الناس أو نسبة منهم تعتقد أن الحرية التى يطالب بها الفنانون وخاصة السينمائيين هى حرية تبحث عن التجاوز الأخلاقى.. المتفرج العادى الذى لديه ملاحظات سلبية على ما يقدمه «خالد يوسف» أو «إيناس الدغيدى» أو الراقصة «دينا» يعتقد أن التيار الإسلامى من خلال الأغلبية التى حققها فى مجلس الشعب سوف يحميه من كل ذلك ولهذا ينظر بقدر كبير من الريبة لمن يرفع شعار الحرية وينتظر بفرح ولهفة المنقذ القادر على أن يمنع ويحذف!! أغلب فئات المجتمع مع الحرية ولكنهم يتوجسون منها عندما تقترن بالفن ومن ملاحظاتى أثناء تدريسى لمادة النقد الفنى فى كلية الإعلام جامعة القاهرة أن الطلبة تحكمهم وتتحكم فيهم فى التعاطى مع الفنون معايير أخلاقية متحفظة فى مجملها وخادعة فى قسط وافر منها.. هم أسرى نظرة تقييم العمل الفنى بمدى التزامه بتلك المعايير التى نشأوا عليها.. محاولاتى دائماً هى أن أظهر للطلبة وحملة أقلام النقد والصحافة فى الأيام القادمة أنه لا يوجد تناقض بين الفن والأخلاق فى معناها المباشر ولكن الفن لا يقيم بتلك المعايير إنه فقط يخضع لعلم الجمال «الاستاطيقا» هذا هو ما يتوقف عنده المتذوق إذا أراد أن يعيش الحالة الفنية. هل يدرك الناس ذلك؟ القضية تبدو أشبه عند البعض بأنها أقرب للمطالب الفئوية منها إلى قضية المجتمع ولن يستطيع الفنان أو المثقف أن يكسب أرضاً إلا إذا كان الشارع إلى جانب الفنان. قبل إصدار الحكم على عادل إمام وهناك قدر من التوجس صاحبه مباشرة إنشاء جبهة حماية حرية الإبداع قبل ثلاثة أشهر خرج فى مظاهرة المطالبين بالحرية وزير الثقافة المصرى الحالى «د. شاكر عبدالحميد» بينما مجلس الشعب اختار للثقافة والإعلام والسياحة «محمد عبدالمنعم الصاوى» الذى شغل فى أول حكومة بعد الثورة موقع وزير الثقافة لأيام محدودة واشتعلت المظاهرات ضده فاضطر لمغادرة موقعه.. من المؤكد أن «الصاوى» لديه ثأر ممن اعتقد أنهم أطاحوا به هو قد أشار فى مقال له بعد مغادرته الكرسى ببضعة أيام أنه اطلع على العديد من الوثائق والملفات تدين من هاجموه وأنه سوف يرد عليهم فى التوقيت المناسب.. هل حان الوقت خاصة أن لجنة الثقافة والإعلام والسياحة منوط بها مراقبة الوزارات الثلاثة؟ «الصاوى» بطبعه يميل فى تعاطيه مع الفنون من خلال ساقية «الصاوى» التى تمارس نشاطاً ثقافياً خاصاً فى مصر.. يميل «الصاوى» إلى ممارسة الرقابة الصارمة على كل ما يعرض بالساقية صحيح أنه لعب دوراً مؤثراً خلال السنوات الأخيرة فى مجال الثقافة والفنون وبمبادرة شخصية عندما استطاع أن يحيل «خرابة» تقع تحت أحد الكبارى الشهيرة بالقاهرة إلى مركز إشعاع ثقافى إلا أنه أيضاً لم يتخل فى ممارسته للقيادة عن تلك النظرة المتحفظة للفن والثقافة وكثيراً ما تدخل لإيقاف بعض الأنشطة فى الساقية!! الوزير السابق صار الآن مسئولاً عن متابعة أداء وزارات الثقافة والإعلام والثقافة وهو يملك أوراقاً ضد الكثيرين ربما كانت الأيام القليلة التى أمضاها فى الوزارة بددها فى تصوير تلك الوثائق التى سيحيلها إلى قنابل موقوتة.. طبول المعركة الثأرية تدق على الأبواب متزامنة مع توقع فرض قيود صارمة على كل الفنون. ويبقى الطرف الأهم فى كل ما يجرى، إنه الناس، إلى من ينحاز المواطن البسيط؟ إن هذا هو الهدف الأساسى الذى ينبغى أن يراهن عليه المبدعون لتصل تلك القناعة إلى رجل الشارع وهو أن الدفاع عن حرية الإبداع هو دفاع عن رغيف العيش!!