رغم أنه رفض الكشف عن سر دور المطالبة بقطع الإنترنت تزامنًا مع ثورة 30 يونيو فى تقديمه الاستقالة، إلا أن وزير الاتصالات «عاطف حلمى» كان واضحًا فى كافة نقاط حوارنا معه على خلفية زيارته التى نتمناها ناجحة للمملكة السعودية، فكشف لنا أنه عرض على السعوديين المشاركة باستثمارات ب33 مليار جنيه فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مؤكدًا أن مصر ستستثمر مرتبتها الدولية باعتبارها الثانية بين الدول الحاضنة لكابلات الإنترنت البحرية، وشدد على أن قطع الإنترنت غير موجود فى قاموس حكومة الببلاوى ولا وزارته، مشيرًا لاستمرار دعم تقنية فيس بوك والتويتر مهما كان المحتوى! ∎ أنت أول وزير يزور المملكة العربية السعودية بعد ثورة 30 يونيو، ماهو انطباعكم؟
- الزيارة جاءت فى وقتها، وأستطيع أن أؤكدأنها زيارة مهمة وإيجابية، ولقائى بالإخوة فى المملكة السعودية زادنى تفاؤلا، لقد وجدت كل الدعم من شركائنا فى المملكة، ولمست أنا وزملائى روح التعاون والإيجابية والحماس تجاه تحقيق التكامل بين الدولتين فى مجالات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، نحن فى مصر برغم كل التحديات التى تواجهنا ونمر بها، لدينا الكثير من الإمكانيات، وكل مانحتاجه هو تحقيق التكامل بين هذه الإمكانيات التى نملكها، والقدرات التى تملكها السعودية، فلدينا فى مصر الشباب الواعد، والخطط الطموحة، وإذا كانت هناك بعض المعوقات تصادف رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين فنحن مستعدون لمواجهتها.
والتقيت أثناء زيارتى، مسئولى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى المملكة على كافة المستويات سواء على المستوى الوزارى فى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فقد التقيت وزير الاتصالات السعودى المهندس محمد جميلبن أحمد ملا، وفى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التقيت محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبد الله الضراب وعدداً من مسئولى الهيئة، كما التقيت بأكبر مستثمر سعودى فى مصر وهو الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس الغرفة التجارية والصناعية بالرياض، وكما قلت أنا متفائل بالتعاون على المستوى الحكومى ومتفائل أكثر بالنسبة للتعاون مع القطاع الخاص، وحملنى رجال الأعمال السعوديون العديد من الطلبات وسوف أتواصل بشأنها مع زملائى الوزراء فى الحكومة المصرية.
∎وقعتم مذكرة تفاهم مع الجانب السعودى، ماهى أهم بنودها؟
- المذكرة التى تم توقيعها مع المسئولين فى المملكة تعكس التكامل بين البلدين وهى خاصة بمجال التوقيع الإلكترونى، فمصر تملك من الخبرات الكبيرة فى هذا المجال، والمملكة لها احتياجاتها فى هذا المجال ولديها بعض مكونات البنية الأساسية، وأعتقد أن تكامل الخبرات الموجودة فىمصر مع هذه البنية الأساسية سوف يعطينا إطاراً ومجالاً كبيراً ومردوداً إيجابياً لكلا البلدين فى مجال مهم جدًا وهو مجال توطين تكنولوجيا المعلومات، فحينما نتكلم عن التوقيع الإلكترونى فإننا بالتأكيد نتكلم عن سرية البيانات وهذه مهمة جدًا للقطاع الحكومى، والمعاملات المالية والبنكية والضريبية، وتحقيق التبادل والتعارف بين السلطات العليا فى مصر والسعودية للتصديق الإلكترونى، والاعتراف المتبادل بالشهادات التى تصدرها الشركات المخولة للتوقيع الالكترونى فى كل من البلدين، وتبادل التطبيقات الإلكترونية الخاصة بالتوقيع الإلكترونى والهوية الرقمية بينهما، وتقديم كافة الاستشارات فى المجالات المشتركة سواء كانت قانونية أو فنية، بالإضافة إلى التعاون المشترك والمشاركة فى اللقاءات والمؤتمرات والمنتديات المتخصصة فى مجال التوقيع الإلكترونى.
∎ما حجم الاستثمارات السعودية فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مصر؟
- ليس لدينا إحصائيات مؤكدة حاليا عن حجم الاستثمارات السعودية فى القطاع، نعم توجد عدة مشروعات سعودية متفرقة ولكن أود التأكيد على أن الاستثمارات السعودية بعد هذه الزيارة إلى المملكة ستزداد وتتضاعف بشكل لافت، وطرحت والوفد المرافق فرصا استثمارية على السعوديين مقدارها 33 مليار جنيه تتضمن استثمارات فى مجالات التجارة الإلكترونية والخدمات المالية، والعدل، والتعليم، ونحن على يقين أن المستثمرين السعوديين سيحصلون على النصيب الأكبر فى الاستثمار فى هذه المشروعات، فهم يبحثون عن الفرص الاستثمارية فى مصر ويسعون للحصول على الميزات النسبية التى تشجعهم على الاستثمار، وهناك كثير من الفرص والميزات فى مصر، خصوصا أن كثيرا من المجالات يمكن التعاون فيها.
∎هل طرحتم فى لقاءاتكم مع الجانب السعودى فرصا استثمارية محددة فى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؟
- طرحنا مشروع تنمية منطقة قناة السويس، التى تضم مشروعات طموحة للاتصالات وصناعتها، ومشروعات اللوجستيات، وكذلك مشروعات القرية الذكية الثانية فى المعادى، ومشروع مدينة المطار بجوار مطار القاهرة، وتطوير الموانئ، والبحر الأحمر، والصعيد، والكهرباء والطاقة، وتطرقنا فى الزيارة إلى استعراض كامل لتفاصيل بعض المشروعات المصرية الضخمة، وبحث سبل الاستثمار فيها، ولمست أن التعامل مع المستثمرين السعوديين أصبح أكثر إيجابية من الفترات الماضية، وأكد لى رئيس الغرفة التجارية الصناعية بالرياض أن حجم الصعوبات التى تواجه رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين فى مصر ليس كبيرًا مقارنة بدول أخرى كثيرة، نعم توجد فى مصر بعض المشكلات والبيروقراطية، لكن المناخ الاستثمارى فى مصر تحسن بشكل كبير، ففى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات توجد قواعد عامة للدولة تلتزم بها، ونحن فى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نتيح بعض الحزم التحفيزية لمن يعمل فى هذا المجال مثل: التدريب التخصصى لمحترفى هذه الصناعة، بعض إمكانيات البنية الأساسية كما أن لدينا فى مصر نموذجين نفتخر بهما على مستوى العالم وهى القرية الذكية، والقرية التكنولوجية فى المعادى وتذخر القريتان بالعمالة المدربة والبنية الأساسية المتطورة، كما أننا نعتمد على الشفافية والاحترافية فى التعامل، كل هذه المحفزات تجذب المئات من الشركات العالمية والإقليمية التى تعمل فى القرية الذكية.
وعرضنا ملامح استراتيجية الاتصالات فى مصر خلال الخمس سنوات القادمة والتى تهدف إلى تحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية من خلال المجتمع الرقمى، وكذلك تنمية صناعة الاتصالات، وخلق فرص العمل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، والاستفادة من الموقع الجغرافى لمصر واستغلاله الاستغلال الأمثل من حيث الكابلات البحرية لتصبح مصر مركزا عالمياً لخدمات الإنترنت حيث يمر بمصر حالياً (18) كابلا بحريا للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تربط قارات العالم، وتحتل مصر المرتبة الثانية عالمياً بين أكبر الدول الحاضنة لكابلات الاتصالات البحرية.
∎ماهى النتائج التى أسفرت عنها لقاءاتكم بالمسئولين السعوديين؟
- خرجنا بعد هذه اللقاءات بضرورة تكوين مجموعات عمل لدراسة وبحث آليات العمل والتعاون فى المجالات المشتركة، ولدينا أكثر من محور للعمل منها، الفرص الاستثمارية، صناعة وتصدير خدمات تكنولوجيا المعلومات، ريادة الأعمال، التوقيع الإلكترونى، الأمن، نقل خبراتنا التراكمية التى اكتسبناها من سوق الاتصالات، تقنية المعلومات والاتصالات، ومجالات أخرى سوف تتم بلورتها فى الفترة القادمة.
∎هل نستطيع أن نقول إن الزيارة وضعت حجر الأساس لتكامل اقتصادى بين الدولتين؟
- لو وضعنا كل هذه الموضوعات التى تم استعراضها من قرى تكنولوجية، وريادة أعمال، وتوقيع إليكترونى، والخدمات الخاصة بتكنولوجيا المعلومات، من المؤكد أن كل هذه المشروعات ستؤدى إلى استثمارات ملحوظة، إحقاقا للحق أن الاستثمارات السعودية فى مصر فى قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لم تكن فى السابق مرضية ولم تلب التطلعات.
∎الوضع الاقصادى فى مصر مترد، وقطاع الاتصالات يعد من قطاعات البنية التحتية، وأيضا من القطاعات التى تعد القاطرة الاقتصادية للنهوض بمصر، ماهو تأثير الوضع الاقتصادى الحالى فى مصر على القطاع؟
- قبل 25 يناير بلغت نسبة النمو فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من 17 إلى 18 ٪ ، وفى هذا العام بلغت 8,5٪، القطاع ينمو بنسبة تقل كثيرًا عما كان عليه قبل 25 يناير، ونطمع بنهاية هذا العام أن ترتفع إلى 10٪، وبلوغ هذه النسبة من النمو تحتاج منا إلى جهود كبيرة، وموقف تنافسى مميز، ولاشك أن حالة عدم الاستقرار التى عانينا منها فى ظل النظامالسابق أثرت بشكل سلبى على معدلات النمو، الأمر الذى يستلزم منا مضاعفة الجهود، وفى هذا الإطار أتت زيارتى الى المملكة العربية السعودية، كما سوف أقوم بزيارات لاحقة إلى كل من الكويت والإمارات، كما كانت هناك زيارة مخططة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، كل هذه الزيارات تأتى لتقليل التأثيرات السلبية على قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وخلق فرص استثمارية جديدة.
∎تحدثتم قبيل ثورة 30 يونيو عن طرح الرخصة الرابعة فى مصر ما الذى عطل الطرح حتى الآن ؟
- هى ليست رخصة رابعة بالمعنى المحدد، ولكنها الرخصة الموحدة، إننا لن نمنح رخصة جديدة، فالشركة المصرية للاتصالات تقدم خدمات الهاتف الثابت والشركات الأخرى الثلاث تقدم خدمات الهاتف المحمول، ونحن نسعى لإتاحة الفرصة أمام الشركات الأربع لتقديم خدمات المحمول والثابت، وبالتالى كان الموعد المبدئى هو يوليو الماضى ولكن مصر مرت بحدثين جللين هما 30 يونيو و26 يوليو مما أخر المحادثات وأيضا حجم التحديات التى يتم مناقشتها متشابك جدًا ونحاول بحث كل الموضوعات حتى لاتحدث تأثيرات سلبية سواء على قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أو على الشركات الأربع المزودة للخدمة، ونتوقع أن يتم الانتهاء من هذا الموضوع خلال الأسابيع المقبلة، بعد الانتهاء من بحث المواضيع المعلقة بين الشركة المصرية للاتصالات وشركات المحمول، والتى نعمل سويا على حلها، بالطبع توجد بعض الموضوعات شديدة الصعوبة والحساسية، والتى تمتد جذورها لسنوات ماضية وليست ناتجة عن الظرف الراهن، ونحاول جاهدين أن نجد الآليات والصيغ المناسبة لحل معظم هذه الموضوعات، نحن نراعى مصالح كل الأطراف حتى لانفاجأ بمشكلات قد تؤدى بنا الى التحكيم الدولى.
∎تحدثتم عن الشق الاقتصادى لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لكن ماذا عن الشق الاجتماعى والسياسى، فوزارتكم تقدم خدمات وتقنية فيسبوك، وتويتر والتى استخدمت فى صناعة 25 يناير و30 يونيو التى زلزلت مصر وهددت اقتصادها؟
- الوزارة تقدم خدمات البنية الأساسية للفيسبوك وتويتر، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لا تتدخل فى كل ما له علاقة بالمحتوى، كما أننى أعلنت أن قطع خدمات الإنترنت خارج قاموس الوزارة، وأعلنت قبيل 30 يونيو أن قطع الاتصالات فى مصر خط أحمر، ولن أسمح بتكرار ما حدث فى 25 يناير من قطع للإنترنت أو الاتصالات بأى حال من الأحوال.
∎هل طلب حكومة هشام قنديل منك قطع الإنترنت، كان سببا لاستقالتك التى تقدمت بها قبيل ثورة 30 يونيو ؟
- حينما تقدمت باستقالتى أعلنت أننى استقلت لأجل الوطن، فأنا حينما قبلت المنصب الوزارى قبلته لشعورى بالمسئولية الوطنية فى ضرورة تنمية هذا القطاع الحيوى ومعاونة قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للقيام بدورها.