لم تكن شحنة القمح الفرنسى التى رفضت إدارة الحجر الزراعى دخولها البلاد قبل أيام لاحتوائها على الخشخاش الأولى، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة فى مسلسل محاولات إغراق مصر باستيراد قمح غير صالح للاستخدام الآدمى، ويحتوى على مواد ضارة بالصحة ومحظور تداولها. 179 ألف طن قمح هى الكميات التى وصلت إلى مصر فى 4 شحنات منذ مارس الماضى وحتى 10 سبتمبر الجارى، وتم رفضها لاحتوائها على فطر الإرجوت وبذور الخشخاش، كان آخرها شحنة القمح الفرنسى والتى تقدر بنحو 59 ألف طن وصلت سفاجا الأسبوع الماضى وثَبُت بالفحص المعملى احتواؤها على كبسولات نبات «الخشخاش» الذى يستخرج منه الأفيون. أزمة القمح المخلوط بالخشخاش، ظهرت لأول مرة فى مارس الماضى، بوصول شحنتى قمح روسى على سفينتى «بانداوأريا» إلى ميناء بورسعيد لصالح إحدى شركات القطاع الخاص، وأثبتت الفحوص المعملية لمركز البحوث الزراعية احتواءها على بذور نبات الخشخاش، وقتها واجهت وزارة الزراعة فارقًا فى التعامل مع الأزمة، حيث لا يوجد قرار أو قانون يوضح كيفية التعامل مع مثل هذه الشحنات، حيث كانت إحداهما تزن 29 ألف طن وتزن الأخرى 28 ألفًا و645 طنًا. فى منتصف أغسطس الماضى، وصلت سفينة محملة ب63 ألف طن قمح رومانى، لميناء سفاجا، اكتشف مهندسو الحجر الزراعى وجود بذور الخشخاش بالشحنة فسارعوا بإبلاغ رؤسائهم، ليتم سحب عينة، وإرسالها لمركز البحوث، وجاءت نتيجة الفحص الصادرة عن مركز البحوث الزراعية فى 20 أغسطس صادمة، لتؤكد احتواء الشحنة على بذور خشخاش، بعضها ناضج ومنبت، وصالح للزراعة. لم يمض شهر على وصول الشحنة الرومانية، لنفاجأ بوصول شحنة قمح فرنسية 59 ألف طن لميناء سفاجا، لتكشف نتائج الفحص بمعامل وزارة الزراعة عن احتوائها على كبسولات «الخشخاش» وأن العينة التى تم إرسالها للمعامل تحتوى على 44 بذرة من بذور الخشخاش ناضجة وغير ناضجة وأنها من النباتات المحظور زراعتها فى مصر. وفقًا لقرار وزير الزراعة رقم 3007 لسنة 2001 فإن احتواء أى شحنة قمح على بذرة واحدة لنبات محظور زراعته فى مصر يتم رفض الشحنة وإعادتها للتصدير بحسب مصدر بالحجر الزراعي- رفض ذكر اسمه». المصدر أوضح أن مهمة مهندسى الحجر الزراعى، تتوقف بعد فحص الشحنة والحصول على عينات منها لتتولى هيئة الرقابة على الصادرات والورادات التابعة لوزارة التجارة باعتبارها الجهة المسئولة عن عمليات الفحص والمتابعة بموجب قرار رئيس الوزراء (2992) إرسال العينات لمركز البحوث الزراعية، لتوضيح طبيعة البذور التى تحتويها أى شحنة، يعقب ذلك اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، فى حال ثبوت احتواء الشحنة على «كبسولات خشخاش» حيث يتم إخطار الأمن وتحرير محضر وإحالته للنيابة لتتولى الأمر وتصدر أمرًا قضائيًا بحسب كل حالة. وأرجع مصدر سبب وصول مثل هذه الشحنات إلى مصر لتضارب الاختصاص بين هيئة السلع التموينية التى تطرح من وقت لآخر مناقصات لاستيراد القمح لسد احتياجاتها، وبين وزارة الزراعة التى تسعى للحفاظ على الرقعة الزراعية ومنع دخول الآفات والحشائش المحظور زراعتها فى البلاد. التضارب بين سعى التموين لتوفير كميات القمح المطلوبة للمطاحن والمخابز لإنتاج العيش المدعم ووزارة الزراعة، دفع رئيس الوزراء إلى إصدار القرار رقم 2992 والذى أسند عملية الإشراف على فحص ومتابعة استيراد المحاصيل الاستراتيجية لهيئة الرقابة على الصادرات والواردات التابعة لوزارة التجارة والصناعة وهو الأمر الذى اعتبره البعض سبب زيادة شحنات القمح الفاسدة. تكرار وصول شحنات القمح التى تحتوى «خشخاش» لمصر والمحظور دخوله بموجب نص قرار وزير الزراعة رقم 3007 لسنة 2001، جاء نتيجة التخبط الحكومى منذ إصدار رئيس مجلس الوزراء للقرار 2992 فى فبراير 2016، والذى نقل اختصاصات فحص شحنات القمح للهيئة العامة للرقابة على الصادرات، رغم أنه اختصاص أصيل لسلطة الحجر الزراعى التابعة لوزارة الزراعة. وبالرغم من أن بعض العاملين بوزارة الزراعة لجأوا للقضاء الإدارى، الذى أصدر حكمًا، تم إرسال إنذار بصيغته التنفيذية، على يد محضر، لوزير الزراعة، لمطالبته بسرعة تنفيذ الحكم ووقف العمل بما جاء فى قرار رئيس مجلس الوزراء، إلا أن العمل بقرار رئيس مجلس الوزراء، مازال ساريًا.