بدء المؤتمر الصحفي لإعلان نتيجة قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة 2026    حزب الغد يتقدم بمقترح لتعديل قوانين الانتخابات الأربعة لرئيس مجلس الشيوخ    تفاصيل اجتماع وزير التموين مع رؤساء مضارب القابضة الغذائية    ميناء دمياط يشهد تصدير 41712 طن بضائع عامة    وفد ياباني يزور مستشفى أبو الريش لدعم وتطير الرعاية الصحية للأطفال    نقيب الزراعيين يطالب بتخصيص عام 2026 للزراعة والأمن الغذائى    فضيحة فساد تهز الاتحاد الأوروبى .. اتهام مسئولين كبار بالتلاعب والاحتيال وتضارب المصالح    مجموعة مصر.. رئيس زيمبابوي يدعم المنتخب ب400 ألف دولار قبل أمم أفريقيا    جلسة منتظرة بين إدارة الزمالك ورموز القلعة البيضاء لهذا السبب    موعد مباراة ريال مدريد و ديبورتيفو ألافيس في الدوري الإسباني    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    إصابة 5 أشخاص بتسمم غذائي بمدينة الخصوص في القليوبية    محافظ أسوان يشدد على مسئولى التموين بضرورة متابعة المجمعات وسلاسل الهايبر ماركت    إخماد حريق داخل منزل فى منشأة القناطر دون إصابات    محافظ أسوان يتابع جهود مكافحة مرض السعار ويوجه بتكثيف حملات حماية المواطنين    كاميرات المراقبة أظهرت برائته.. محمد صبحي يخرج عن صمته في أزمة سائق سيارته    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    بعد فيديو محمد صلاح.. أحمد السقا: أموت وأدخل النار أهون من اللي حصل فيا    أمجد الحداد: الإنفلونزا التنفسية الفيروس الأكثر انتشارا حاليا في مصر    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    ألمانيا.. إحباط هجوم إرهابي على سوق عيد الميلاد واعتقال 5 أشخاص    السفير محمود كارم: التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان يأتي في ظرف إقليمي بالغ التعقيد    إعلان نتائج لجان الحصر السكنى بعدد من المحافظات وفقا لقانون الإيجار القديم    لماذا زار طلاب جامعة بني سويف شركة النصر للكيماويات الوسيطة؟    موعد مباراة بايرن ميونخ وماينز في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    يرتدي غطاء رأس يعلوه تاج مزدوج.. تفاصيل التمثال الضخم للملك أمنحتب الثالث بعد إعادة نصبه بالأقصر    عبلة سلامة تتصدر التريند بحلقة عمرو يوسف وتوجه رسالة للجمهور    الناشرة فاطمة البودي ضيفة برنامج كلام في الثقافة على قناة الوثائقية.. اليوم    "صحح مفاهيمك".. "أوقاف الفيوم" تنظم ندوة توعوية حول التعصب الرياضي    الإعلام الإسرائيلي يربط حادث إطلاق النار في سيدني بمعاداة السامية    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    ضم الأبناء والزوجة للبطاقة التموينية إلكترونيًا.. خطوة بسيطة لتوسيع الدعم    وزير الكهرباء: التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الجديدة دعامة رئيسية لاستقرار وكفاءة الشبكة الكهربائية    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    «متحف الطفل» يستضيف معرضًا فنيًا عن رحلة العائلة المقدسة في مصر    "الفني للمسرح" يحصد أربع جوائز عن عرض "يمين في أول شمال" بمهرجان المنيا الدولي للمسرح    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    فليك: بيدري لاعب مذهل.. ولا أفكر في المنافسين    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    وزارة التضامن تقر قيد 5 جمعيات في محافظتي الإسكندرية والقاهرة    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    جوتيريش يحذر: استهداف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان قد يُصنَّف جريمة حرب    السيطرة على حريق نشب بسيارة نقل ثقيل أعلى الطريق الدائري ببهتيم القليوبية    الرياضية: جناح النصر لا يحتاج جراحة    لماذا لم يعلن "يمامة" ترشحه على رئاسة حزب الوفد حتى الآن؟    المديريات التعليمية تبدأ إعلان جداول امتحانات نصف العام    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    الصحة: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    إعلام إسرائيلى : إيطاليا أعربت عن استعدادها للمشاركة فى قوة الاستقرار بغزة    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    إسلام عيسى: على ماهر أفضل من حلمى طولان ولو كان مدربا للمنتخب لتغيرت النتائج    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدفعجى العظيم

من أصعب ما يؤلم النفس. أن ترثى عزيزاً عليها.. ومن أصعب ما يؤلمنى أن أتحير بين من أرثيهم لكثرة تساقطهم ومعزتهم وقيمتهم وما قدموه للوطن.. منذ أيام قليلة رحل عنا فى صمت تام اللواء دكتور أ.ح/عبدالرحمن رشدى الهوارى.. أحد قادة ورموز مصر والجيش المصرى العظيم وأب روحى ومعلم نهلت من علمه وتعلمت منه كثيراً.

وكعادة عظماء التاريخ والذين يقدمون ولا يطلبون أو يتاجرون بما يعملون.. يغفل عنهم إعلامنا كثيرا وخاصة عندما يمرضون ويعتزلون الحياة ويكونون بعيدين عن ومض الحياة وصخبها.. رحل طوبجى قديم.. محارب مصرى عاصر التاريخ وشارك فيه وكتب عنه وسجله وعلم أجيالاً وأجيالاً وهذا العمل هو الزاد والتكريم الذى سيخلده وسينفعه فى لقائه عند ربه اليوم.
ربما لم يعرف الاسم الكثير وخاصة متابعى التليفزيونات وبرامج التوك شو فى الآونة الأخيرة ولكن المؤكد أن رجالات العسكرية المصرية والعربية وزملاءه وتلاميذه وكليات الإعلام وجميع المحافل العلمية والفكرية والإعلامية القديمة.. يعرفونه ويدركون قيمته.

تاريخه العسكرى يبدأ منذ بدايات التحاقه بالقوات المسلحة فى الخمسينيات وحمله عار الذل والألم فى هزيمة يونيو 67 وسعيه مع رفاقه وقاداتهم لإزالة شبح الهزيمة والثأر للوطن.. اختار سلاح المدفعية ليلتحق به.. ولأنه يتمتع بذكاء وفطنة وتميز فى مادة الرياضيات والتخطيط العلمى السليم كان دائما قريبا من القادة ويستمعون إلى آرائه وتخطيطه.. عمل فى قيادة المدفعية فى فترتى الاستنزاف وحرب أكتوبر وكان مسئولا عن محور الجيش الثانى الميدانى وهو لايزال برتبة رائد وكان يستمع إليه قادة المدفعية مثل اللواء هديب والفريق سعيد الماحى.

تعلم من الفريق عبدالمنعم رياض وكان قريباً من المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة وغيرهما من عظماء المدفعية المصرية خاصة والعسكرية المصرية عامة.

شاء القدر أن يشارك فى أحداث كثيرة فى التاريخ المصرى فشارك فى تحرير الأرض عسكرياً ثم فى مباحثات السلام ومفاوضاتنا مع الجانب الإسرائيلى.. ثم معلماً ومؤرخاً لحرب أكتوبر والتخطيط الناجح لها.. وكذلك حروبنا المعاصرة وبدروسها المستفادة.

بداية معرفتى به وتعلمى منه امتدت لسنوات طويلة ومنذ تخرجى من الجامعة شاء القدر أن يكون من أوائل أبطال أكتوبر الذين أقابلهم وأكون قريبة منه ولأنى سمعت كثيراً عن قادة ورجال أكتوبر فإننى كنت أحب أن أسمع منه التاريخ والذكريات والحكايات الإنسانية الثرية، وكذلك من زملائه رجالات العسكرية المصرية العظماء.. ورغم أننى فى تلك الفترة لم أكن أتخيل بعد أننى سأتخصص فى الكتابة العسكرية إلا أنه كان يلح على كثيراً بأن أكمل دراساتى العليا.. وأن حلمه أن أحصل على الدكتوراه ويكون هو المشرف عليها.. وبناء على دعمه التحقت بالدراسات العليا بكلية إعلام القاهرة وتميزت فيها بفضل الله ولظروف العمل لم أكمل دراسة الماجستير ولكن اتجهت للكتابة والمزج بين حبى لها وحبى لأبطال ورموز مصر، وهنا كانت المحطة الثانية فى دعمه لى وكان مرشدى ومعلمى.. فلم يمنعه مركزه كمستشار فى وزارة الدفاع ولا انشغاله بالتدريس فى أكثر من كلية عسكرية ومدينة وإشرافه على العديد من رسائل الدكتوراه من أن يساعدنى ويخصص جزءاً من وقته لتعليمى أساسيات الكتابة العسكرية ويعرفنى بالقيادات التى تركت بصمة فى تاريخ مصر والموضوعات التى يجب أن أكتب.

أصعب مرحلة كانت تقابلنى فى كل كتاب عسكرى أكتبه هى مصادره وشهوده العيان.. وبالتالى كان هو مرشدى ومعاونى فى تذليل هذه العقبة.. وكان دعمه لى بالأسماء والوظائف والاتصال ببعضهم داعما لى وفاتحاً أبواباً كان يصعب طرقها لحداثة سنى وقلة خبرتى ومع علو مكانتهم وحساسية مناصبهم.

لا أنسى دعمه لى فى كتاب «الفريق عبدالمنعم رياض» ابن المدفعية مثله والذى عمل معه وسجل شهادته فى الكتاب ووجهنى لما يجب أن يضاف ويترك بصمة جديدة فى كتابى ولا أنسى أيضاً دوره الكبير فى رسمه معى لخطة كتاب «المشير أبوغزالة» الذى تصادف أن يكون ابن سلاح المدفعية أيضا ولا يتأخر عن تسجيل ذكرياته وكلماته فى حق القائد العظيم، ويشاء القدر أن يلاقى كتابى النور وهو طريح الفراش ولم يتمكن من رؤيته ولا من قراءة كلماتى التى شكرته فيها وسجلت دوره البارز الذى لا أنساه مهما حييت والذى كان آخر كتاب يسجل كلمته فيه.

آخر اتصال تليفونى بيننا كان قبيل مرضه الأخير منذ عدة سنوات وتدهور حالته الصحية نتيجة للمجهود الزائد والإرهاق الشديد منذ سنوات وهو بالأراضى السعودية يسألنى عن آخر ما أنجزته فى كتاب المشير أبوغزالة ويطلب منى أن أرسله إليه على بريده الإلكترونى لمراجعته قبل تقديمه للتصديق عليه من وزارة الدفاع ونشره.

وآخر مرة رأيته فيها كانت منذ عام تقريباً وبرفقة بناته وتلميذاته وزميلات فى العمل.. شهدان وعلا ومنى وبسمة اللاتى أحببنه وأحبهن وكانت معاملته لهن ولغيرهن مثلى وأكثر.. وتألمنا كثيراً لحالته وخاصة عندما لم يتمكن من التعرف علينا ولكنه كان سعيداً ولم تفارقه ابتسامته التى كانت تعتلى وجهه دائما.

الحقيقة أننى مهما قلت فلن توفيه حقه الكلمات ولن أمنحه ما يستحق.. كان رجلاً معطاء محباً للعسكرية وللوطن وللعطاء والعلم.. رمزاً للاحترام والقيم والمبادئ.. نشيطاً دءوباً لا يكل ولا يمل من تقديم المعلومة وتعليم من يحتاج إلى علمه.

تلاميذ كثيرون تعلموا منه ومازالوا. والكتب والمراجع والأبحاث التى تركت باسمه وفى كثير من المجالات التى تفتقر إليها مكتبتنا العربية هو الزاد الذى تركه لنا.. فى الاستراتيجيات والأمن القومى والتاريخ المصرى الحديث والقديم والحروب المعاصرة والإرهاب والإعلام وغيرها من الموضوعات المهمة.

ولا أنسى كلمات دارس تعتلى أكتافه رتبة عسكرية كبيرة من دولة عربية شقيقة خلال دراستى لإحدى الدورات بأكاديمية ناصر العسكرية يسألنى عنه قائلاً: تعرفى كيف أوصل للواء دكتور عبدالرحمن الهوارى؟. درس لى من سنوات فى جامعة الأمير نايف بالسعودية واستفدت منه كثيراً وبودى أن أزوره وأسلم عليه وأشكره على ما تعلمته منه وأفادنى كثيرا فى عملى.
رحم الله رمز مصر وقدوتها وأحد أبناء جيل أكتوبر الذى لن يعوض.. وخالص عزائنا لأسرته ولأنفسنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.