هل حققت الصحافة مكاسب جمة باندلاع ثورات الربيع العربى على مدى عام كامل.. أم أن هذه الثورات كانت نذير شؤم على الصحافة والصحفيين؟!.. ماذا قدم الإعلام البديل من وسائل التواصل الاجتماعى المتمثلة فى الفيس بوك وتويتر من خدمات إعلامية وقدرة على حشد الجماهير لصالح عملية التغيير فى مواجهة أنظمة امتلكت وتحكمت فى وسائل الإعلام التقليدية من إذاعة وتليفزيون وصحافة؟.. أسئلة كثيرها طرحها المنتدى الخامس للصحافة العربية الحرة الذى نظمته - WAN-IFRA المنظمة الدولية للصحفى وناشرى الأنباء فى تونس بحضور أكثر من 200 صحفى وناشر من المهتمين بقضايا حرية التعبير فى العالم العربى والعالم الذين حضروا للمشاركة على مدار يومين، الأسبوع الماضى. 8 جلسات وعرض لفيلمين وثائقيين ومعرض صور صحفية.. كانت الحصيلة النهائية ليومين كاملين للمنتدى الذى افتتحت أعماله بكلمة للسيدة «أليسون ميستون» المدير المسئول عن قسم حرية الصحافة فى المنظمة الدولية والتى أكدت خلالها أن هذه الدورة لها خصوصية كبيرة، خاصة أنها تأتى بعد ثورات الربيع العربى مما دعا المنظمة إلى ضرورة العمل على إلقاء نظرة عن قرب لحال الصحافة العربية بعد هذه الثورات والتحديات التى تواجهها فى المرحلة المقبلة من خلال تنظيم هذا المنتدى الذى يضم صحفيين من جميع أنحاء العالم العربى إضافة إلى المهتمين بحرية الرأى والتعبير فى العالم أجمع. ثم ألقى الصحفى المغربى أبوبكر الجامعى الكلمة الافتتاحية بالنيابة عن المنظمة العالمية للصحفيين والناشرين قال فيها: إذا كانت تونس هى البلد الوحيد فى المنطقة الذى شهد تقدما باتجاه الديمقراطية، فلا تزال الدول الأخرى فى المنطقة تعانى.. مضيفاً أن بعض الصحفيين والمراسلين استعاد - مثل بلادهم - حقهم فى التعبير. الإعلام.. مساعد أم معرقل للثورة؟ هل لعبت وسائل الإعلام دوراً كبيراً فى تحريض الشعوب على الاحتجاج فى العالم العربى؟.. هذا ما ناقشه المشاركون فى الجلسة الأولى من المنتدى وما إذا ما كانت وسائل الإعلام مرآة تعكس أفكار الشعوب، فقد أوضحت راغدة درغام، المراسلة الدبلوماسية لجريدة الحياة اللندنية، أنه رغم إقامتها فى نيويورك فى الولاياتالمتحدةالأمريكية وبالتالى ليس لديها الصورة الكاملة لما يحدث على أرض الساحة الإعلامية فى العالم العربى لكن من الواضح أن بعض القنوات الفضائية لا يمكنها التفرقة بين تغطية الأحداث وتحريض الناس على المشاركة فى الثورات. كما أكد محمد الدهشان الكاتب والخبير الاقتصادى المصرى على أهمية أن يؤخذ فى الاعتبار الوسائل الإعلامية المختلفة التى تتابعها شرائح مختلفة من الناس.. مضيفاً أيضاً أن هناك بعض وسائل الإعلام التى تعمل تحت إدارة الحكومة قد شكلت عائقاً أمام السعى للتغيير وفى بعض الأحيان تسببت فى تهديد سلامة المتظاهرين كما علق أحد المشاركين قائلاً إن وسائل الإعلام ستشكل ذ دائماً - عائقاً ما دامت لا تنقل الحقائق. أما فاهم بوكادوس الصحفى والناشط التونسى فأكد أنه قبل وخلال الثورة فى تونس العام الماضى، كانت قناة الجزيرة تعتبر قناة تونسية حيث إن الإعلام التونسى لم يستيقظ إلا بعد الرابع عشر من يناير العام الماضى.. وأضاف أن القناة القطرية لعبت دوراً سياسياً رئيسياً فى التحريض على التغيير.. بينما علق الكثير من المشاركين على أنه كان للقناة أجندة مختلفة عند تغطية الأحداث فى البحرين! وقد علق الناشط والمحامى المصرى جمال عيد المدير التنفيذى للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أنه «لا يوجد حياد بين الضحية والجلاد». أما روهان جاياسيكارا، نائب رئيس تحرير مجلة Index on Censorship فقال: إن هناك دائماً مجالاً للإعلام الذى يحث الناس على التغيير السلمى، وأنه لا يجب الخلط بين هذه الدعوات للتغيير وبين التحريض على العنف. تحدث أيضاً المشاركون عن علاقة الصحافة بوسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعى. فدائماً ما كانت الصحافة قوة منفصلة عن المجتمع فلها مساحتها الخاصة، ولكن الآن قد أصبح هناك مجال يسمح للصحفيين بأن يشاركوا الناس من خلال وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعى.. إلا أنه مازالت الصحافة المكتوبة تلعب دوراً مهماً ورئيسياً.. وأوضح جاياسيكارا أنه من أجل أن نستفيد من مساهمات المواطنين إعلاميا فإنه يجب أن يكون لدينا القدرة على استيعاب كميات كبيرة من المعلومات والمساهمات وإعادة توصيلها للجمهور بشكل بسيط ومفهوم. تحديات وبدائل أما جلسات اليوم الثانى فقد تناولت عدة موضوعات أبرزها التحديات التى تواجه حرية الرأى والتعبير والتى تمثل آفة تصيب العالم العربى وكيف كان لاندلاع الثورات العربية دور فى تعريف الناس بحقوقهم ومن ضمنها الحق فى الإعلام وبالتالى حرية الصحفى فى الحصول على المعلومات والتعبير الحر عن رأيه دون قيد، وأيضا كيف كان لوسائل الإعلام الاجتماعى أو ما يعرف بالإعلام البديل دور حيوى فى بث المعلومات من مصدرها الأصلى وهو كان عنصراً فاعلاً لمواجهة التعتيم الذى مارسته وسائل الإعلام التقليدية. وفى ختام الجلسات تمت دعوة المشاركين لجلسة (ندوة تويت) وهى من بنات أفكار الناشط المصرى علاء عبدالفتاح بحيث يسمح لكل متحدث 140 ثانية فقط لتوضيح وجهة نظره، وقد أفرد المنتدى فرصة للمشاركين طوال يومى الجلسات لكتابة تغريداتهم بحيث تظهر مباشرة على شاشة المنتدى.. وهو ما شكل عنصراً إيجابياً للتفاعل بين الحاضرين. وفى الختام ألقى لارى كيلمان نائب الرئيس التنفيذى ل WAN-IFRA كلمة أكد فيها أنه إذا كنا اليوم نعقد المنتدى فى تونس فهذا يعود فضله للثورة، فقبل عام تقريباً واجه الصحفيون التوانسة صعوبات كبيرة فى حضور المنتدى فى بيروت، والثابت أن حرية الصحافة فى العالم العربى لا تزال هشة وهو ما يستدعى ضرورة إعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية من خلال وضع أطر لمناخ صحفى
فيلمان وثورتان أقيم فى اليوم الأول على هامش المنتدى عرض لفيلمين وثائقيين بسينما هانيبال بتونس العاصمة أحدهما تونسى باسم (الرجل الذهبى) للمخرج التونسى الشاب حسن عبد الغنى ومدته 28دقيقة والذى يصور حياة (مادو) أحد مطربى الراب التونسيين الذى يعيش فى أحد الأحياء الشعبية فى فترة ما بعد ثورة 14 يناير والظروف التى يحيا فيها الشباب التونسى عامة وهذا المطرب خاصة ورغبته فى الهجرة• لتحسين أحواله.. أما الثانى فهو بحرينى باسم (صرخة فى الظلام) من إخراج ماى ينج وليش مخرجة قناة الجزيرة والذى تم تصويره سراً فى البحرين على مدى3 شهور وهو توثيقى لأحداث الثورة البحرينية بكل ما تحمشله مشاهده من مآس وآلام.. والخلاصة أن العملين رغم اختلاف الوضع فى كلا البلدين إلا أنهما كانا نموذجاً حياً للتعريف بالثورة وما تلاها من تطورات. صور بآلاف الكلمات أما اللقاء الثانى الذى أقيم بقاعة شريف فاين آرت بمدينة سيدى بوسعيد السياحية فكان معرضاً للصور الصحفية التى التقطها العديد من المصورين الصحفيين فى العديد من بقاع العالم والذى نظمته السفارة الهولندية بتونس واستقبلنا خلالها السفير الهولندى الذى ما إن عرف أننا من مصر حتى كان الاحتفاء حاراً بل إنه شد على أيدينا وهو ما يؤكد تغير نظرة العالم تجاه المصريين بعد ثورة 25 يناير، وإن كان هذا الاحتفاء لم ينسنا أن غالبية الصور مأساوية باستثناء بعض الصور الرياضية والساخرة. فى الهامش قدمت الناشطة اليمنية توكل كرمان الحاصلة على نوبل هذا العام كلمة فى افتتاح المؤتمر عبر الأقمار الصناعية وإن لم تستكمل لأسباب تقنية. أبرز الغائبين كان الناشر المصرى هشام قاسم مؤسس جريدة (المصرى اليوم) والكاتب الصحفى إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة (التحرير) اليومية. فرح وائل.. المصرية.. أصغر العاملات بالمؤسسة العالمية للصحف وناشرى الأنباء وهى شعلة نشاط.. تبلغ من العمر 19 عاما ولاتزال تدرس فى باريس وتتمنى أن يقام المنتدى المقبل بالقاهرة حتى تتمكن من زيارة مصر. أقيم مؤتمر صحفى فى مقر إقامة ضيوف المنتدى نظمته 6 مؤسسات دولية لعرض تقريرها عن انتهاكات حقوق الإنسان بالبحرين والتقييد على حرية الرأى والتعبير، واقترح الحاضرون إرسال بيان موقع عليه من الحاضرين لدعم الثورة البحرينية. المنتدى يعتبر حدثاً فريداً من نوعه فى المنطقة، حيث إنه يجمع بين مناقشات وندوات حول حرية الصحافة وأيضاً نصائح عملية حول كيفية بناء شركات إعلامية ناجحة، نتيجة شراكة بين WAN-IFRA والوكالة السويدية العالمية للتعاون الإنمائى بالاشتراك مع منظمة اليونسكو، جوجل، وكالة الأخبار الفرنسية والمعرض العالمى للصور الصحفية والسفارة الهولندية بتونس.