حالة الخوف التي عمت الشعب المصري بعد ظهور مؤشرات المرحلة الأولي من الانتخابات وسيطرة التيارات الإسلامية علي معظم الدوائر، يري البعض أنها حالة مبالغ فيها، لأنه مهما كانت قوتها فإنها لن تستطيع أن تفرض رأيها أو تحتكر السلطة لنفسها، بينما يري البعض الآخر أن هذه المخاوف طبيعية وفي محلها لأن الأحزاب الإسلامية لم تحدد موقفها في كثير من القضايا الشائكة حتي اليوم. في البداية يري الدكتور عبدالمنعم تليمة أن هذه الانتخابات هي أفضل انتخابات عاشها المجتمع المصري منذ 90 عاما حيث إن الانتخابات الدستورية بدأت في عام 1923 ولكن هذه هي الأفضل؛ وأضاف تليمة ما يهمني هو الأداء الديمقراطي النظيف وقد ظهر ذلك في المرحلة الأولي تماما. وعن فوز التيارات الإسلامية بنسبة عالية قال هناك حالة من المبالغة الشديدة من السيطرة الإسلامية، لأنه من الطبيعي أن تكون الجولة الأولي من الديمقراطية متخبطة وغير متزنة، وقال إن البرلمان القادم والمجالس المحلية والنقابات وكذلك أي حكومات قادمة حتي رئيس الجمهورية لن تدوم طويلا وستكون مؤقتة لفترة لا تتعدي العامين لأنها ستكون قديمة ولن تتواكب مع الروح الثورية؛ ومهما كانت قوتها لن تتمكن من احتكار السلطة أو الانفراد بالحكم وإصدار القرارات أو إحداث تحولات في فكر وثقافة الشعب المصري. واعتبر تليمة أن حالة التخوف هذه استهانة بالشعب المصري مؤكدا أن الأيام القادمة قد تسفر عن مفاجآت لم يتوقعها أحد؛ وقال الشعب الذي استطاع أن يصنع ثورة مجيدة سليمة أبهرت العالم لا يمكن لأي تيار أو فصيل أن يصادر علي آرائه أويغير فكره وثقافته. أما الكاتب الروائي سعيد الكفراوي فيقول: لم أصب بالدهشة من هذه النتائج؛ فواقع الناس في المجتمع المصري وأحوالهم وثقافتهم وتدينهم وطبيعة تعاملهم مع التيارات الإسلامية حالة طبيعية نراها في الشارع المصري لأسباب كثيرة منها الأمية وعدم الوعي؛ وأضاف الكفراوي: في الحقيقة لم أنزعج من هذه النتائج وأقول أهلا بالإسلاميين، ولنري ماذا سيفعلون في الاقتصاد المتدهور؛ والدور السياسي المفقود وإن كنت أتوقع أنهم لن يكملوا حتي نهاية المرحلة الانتقالية الحالية. وعن شكل الانتخابات في المرحلتين الثانية والثالثة قال: بالطبع ستكون إسلامية لأن مرجعية الشارع إسلامية؛ ولا يعرف الشارع المصري شيئا عن التيارات الأخري كالليبراليين أو الاشتراكيين أو الوفد وغيرهما من التيارات التي تسعي الي تحقيق الديمقراطية؛ ولكنها فشلت في الوصول إلي الناس. وأضاف الكفراوي أنه بالرغم من القلق والإحساس بأن النتائج جاءت عكس رغبات البعض إلا أنه في النهاية هذه هي نتيجة الديمقراطية التي طالبنا بها وقمنا بثورة من أجلها، وهي أن نقبل النتيجة التي تفرزها الصناديق، وأشار الكفراوي إلي أنه يميل إلي التيار الإسلامي لعل اختياره يكون سببا لنهاية سيطرته، فعندما يواجه المشاكل في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية ويتعامل معها ستتضح اتجاهاته، خاصة أن الشعب المصري لن يقبل بأي احتكار للسلطة من جديد. وقال الكاتب صلاح عيسي: أن هذه الانتخابات تدور في فلك الطائفية؛ فالانتخابات طائفية وليست سياسية، لأن الناخبين استندوا في عملية التصويت علي الانتماء الديني؛ ولا يمكن اعتبار ذلك دليلا علي التنوع السياسي الموجود داخل المجتمع. وأضاف عيسي أن المرحلة الأولي قد تكون مرحلة وانتهت ومن الممكن أن تشهد المرحلتان القادمتان «الثانية والثالثة» تعديلا في أفكار الناخبين ومن الممكن أيضا أن يظهر ذلك في صناديق الانتخابات في المرحلتين القادمتين مما يحدث نوعا من التوازن داخل مجلس الشعب القادم، ومن الممكن أن يحدث العكس ونجد الأغلبية داخل البرلمان من التيارالإسلامي. وعن إمكانية استمرار البرلمان القادم حتي نهاية دورته أم أنه سيستمر لفترة مؤقتة، قال عيسي: أعتقد أن الدستور القادم سيتضمن بقاء مجلس الشعب؛ والرئيس القادم حتي انتهاء مدة كل منهما إلا إذا حدثت أوضاع استثنائية قد تؤدي إلي غير ذلك. - نتائج متوقعة يقول نبيل عبدالفتاح الباحث الاستراتيجي: النقطة الأولي إن النتائج الأولية للانتخابات لم تكن غريبة بل متوقّعة وذلك بالنظر للعمل الدءوب للإخوان والجماعات السلفية علي اختلافهم وأحزابهم في السعي لقصر المدة الزمنية التي تجري بها المرحلة الانتقالية لأنهم يدركون تماما أنه إذا طالت المدة يمكن أن يؤثر ذلك علي صورتهم السياسية.. النقطة الثانية: أنه في المرحلة الانتقالية يكثر شحن الجماعة الناخبة بالشعارات الدينية التي تؤدي إلي قسمة الأمة رأسياً إلي أقباط ومسلمين وهذا ما نجح به الطرفان الإخوان والسلفيون.. وحدثت التعبئة الدينية السياسية.. وحشد الجماعة الناخبة علي أساس الانتماء الديني وليس الوطني.. النقطة الثالثة: أن الأحزاب الأخري كانت تعاني مشاكل في التنظيم وجمع أفكارها وخصوصا الأحزاب الجديدة التي لا تملك تمويلا كافيا للدعاية.. كما أن البسطاء من العمال والفلاحين ينتخب الذي يساعده بالمال، والإخوان والسلفيون لديهم ما يكفي لهذا النوع من الدعاية.. النقطة الرابعة جزء مهم من التراث الانتخابي تكرر منذ 1952 وحتي بعد 25 يناير وهو أن العمليات القومية لا تؤدي بالضرورة إلي تغيير في إدراكات الناخبين السياسية ووعيهم وثقافتهم الانتخابية، وبالتالي نعيش مع ثقافة انتخابية قديمة والملاحظ أن العصبية لازالت تؤثر علي الأصوات وخاصة في الأرياف: النقطة الخامسة القاهرة والإسكندرية وكفر الشيخ اجتاحتها الموجة السلفية التي كان يرعاها النظام السابق في مواجهة الجماعات الإسلامية ومواجهة القوي الديمقراطية في مصر علي مدار عشرين عاما وأكثر فاستطاعوا من خلال السماح الأمني لهم بالتمكن من القضاء علي البوليتانية التي تدعو للتعدد الديني والثقافي.. فأصبحت سلفية بامتياز منذ أكثر من 15 سنة، النقطة السادسة: أن الأحزاب القديمة تم تجريفها وتم استخدام سلاح المال لهدمها لصالح بعض رجال الأعمال؛ النقطة السابعة: أن رموز النظام استطاعوا التداخل وسنجدهم في البرلمان القادم. أما عن المشهد في الجولة الثانية والثالثة فسوف يتأثر لأن الجماعة الناخبة ستتأثر بنتائج المرحلة الأولي وتعطي أصواتها للفائز.. ومن ناحية أخري سوف تخشي بعض القوي السياسية الأخري من سطوة القوي الإسلامية علي البرلمان وتغيير نمط الحياة وانتهاك الحقوق الشخصية والحريات العامة مما سيؤدي إلي تصويت بعضهم للقوي الجديدة.