يبدو أن محاولات هدم تراث منطقة مصر الجديدة مازالت قائمة لكنها اتخذت أشكالاً مختلفة هذه المرة، فعلى الرغم من أن مصر الجديدة تتفرد بطراز معمارى فريد من نوعه على مستوى العالم، فإن مبانيها وفيلاتها تنتظر مصيراً مجهولاً، مثلما حدث مع فيلات ومنازل أحياء الدقى والمهندسين والعباسية وحدائق القبة وغيرها. مؤخراً أثار خبر التعديات على فيلا الفنانة الراحلة مارى منيب الأثرية، وإعادتها لأملاك الدولة وتسليمها لجهاز التنسيق الحضارى، علامات استفهام كثيرة حول حجم التعديات الموجود بالفيلا وحقيقة المعتدين عليها، فتوجهت «روزاليوسف» لموقع الفيلا الذى أثار تلك الضجة حوله، واكتشفنا أن المبنى لم يعد ملكاً للفنانة مارى منيب منذ عام 1988! حيث قررت محافظة القاهرة ضم المبنى لممتلكاتها بسبب نقش لوجه نابليون على الطابق الأعلى من المبنى، بالإضافة لوجود عدد من النقوش الرومانية، مما دفع الحى لاعتبار العقار أثرياً إلى جانب عدد من المبانى الأثرية الأخرى الموجودة بالمنطقة. الفيلا تقع فى منطقة الكوربة بشارع الصومال (كومانوس سابقاً) وهو أحد الشوارع المقابلة لرئاسة الجمهورية. وهى عبارة عن عمارة مكونة من 3 طوابق بها 6 شقق يحيطها حديقة من جميع الاتجاهات، يظهر على واجهتها نقوش رومانية يتوسطها وجه نابليون بونابرت فى واجهة الطابق الثالث، وهو أحد المبانى الأثرية بمنطقة الكوربة بمصر الجديدة. عمارة مارى منيب كما يسمونها، كانت ملكًا لشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، ثم قامت الشركة ببيع تلك الشقق والعمائر فى تلك المنطقة لموظفيها مقابل (ملاليم) بحسب تصريح الأهالى سكان المنطقة، وفى عام 1954 قامت السيدة كاترين مسعد ببيع العقار بالكامل للفنانة مارى منيب والتى سكنت فيه فى الطابق الأول وقامت بتأجير 5 شقق بالعمارة. وفى العام 1988 باع محمد بديع منيب العقار لأبناء أخوات الفنانة مارى منيب، للسيدة ناهد محمد سليمان وحسن أخيها، والتى أصبحت الحارسة القضائية للعقار بمبلغ 88 ألف جنيه، وقامت بدورها ببيع وتأجير الشقق ماعدا الشقة التى كانت تسكنها مارى منيب والتى كان يقيم فيها الفنان عامر منيب حتى زواجه فى العام 1996. مساحة الأرض تبلغ 1400 متر، والشقة التى كانت تسكنها الفنانة مارى منيب تبلغ مساحتها 400 متر، الشقة خالية تماما من أى أبواب أو شبابيك يغطيها التراب بشكل تام لدرجة أنه أخفى ملامحها. «نحن نسكن منذ عام 1957، بعقود رسمية وموثقة»، بتلك الكلمات بدأ سكان عقار مارى منيب حديثهم معنا، حيث قال ممدوح عبده أحد السكان، إن الفنانة مارى منيب كانت قد أجرت جميع شقق العمارة وكان يسكن ابنها محمد بديع والد الفنان عامر منيب بالدور الأول وكان الوريث الوحيد لها، وفى عام 1988 قام ببيع العمارة بمبلغ 80 ألف جنيه نتيجة وقوعه فى أزمة مالية لبنت عمه مدام ناهد على وأخيها حسين على ،ورغم ذلك تدعى المحافظة أن العمارة غير معروف مالكها، وكانت تسكن بالعمارة مدام أحمد الغندور أستاذ الشريعة الإسلامية، وعامر منيب حتى زواجه، وبنت شقيق مدام ناهد الأستاذة سيمون وحسن سالم أكبر تاجر عطور بمصر، وجميعهم الآن تركوا العمارة. عم عبدالحميد أحد سكان العقار بالطابق الثالث، أوضح أن هناك 7 أسر هم أبناء 3 من الورثة يسكنون الطابق الثانى والثالث، وفيما يخص ملكية محمد عزت للعمارة كان رده أن هذا الشخص نصاب وقدم أوراقًا تثبت ملكيته للعمارة ولكنها مزورة، وحينما أراد هدم العمارة بحجة أنها ملك له اعترض سكان العمارة، واستخرج تصريحًا من الحى أن هذه العمارة أثرية وليست ملكاً لأحد، وأن محمد عزت ما هو إلا استشارى هندسى جاءت به ناهد مالكة العمارة فى حوالى العام 1997 لترميم العقار، إلا أن سكان العقار فوجئوا بأنه نصب نفسه صاحب العقار لوجود صلة نسب بينه وبين عزت جلال، حيث إن شقيقه متزوج من ابنة شقيق ناهد السيد حسين أحد ملاك العقار، وحاول مراراً طرد السكان وتهديدهم بهدم العقار على رءوسهم أكثر من مرة حتى قاموا بعمل محضر ضده بعدم التعرض لهم. أكد بواب العمارة أنه يوجد أكاذيب كثيرة حول موضوع فيلا مارى منيب ، فكل فترة يظهر ملاك جدد للفيلا يدعون ملكيتهم للعمارة ويدعون أنهم معهم مستندات تثبت ذلك ولا أحد منهم يظهر تلك المستندات، ولكن المالك الفعلى للفيلا هو الأستاذ محمد عزت وهو الوحيد الذى معه مستندات تثبت ملكيته للعمارة، وحتى رئيس الحى يتحدث إلينا إنه أتى إليه ملاك جدد ومعهم مستندات تثبت ذلك وحينما نذهب إلى الحى لا نجد أى مستندات، والعمارة لا يصرح لأحد بتصويرها إلا من خلال الحصول على تصريح من رئاسة الجمهورية ومن رئيس الحى نفسه نتيجة لموقعها المقابل لمبنى رئاسة الجمهورية . على الجانب الآخر، كانت محافظة القاهرة قد أصدرت بياناً الأسبوع الماضى، ذكرت فيه أنها (قامت باكتشاف فيلا مارى منيب الأثرية عن طريق الصدفة خلال شن إحدى الحملات اليومية المسائية لرفع الإشغالات وغلق المقاهى المخالفة بمنطقة الكوربة تلاحظ للقائم بأعمال محافظ القاهرة وجود تعديات على إحدى الفيلات التراثية المميزة ب 3 شارع الصومال بمصر الجديدة، وبعد رفع كامل الإشغالات عن حديقة العقار وهى عبارة عن 3 أكشاك خشبية وبعض التشوهات والتعديات داخل العقار وبمحيطه، تبين بالمصادفة أن الفيلا تراثية تعد بمثابة كنز كبير من حيث القيمة تابع لملكية الفنانة الراحلة مارى منيب بلا أوراق، وتم اغتصابها من قبل مستأجر قديم لأحد الأدوار فى غياب الجهات القانونية). وذكر البيان أن القائم بأعمال محافظ القاهرة اللواء أحمد تيمور وجه رئيس حى مصر الجديدة المهندس إبراهيم صابر بسرعة تسجيلها بجهاز التنسيق الحضارى للحفاظ عليها ومنع التعدى عليها مرة أخرى بإشغالات داخلها أو بمحيطها، خاصة بعد التأكد أن عقار الفنانة ليس له ورثة سوى حفيدها الفنان الراحل أيضا عامر منيب ، وتبين من بحث ملف الفيلا الأثرية أن أحد المستأجرين للدور الأخير بالعقار «عقد إيجار قديم» قام بالتخطيط للتعدى على الفيلا المكونة من ثلاثة أدوار وحديقة كبيرة واستغلال المساحات لعدم وجود ورثة بإقامة أكشاك خشبية بكامل مساحة الحديقة، مع محاولة بيعها لأحد التجار. إلا أن المتحدث باسم محافظة القاهرة المهندس خالد مصطفى، نفى ما قاله السكان وأكد أنه تم تسليم الفيلا لجهاز التنسيق الحضارى والأجهزة المعنية لدراسة ملف العقار وإعادة الفيلا إلى أملاك الدولة، وتسجيلها ضمن المبانى التراثية ذات الطراز المعمارى المتميز لحمايتها والحفاظ عليها ضد أى مغتصب لأركانها بأوراق مزيفة للورثة. أما بالنسبة للإشغالات التى ذكرتها المحافظة فى بيانها، فقد كان استكمالاً لما اكتشفناه على أرض الواقع داخل العقار، حيث قال محمد أحد المتهمين بالبلطجة والتعدى على الفيلا، إن محمد عزت الذى يحاول إخراج السكان من العقار قام باستقدام 3 من منطقة عين شمس، كان محمد عزت مديونًا لهم ورفض استرجاع أموالهم لديه، وقال لهم ممكن تروحوا العمارة تفتحوا سوبر ماركت تسترزقوا منه، باعتباره أحد ملاك العمارة، وهو ما حدث بالفعل منذ 10 سنوات، وبعد أن أزالت محافظة القاهرة تجارتهم وصادرت ثلاجاتهم ومحتويات الماركت رفضوا مغادرة المكان ومصرون حتى الآن على استرجاع باقى أموالهم أو أن يقوم عزت بإعادة تجارتهم الصغيرة مصدر رزقهم مرة أخري. أما محمد حسين أحد الورثة لعمارة مارى منيب، فقال إنه سوف يقوم بتقديم جميع المستندات من الشهر العقارى، حيث إنه يمتلك شهادة عقارية وعقد البيع وتسلسل الفيلا منذ إنشاء جميع العقود الملكية منذ نشأتها حتى الآن فكلها مسجلة وعليها ختم الشهر العقارى، التى تثبت ان الورثة حيث إن والده وأخواته، اشتروها من محمد بديع منيب ابن الفنانة الراحلة مارى منيب، ووالد الفنان الراحل عامر منيب وتبقى نصيب الابن الآخر للفنانة مارى منيب هو فؤاد منيب، وكان يعيش فى أمريكا وتوفى هناك. موضحا أنه كان على محافظة القاهرة التأكد من صحة العمارة إن كانت لها ورثة أما لا، خاصة أن هناك سكانا فى العمارة على علم بالورثة الحقيقيين.