فى مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست تحت عنوان تصاعد الدور السياسى لمثيرى العنف فى مصر قال الكاتب ديفيد إجناتيوس: إن جماعات مشجعى كرة القدم- الألتراس- أصبحت قوة سياسية يصعب السيطرة عليها فى مصر ما بعد الثورة، وكذلك فى العديد من الدول التى فقدت قيادتها السلطوية القدرة على قمع معارضة الشباب الغاضب. حيث يبدو أن هذه العناصر التى تسعى لإثارة العنف وإشاعة الفوضى لم تعد تكن أدنى احترام للنظام التقليدى الذى ساد المجتمع طويلا، أو لقوى الضبط الاجتماعى التى نسجت من قبل المجتمعات التقليدية كما فى مصر. ويشير الكاتب إلى أن النسيج الاجتماعى القديم فى مصر قد تمزق، وأن جماعات الشباب الغاضب تهيمن الآن على الشوارع وتحتقر الشرطة وغيرها من رموز السلطة، فإذا فرضت الحكومة المصرية حظرا للتجوال، تتحدى جماعات الألتراس هذا القرار وتظل فى الشوارع طيلة الليل، وهذا يوضح أنهم لا يحترمون جيل آبائهم الذين ضحوا بكرامتهم من خلال الخضوع لنظام الرئيس السابق حسنى مبارك القمعى غير الإنسانى.
ويقول الكاتب: إن جماعات مشجعى كرة القدم المعروفة باسم «الألتراس» تلعب فى الوقت الراهن دورا سياسيا متزايدا، فقد ساعدوا فى الإطاحة بمبارك منذ عامين من خلال المشاركة فى مظاهرات ميدان التحرير، ولكنهم الآن يتحدون خليفة مبارك- الرئيس محمد مرسى- وحكومته الإخوانية من خلال التستر تحت غطاء جماعة «بلاك بلوك».
ويرى المحللون السياسيون أن نظام مبارك سمح بوجود هذه الجماعات لأنها قدمت للشباب المصرى طريقة غير سياسية للتعبير عن غضبهم- خارج المساجد وسياسات المعارضة، ولكن هذه الجماعات تحولت إلى قوة حاسمة فى الانتفاضة التى أطاحت بنظام مبارك، حيث ساعدوا فى منع قوات الأمن من اجتياح الميدان خلال الأيام الأولى من الثورة، وينقل الكاتب عن المحلل والصحفى جيمس دورسى، قوله إنه بعد سنوات من محاربة الشرطة المصرية فى ملاعب كرة القدم، أصبح هؤلاء الشباب لا يعرفون الخوف وليس لديهم شىء ليخسروه واكتسبوا خبرة قتالية هائلة.
ويرى الكاتب أن أكبر تحديات ما بعد الثورة فى مصر هو كيفية دفع هؤلاء الشباب إلى المشاركة فى بناء نظام ديمقراطى جديد، وهو تحد ظهر أيضا فى العديد من دول الربيع العربى مثل تونس وليبيا، ووصل عدم الاستقرار فى المجتمع المصرى المعروف بميله العميق للانضباط إلى مستويات حادة: مع سقوط حوالى 74 قتيلا العام الماضى فى حادثة استاد بورسعيد، ومقتل أكثر من 30 شخصا الشهر الماضى خلال أعمال الشغب التى اندلعت فى عدد من المحافظات، كما كاد الرئيس مرسى يفقد السيطرة على محافظات قناة السويس لولا انتشار قوات الجيش لحماية المنشآت الحيوية.
ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أن إحدى المشكلات التى تواجه مصر فى الوقت الحالى تتمثل فى رفض الشباب الذين أشعلوا نيران الثورة للاستقرار والمشاركة بصورة سلمية فى الحياة السياسية، فهم يسيطرون على الشوارع ويسعون لتحدى القادة الجدد.∎