى القطرية ما رأيك؟ - وجود قوات بتعداد نصف وزارة الدفاع القطرية فعلاً يعتبر احتلالاً مؤقتًا حسب الأعراف العسكرية، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية لا ينبغى وجود أى قوات عسكرية بكامل تجهيزاتها على أراضى دولة أخرى إلا فى حالة المناورات فقط، ولا تزيد مدة وجودهم أكثر من ثلاثة شهور ولا يوجد تفسير أمنى لهذه الأمور غير ردع أى تحرك شعبى غير متوقع وقمع المتظاهرين. ما رأيك فى إسقاط الجنسية عن الشيخ طالب آل مرة وتأثيره على مجريات الأمور فى تركيبة الحكم؟ - هذا يدل على عجز الحكومة وستكون له تداعيات مؤثرة على مجريات الأمور، وهو إجراء يبين أن الحكومة تريد أن تقول إن الشعب مجرد عبيد مهما اختلفت مستوياتهم! وما رأيك فى إسقاط الجنسية كعقوبة بحق المعارضين فى قطر؟ - عندنا أقل عقوبة سحب الجنسية، أضعف الإيمان سحب الجنسية ومنع من السفر، لا تتكلم، لا تعبر، مع أن دولة قطر أكثر دولة عربية وإسلامية تدعى أنها ديمقراطية، ليس فيها برلمان، ودستورها معطل ولا قنوات لدينا، وفئات مثل الشيعة، هم أكبر رجال أعمال فى قطر، لا مناصب لهم، ولا الدولة تعطيهم حق بناء المساجد، وهم مهمشون وخائفون، دولة قطر تحولت إلى دولة بوليسية. ما معلوماتكم بشأن حقيقة موت الشيخ سحيم بن حمد بالسُم؟ - الشيخ سحيم كان المنافس الوحيد للشيخ حمد بن خليفة فى ولاية العهد والحكم، وكان وجوده بشكل مستمر فى الإمارات يسبب قلقًا للحكومة القطرية، مع بداية الخلاف بين الشيخ خليفة بن حمد وابنه العاق حمد حاول الأخير التخلص من كل خصومه فى طريقة للحكم، وكان أول هؤلاء الشيخ سحيم بن حمد، وفى اختبار لشيخ حسن بن عبدالله آل ثان بعد تسلمه قيادة المخابرات القطرية فتم تسميم المذكور بسم الكيماوى بواسطة رقيب أردنى فى جهاز المخابرات العامة.