حكاية منظمة (6)    مدبولي: نحرص على ضمان رصيد مطمئن من السلع الاستراتيجية    قيادي بالمقاومة: حماس والفصائل تبذل جهودا مكثفة لاستكمال انتشال جثامين أسرى الاحتلال    مراسل القاهرة الإخبارية: الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ما زالت بالغة الصعوبة    الكاف يخطر المصري بموعد قرعة الكونفيدرالية    يوفنتوس يعلن إقالة مدربه إيجور تودور    تأجيل محاكمة متهمين في قضية نصب ب 33 مليون جنيه    مي عمر تعود في رمضان 2026 بمسلسل "الست موناليزا"    ريال مدريد يقرر الاستئناف على طرد لونين في الكلاسيكو    العالم يترقب.. والقطاع السياحي مستعد لاستقبال ضيوف المتحف المصري الكبير | خاص    تعرف علي موعد تأخير الساعة وتطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر    غزة تستقبل جثامين الشهداء.. والقوافل المصرية تواصل طريقها نحو القطاع    طقس مائل للحرارة غدا نهارا وشبورة كثيفة صباحا والعظمى بالقاهرة 29 درجة    إنفوجراف| تصريحات ترامب فور وصوله مطار طوكيو خلال جولته الآسيوية    وزير الثقافة يشهد احتفالية اليوم العالمي للتراث غير المادي (صور)    بهدف تحقيق رضا المنتفعين.. اجتماع تنسيقي لهيئات منظومة التأمين الصحي الشامل في أسوان    «مستقبل وطن» يواصل عقد المؤتمرات الجماهيرية لدعم مرشحى مجلس النواب    «تعليم أسيوط» يعلن تلقى طلبات الراغبين في العمل بالحصة لمدة عشرة أيام    شوبير يكشف حقيقة مفاوضات بيراميدز مع أليو ديانج    رويدا هشام: الخطيب دائمًا منحاز لأبناء النادي.. وننتظر أعضاء الجمعية العمومية للأهلي    «الفجر بالإسكندرية 5.44 ص».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الثلاثاء    ضبط 178 كيلو لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي في أسيوط    الحكومة تدرس عروضًا استثمارية لإنشاء وتطوير فنادق ومشروعات عمرانية بمحافظة بورسعيد    الأمم المتحدة: خسائر بشريه واسعة النطاق فى الفاشر بالسودان    افتتاح الدورة الأولى لمهرجان غزة الدولي لسينما المرأة وسط قطاع غزة    مواقيت الصلاة بمطروح وأذكار الصباح اليوم 27 أكتوبر    حماس: غزة والضفة الغربية هي وحدة وطنية واحدة    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    مدير الكرة بالزمالك : دونجا ضمن بعثة الفريق لخوض السوبر المحلي    المشاط: الإحصاءات تُمثل ركيزة أساسية في صنع القرار ودعم مسيرة التنمية    مسلسل محمد سلام الجديد.. قصة وأبطال «كارثة طبيعية»    قنا: تحرير 330 مخالفة تموينية وإحباط تهريب 50 طن أسمدة مدعمة خلال أسبوع    جاهزية نجم اتحاد جدة لمواجهة النصر    طريقة عمل شاي اللاتيه بمذاق ناعم    عاجل بالصور الصحة: إنقاذ ناجح لسائحة إسبانية أصيبت داخل هرم سنفرو المنحني بدهشور    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    3 مصابين في انهيار داخلي لعقار بمنطقة العصافرة في الإسكندرية.. والمحافظ يتابع الحادث    بكين: المقاتلة الأمريكية تحطمت أثناء تدريب عسكرى فى بحر الصين الجنوبى    طفل يقود ميكروباص في بني سويف ووزارة الداخلية تتحرك سريعًا    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    تخصيص جزء من طابور الصباح لتعريف طلاب القاهرة بالمتحف المصري الكبير    انتخابات بلا إغراءات.. القانون يجرم الهدايا والتبرعات في سباق النواب    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    بكام الطماطم النهارده؟.. أسعار الخضراوات والفاكهة فى الوادى الجديد    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    جامعة الإسكندرية تحقق إنجازا عالميا باختيار مركز القسطرة ضمن أفضل 7 مراكز خارج الولايات المتحدة    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    بالصور.. مصرع وإصابة 28 شخصا في حادث تصادم أتوبيس بسيارة نقل بطريق رأس غارب - الغردقة    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدفعجى العظيم

من أصعب ما يؤلم النفس. أن ترثى عزيزاً عليها.. ومن أصعب ما يؤلمنى أن أتحير بين من أرثيهم لكثرة تساقطهم ومعزتهم وقيمتهم وما قدموه للوطن.. منذ أيام قليلة رحل عنا فى صمت تام اللواء دكتور أ.ح/عبدالرحمن رشدى الهوارى.. أحد قادة ورموز مصر والجيش المصرى العظيم وأب روحى ومعلم نهلت من علمه وتعلمت منه كثيراً.

وكعادة عظماء التاريخ والذين يقدمون ولا يطلبون أو يتاجرون بما يعملون.. يغفل عنهم إعلامنا كثيرا وخاصة عندما يمرضون ويعتزلون الحياة ويكونون بعيدين عن ومض الحياة وصخبها.. رحل طوبجى قديم.. محارب مصرى عاصر التاريخ وشارك فيه وكتب عنه وسجله وعلم أجيالاً وأجيالاً وهذا العمل هو الزاد والتكريم الذى سيخلده وسينفعه فى لقائه عند ربه اليوم.
ربما لم يعرف الاسم الكثير وخاصة متابعى التليفزيونات وبرامج التوك شو فى الآونة الأخيرة ولكن المؤكد أن رجالات العسكرية المصرية والعربية وزملاءه وتلاميذه وكليات الإعلام وجميع المحافل العلمية والفكرية والإعلامية القديمة.. يعرفونه ويدركون قيمته.

تاريخه العسكرى يبدأ منذ بدايات التحاقه بالقوات المسلحة فى الخمسينيات وحمله عار الذل والألم فى هزيمة يونيو 67 وسعيه مع رفاقه وقاداتهم لإزالة شبح الهزيمة والثأر للوطن.. اختار سلاح المدفعية ليلتحق به.. ولأنه يتمتع بذكاء وفطنة وتميز فى مادة الرياضيات والتخطيط العلمى السليم كان دائما قريبا من القادة ويستمعون إلى آرائه وتخطيطه.. عمل فى قيادة المدفعية فى فترتى الاستنزاف وحرب أكتوبر وكان مسئولا عن محور الجيش الثانى الميدانى وهو لايزال برتبة رائد وكان يستمع إليه قادة المدفعية مثل اللواء هديب والفريق سعيد الماحى.

تعلم من الفريق عبدالمنعم رياض وكان قريباً من المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة وغيرهما من عظماء المدفعية المصرية خاصة والعسكرية المصرية عامة.

شاء القدر أن يشارك فى أحداث كثيرة فى التاريخ المصرى فشارك فى تحرير الأرض عسكرياً ثم فى مباحثات السلام ومفاوضاتنا مع الجانب الإسرائيلى.. ثم معلماً ومؤرخاً لحرب أكتوبر والتخطيط الناجح لها.. وكذلك حروبنا المعاصرة وبدروسها المستفادة.

بداية معرفتى به وتعلمى منه امتدت لسنوات طويلة ومنذ تخرجى من الجامعة شاء القدر أن يكون من أوائل أبطال أكتوبر الذين أقابلهم وأكون قريبة منه ولأنى سمعت كثيراً عن قادة ورجال أكتوبر فإننى كنت أحب أن أسمع منه التاريخ والذكريات والحكايات الإنسانية الثرية، وكذلك من زملائه رجالات العسكرية المصرية العظماء.. ورغم أننى فى تلك الفترة لم أكن أتخيل بعد أننى سأتخصص فى الكتابة العسكرية إلا أنه كان يلح على كثيراً بأن أكمل دراساتى العليا.. وأن حلمه أن أحصل على الدكتوراه ويكون هو المشرف عليها.. وبناء على دعمه التحقت بالدراسات العليا بكلية إعلام القاهرة وتميزت فيها بفضل الله ولظروف العمل لم أكمل دراسة الماجستير ولكن اتجهت للكتابة والمزج بين حبى لها وحبى لأبطال ورموز مصر، وهنا كانت المحطة الثانية فى دعمه لى وكان مرشدى ومعلمى.. فلم يمنعه مركزه كمستشار فى وزارة الدفاع ولا انشغاله بالتدريس فى أكثر من كلية عسكرية ومدينة وإشرافه على العديد من رسائل الدكتوراه من أن يساعدنى ويخصص جزءاً من وقته لتعليمى أساسيات الكتابة العسكرية ويعرفنى بالقيادات التى تركت بصمة فى تاريخ مصر والموضوعات التى يجب أن أكتب.

أصعب مرحلة كانت تقابلنى فى كل كتاب عسكرى أكتبه هى مصادره وشهوده العيان.. وبالتالى كان هو مرشدى ومعاونى فى تذليل هذه العقبة.. وكان دعمه لى بالأسماء والوظائف والاتصال ببعضهم داعما لى وفاتحاً أبواباً كان يصعب طرقها لحداثة سنى وقلة خبرتى ومع علو مكانتهم وحساسية مناصبهم.

لا أنسى دعمه لى فى كتاب «الفريق عبدالمنعم رياض» ابن المدفعية مثله والذى عمل معه وسجل شهادته فى الكتاب ووجهنى لما يجب أن يضاف ويترك بصمة جديدة فى كتابى ولا أنسى أيضاً دوره الكبير فى رسمه معى لخطة كتاب «المشير أبوغزالة» الذى تصادف أن يكون ابن سلاح المدفعية أيضا ولا يتأخر عن تسجيل ذكرياته وكلماته فى حق القائد العظيم، ويشاء القدر أن يلاقى كتابى النور وهو طريح الفراش ولم يتمكن من رؤيته ولا من قراءة كلماتى التى شكرته فيها وسجلت دوره البارز الذى لا أنساه مهما حييت والذى كان آخر كتاب يسجل كلمته فيه.

آخر اتصال تليفونى بيننا كان قبيل مرضه الأخير منذ عدة سنوات وتدهور حالته الصحية نتيجة للمجهود الزائد والإرهاق الشديد منذ سنوات وهو بالأراضى السعودية يسألنى عن آخر ما أنجزته فى كتاب المشير أبوغزالة ويطلب منى أن أرسله إليه على بريده الإلكترونى لمراجعته قبل تقديمه للتصديق عليه من وزارة الدفاع ونشره.

وآخر مرة رأيته فيها كانت منذ عام تقريباً وبرفقة بناته وتلميذاته وزميلات فى العمل.. شهدان وعلا ومنى وبسمة اللاتى أحببنه وأحبهن وكانت معاملته لهن ولغيرهن مثلى وأكثر.. وتألمنا كثيراً لحالته وخاصة عندما لم يتمكن من التعرف علينا ولكنه كان سعيداً ولم تفارقه ابتسامته التى كانت تعتلى وجهه دائما.

الحقيقة أننى مهما قلت فلن توفيه حقه الكلمات ولن أمنحه ما يستحق.. كان رجلاً معطاء محباً للعسكرية وللوطن وللعطاء والعلم.. رمزاً للاحترام والقيم والمبادئ.. نشيطاً دءوباً لا يكل ولا يمل من تقديم المعلومة وتعليم من يحتاج إلى علمه.

تلاميذ كثيرون تعلموا منه ومازالوا. والكتب والمراجع والأبحاث التى تركت باسمه وفى كثير من المجالات التى تفتقر إليها مكتبتنا العربية هو الزاد الذى تركه لنا.. فى الاستراتيجيات والأمن القومى والتاريخ المصرى الحديث والقديم والحروب المعاصرة والإرهاب والإعلام وغيرها من الموضوعات المهمة.

ولا أنسى كلمات دارس تعتلى أكتافه رتبة عسكرية كبيرة من دولة عربية شقيقة خلال دراستى لإحدى الدورات بأكاديمية ناصر العسكرية يسألنى عنه قائلاً: تعرفى كيف أوصل للواء دكتور عبدالرحمن الهوارى؟. درس لى من سنوات فى جامعة الأمير نايف بالسعودية واستفدت منه كثيراً وبودى أن أزوره وأسلم عليه وأشكره على ما تعلمته منه وأفادنى كثيرا فى عملى.
رحم الله رمز مصر وقدوتها وأحد أبناء جيل أكتوبر الذى لن يعوض.. وخالص عزائنا لأسرته ولأنفسنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.