الأقصر مدينة دائما ما تبهرنا بشعبها وآثارها فى كل وقت وزمان، فرغم الأجواء الساخنة فى القاهرة بحرق المجمع العلمى وسقوط شهداء وخروج أصوات تنادى بإدانة نجيب محفوظ، وتحريم السياحة والآثار يخرج أهالى الأقصر فى ساحة أبو الحجاج للاحتفال بمهرجان التحطيب القومى والذى شارك فيه خمس محافظات من جنوب مصر وعلى بعد خطوات فى قاعة المؤتمرات كان يحتفل أدباء الصعيد وعلى رأسهم الكاتب الأقصرى الكبير بهاء طاهر بمئوية محفوظ.. وكأنهم يرسلون رسالة للجميع تقول: مصر بأدبائها وفنها وحضارتها وتراثها لن يستطيع أحد تحت أى مسمى تغيير هويتها أو مسارها نحو التقدم والإبداع. * مئوية محفوظ فى احتفالية مميزة ومدهشة للغاية احتفل أهل الأقصر بمئوية أديب مصر العالمى نجيب محفوظ، حيث أقيم فى بداية الاحتفال موكب شعبى لفرق الأقصر للموسيقات العسكرية وفرقة الأقصر للآلات الشعبية وفرق التحطيب من محافظات صعيد مصر وفرق السمسمية البورسعيدية وجموع شخصيات روايات نجيب محفوظ على عربات (الكارو والحناطير حاملين رايات وأعلاماً ).. ثم استكمل الاحتفال فى قاعة المؤتمرات بالمدينة وبدأ بكلمة السفير الدكتور عزت سعد الدين محافظ الأقصر والتى قال فيها: تتشرف محافظة الأقصر بالاحتفال والاحتفاء مع محافظة القاهرة والإسكندرية بمئوية كاتبنا الكبير نجيب محفوظ أول أديب عربى حاصل على جائزة نوبل فى الأدب ولم يأت احتفاء الأقصر بالأديب الكبير من فراغ أو صدفة، فقد تبوأت الأقصر - بما تضمه من تراث حضارى إنسانى يبهر العالم - مكانة كبيرة فى عقل وقلب نجيب محفوظ، حيث استلهم من تاريخها عددا من أروع رواياته ونحن نحتفل الآن بمئوية محفوظ اليوم وسط أجواء جديدة وكأننا نسعى إلى رد بعض من الجميل للكاتب الكبير الذى يمكن القول بأنه حرّض على ثورة 25 يناير بما تضمنته كتاباته من نشر للوعى بأهمية الكرامة الإنسانية وقيم الحرية والعدالة والمساواة والتى تجلت فى كل إبداعاته الفنية والأدبية بين رواية وقصة قصيرة. وأنهى كلمته قائلا : يشرف الأقصر أن تحتفل بمئوية محفوظ بمشاركة أديبنا الكبير بهاء طاهر، وبحضور كُتَّاب وروائى جنوب مصر حيث توفر الاحتفالية مناسبة جيدة لنشر أعمالهم وإبداعاتهم. ثم يضيف قائلا د. عزت : نؤكد أن لدينا من أبناء المحافظة أنشطة ثقافية جماهيرية مع القائمين الموجودين معنا ومع منظمات المجتمع المدنى فنحن فى حاجة إلى تغيير المفاهيم والأفكار، والثقافة عليها عبء كبير، وهذا هو جوهر الشخصية المصرية، ونحن مقبلون على مرحلة صعبة والقوة الناعمة سيكون لها التأثير الأكبر. ثم بعدها بدأت قراءات فى أدب شباب الصعيد من أسيوط وسوهاج والأقصروقنا وأسوان ثم بعد ذلك غنى الفنان أحمد خلف قصيدة الشاعر الكبير أمل دنقل (الكعكة الحجرية) واختتم الاحتفال الذى كان ضيفه الكاتب والأديب الكبير بهاء طاهر الذى قال فى نهاية الاحتفال: نجيب محفوظ كان يدعو للثورة والحرية فى كل رواياته ويجب علينا الاحتفال به وإعطاؤه حقه على عطائه لمصر. * مهرجان التحطيب للعام الخامس استضافت الأقصر الدورة الخامسة لمهرجان التحطيب الذى يأتى بالتعاون بين محافظة الأقصر والهيئة العامة لقصور الثقافة. ويقول السفير د. عزت سعد الدين عن المهرجان : إنه من المهرجانات الثقافية المتعددة التى تحمل اسم الأقصر والتى تضيف للمدينة سياحة المؤتمرات والمهرجانات بجانب ما اشتهرت به من سياحة ثقافية . ونحن نأمل أن يتحول هذا إلى مهرجان دولى يتم وضعه على الأجندة السياحية الدولية بعدما شاهدنا من تأثير هذا المهرجان على السائحين فكان له واقع السحر ولفت الأنظار وكانوا سعداء بما يشاهدون وكان تأثيره إيجابيا بشكل كبير. أما الأديب سعد عبدالرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة فيقول عن المهرجان إن العودة للمنبع والأصول هى واحدة من ركائز الثقافة القومية المصرية باعتبار أننا نملك ميراثا ثقافيا وحضاريا كبيرا وعميقا هو خط دفاعنا الأول فى مواجهة الذوبان فى صراعات العالم المعاصر. ومن هنا تأتى أهمية الاحتفال بالمهرجان أولا لاعتبار التحطيب لعبة خالصة مصرية تفرد بها الشعب المصرى دون غيره وأصبح تقليدا شعبيا واحتفالية وخصوصا فى صعيد مصر حيث تلازم العصا كل الرجال فى أفراحهم وأحزانهم فى الشوارع والأسواق والموالد. *أقدم ظاهرة شعبية منذ عام 1994 يقام هذا المهرجان ويقول المخرج المسرحى الكبير عبدالرحمن الشافعى عنه : كانت تقام احتفالات شعبية خاصة دون تدخل وزارات أو مؤسسات فيها ينظمها أهالى الصعيد فى الساحات يتبارى فيها محترفو لعبة التحطيب والعزف على الآلات الشعبية، ومن أشهر الساحات التى كانت تقام فيها هذه الاحتفالية ساحة أبى الحجاج بالأقصر، وجاءت الفكرة من هنا وتبناها الأستاذ حسين مهران رئيس الهيئة وقتذاك ثم أقامها من بعده د. أحمد نوار ثم د. أحمد مجاهد وأخيرا الشاعر سعد عبدالرحمن هذا العام وهى الدورة الخامسة ومنذ 94 وحتى الآن أتشرف بالإشراف والإعداد لهذا المهرجان الذى يعد أقدم ظاهرة شعبية مصرية وسميت بالتحطيب لاستخدامها فى أول الأمر فى اللعب بعصا الحطب لأن قدماء المصريين كانوا يستخدمون سيقان البردى فى التحطيب أو التمرين كأداة للحرب، حيث اعتبرت وسيلة للدفاع عن النفس والجماعة. فى حفل الختام وتوزيع الجوائز قدمت الفرق الشعبية فى صعيد مصر رقصاتها التى نالت عليها جوائز عديدة من دول العالم فكل فرق الأقصر تحت إشراف المخرج أحمد عبدالرازق وفرقة قنا للفنون الشعبية وفرقة ملوى للفنون وفرقة النيل للموسيقى الشعبية ورقص وغنى معهم أهالى الأقصر والصعيد أجمل رقصات مصر وموسيقاها الشعبية رغم أنف كل من يحرم الموسيقى والفنون.