وزارة الري: فيضان هذا العام أعلى من المتوسط بنحو 25%    رسميًا.. البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس الصحفيين من جريدة الوفد الأحد    وكيل أوقاف الفيوم: الواعظات شريكات الأئمة في تحصين العقول وتعميق روح المواطنة    أسعار الأسماك فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    سعر الريال السعودي اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 أمام الجنية المصري    إزالة 5 حالات تعدي على أراضي زراعية ومخالفات بناء بحي شرق ومركز أسيوط    وزيرة التنمية المحلية توجه بإحالة مسئولين بالشرقية للنيابة لوجود مخالفات جسيمة    إسرائيل ترحل 4 إيطاليين ضمن "أسطول الصمود"    بن غفير يهاجم قرار نتنياهو ترحيل نشطاء أسطول الصمود    صحيفة: القوات الأمريكية تستعد لغزو فنزويلا!    وكيل شباب الدقهلية تشهد فعاليات إنعقاد الجمعية العمومية العادية والإجتماع الخاص بنادي جزيرة الورد الرياضي بالمنصورة    الكرة النسائية.. وادي دجلة يتقدم على الزمالك بهدف في الشوط الأول    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    الداخلية تضبط بؤرًا إجرامية بمطروح بحوزتها مخدرات بقيمة 108 ملايين جنيه    الداخلية تكشف حقيقة فيديو شرطي يقود سيارة بلا لوحات في البحيرة    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    ضبط مرتكبي واقعة خطف حقيبة سيدة بالقليوبية    "الزراعة": ضبط أكثر من 270 طن لحوم غير صالحة خلال سبتمبر    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    سامح حسين من مهرجان الإسكندرية السينمائي: "فيلم استنساخ حالة فنية استثنائية.. ولدينا جمهور واعي ومثقف"    الليلة.. ختام وإعلان جوائز الدورة ال21 من مهرجان مسرح الهواة بالسامر    وزير الخارجية يشيد بدعم مندوبة كوبا الدائمة لدى اليونسكو لخالد العناني    مايان السيد بمؤتمر فيلم هيبتا: شاهدت الجزء الأول وتمنيت العمل به    الكاريكاتير يسخر من الهزيمة ويحتفي بالنصر في معرض أكتوبر بدار الكتب    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة    عاجل- تعرف على سنن يوم الجمعة وفضل الدعاء وقراءة سورة الكهف    عاجل- نجاح أول جراحة قلب مفتوح بالتدخل المحدود باستخدام المنظار الجراحي داخل مستشفى النصر ببورسعيد تحت مظلة التأمين الصحي الشامل    جولة تفقدية لنائب وزير الصحة بالغربية لمتابعة المنشآت الطبية    ماريسكا: ليفربول الأفضل فى إنجلترا.. وكل فريق لديه نقاط ضعف    محافظ المنوفية: 87 مليون جنيه جملة مشروعات الخطة الاستثمارية ب تلا والشهداء    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 3- 10- 2025 في الأسواق الطن ب 4 آلاف جنيه    ترامب يعلق 2.14 مليار دولار من مخصصات البنية التحتية في شيكاغو للضغط على الديمقراطيين    أحمد سليمان: جون إدوارد صاحب قرار رحيل فيريرا من الزمالك    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على أول أيام الشهر الكريم    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    عشان أجمل ابتسامة.. بسمتك دواء مجانى ب 8 فوائد اعرفها فى يومها العالمى    نائب بالشيوخ يشيد بمشروع مستقبل مصر ويؤكد دوره في توفير فرص العمل وتعزيز التنمية المستدامة    أسماء محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    محمد رمضان ينافس على جائزة Grammy Awards    لاورا ريستريبو: غزة كشفت سوءات القيم الغربية    البابا تواضروس يدشن كنيسة المغارة في دير "العذراء" بدرنكة    ابنة الملحن محمد رحيم تعاني وعكة صحية وتخضع للرعاية الطبية    محمد صلاح على موعد مع التاريخ في قمة ليفربول وتشيلسي بالبريميرليج    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    إجراءات وقائية تجنب طفلك عدوى القمل في المدارس    اليوم العالمى للابتسامة.. 3 أبراج البسمة مش بتفارق وشهم أبرزهم الجوزاء    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمارة .. الزمالك !
نشر في صباح الخير يوم 06 - 04 - 2010

أصرت صديقتي الفرنسية العجوز أن تشارك سكان العمارة في ثمن الإصلاحات .. وكانت حجة السكان أنها تسكن في الطابق الأرضي وبالتالي لا تستخدم السلم أو المصعد .. وكان منطق صديقتي أن إصلاح المصعد والسلم سيحسن من شكل العمارة وهي تقيم في هذا المكان .. والأهم هي مسئولة أيضاً مثلهم تمامًا.
واستوقفني الموقف .. فصديقتي مواردها بسيطة وتعيش وحدها بعد وفاة زوجها وسفر الأبناء، ومجلس إدارة العمارة منحها الحق في عدم المشاركة .. ولكنها صممت علي أداء واجبها ومسئولياتها لأن مصلحة الجماعة قبل المصلحة الشخصية .
وأنا لا أروي هذه الحكاية حتي أمجد في صديقتي، أو في الشعب الفرنسي لا سمح الله .. ولكن من عاش مثلي في الغرب عدة سنوات، لابد له أن يلاحظ أمورا حضارية علي المستوي الإنساني تستوقفه وتلفت نظره وتثير غيرته.
وأتذكر رغما عني سكان عمارات القاهرة القديمة الذين يدفعون إيجارات زهيدة لا تساوي 10% من قيمتها الإيجارية الحقيقية ولم تتغير منذ سنوات طويلة .. ورغم ذلك يرفضون بإصرار رفع الإيجارات، أو حتي دفع الصيانة أو تجديد المدخل أو المصعد !
ومن المشاهد المألوفة أن تدخل عمارة من العمارات القديمة الرائعة .. فتجد المصعد معطل، وحالة السلالم يرثي لها .. والقذارة في كل مكان .. رغم أن ساكنيها من الأطباء المشهورين والمهندسين المعروفين والتجار الأغنياء !! طيب ليه ؟؟
والرد الجاهز: دي مشكلة صاحب العمارة ؟ ثم أنا يعني هادفع لوحدي؟!
لا أحد يريد أن يدفع .. وإذا اجتمع البعض، يرفض الآخرون لأن المنطق المصري دائما: مصلحتي الشخصية المباشرة .. أهم من مصلحة الجماعة البعيدة !!
وأتذكر مرغمة وأنا أغلي من الغيظ ما تعرضت له أنا شخصيا .. فقد كان زوجي الفنان الراحل يوسف فرنسيس يقيم في شقة بالزمالك منذ أيام عمله بكلية الفنون الجميلة .. وكان الإيجار يعتبر رمزيا مقارنة بالموقع .. وفكرت معه أن نجمع من السكان مبلغاً من المال كي نحسن من شكل المدخل الذي تكسرت أبوابه القديمة الجميلة .. وبليت أحجار سلالمه مع السنوات .. وياريت نركب مصعد يستعين به الجميع .. ونقنع البواب الذي يحتل المنزل بالسكن في منطقة قريبة بدلا من بير السلم .. ونظر إلي زوجي بإشفاق ثم قال لي بحسم: لا تدخلي نفسك في وجع دماغ لا ينتهي .. وصداع لن يتوقف .. فلن يوافق أحد علي مطالبك المجنونة .. ولكني كنت متحمسة .. فمعظم السكان حالتهم المادية متيسرة ويصرفون آلاف الجنيهات علي ديكورات منازلهم من الداخل.
وبدا لي الأمر شديد البساطة .. سأقنعهم أن من واجبهم تجاه هذا المكان الذي يسكنونه منذ سنوات طويلة بإيجارات هزيلة، أن يحسنوه ويعملوا علي صيانته .. أما البواب فسنعطي له «خلو رجل» محترما يسمح له ولأولاده بالسكن في شقة محترمة بدلا من تكدسهم في حجرة خشبية بشكل غير آدمي ومهين.
واتهمت زوجي أنه يفتقد الحماس والإصرار والإيجابية .. ولكني اكتشفت فيما بعد أنني كنت الوحيدة التي تفتقد الرؤية الواقعية .. فمنذ اليوم الأول توالت الصدمات: سكان الدور الأول رفضوا بإصرار فكرة مصعد لأنهم لن يستخدموه.
«طيب والمدخل يا جماعة» ؟ والرد: لا داعي لأننا مهما نظفنا سيعود من جديد إلي حالته الأولي!
أما سكان الأدوار العليا .. فقد تفاوتت ردود أفعالهم .. بعضهم وافق بشرط أن يدفع الآخرون أكثر منهم لأنهم عائلة صغيرة في حين أن الجيران عائلات كبيرة، بالتالي يستخدمون المصعد والسلالم أكثر منهم!
ومنهم من نظر إلي باستخفاف ورفضوا بحجة أنهم يقيمون في الخليج ولا يأتون إلا في الصيف إلي القاهرة .. وبالتالي فإن استخدامهم للمدخل والمصعد محدود للغاية..!! ومنهم من رفض تماما مناقشة الفكرة وسألوني بريبة إذا ماكنت أعمل في أي دائرة حكومية أو عقارية!
والأهم .. كان موقف البيه البواب، فالبواب الذي وصل إلي القاهرة منذ سنوات طويلة وسكن غرفة خشبية صغيرة جدا تحت السلم .. ومع الوقت تزوج وأحضر زوجته كي تساعده .. ثم أنجب .. وأنجب .. وأنجب وتزوج من جديد .. واستولي علي مدخل العمارة وجزء من الجراج وحول مدخل العمارة إلي «سوبر ماركت» صغير يبيع فيه السجائر والمياه الغازية والشوكولاتة لسكان المنطقة .. وعندما عرضت عليه أن نجمع له مبلغاً من المال كي يسكن في منطقة قريبة، نظر إلي بدهشة واستنكار وكأنني مجنونة .. ثم ابتسم لي ابتسامة صفراء قائلا: ازاي يا مدام .. ده بيتي!!
أما صاحب العمارة فقد اعترف لي أن دخله الصافي من العماره 200 جنيه .. ويدفع للبواب فقط 500 جنيه !! وأنه يدعو الله ليل نهار أن تنهار العمارة علي ساكنيها ليتخلص منها ومن سكانها !!
وبعد أسابيع طويلة من المحاولات المستمرة عدت إلي زوجي بالحل: سنعزل من العمارة.
إن ما يحدث بين سكان عمارات القاهرة هو نموذج مصغر لما يحدث في مصر .. وأنا هنا لا أظلم مجهود بعض الأفراد أو المؤسسات أو الشركات .. ولكن هذه الجهود تظلم نفسها بنفسها .. لأنها لم تخرج عن نطاق نشاط فردي واجتهادات شخصية ولم تتحول إلي قيمة اسمها المسئولية الجماعية يؤمن بها المواطن باختياره .. أو تخطيط منظم واضح يخضع له الجميع بقوة القانون الذي لا يعترف بالمحسوبيات ويضع مصلحة المجتمع قبل مصلحة بعض الأفراد.
وأسير في شوارع القاهرة .. مدينتي المفضلة .. وأحس بها موحشة رغم الزحام .. مظلمة رغم تناثر الأضواء .. ويرغمني شعور مؤلم بأن أقسي الأسلحة التي تصيبنا في الصميم وتدمرنا، هي من صنعنا نحن: الإهمال واللا مبالاة والأنانية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.