لا أعرف حقيقة الأمر ما الذى يفعله المهندس ورجل الأعمال نجيب ساويرس فى الحالة السياسية المصرية منذ شهور، الرجل له مجهود يشكر عليه فى النشاط السياسى، ودعم التيار الليبرالى فى مصر نابع من انتمائه لهذا التيار كأى مصرى وليس كما يقال لأنه قبطى. الليبرالية تيار فكرى وليست ديانة، ولا أعرف لماذا ندخل الدين ونقحمه فى كل شىء بهذا الشكل المهين للدين نفسه ولنا جميعا، كنا فى الماضى نعيب على التيارات الإسلامية السياسية المتطرف منها والمعتدل أنها تقحم الدين فى كل حياتنا، وأصبح كثير منا الآن يقحمه دون أى داع مما أثر بشكل كبير علينا وسوف نعرف حجم الخسارة، عندما يتسلم الإخوان الحكم فى البلاد، وندخل فى منعطف تاريخى لن نخرج منه إلا بعد سنوات ليست بقليلة وللأسف الأخ ساويرس بجهل سياسى منه أو باستظراف أو غرور رجل الأعمال وليس السياسى المحنك، أساء لكل الليبراليين فى مصر وهبط بشعبيتهم مرة بسبب صور ميكى ماوس الشهيرة، ومرة لتصريحاته الأخيرة خلال الجولة الأولى فى انتخابات مجلس الشعب، الرجل لا يمتلك لسان السياسى المدافع عن أيديولوجية فيها التقدم والإنقاذ لمصر، بدلا من قوى التخلف والرجعية، إذن الحرب ضروس ما بين التيارين، الغلطة فيها تكلف الكثير ولمدد متتالية من الخسارة التى لا تعوض. إنها حرب وجود ما بين أيديولوجيات، فهل سمعت عن حماقات من إنجلز أو تروتسكى أو لينين وهم يبشرون للشيوعية والاقتصاد الاشتراكى - صاحب النظرية ومطبقها ومنفذها.. هل سمعت من أقطاب الرأسمالية فى الغرب من يتفوه بكلمة قد تفهم خطأ أو يسىء استخدامها لتكون مطرقة لضرب النظرية كلها، هذا لا يحدث إلا فى مصر التى ترى فيها المضحك المبكى.. إنها بلد تموت من الضحك، وما فعله ساويرس أساء كل الإساءة للتيار الليبرالى رغم أنه اعتذر أكثر من مرة ويعتقد هو ومستشاروه وقناته الفضائية أن هذا كاف وعفا الله عما سلف، الحقيقة المرة التى لابد أن يعلمها ساويرس وكل من حوله وكل من خلفه أن خطأ واحداً مما يفعله الرجل حتى ولو بحسن نية فى عالم السياسة يعنى الانتحار السياسى، ولابد أن يختفى من الساحة السياسة على الفور ويلوذ بالصمت الطويل ويختفى ويبقى فى الصفوف الخلفية، الإخوان ضربوا ضربتهم الكبرى واستغلوا ساويرس ومعهم السلفيون واكتسبوا شعبية أطاحت بكل التيارات الليبرالية من الصفوف الأولى المتقدمة لمنافسة الإخوان وإنقاذ مصر، لكن ساويرس تعامل مع الأمر على أنها غلطة وعدت وعلى أنها شركة مافيهاش حاجة لو صاحبها قال كلمتين وهو متنرفز أو عادى جدا لما أهزر شوية، الأمر ليس هكذا، الأمر أكبر من ذلك بكثير، صحيح ساويرس قام بتصفية كل أعماله فى مصر، ويمكنه فى أى وقت أن يترك البلاد ويرحل ويتركنا لمصيرنا وحدنا إلا أننا سنفقد داعماً كبيراً لليبراليين فى مصر لكن لابد أن يصمت الأخ ساويرس، ويختفى ويبتعد عن الحديث فى السياسة، ليترك من يفهم فى السياسة كل حسب صفاته أن يدافع عن أيديولوجيته الواقفة ضد قوى الظلام التى ستحكمنا بفضل الأخ ساويرس وغيره ممن باعوا البلاد والأغبياء والفشلة والخونة، ليتركونا نتجرع وحدنا مرارة ما هو قادم كما تجرعناها فى الماضى.. مهندس ساويرس، اسكت واختف.