فتحت الأحداث الأخيرة فى سيناء الحديث مجددا عن ملف «تنمية سيناء كضرورة للأمن القومى المصرى، حيث يعد مشروع تنمية شمال سيناء من أحد المشروعات القومية العملاقة التى طرحتها الحكومة فى الثمانينيات حتى يمكن دخول القرن الحادى والعشرين بخريطة زراعية جديدة لمصر وتتضمن أهداف المشروع: تقوية وتدعيم سياسة مصر الزراعية بزيادة الرقعة الزراعية والإنتاج الزراعى، والاستفادة من مياه الصرف الزراعى التى كانت تضيع سدى فى البحر،وإعادة توزيع وتوطين السكان بصحراء مصر وربط سيناء بمنطقة شرق الدلتا وجعلها امتدادا طبيعيا للوادى واستغلال الطاقات البشرية للشباب فى أغراض التنمية الشاملة.. فسيناء هى الانطلاقة الكبرى نحو إعادة توزيع السكان على صحراء مصر الشاسعة والغنية بخيراتها فالتنمية الشاملة لسيناء تشمل جميع النواحى والمشروعات الاقتصادية المتمثلة فى الزراعة والصناعة والتعدين والسياحة والمجمعات العمرانية الجديدة وما يتبعها من مشاريع خدمية والانطلاق من ضيق الدلتا والوادى وتكدس السكان إلى رحابة سيناء حيث تمتد على مساحة 60088 كيلو متراً مربعاً وتمثل 6% من مساحة مصر، حيث تمثل لها شبه جزيرة سيناء منطقة جذب للسكان، والاستثمار فى سيناء بدأ منذ بداية تسعينيات القرن الماضى ليشمل جميع المجالات بدءاً من إقامة ترعة السلام بطول 87كم غرب قناة السويس عند الكيلو 219على فرع دمياط. والتى تتجه شرقاً عند الكيلو 27 جنوب بورسعيد ثم تعبر أسفل قناة السويس وتمتد شرقاً حتى وادى العريش (شرق القناة) لتسمى ترعة الشيخ جابر بطول 175كم، وإقامة 3 محطات من عدد 9 محطات لخلط ورفع المياه على طول القناة لتخدم مساحة 620 ألف فدان منها 220 ألف فدان غرب القناة وتم تنفيذ مرحلة ثانية (شرق الدلتا) لاستصلاح وزراعة مساحة 400 ألف فدان على مياه ترعة السلام حيث تميزت سيناء بالعديد من المعالم السياحية التى شملت جميع المناطق بدءاً من شاطىء العريش الذى يشتهر بشاطىء النخيل نظراً لوجود غابات أشجار النخيل على امتداد الشاطىء حيث يصل طول شاطىء العريش إلى 10كم ويتميز بوجود الكورنيش الذى تتوافر فيه جميع الخدمات السياحية، بالإضافة إلى محمية الزرانيق حيث تنتمى للأراضى الرطبة للبحر المتوسط وتشغل مساحة 52كم2 للجزء الشرقى لبحيرة البردويل وتقع على مساحة 35كم غرب مدينة العريش وغيرها من المعالم التى تجذب الآلاف من السياح. بالإضافة إلى أن الاستثمار فى سيناء حدوده لاتنتهى فهناك أكثر من 13 مشروعًا فى مختلف المجالات بتكاليف استثمارية 922 مليون جنيه وتوفر حوالى 1401 فرصة عمل، فضلاً عن المنطقة الحرفية ومساحتها الكلية 238 فدانا وهذه المنطقة هدفها وجود جميع الورش الصناعية والحرفية فى مكان واحد لمنع التلوث البيئى وانتشاره فى المنطقة. - معوقات وكانت جمعية مستثمرى سيناء قد تقدمت بمذكرة إلى الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء تطالبه فيها بالموافقة على إنشاء وزارة مستقلة لتنمية سيناء؛ لما تمثله من أهمية اقتصادية كبرى ستضيف كثيراً للاقتصاد القومى، وللمساعدة فى إنقاذ مشروع تنمية سيناء؛ الذى دخل فى النفق المظلم؛ نظراً لصعوبة إنهائه وفقاً للجدول الزمنى المخصص له. وأكد تامر الشوربجى، رئيس الجمعية، أن المشروع القومى لتنمية سيناء المقرر أن يتم الانتهاء منه عام 2017م لم ينفذ منه سوى 5% فقط من المستهدف؛ مما صعب من مهمة اللحاق به فى الوقت الذى تم تحديده، مضيفا أن المشروع يضم إنشاء منطقة السر والقوارير الصناعية على مساحة 120 ألف فدان، تضم مشروعات صناعية وزراعية، والغالبية العظمى ستكون من نصيب التصنيع الزراعى إلا أن العمل على هذا المشروع لايزال متوقفا بسبب عدم توصيل مياه ترعة السلام إليها. وأوضح الشوربجى أنه لدفع عجلة الاستثمار يجب إزالة كل المعوقات الاستثمارية ودعم المناطق الصناعية وإعداد خريطة باستخدامات الأراضى فى سيناء وتحديد مناطق للاستثمار الزراعى والصناعى والسياحى والاستزراع السمكى بسيناء؛ لما تمتلكه من الموارد الطبيعية المتوافرة والإمكانات المتاحة وسبل الاستثمار الأمثل لها. - السيادة وفى هذا الإطار أكدت الدكتورة عالية المهدى عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن وضع سيناء فى غاية الخطورة ويجب الاستعداد له بخطوات مدروسة، خاصة أن الاقتصاد المصرى والسياحة بدآ يخرجان من عنق الزجاجة ويخطوان خطوات إيجابية نحو دفع عجلة التنمية، بالإضافة إلى أن الوضع فى نوبيع ودهب كان مازال بعيدا عن مسرح الأحداث فلابد الأخذ فى الاعتبار أن كل هذه الأحداث تخلق لدى معظم السياح فكرًا واحدًا وهو أن مصر فى حالة حرب خاصة بعد إعلان حالة الطوارىء فى سيناء، ومن هنا تتراجع السياحة بشكل شديد الخطورة، فضلا عن السياحة التى ترتبط ارتباطا وثيقا بالاستقرار الأمنى والهدوء فى الشارع فلا داعى لكثرة الاعتصامات والاحتجاجات أمام السفارة الأمريكية والإسرائيلية فكل ذلك يخلق حالة من التوتر فى الشارع المصرى ويؤثر سلبا على جميع النواحى الاقتصادية فى مصر ليس فقط السياحة. وأضافت د. عالية أنه لابد من حسم الأمور وإعادة الانضباط السياسى والعسكرى بأسرع صورة ممكنة فى سيناء والدفع بحركة الاستثمارات حسب الخطة الموضوعة لعام 2011 2012، خاصة أن وضع مصر فى حالة رواج بعد ثورة يناير فلابد من إعلان أن مصر أصبحت خطًا أحمر وذلك من خلال اتخاذ مواقف حازمة وليس بمعنى إعلان الحرب، ولكن السير بخطوات مدروسة حتى نضغط عليهم ونجعلهم يضعون فى الاعتبار مصر قبل أى حدث عنيف وأخيرا لابد من تفعيل سيادة بلدنا. - مواسم وأكد الدكتور أحمد جلال الخبير الاقتصادى ورئيس منتدى البحوث الاقتصادية أننى أرغب فى ألا يكون الحديث عن تنمية سيناء مجرد «حديث مواسم» يظهر عند حدوث أزمة أو مشكلة كبيرة فى سيناء. مشيرا إلى أن كل الأحاديث عن تنمية سيناء عبارة عن نوع مما أسماه «أحاديث المناسبات» التى تأتى بحدوث أى مشكلة أو انفجار يمس الأمن القومى فيثار الحديث عن تعمير وتنمية سيناء ولا تحدث أى آليات تنفيذية لهذه التنمية، موضحا أن تعمير سيناء لن يتم إلا إذا كانت هناك عوامل اقتصادية تحفز على المعيشة فى سيناء. وأضاف أن تنمية سيناء الحقيقية لاتقتصر على مجرد إنشاء وزارة أو جهاز تنفيذى لأنه من الممكن أن إنشاء الجهاز ولكن قد لا يكون دوره فعالاً. ولكن الأمر يتطلب وجود تصور تنموى لكل أبعاد التنمية فى سيناء على جميع الأصعدة سواء المجال السياحى وكذلك الاقتصادى والزراعى داخل سيناء فلابد من وجود آليات لتشجيع المواطنين للذهاب إلى سيناء ووجود حوافز للمستثمرين لتنفيذ مشروعات هناك، ولا يقتصر الحديث على إنشاء جهاز لتنمية سيناء فلابد أن يكون هناك تصور لحياة اجتماعية متكاملة ووجود آليات لتنفيذ هذا التطوير. - حرمان وتقول د. أمنية حلمى أستاذ الاقتصاد بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية إن سيناء جزء لايتجزأ من مصر ولا بد من توطين هذه المساحة حتى لا تكون مطمعًا ينتزع ملكيتها لأطراف أخرى خارجية فلقد سبق وقدم المشروع الوطنى لتنمية سيناء ولكن مازالت سيناء بلا تنمية إلى الآن ومهدرة الحقوق فلقد ظلمت لعهود كثيرة وحرمت من سبل التنمية. وأشارت د. أمنية أنه لابد من إيجاد مشروعات تساعد على التوطين ومجالات من خلق فرص عمل وبنية تحتية وتخطيط عمرانى متكامل. وتقترح د. أمنية أنه من باب أولى إنشاء وزارة فى العاصمة للتنسيق مع الوزارات المعنية ويتبع لها جهاز تنفيذى داخل سيناء. وقالت د. أمنية إنه للأسف لايتم تسليط الضوء على سيناء إلا عندما تحدث أزمة داعية إلى ضرورة إعداد برامج للتنمية والتطوير ذات مدى طويل وقصير الأجل.