انظر إليهم أتأملهم متي جاءوا.. وكيف مرت الأيام سريعة هكذا!! ومتي تضخمت أصواتهم وأتعجب كيف جري الزمن.. وهاهو زوجي يجلس بجانبهم يتأملهم بفخر.. أما أنا فقد أنزويت بعيدًا أنظر إليهم وأراقبهم لقد اغتالوا عمري وسرقوا شبابي كم من ليلة سهرت بجانبهم! وكم من مرات استيقظت في عز البرد تاركة فراشي الدافئ لأعطي أحدهم دواء أو أقيس حرارة أو أتفقد غطاء ربما انسحب عن جسد أحدهم!! كم سنة قلقت أنتظر نتائجهم.. ومع كل ذلك متمردون ومتذمرون.. أتطلع في وجوههم واكتشف أنهم يشبهون القيد نعم إنهم قيد حريري يلتف حول عنقي يكاد يقتلني!! لا أعرف ولا ادري متي سأعيش حياتي أنا وتساءلت متي سأعيش حياتي أنا متي متي؟؟ ويبدو أن صوتي ارتفع دون أن أدري لأجدهم قد التفوا حولي محدقين في وجهي!! وقد علا وجوههم سؤال هل تتكلمين معنا؟! نعم ما سمعتوه كفاية عليكم كده كبرتم ولم تعودوا في حاجة إلي ووجدتهم قدنظروا لبعضهم البعض ثم إلي.. وكأني مخلوق من الفضاء الخارجي ولم أمهلهم ليقولوا شيئا بل توجهت لغرفتي وعدت وقد غيرت ثيابي وأمسكت بمفتاح السيارة ونظرت إليهم وسرعان ما قلت: أنا هاختفي ومش عايزة حد يكلمني علي الموبايل وما تسألوش رايحة فين لما أحس أنكم وحشتوني هارجع ولم يتحرك أحد منهم بل كأنهم تسمروا في الأرض وفقدوا القدرة علي الكلام والحركة!! وغلقت الباب خلفي ولم التفت إليهم حتي لا أضعف!! وأدرت محرك السيارة واستمعت إلي محطة الأغاني وتركت الهواء يداعب شعري وفوجئت بأنني في الطريق الصحراوي، وتذكرت وجه ابني الصغير وهو يطلب مني أن أوقظه في الخامسة، لأنه عنده تمرين مصاحب طلبه بعبارة وياريت بقي في إيديك نسكافيه وسندويتش ياسلام.. وهاهو صوت ابني الأكبر في أذني لو سمحتي النت مش ممكن طول النهار والليل عليه أنا أستاهل أني علمته لك.. ويدور شريط أمامي وجع الحمل، آلام الولادة، طفولتهم أول يوم دراسة، أول شهادة.. أول.... وتدمع عيناي أدير السيارة.. أعود للمنزل في طريق العودة أتذكر ملابس زوجي في التنظيف أذهب لإحضارها والفلاش الفارغ الذي طلبه ابني. أصل المنزل أدير مفتاح الشقة أجدهم كما تركتهم إلا أن زوجي قد علت وجهه ابتسامة الواثق من عودتي في أسرع وقت ممكن.. أما الأبناء فقد ابتسم لي أحدهم وغمز لي الآخر نظرت إليهم بحب قائلة أنتم أجمل قيد في حياتي وأدركت أنني أنا من أحتاجهم وليس العكس..!!؟