«محمد رمضان» يُعيد تاريخ «سينما الترسو» بعد أن حقق فى أسبوع واحد 12 مليو العبرة بشباك التذاكر و«عبده موتة» وصل إلى عتبة الأرقام القياسية بعد أن حقق فى أسبوع واحد 12 مليون جنيه، وهو رقم يعلن نظريًا عن ميلاد نجم جديد بالمواصفات الشعبية على وزن «هنيدى» و«اللمبى» لكن هذه المرة بمزاج شعبى خالص وكأنه «البطل المنتظر» الذى يعيد كتابة تاريخ ملك «الترسو» طبعة ما بعد الثورة.
التاريخ هنا يعيد نفسه، فبعد ثورة يناير انكسرت- على حد قول الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى- كل البراويز فى السياسة والإعلام حتى السينما لابد أنه يولد نموذج بطل جديد بمواصفات تراعى فترة التحول التاريخى الذى نعيشه، فالمزاج العام للشعب المصرى قد تغير وأصبح غير مهيأ للنماذج الشعبية القديمة ولم يجد ضالته سوى فى البطل الشعبى المنتظر «عبده موتة» البلطجى المتمرد الخارج على القانون.. هكذا تكون صورة البطل الشعبى فيما بعد الانكسارات والإحباط والغيبوبة التى نعانى منها.. بطل يلتف حوله ويتعاطف معه الجميع.. بعد صدمة الثورة وسقوط الزعامة وافتقاد أبناء الشعب لنموذج الزعيم أو القائد أو حتى «أمير الانتقام» ووجدوه فى «عبده موتة».
«السبكية» هذه المرة حققوا ما كانوا يخططون له منذ فترة طويلة وبأقل التكاليف بعد حشد كل التيمات الشعبية الممكنة وغير الممكنة لصناعة فيلم ينعش شباك التذاكر ويعوضهم خسائر أكثر من عام ونصف العام من الجمود.. «أحمد السبكى» فى «عبده موتة» استخدم المبدأ الميكافيللى القائل بأن الغاية تبرر الوسيلة، لهذا حشد كل أسلحته الشعبية لتحقيق هدفه والتى تمثلت فى الاستعانة بالوصلات الغنائية التى تلقى رواجًا كبيرًا فى الأفراح الشعبية العشوائية وعلى رأسهم محمود الليثى مع «أوكا وأورتيجا» ومعهم «بوسى سمير» صاحبة أغنية «حط النقط على الحروف» هذه الخلطة أضاف عليها تيمة سينمائية مستهلكة هى «فتوة الحارة» الذى يحصل على كل ما يريد بالقوة، ووجد ضالته فى «محمد رمضان» الممثل الواعد الذى لم يكذب خبرًا، فحشد هو الآخر كل أسلحته من أجل ميلاد بطل شعبى على الطريقة السبكية، ويشبه إلى حد كبير نموذج ملك الترسو فريد شوقى تارة ومحمود المليجى وزكى رستم ومعهم أحمد السقا فى فيلمه «إبراهيم الأبيض» واستحضر «رمضان» كل هذه النماذج ومعها تقمص أداء «أحمد زكى» الذى يعتبر رمضان النموذج المحاكى له فى الملامح وأيضا الأداء ليخرج فى النهاية عبده موتة من كل هذه النماذج مجتمعة.. ورغم افتقاد الشخصية للملامح الدرامية كاملة الأوصاف وارتباك تفاصيلها نجح فى جذب التعاطف معه فى صالات العرض وكأنه البطل المنتظر.
صورة البطل الشعبى المنتظر «تجميع السبكى» ويحمل شعار «صنع فى مصر» نجح السبكى فى تصديره مبكرا فى موقع اليوتيوب فحشد مبكرًا الجمهور المتعطش لنموذج البطل والقائد حتى لو كان بلطجيًا، وحوله لوازم «البلطجة» سواء تاجر مخدرات «سيد رجب» أو راقصة عاشقة «دينا» أو حبيبة جميلة «حورية فرغلى» من هذه الخلطة تعايش الجمهور المغلوب على أمره مع التجربة الفقيرة فنيًا باستمتاع تام وغريب لتكتمل أسطورة البطل الشعبى الجديد.
يحمل الفيلم مع كل هذا الحشد بعض الإسقاطات السياسية والاجتماعية، ولكنها راحت هباءً مع مناورات «دينا» الراقصة الشعبية التى تنتقل ما بين أحضان رجل المخدرات والحبيب البطل «عبده موتة»، لعل أبرزها ما اتضح فى حوار الفنانة الواعدة حورية فرغلى معه ورغبتها فى إصلاحه لبناء عش زوجية آمن عندما قالت له: أنت ممكن تكون حاجة كبيرة لما تسيب طريق الحرام.. وممكن تكون رئيس جمهورية! إلى جانب قيام تاجر المخدرات سيد رجب بإحراق «دينا» وقوله بأنه يطبق شرع الله فى إشارة واضحة لرجال الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، أو ما يردده عبده موتة نفسه «اللى يغضب عليه ربه يسلط عليه عبده»؟!
«محمد رمضان» بأدائه السهل والبسيط نجح فى اختراق الصفوف الأولى لينضم إلى قائمة نجوم الملايين رغم المعاناة التى يعيشها النجوم والسينما عمومًا ولكنه وضع نفسه فى مأزق حرج بعد صعوده المفاجئ إلى القمة وترسيخ صورته على الشاشة «كبلطجى» فى فيلمى «الألمانى» ثم «عبده موتة»، ولهذا فإن القادم أصعب وهذا يحتاج منه إلى دراسة وتأمل وعدم تعجل حتى لا يقع فى الكمين الذى وقع فيه نجوم الملايين، وإذا كان المخرج «إسماعيل فاروق» رغم الإمكانيات المتاحة له يحسب له تقديم نجم بمواصفات خاصة فإن على «محمد رمضان» التدقيق فيما يقدمه بعد «عبده موتة» سواء على مستوى الإخراج أو التأليف حتى لا يتحول إلى بطل من ورق.