«مصائب قوم عند قوم فوائد» مثل شعبى يتردد كثيراً شكلاً ومضموناً بين سكان وأصحاب العقارات فى التحرير، أدى إلى ظهور سماسرة ومحتكرين جدد ولكن هذه المرة يطلق عليهم «سماسرة الحدث» فكل الأحداث التى تمر بها البلاد أصبحت «تجارة»، و«بيزنس» يتهافت عليها الجميع فالتحرير ميدان أو مكان للسكن وهو مشهد للحرية والكرامة وأيضاً لكسب وجنى الأموال بمختلف الطرق.. فماذا يكلف الحدث فى التحرير القنوات الفضائية؟!! وكيف تحول التحرير إلى مول تجارى يتسارع الجميع لتأجيره؟! وغيرها من الأسئلة التى نحاول الإجابة عنها فى السطور القادمة. شهدت مصر العديد من الأحداث فلم يكتمل الشهر إلا وتظهر أزمة جديدة فى التحرير أو فى جميع التقاطعات المجاورة له، وفى ظل هذه التوترات نجد تهافت القنوات الفضائية للتواجد فى الحدث تأكيداً لمبدأ المنافسة الإعلامية وخلال هذه الأحداث نجد استغلال البعض لتحقيق فرص ومكاسب مالية مهما كان الضرر وراء ذلك فكعادتها «صباح الخير» فى قلب الشارع لترصد وتتابع مدى حجم البيزنس الذى يتم من وراء الأحداث التى تمر بها البلاد. على مدار عام كامل ومع ظهور الكم الهائل من القنوات الفضائية تحولت معظم العمارات فى ميدان التحرير لساحة عقارية للإيجار بمختلف أشكاله. فكل قناة أصبح لها مكان ثابت تبث من خلاله الأحداث وهو ميدان التحرير ثم تحول المشهد حسب تغيير أماكن الأحداث فمن هنا أصبح لكل قناة أكثر من مكان فعلى سبيل المثال نجد «قناة CBC» لها أكثر من كاميرا فى أماكن مختلفة ولكن الكاميرا الثابتة فى ميدان التحرير نظراً لاستمرار الاعتصامات والاحتجاجات المستمرة به، وأيضاً نجدها فى إحدى شرفات محمد محمود وأيضاً كاميرا فى شرفة إحدى عمارات شارع منصور وأخرى فى الفلكى خاصة أن قناة «CBC» لها قناة أخرى «+CBC 2» تبث من أكثر من مكان وأيضا قنوات «التحرير»، و«الحياة»، و«النهار»، و«ONTV»، و«الجزيرة» لها كاميرات ثابتة فى ميدان التحرير ولها عدة كاميرات متغيرة فى الأماكن الملتهبة بالأحداث، بالإضافة إلى قنوات النيل الفضائية وقنوات التليفزيون المصرى والتى أيضاً لها كاميرات عديدة ولكنها الأكثر ثباتاً فى ميدان التحرير وقليلاً ما نجدها فى قلب الأحداث المتغيرة إلا فى أوقات معينة. وخلال متابعتنا وجدنا إيجار القنوات الفضائية لشرفة شقة فى ميدان التحرير أصبح يتعدى ال5 آلاف جنيه وأحياناً يصل إلى 7 آلاف جنيه فى ظل توهج الأحداث، فضلاً عن أن الإيجار كان باليوم الواحد ولكن حالياً من الممكن أن تجده فى الساعة الواحدة بالإضافة إلى أن إيجار الكاميرات داخل هذه الشقق يتكلف الكثير من الأموال فكل صاحب عقار أو شقة يزيد السعر حسب رؤيته والآن أصبح حسب عدد الكاميرات والمعدات التى سوف تتواجد داخل المكان فى ظل أنها فرصة للربح المستمر بسبب زيادة تنافس القنوات الإعلامية سواء الحكومية أو الخاصة. فكل قناة أصبح لها كاميرا فى جميع أماكن الأحداث لذلك كلما زادت الأحداث سخونة ارتفعت بورصة إيجار الشقة. ولم يتوقف الأمر عند شقق ميدان التحرير و مع تطور الأحداث وخروجها من محيط التحرير واقترابها مع الشوارع المتقاطعة مع محيط وزارة الداخلية ارتفعت إيجارات شقق شوارع الفلكى ومنصور مما جعل ميدان التحرير «مول تجارى». ومن العجيب أنه مع بداية الأيام الأولى كان لا يتعدى سعر الإيجار 200 جنيه حتى 500 جنيه فى اليوم الواحد فضلاً عن أن هناك أشخاصاً يصرون على عدم أخذ مقابل على هذه الخدمة الوطنية، ولكن كثرة الأحداث وتغيير المشهد نجح فى خلق سماسرة جدد لإدارة وتنظيم عملية الإيجار. ومن خلال متابعتنا وجدنا أن هناك قوانين وضوابط جديدة ظهرت على الساحة لعل أبرزها إلزام القنوات الفضائية بأن يكون لدى المراسلين إثبات الشخصية وإثبات أنهم من داخل القناة بحجة أنهم يتعايشون معهم طوال اليوم فدور السمسار أو الوسيط هو التأكد من صحة هذه الأوراق ولا مانع أن يناله من الحب جانب. أما عن المحطات والوكالات الأجنبية فحدث ولا حرج فقد بدأ الإيجار بالجنيه المصرى ولكن مع اشتعال الأحداث تحول إلى الدولار ووصل إلى 1500 دولار فى اليوم الواحد فكل هذه الأحداث تدل على أن الاضطرابات التى يشهدها الشارع تخدم بيزنس التحرير. ∎ «المشكلة!!» وأكد عمرو أبوخطوة أحد مسئولى البرامج بقناة الOntv أن التواجد فى ميدان التحرير أصبح مشكلة تواجه الإنتاج لأنه يتكلف الآلاف من الجنيهات بعد أن كان سعر تأجير الشقة لا يتعدى 005 جنيه يومياً أصبح الآن يصل من 5 إلى 7 آلاف جنيه بالإضافة إلى ظهور «السماسرة» الذين يفرضون شروطاً جديدة على القنوات يومياً، بالإضافة إلى أننا بين نارين من حيث إنه لابد من تغطية الحدث وفى نفس الوقت الخوف الشديد على المراسلين لذلك لابد من وضع ضوابط لتأمين هؤلاء الشباب لأن تغطية الحدث فى الشوارع قد يعرضهم للمخاطر ونحن أمام سلسلة من الإصابات المتكررة للمراسلين. وأضاف عمرو أن كل مستأجر أصبح لديه فكرة التجارة والبيزنس التى يتعامل معها مع جميع القنوات فى ظل سخونة الأحداث وتطورها بشكل سريع فى ظل أن الأحداث المتكررة تظل أكثر من يوم على التوالى مما يكلف القنوات مبالغ هائلة لمجرد نقل وتغطية الحدث. وأشار إلى أن الأحداث أصبحت تتكرر فى عدة أماكن مجاورة مما يجعلنا أمام مشكلة تواجد أكثر من مراسل فى الشارع لنقل وتغطية الحدث ومن هنا يستغل أصحاب الشقق نسبة الإيجار فى اليوم الواحد. ∎ «الثمن!!» ومن جانبه أبدى المهندس أحمد ماجد من قناة CBC استياءه من استغلال أصحاب الشقق والسماسرة اشتعال المرحلة التى تمر بها البلاد لتحقيق مصالح ومكاسب مالية، فقد تحولت شقق محمد محمود والتحرير وأخيراً انضمت للقائمة عمارات وشقق شارعى الفلكى ومنصور لعملية البيزنس ففى اليوم الواحد نستخدم أكثر من 5 كاميرات لتغطية الأحداث فى جميع الاتجاهات فبالفعل يستغل المواطنون مدى أهمية الإصرار على تغطية الحدث فى ظل التنافس الإعلامى والقنوات التى ظهرت مع الثورة، فكل هذا الإصرار يجعلنا نقبل جميع شروط هؤلاء المستأجرين والسماسرة. وأضاف ماجد أن أصحاب الشقق حالياً يمارسون بعض الضوابط الشديدة فإيجار الكاميرا الواحدة أصبح لا يتعدى ال005 جنيه فى اليوم وأحياناً فى الساعة على حسب شدة الأحداث وتطورها، فماذا إذا استخدمنا كاميرات يومياً داخل شقة واحدة فنحن حقاً أمام ظاهرة خطيرة بسبب استغلال الحدث لخدمة بيزنس التحرير ولكن ليس فى أيدينا أى شىء لأن المنافسة الإعلامية تفرض علينا أن ندفع الثمن غالياً فى ظل الكم الهائل من القنوات الفضائية حتى القنوات والمحطات الأجنبية.