للنبى عليه الصلاة والسلام صورة حية لا تسجل ملامحه وهو ساكن مثل صورة الكاميرا أو لوحة الفنان بل له صورة مجسمة زاخرة بالحيوية ترسمه وهو يتحدث ويبتسم ويغضب ويتأمل ويصلى ويمشى بين صحبه أو وحيدا. سجلها له الذين عاصروه وعايشوه فى السلم والحرب فى السوق والمسجد والبيت،وحققها بعدهم عشرات من العلماء، طبقوا عليها القواعد التى تستخدم فى تحقيق الوثائق النادرة ثم سلموها لنا واضحة.
وسنجد بين الذين رسموا هذه الصورة جماعا على وصف الرسول صلى الله عليه وسلم . باستثناء الخلاف على أمرين: 1) لون البشرة، 2) حمرة فى الشعر اختلفوا على تفسيرها،أصحاب النظرة العابرة قالوا إنها من أثر الحناء والذين عرفوه عن كثب قالوا: بل هى من أثر الطيب الذى كان النبى يطيب به شعره بانتظام.. وأن الشيب كان قليلا جدا فى شعره.
بالتدريج تحول تسجيل صورته الخلقية والأخلاقية إلى فرع من فروع علم السنة.. له مصنفات مكتوبة ابتداء من القرن الثالث الهجرى أى منذ 1100 سنة.
وعلى هذه المصنفات تعتمد هذه الصورة القلمية عن محمد بن عبدالله..
∎ملامح الجسد
قامة متوسطة
وجه مستدير مشرب بحمرة
عينان سوداوان بأهداب غزيرة
خد سهل وأنف طويل
أسنان بينها مسافة.
شعر أسود يصل إلى الكتفين.
أطراف ضخمة وشامة بين الكتفين كبيضة الحمامة.
∎ملامح الروح
ما فى قلبه يرتسم على وجهه
أشد حياء من العذارى فى خدرها
أكثر الناس مرحا مع الأطفال
يخدم نفسه ويخيط ثوبه ويحلب شاته
لم يضرب فى حياته امرأة أو يرفع يده على خادم.
∎تفاصيل الملامح
فى كتاب (دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة) للبيهقى الذى عاش بين القرن الرابع والخامس الهجرى.. تُرسم صورة النبى بمنهج تكاملى أى أنه يورد الهيئة العامة للنبى: الجسم ومعالمه الرئيسية فى حالة السكون والحركة ثم الرأس والوجه إجمالا وتفصيلا ثم الأعضاء ثم اللون.
وقال على بن أبى طالب: كان فى الوجه تدوير وهناك إجماع على أن النبى كان «حسن الوجه» و«مليح الوجه»
∎ اللون
قال أنس بن مالك: كان «أبيض» بياضه إلى الحمرة،وقال على بن أبى طالب: كان رسول الله مشربا وجهه بحمرة.
∎ العين
هناك إجماع على أن عينى النبى كانتا واسعتين.. الحدقة شديدة السواد.. والبياض فى شىء من الحمرة.. وكانت الأهداب غزيرة تتشابك من غزارتها.
وقال جابر بن سمره: كنت إذا نظرت إليه عليه السلام قلت أكحل العينين وليس باكحل.
∎الجبين والحواجب
كان واسع الجبين.. دقيق الحاجبين.. لايتصلان.. بل بينهما فاصل يجرى فيه عرق يظهر عند الغضب.
∎الأنف والخدان
كان سهل الخدين.. طويل الأنف
∎الرأس
قال على بن أبى طالب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الرأس واللحية.
وقالوا: كث اللحية.. وحسن اللحية.
∎الأنف والأسنان
قال الحسن بن على إن النبى كان: ضليع الفم أشنب مفلج الأسنان.
وقالوا فى وصف فم الرسول: كان حسن الثغر
وقال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله علية وسلم أفلج الثنيتين (أى هناك مسافة بين السنتين الأماميتين فى فمه) وكان إذا تكلم رؤى كالنور بين ثناياه.
∎الشعر
كان شعر رسول الله يضرب كتفيه.
وكان شعرا أسود له موج.. وكان يمشطه منسدلا بعد البعثة ثم فرقه بعد ذلك.. وكانت له خصلات يضفرها أربع ضفائر حول أذنيه أهيانا كما تقول أم هانئ.
وقد نفى أنس بن مالك أن يكون النبى قد استعمل الحناء فقد توفى رسول الله وليس فى رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء وإنما كانت حمرة هذه الشعيرات من أثر الطيب.
∎الصدر والأطراف
كان بعيدا مابين المنكبين.. ضخم القدمين.. ضخم الكفين.. «شبح الذراعين» أى طويل الذراعين.. ضخم الكراديس «أى مفاصل العظام» قليل لحم القصب.. غليظ الأصابع.
وكان الرسول أشعر الذراعين والمنكبين وأعلى الصدر.الشامة أو خاتم النبوة كان بين كتفى النبى شامة كبيضة الحمامة. وكانت الشامة أقرب إلى الكتف اليسرى واقترح رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعالجها له قائلا '' يارسول الله أنى كأطب الرجال.. أفاعالجها لك.
قال صلى الله عليه وسلم: لا! طبيبها الذى خلقها.
وقال أبوسعيد: الختم الذى بين كتفى النبى صلى الله عليه وسلم لحمة ناتئة.
∎الصورة العامة
قال إبراهيم بن محمد «من ولد على» ما معناه «أن النبى (ص) كان متوسط القامة.. شعره مموج.. غير بدين.. فى الوجه تدوير.. وهو أبيض مشرب بحمرة.. فى رؤوس العظام وأصابع الأطراف ضخامة.. إذا التف التف معا. شديد سواد العين.. طويل الأهداب. يمشى بقوة كأنه ينزل من منحدر.. من رأه بديهة (أى فجأة) هابه ومن خالطه معرفة أحبه.
وكان يرتدى من الألوان الأحمر والأخضر وفى هذين اللونين بالذات كان يبدو أية فى حسن الرجولة.
ويجمع كل من وصفه عن معاشرة أنه كان إذا رضى أو سر فكان وجهه.. المرآة.. وإذا غضب تلون وجهه وأحمرت عيناه.. وأنه ما ضرب بيده امرأة ولاخادما.
وقال أبوسعيد الخدرى: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذارى فى خدرها. كان - كما قالت عائشة- بشرا من البشر.. يحلب شاته ويخدم نفسه.. يخصف نعله ويخيط ثوبه.
وكان يضطجع على الحصير ويقول لمن يخفف عنه قسوة فراشه: مالى وللدنيا؟ إنما أنا والدنيا كراكب أستظل تحت شجرة ثم راح وتركها.
كان يركب الحمار ويلبس الصوف.. بسيطا.. قال جابر بن سمرة: كان لا يقوم من مصلاه الذى يصلى فيه حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام.
قال أياد بن أبى رمثة: انطلقت مع أبى نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأيته قال لى: هل ترى من هذا؟
قلت: لا
قال: إن هذا رسول الله.
فاقشعررت حين قال ذلك وكنت أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لايشبه الناس. فإذا به بشر!!