هناك حالة واضحة من التحرش بالسينما.. حالة يؤكدها العدد المتزايد من القضايا التى أصبحت تواجهها الأفلام حتى قبل عرضها ولمجرد أن إعلان الفيلم ضم لقطة مثيرة أو أن أحد صناع الفيلم صرح بشىء عن مضمون العمل فلم يأت على هوى المتحرشين بالسينما لتقوم الدنيا ولا تقعد. التحرش بالسينما حالة واجهتها أفلام عديدة منها (678) الذى واجه اتهاما بالإساءة لسمعة مصر لأنه تجرأ وناقش قضية التحرش وهى قضية خطيرة تحتاج إلى تصدى المجتمع كله لها وليست السينما فقط، لكن هناك من تحرشوا بالفيلم وحاولوا إجهاض خروجه للنور وكأنه مطلوب من السينما الصمت تجاه كل القضايا الشائكة فى المجتمع حتى لا تتهم بالإساءة لسمعة مصر ذلك الاتهام الجاهز الممل الذى يحاول به البعض إشاعة روح الخوف لدى صناع السينما من التعرض للسلبيات، لكن فيلم (678) كان مشرفا للسينما المصرية فى مهرجان دبى مؤخرا وحصد أصحابه أكثر من جائزة. التحرش بالسينما حدث أيضا مع فيلم (الشوق) ولمجرد أن صورة ظهرت من الفيلم لروبى وشقيقتها أثناء الاستحمام ليردد البعض أن الفيلم يروج للشذوذ ويطالب بمنع عرضه بنفس التهمة.. الإساءة لسمعة مصر.. وبعد عرض الفيلم يتأكد الجميع أنه لا توجد به أى دعوة للشذوذ بل يفوز بالجائزة الكبرى فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى. حتى الأفلام الكوميدية التى كان هدفها الإضحاك فقط تعرضت للتحرش بصورة أو أخرى ..فمشهد كوميدى أدته إيمى سمير غانم فى فيلم (بلبل حيران) جعل بعض العاملين بمجال العلاج الطبيعى يهاجمون الفيلم ويهددون بمقاضاته لأنه يسىء لصورتهم وأصبحت هناك العديد من الفئات فى المجتمع مصابة بحساسية من السينما ومتربصة لأى اقتراب لها منهم ليقوموا على الفور بالتحرش بها. وإذا كان يمكننا تفهم أى اعتراضات بعد عرض فيلم ما.. فإن الغريب أن معظم حالات التحرش بالسينما تحدث قبل عرض الأفلام وهو ما يؤكد أن هناك تربصاً بالسينما وكأن البعض يريدها فقط سينما مسلية لا تجرؤ على القيام بما هو أبعد من ذلك مع أن فى مجتمعنا الكثير من القضايا والتحديات التى لابد أن تلعب السينما دورا مهما فيها خاصة لما لها من تأثير كبير على الجمهور. المتحرشون موجودن .. والمتربصون جاهزون.. لكن ماذا يفعل السينمائيون وأين دورهم فى مواجهة حالات التحرش بالسينما؟ الوضع الحالى يؤكد أن السينمائيين تفرقوا وأنهم اكتفوا بالجلوس فى مقاعد المتفرجين على حالات التحرش بفيلم هنا وفيلم هناك، وعلى أصحاب كل فيلم فقط الدفاع عن فيلمهم مع أن السينمائيين من قبل كانت لهم وقفات قوية تجاه من يجرؤ على التحرش بشاشتهم الساحرة، ومازلت أذكر تلك الوقفة الرائعة من السينمائيين تجاه من تحرشوا بفيلم المهاجر ليوسف شاهين. السينمائيون عليهم أن يدركوا أن مواجهة التحرش بفيلم ما ليست مهمة أصحاب هذا الفيلم فقط وإنما مسئوليتهم جميعا وخاصة أن من لا يصيبه الدور اليوم قد يصيبه غدا!