المتتبع لرحلة الفنان كاظم الساهر يكتشف أن خلف هذه الرحلة يقف عقل منظم وقلب ينبض بالحب، لا شىء يعطله ولا إشاعات أو أقاويل توقفه. فمنذ وصوله إلى القاهرة ليعتبرها مقره الرئيسى منذ سنوات طويلة وهو يعلم المستمع ويربيه على الكلمة الحلوة التى يجب أن تستقر فى وجدانه. منذ إنى خيرتك فاختارى وحتى الرسم بالكلمات وهى أحدث أغانية وأحدث ألبوماته وهو يغنى للحب، للقيم المثالية التى يمكن أن تحتويها علاقة حب بين رجل وامرأة، لم يغن يوما للانتقام من المحبوب حتى أنه غنى لهذا المعنى. من أحد أغانيه قائلا عساك يا حبى أن أفكر بانتقام فهو دائما المحب المتيم الذى يرفض أية إساءة للمحبوب. والغريب فى تجربة كاظم أن قوامها القصائد، أى أن كلماتها قياسا بالأغانى الدارجة الآن صعبة.. ومع ذلك فإننى أشاهد المستمعين فى حفلاته يغنون معه ويحفظون تلك الكلمات حتى أصعب القصائد التى غناها وهى أنا وليلى حفظها الجمهور فلنتأمل بعضاً من كلماتها التى كتبها شاعر عراقى غير مشهور اسمه حسن المروانى يقول: ماتت بمحراب عينيك ابتهالاتى واستسلمت لرياح اليأس آهاتى جفت على بابك الموصود أزمنتى ليلى وما أثمرت شيئا نداءاتى عامان ما رن لى لحن على وتر ولا استفاقت على نور سماواتى أعتق الحب فى قلبى وأعصره وهكذا تستمر القصيدة بلحن رزين متأن يدرك ويظهر معنى كل لفظ فى القصيدة. أعود فأقول أن قوام تجربة كاظم هى القصيدة، فقد غنى للشاعر اللبنانى الكبير نزار قبانى ما يقرب من 72 قصيدة أشهرها اختارى زيدينى عشقا علمنى حبك إلا أنت صباحك سكر كل عام وأنتى حبيبتى ممنوعة أنتى حافية القدمين وهكذا حتى قصيدة الرسم بالكلمات. والبوم يغنى فيه كاظم من كلمات نزار كذلك وشعراء آخرين فى أحدث ألبوماته يلتقط المواقف بين العشاق ويحولها إلى أغنية جميلة يحب عليها البشر، فهو مرة مهزوم وأخرى عاشق متيم وأخرى يطلب من حبيبته أن تقص شعرها لأنه يحبه كذلك.. وقد يأخذ البعض على كاظم أمرين: الأول أنه يلحن لنفسه ويرفض التعامل مع ملحن آخر، وعندما وجه إليه هذا السؤال قال إننى أدرك إمكانيات صوتى أكثر من أى ملحن آخر، أما الشيء الثانى والذى يؤخذ عليه فإنه يغنى دائما للمرأة، للحب، وردى على ذلك أنه إذا كان قدرنا ألا نغنى لشىء غير الحب فلنغنى كلمات جميلة محترمة رقيقة متأنية وهذا ما يفعله كاظم. آخر حركة أخبار كثيرة تصلنا عن محمد فؤاد.. أتمنى أن يتحول أحدها إلى عمل فنى يطل به علينا ثانية.