من المؤكد إذن.. أن سعر حضرتك فى البورصة العالمية للبشر.. أقل كثيرا من سعر الأمريكاني.. الذى تقوم الدنيا ولا تقعد لو أصابه مكروه يا حرام! والأمريكان لا يقصرون.. يقلبون الدنيا.. لو أصابتهم الكارثة.. يصدرون الرعب إلى 6 مليارات نسمة.. هم مجموع شعوب الأرض.. ووسائل إعلامهم تنقل إلينا بالصوت والصورة لهفة آلاف الأمريكيين على ضحايا إعصار «هارفي» الذى حصد أرواح 44 شخصًا فى ولاية تكساس الأمريكية.. وخلف وراءه 32 ألفا تعرضت بيوتهم للدمار..! الغريب يا أخى أنه فى نفس توقيت إعصار «هارفي».. ضربت الفيضانات جنوبى آسيا وقتل 1200 شخص.. وشردت السيول العارمة الملايين شمالى الهند وجنوبى نيبال وشمالى بنجلاديش وجنوبى باكستان..! والغريب أيضا أن وسائل الإعلام العالمية أو حتى المحلية.. لم تهتم أبدا بالكارثة الآسيوية.. وكأننا لسنا إخوة فى الإنسانية.. أو كأن سعر الأمريكانى فى البورصة البشرية أعلى من مثيله المصرى أو الفلسطينى أو الأفريكانى أو الهندي.. ما أن يعطس الأمريكانى حتى يعلن العالم حالة الطوارئ.. فى حين أن إصابة اليمنى بالكوليرا التى حصدت أرواح الآلاف.. لا تجد صدى أو اهتمامًا عالميًا.. ربما لضعف الترجمة من لغات العالم إلى اللغة الأمريكاني.. المسيطرة والمتحكمة! و.. هكذا يدار العالم الآن..! هكذا يتحكم فينا الخواجة عبر وسائل إعلامهم.. فيشكلون مخاوفنا طبقا لمزاجهم الشخصي.. ويرسمون أحلامنا طبقا لمخططاتهم القائمة على المصلحة.. ويحددون أولوية اهتماماتنا طبقا لاهتماماتهم واستفادتهم من المسائل والأمور.. وقد حصد الإرهاب أرواح ثلاثة أشخاص فى فرنسا.. فقامت الدنيا.. وذهب زعماء العالم إلى هناك ينقلون تعازى شعوبهم.. فى حين أن نفس الإرهاب يحصد عندنا أرواح العشرات دون أن تهتز مشاعر الخواجة التى هى على الحياد تمامًا فى كوارثنا ومصائبنا القومية..! منذ سنوات تعرضت أمريكا لمرض جديد هو مرض الإيدز.. فخرجت الحملات فى العالم كله تحذر من المرض الوافد.. وعندنا فى إطار المجاملة وحسن الأخلاق.. قمنا بحملة مماثلة للحملة الأمريكاني.. نحذر فيها أهالينا من مرض الإيدز.. وصرفنا فلوس المعونة على الحملة الجديدة.. مع أننا لا نعرف الإيدز.. ونعرف بدلا منه أمراضنا الخاصة بنا كالبلهارسيا والالتهابات الكبدية.. لكننا لم نتعامل معها بالجدية والاهتمام.. لعدم ورودها فى الكتالوج الأمريكاني.. ووالله لو أننا خصصنا الفلوس التى صرفناها للتحذير من الإيدز.. لو خصصنا تلك الفلوس لمحاربة البلهارسيا.. لما بقيت فى مصر حالة واحدة.. ولتمكنا من محاصرة وتجفيف منابع المرض.. وإصلاح وتنقية المياه وتحسين الصرف الصحي.. وهى الأسباب المباشرة للتلوث الذى يؤدى لتكاثر وزيادة معدلات المرض ومعه الالتهابات الكبدية فوق البيعة..! الغريب أن الأمريكان الأندال قد اكتشفوا فى معاملهم علاجا للإيدز فنسوا فجأة شعاراتهم عن المشاركة الإنسانية والتعاطف البشري.. وكلامهم عن أننا فى مركب واحد.. ودول أفريقيا الفقيرة مطالبة بفاتورة مضاعفة نظير تزويدهم بعلاج الإيدز.. مع أنهم أصل البلاء..! حاجة غريبة يا أخي.. والأمم المتحدة بجلالة قدرها تصدر شهادة رسمية للعالم كله.. تفيد أن أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم الآن هى كوليرا اليمن.. والمثير أن العالم لا يتحرك والمشاهد الخواجة يتأثر أكثر لرؤية مدينة أمريكية تغرق.. أكثر من تأثره لرؤية مدينة آسيوية تتعرض للفيضانات المدمرة..! أخشى أن أقول إن هناك تمييزا فى الاهتمام العالمى بهذه الكوارث الطبيعية.. وهو نوع من أنواع العنصرية.. حيث تعتبر أرواح مجموعة من الناس أهم من أرواح مجموعة أخري.. بما يؤكد أن الخواجة يسيطر علينا إعلاميا.. يصدرون إلينا مشكلاتهم ومخاوفهم وأمراضهم وكوارثهم أيضا.. بما يفرض علينا ضرورة الانتباه وكسر احتكار وسائل الإعلام الأجنبية.. بخلق إعلام مصرى يخاطب العالم.. وقد فعلتها قناة الجزيرة لفترة قبل أن تبدل قناعاتها وتلعب بالسياسة والنار معًا.. الخيبة يا قراء.. إنه ساعة الحادثة.. يعوضون الأمريكانى بكام مليون دولار.. ويعوضون المصرى بألفين تلاتة من عملتنا السهلة.. ولا ينسون خصم الضرائب والتمغة.. والقيمة المضافة!
