فى جلسة خاصة لمناقشة التناول الإعلامى لحادث نجع حمادى اجتمع المجلس الأعلى للصحافة برئاسة السيد صفوت الشريف صباح السبت 23 يناير 2010، حيث تم عرض تقرير عن المعالجة الصحفية لحادث نجع حمادى أعدته لجنة تقارير الممارسات الصحفية بالمجلس برئاسة د. فاروق أبو زيد. وقد شارك عدد كبير من أعضاء المجلس فى مناقشته وانتهى الاجتماع إلى إعلان بيان أعدته لجنة شكلها رئيس المجلس برئاسة الأستاذ صلاح منتصر وكيل المجلس وضمت عددا من أعضاء المجلس جاء فيه: * أولا : إنه من الطبيعى أن يثير مثل هذا الحادث المرفوض تماما ردود فعل مختلفة منها ما هو صادق ومخلص ومنها ما قد ينحرف بها بحسن نية ويؤدى إلى إثارة فتنة طائفية، الأمر الذى يستفز أجهزة الإعلام ويحتم عليها القيام بدورها كدرع يحمى وعى المواطنين ويجمع الصفوف التى يحاول البعض تفريقها، وتبصيرهم بالحق فى مواجهة مؤامرات الفتاوى الزائفة والأيدى الخفية العابثة. * ثانيا : إن الوطن كان ويجب أن يبقى فوق كل المسميات والأطراف سواء كانت صحافة قومية أو حزبية أو خاصة أو وسائل إعلام مسموعة أو مرئية، ومهما كان الاختلاف فى الرأى فى قضايا العمل السياسى إلا أن الذى لا يمكن الاختلاف عليه إتفاق الجميع على وحدة هذا الوطن والتصدى معا لأى بادرة تهدد هذه الوحدة. * ثالثا : إن تقرير لجنة الممارسة وإن أوضح أن غالبية الصحف المصرية ارتفعت فى تناولها لحادث نجع حمادى إلى مستوى المسئولية الواجبة، إلا أن بعض الصحف وهى قليلة للغاية نشرت ونقلت عن بعض الفضائيات التى تجاوزت فى استغلال الحادث كوسيلة للترويج والإثارة مما كان نتيجته نشر وبث أخبار وتحليلات وحوارات غير دقيقة انعكست سلبا على مصالح الوطن القومية. * ويرى المجلس أن مثل هذا الأداء بالإضافة إلى أنه انتهاك للدستور ولقانون الصحافة وميثاق الشرف الصحفى، فإنه يجعل الذين يقومون به يساعدون بغير قصد فى تحقيق أهداف الذين يتربصون بالوطن ووحدته واستقراره، الأمر الذى يرى المجلس الأعلى للصحافة ضرورة التنبيه إليه، مادام الاتفاق على أن تعلو قضية الوحدة الوطنية فوق كل القضايا والمصالح. * رابعا : إن المجلس الأعلى للصحافة بحكم مسئولياته يرى أن من واجب المفكرين وأصحاب الكلمة فى مختلف صورها المكتوبة والمسموعة والمرئية نشر وترسيخ أفكار وقيم المواطنة قولا وعملا وإعلاء الدستور واحترام سيادة القانون الذى يجب أن يعلو فوق الأشخاص فهما وتطبيقا، وتحذير المواطنين من احتمال أى فتنة طائفية، لأن تعريض استقرار المجتمع من خلال هذه الفتنة يهدد مختلف مصالح الوطن والمواطنين فى تحقيق التنمية والتقدم. * خامسا : إن المجلس الأعلى للصحافة يرى أنه من واجبه فى مثل هذه الظروف دعوة مختلف المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية بل وكل الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى إلى إنعاش ذاكرة الأمة بمواقف وأقوال كان يقصها الأجداد والآباء، وكذلك استخراج صفحات تاريخ مصر المجيد، ولاسيما فى الحقبة القبطية والإسلامية والذى شهد كيف شارك عنصرا الأمة معا من مسلمين وأقباط فى دعم وحدتهما، وكيف تصديا معا لكل مؤامرات ومحاولات اختراق هذه الوحدة، وشاركا معا فى ثمار الوطن، واختلطت دماؤهما معا فى معارك الاستقلال والتحرير، وتعايشا معا فوق أرض مصر التى كرمها الله وآمن أصحابها بأن الدين فيها للخالق، والوطن للجميع. * سادسا : إنه إذا كان الحذر لا يمنع ما قد يتعرض له المجتمع فى بعض أرجائه المترامية من حدث عابر قد يتصور المتربصون من أطراف خارجية إمكانية استغلاله وتوظيفه لمحاربة وحدته الوطنية، فإننا بداية نرفض أى تدخلات أجنبية ويرفض الإعلاميون وأعضاء هذا المجلس كل ما يقال فى هذا الصدد من برلمانات أجنبية وعلى وجه التحديد البرلمان الأوروبى، كما نقول أن رسالة المعلمين فى دور العلم وجميع القائمين على مؤسسات المجتمع المدنى والمفكرين فى مختلف مجالات الإعلام والفنون أن يتحملوا بصورة دائمة وفى خلال هذه الأحداث خاصة واجبهم القومى فى ترسيخ وحدة المجتمع وتضميد ما قد يتعرض له من جراح وتهدئة ما قد ينفعل من النفوس.. أن يضيئوا لفئاته المختلفة - كل بحسب الوسيلة التى تصل إليه - قدرة التسامح والتعاون والتمييز بين الخير والشر وتعميق ثقافة الحب ورفض الحقد والعنف والتفرقة وتنوير المجتمع بطريق بناء دولة مدنية لا مجال فيها لفكر منحرف يخلط الدين بالسياسة ولا مجال فيها للجهل والتعصب والتحريض. أن تكون رسالة من يعتلى المنبر فى مسجد أو كنيسة أن الدين سلام ومحبة، وأن من قتل نفسا زكية بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، وأن الذين ارتكبوا مثل جريمة نجع حمادى اغتالوا فرحة المصريين جميعا فى عيد مجيد، وأن وحدة المصريين حتمية وليست اختيارا لأحدهما، إننا مسلمين وأقباطا عشنا وسنظل نعيش فى وطن واحد نتقاسم فيه لقمة العيش معا والأفراح والأحزان معا ويطالب المجلس بالكف عن الزج أو استجداء فتاوى علماء الدين فى مساندة قضايا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية هى حق أصيل تمارسه الدولة المدنية. * أن تكون رسالة كل إعلامى، صحفى يصيغ خبرا أو تحقيقا ومراسل يبحث عن حدث وكاتب يحمل قلما وكل مفكر ومحلل أن يضع وحدة ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار وأن يعمل على إحياء ذاكرة الأمة وتحصين أبنائها بالقيم والمبادئ وأن يدعوهم إلى المحافظة على وحدة مصر وسط أنواء وعواصف احتلال واستعمار لم تنل من هذه الوحدة. * ونطالبهم ونقول لهم أغرسوا فى عقول أولادنا الفكر المعتدل الصحيح الذى يحميهم من زيف دعاة التفرقة ويواجهون بها مسيرة وطن حر ستظل قوته فى وحدته ووحدته فى قوته.