اختنقت العاصمة وأصيبت بالشلل التام، ولم يعد أحد يمكنه أن يراهن على قضاء مصلحة واحدة فى اليوم، ولا لسيارة إسعاف أن تصل بمريض إلى مستشفى قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بها ولا لسيارة مطافى أن تصل لحريق قبل أن ينتهى ويتفحم ولا لسيارة مدارس أو جامعة أن تصل قبل موعد بدء الحصص أو المحاضرة، حيث الشوارع التى تعانى من أكوام القمامة وحفر توصيل مواسير الغاز الطبيعى والصرف الصحى والمياه ومن قبلها كابلات التليفونات والكهرباء وإشغالات مترو الأنفاق وكالعادة تترك الشوارع دون إعادة رصف نتيجة الخلافات والصراعات بين قيادات المحليات ومؤسسات هذه الخدمات، والاختناقات المرورية التقليدية التى أصبحت فى كل وقت وكل مكان لا فرق بين صباح ومساء ولا بين ليل ولا نهار، وزاد عليها سلوك البلطجية وقلة الأدب من سائقى الميكروباصات الذين يطيرون بلا أنوار ولا فرامل ويقفون فى أى وقت وفى أى مكان دون احترام لقانون ولا لقائم عليه وافتراش الأرصفة ونهر الطرق من الباعة الجائلين فى كل الشوارع والميادين حتى شوارع وسط البلد وميدان التحرير رمز ثورتى 25 يناير و30 يونيو وذكريات مليونيات 3 و26 يوليو امتلأت بالبوتيكات المتحركة والتى ينتج عنها عشرات المشاجرات يوميا بين أصحابها وأصحاب المحلات الذين يدفعون الآلاف فى إيجاراتها وضرائبها نتيجة سد الطرق عليهم وقطع أرزاقهم، ناهيك عن أكشاك البضائع والمقاهى والغرز والكافتريات غير المرخصة التى تقدم الشيش والمخدرات التى انتشرت فى كل مكان وتضاعف زبائنها من كل أجناس العاطلين ولا من مغيث أو مجيب. لقد جفت أقلامنا من الكتابة وحلوقنا من الصياح مع المحافظ السابق الذى انتهج سياسات الخداع والتضليل بافتتاحات أسواق وجراجات ومشروعات وهمية وسمح لرجاله من رؤساء الأحياء بالتصريح للآلاف من أصحاب أكشاك السجاير والمثلجات باحتلال الأرصفة ونواصى الشوارع والميادين.. أُشفق على محافظ القاهرة الجديد، وأطلب منه حلولاً إبداعية غير تقليدية - وهى لن تأتى إلا من الشباب - وإعلان خطة واضحة المعالم ببرنامج زمنى محدد تنتهى بنهاية مدة الوزارة الانتقالية الحالية لإعادة وجه العاصمة الحضارى ولو بنسبة 60٪ حتى يتمكن الشعب من محاسبته أو مكافأته ولكن ليس بعد فوات الآوان.