وطنى حبيبى الوطن الأكبر.. أم الأصغر؟! «ذكريات» غيرت أفق خيالى كما كان يحن محمود درويش إلى خبز أمه قائلا: «أحن إلى خبز أمى، قهوة أمى، ولمسة أمى»، أرانى أحن أنا الأخرى إليه، ذلك المناضل الذى وهب عمره كله لقضية أراها تضيع الآن من بين أصابعنا من أمام أعيننا، من المشهد العربى كله، من ذاكرة جيل سيكبر ليجد أن القدس كانت عاصمة إسلامية أما الآن فإنها عاصمة يهودية لا تحتوى على أى ملمح إسلامى أو مسيحى.. أحن كذلك إلى فيروز وأجمل من غنى للقدس زهرة المدائن «لأجلك يا مدينة الصلاة أصلى، عيوننا إليك ترحل كل يوم، ترحل كل يوم، تدور فى أروقة المعابد، تعانق الكنائس القديمة وتمسح الحزن عن المساجد».. أكتب هذه السطور قبل انعقاد القمة العربية فى ليبيا، متسائلة ماذا سنفعل فى قممنا الكثيرة والتى أصبحت من ضمن العادات «العربية» المعروفة ماذا سنفعل حيال أخبار أعلنت هذه الأيام؟ لكنها معلومة لدى العالمين ببواطن الأمور الصهيونية وخطة إسرائيلية «القدس» مدينة يهودية بعد 30 شهرا، أما التفاصيل فكشفت عنها جريدة أمريكية هى الأكثر انتشارا «واشنطن بوست» - وليست جريدة عربية بالطبع لا سمح الله - يقول الخبر: إن 25 مارس 2010 هو الموعد الذى حددته جماعات يهودية متطرفة لإعادة بناء هيكل سليمان المزعوم، محل الحرم القدسى بالمسجد الأقصى، ومن الجدير بالذكر أن تلك الجماعات تعمل بشكل سرى داخل الولاياتالمتحدة، تدفع بشدة نحو الإسراع فى هدم المسجد الأقصى، حيث يحظى إعادة بناء هيكل سليمان المزعوم بالأولوية الخاصة لعشرات الجماعات اليهودية المتطرفة والتى لدى بعضها أكثر من خمس عشرة قنصلية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية.. خبر آخر نشر فى أواخر فبراير الماضى «أن هناك خطة إسرائيلية لتغيير جميع المعالم الإسلامية والمسيحية فى القدس وتحويلها إلى مدينة يهودية الهوية».. فهل طارت ثورة درويش وعذوبة صوت فيروز ونزق نزار قبانى عندما كتب قصيدة القدس فى الهواء، هل كانوا يعلمون عندما وهبوا لنا تلك الأعمال أنها ستتحول إلى مجرد ذكرى مدينة، هل كانوا يعلمون أن القدس فى يوم من الأيام ستصبح عاصمة إسرائيل يهودية الديانة، هل كل ما يشارك به العرب الآن هو الصمت والتجاهل؟! نعم قد يكون الصمت أحيانا أبلغ من الكلام وذلك كما وصف محمود درويش موقفه عندما قرر الهجرة إلى القاهرة والنضال من عاصمة الوطن العربى مصر، قال أيهما يحتل المرتبة الأولى وطن القضية أم قضية الوطن، إذ ألححنا على عدم الاعتراف بأننا مشردون، مأساة الشعب الفلسطينى فى أنه أصبح دون وطن، بقى الشعب وضاع الوطن وأضاف أنه لا يجب أن ننظر منه النضال من الداخل؛ لأنه ببساطة وطن محتل، إنه يمارس نشاطه من مواقع الوطن الأردنى، السورى واللبنانى والمصرى وبهذا المفهوم يصبح وطن المعركة الأوسع هو الوطن العربى ومعركة الوطن العربى هى فلسطين وللحديث بقية . - آخر حركة قد يكون «الصمت» أبلغ من «الكلام» ولكن من المؤكد أن «الفعل» أفضل من الاثنين.