العيد يا سلام على العيد وأحلى ما فى العيد هو لبس العيد، هذا كلامى وليس كلام طفلة صغيرة كما يقول زوجى منذ بداية العشر الأواخر من رمضان، بالإضافة للصلاة والقرآن هناك خطة تختمر فى ذهنى لا أمل كل عام من التخطيط لها ليخرج زوجى من جيبه بكل ظرافة ولطافة العيدية أو ما أفضله وهو إدماج العيدية مع نقود لبس العيد لأشترى كل شىء جديد فى جديد، بدأت بالخطوات الأولية من طبخ الأصناف التى يشتهيها زوجى.. يوم أصنع له المحشى.. ويوم الحمام.. ويوم آخر المكرونة بالبشاميل إلخ.. من هذه الأصناف التى ترضيه مع أنها تجعله يشك فى نواياى، بدت هذه السنة عليه آثار الانشغال، فبعد الأكل يشعر بالثقل ويخلد للنوم ولا مجال لفتح مواضيع حتى أصل بها لموضوع ملابس العيد وأخيرا وجدت الفرصة سانحة وسألته متحججة بالأولاد متى سنشترى ملابس العيد للبنتين؟! فرد بحسن نية: وقتما تشاءون سأعطيهما النقود وتنزلوا تشتروها وقتما تريدون، وهنا قفزت ابنتى الكبيرة ومع أنها لم تتجاوز التاسعة إلا أنها بدت عليها ملامح الجدية والتصميم وقالت: "يا بابى هذه السنة عايزة الفلوس مضاعفة لأشترى أشياء كثيرة مما طبع عليها صورة "هانا مونتانا" (بالمناسبة هانا مونتانا هى مراهقة لها أفلام وحلقات يتابعها الأطفال على القنوات الخاصة بالأطفال وتحظى بشعبية بين الفتيات الصغيرات جعلتها أشبه بالهوس) المهم.. قال زوجى "وماله؟!" خدى الفلوس واشترى على أدها ووجدت زوجى يخرج مبلغا غاية فى السخاء لكل من البنتين فانقضضت عليه وقلت له وكأنى أنصحه الفلوس كتير وخطر يحملوها سأحفظها لهما حتى أشترى لهما ما تريدانه... وكانت ملامح الخطة قد اختمرت فى رأسى بحيث سوف أشترى لهما ما تريدانه ثم أشترى لبس العيد لى أنا أيضا وأحوش الباقى لعيد الأضحى، وقضيت ليلة من الأحلام السعيدة تدغدغنى الأفكار والحيرة بين المحل المشهور بجانبى فى المهندسين أم أذهب للمول فى مدينة نصر أشترى حقيبة أم اثنتين لزوم التغيير، وهكذا إلى أن جاء الصباح وانطلقت بابنتى لأشترى لنا جميعا كل ما نتمناه فى العيد، فشراء العيد له طعم آخر غير بقية الأيام.. ونويت ألا أقع فى خطأ العام الماضى وأشترى لنفسى أولا لأنهم سيعكننون علىّ ويجبروننى على الشراء سريعا، فذهبت للمحل الذى طلبتاه منى أن أشترى لهما منه ملابس العيد وحذائى العيد والحقيبتين لزوم الأناقة وطبعا كل الطقم عليه صورة هانا مونتانا.. وقفت مذهولة أمام كم الملابس والألوان وفى وسط زحمة الأمهات وتسارعهن على خطف الأشياء من حقائب وإكسسوارات للبنات جعلنى أشترى بقلب جامد، فمؤكد أن الأسعار هنا مناسبة والأشياء "لقطة" وأحضرت لهما كل ما تطلبانه وجاءت لحظة "الزنقة" الكبرى عندما دخلنا البروفة لقياس ما اختارته بنتىّ حر وزهق وزنقة لا أعرف هل نخاف من الذهاب للمدارس أم للمحلات للحد من انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير، فالبيئة هنا فى هذا المحل الراقى الجميل مناسبة لظهور أنفلونزا الديناصورات وليست فقط الخنازير، المهم اجتزنا البروفة بنجاح ووصلنا لها وأقحمت ابنتىّ فى نفس الغرفة وطبعا دخلت معهما حتى نجتاز الوقت سريعا حتى أستطيع اختيار ملابسى بعد ذلك والذهاب للبيت لتحضير الطعام.. عشم إبليس.. لقد مرت الساعات بين تبديل الملابس وتغييرها إلى أن وصلن إلى ما تحتاجانه وترضيان عنه تماما فتنهدت وحمدت الله الوقت فات ولكن يمكننى النزول غدا وتخصيص اليوم.. لشراء طلباتى.. "حبة من نفسى" عشم إبليس أيضا، هذا ما اكتشفته عند وقت الحساب على الكاشير، كما طارت الساعات طارت الفلوس ولأن الدنيا زحمة كأنه يوم الحشر ولم يكن مكتوبا الأسعار على هذه الملابس ولم أشأ التأخير بسؤال البائعة عن سعر كل قطعة، فقد كانت المفاجأة كالصاعقة ووجدت أننى دفعت من مصروف البيت ما يساوى ما دفعه زوجى لملابس الأولاد أى دفعت ضعف ما كنت أنوى به تحقيق أمنيات العيد بالنسبة لى، انصرفت والغيظ يكاد يفجر رأسى وصلت للبيت مكلضمة ومكشرة عندها سألنى زوجى: ألم تجدى ما تطلبه البنتان فلم أرد.. فقال ألم تكفكما النقود؟ فأجبته بأن ما طلبته ابنتانا قد فاق ما دفعه ووصل للضعف فقال ألم أقترح عليكن أن تأخذ كل بنت العيدية وتكيف نفسها وتشترى "على أد فلوسها" بدلا من هذا الدلع!! عندها اكتشفت أن جملة جدتنا مضبوطة "اللى ماتشور جوزها تنقلب على بوزها"، ثم وجدته يقول "معلش علشان تتعلمى تتصرفى مع طلبات بناتك بعد كده"، ولكنه وجدنى أكثر غيظا وتنطق عيناى بما لا ينطق به لسانى.. فعلم أن الأمر أكبر من مجرد مبلغ كبير وسألنى عما بى فأجبته وكلى غضب: لم أشتر ملابس العيد، فوجدته يضحك وبدا على وجهه الاندهاش والسخرية ويقول: هو إنتى لسه عيلة؟! إنتى اشتريتى الأسبوع الماضى أشياء كثيرة جدا هو لازم لبس للعيد؟ تصوروا!!! الراجل ده هيجننى..