معتز الدمرداش يتحدث لمحررة صباح الخير الذهاب لمحاورته بالتأكيد مهمة ليست بيسيرة فهو إعلامى لامع ومحاور متميز وأحد أهم مقدمى البرامج فى مصر، وغير هذا فهو الأقرب لقلوب الكثيرين «معتز الدمرداش» صاحب الطلة المبهرة والأداء المميز المصحوب بخفة ظل فهو يظهر لنا بشخصيته الحقيقية دون تزييف أو تجميل، وبعد أن ظل يتساءل لخمس سنوات «إنتى فين يا حكومة»، غاب بعدها عن الشاشة فى الفترة التى كانت تلك الحكومة تستقر فى «طرة» ليعود لنا مرة أخرى ببرنامجه الجديد «مصر الجديدة»، ذهبنا إليه ليحدثنا عن أحلامه ل«مصر الجديدة» الديموقراطية التعددية، وعن مواصفات رئيس مصر القادم وكيف يجب أن يكون التناول الإعلامى من وجهة نظره الأحداث المتلاحقة التى تمر بها البلاد. ريشة جمال هلال * وفقا للأحداث المتلاحقة التى تمر بها مصر هل أنت متفائل أم متشائم؟ - أنا بصفة عامة عمرى ما كنت متشائماً ولا أنتمى لمعسكر المتشائمين، ولكن المرحلة الانتقالية فى أى مجتمع فى الدنيا هى مرحلة صعبة ونحن فى مصر من عشرات السنين لم نمر بمراحل انتقالية أو ظروف سياسية تشبه تلك التى نعيشها الآن، فلا شك أن المجتمع المصرى يمر بفترة تحول الآن وظروف هذا التحول فى حد ذاتها صعبة فنحن فى مرحلة ولادة عسيرة أو مرحلة عنق الزجاجة ولكن رغم كل هذا أنا دائما متفائل وسنمر بكل هذه الظروف. * وما هو تقييمك للمشهد السياسى الحالى؟ - نحن فى مجتمع يتم إعادة تشكيله من جديد ويتفاعل، وما نمر به الآن مرحلة منطقية جدا إلى أن يعرف كل شخص دوره، وإلى أن يستمر الوضع السياسى فى مصر، لقد خرجنا من تحت سيطرة نظام سابق كان أحد أبرز عيوبه من وجهة نظرى أنه أثر على عقلية المواطن المصرى بالسلب لذلك، فالمواطن المصرى الآن يحتاج إلى جرعات من الأمل فى الغد وجرعات تنوير من قبل الإعلاميين، وقادة الرأى فى البلد لكى نمهد له أن يعيش حياة ديموقراطية سليمة لذلك فأى أزمة نمر بها الآن أو أى حدث صعب اختبرته البلاد هو أمر طبيعى، ولكن أتمنى أن نجتاز هذه المرحلة ونصل إلى حالة الاستقرار السياسى لكى ننطلق إلى الأمام كما هو مفترض من أهداف الثورة، والانطلاق بالشعب المصرى للمستقبل وأن نرى مصر تأخذ مكانتها الحقيقية وسط دول العالم. * وما هى أحلامك ل«مصر الجديدة»؟ - أحلم أن تكون مصر الجديدة دولة قوية ولها مكانتها وسط المنظومة الدولية، دولة تحفظ فيها كرامة المواطن المصرى، دولة ديناميكية تحافظ على الحراك بداخلها وتتحول فيها كل الطاقات السلبية إلى طاقة إيجابية لبناء المستقبل ولتمهيد المشهد للأجيال القادمة لتكون أجيالاً مؤثرة بشكل حقيقى، وأتمنى أيضا أن أرى بلدى دولة مدنية يحترم فيها شركاء الوطن والمواطن الذى يسير فى الشارع دون النظر إلى عقيدته أو إلى مستواه الاجتماعى وأحلم بمصر الجديدة بلد تنعم بالتعددية، وبأن يكون الجميع سواسية تحت طائلة القانون ولا يميز أحد بسبب حظوة أو سلطة أو مال وأن يكون «الوزير زى الغفير». * ابتعدت عن الشاشة فى فترة حساسة شهدت العديد من الأحداث، والقبض على العديد من رموز الفساد كيف كان تأثير هذا الغياب عليك؟ - عندما غبت عن الشاشة ثلاثة شهور فضلت أن تكون فترة استراحة وفرصة لالتقاط الأنفاس، بعد أن قدمت «90 دقيقة» لمدة خمس سنوات متواصلة وأنا سعيد فهذه كانت استراحة لالتقاط الأنفاس وفرصة للنظر إلى الأمور من على بعد وتقييم الأوضاع ودراستها، وحتى من الناحية المهنية كان يجب أن أفصل بين البرنامجين، فلا ينبغى أن أخرج من برنامج إلى آخر بدون فاصل زمنى بينهما، لذلك كنت أراقب الوضع وأدرسه ولم أكن بعيداً عن الحدث سواء بالاجتماعات مع زملاء المهنة أو حتى مع مؤسسات فى البلد من أصحاب الكلمة. * لماذا تم اختيار «فريد الديب» محامى الرئيس السابق ليكون ضيف أول حلقة فى البرنامج؟ - طبيعة الأشياء، فاختيار الحوارات فى البرنامج وضيوفه يتم بشكل جماعى، فهناك فريق عمل يجتمع وورشة مفتوحة طوال أيام الأسبوع للمشاورة فيم بيننا والمناقشة وتبادل الأفكار وقبل بداية البرنامج كان لدينا أكثر من اختيار وبديل ووجدنا أن فريد الديب يصلح لأن يكون ضيف أول حلقة ووقع الاختيار عليه بقرار جماعى من قبلنا جميعا أنا وفريق الإعداد، والسبب يرجع أيضا لاختيار الصحفى لأى شخصية يجرى معها حوار لشعورى أنه له اهتمام معين فى الرأى العام ومحامى لرئيس سابق مخلوع والرأى العام فى انتظار محاكمته، فاستضفنا محاميه ليشرح لنا الأوضاع ولكن الأهم هو أن الحوار يكون موضوعياً ولا يسير فى اتجاه الدعاية أو التأثير على القاضى المكلف بالحكم فى هذه القضية و،من هنا ينطلق مبدأ المهنية فى الحوار لذلك فالمحاور فى مثل هذا الموقف يجب أن يكون يقظاً جدا. * تحرص على استضافة مرشحى الرئاسة بشكل مستمر، هل من الممكن أن نرى مناظرات فعلية بينهم يوما ما لمناقشة خطط وبرامج كل منهم؟ - أحاول تقديم مناظرة كل أسبوع لأن مصر الجديدة أتمنى أن تكون دولة ديموقراطية وأول مبادئ الدولة الديموقراطية هى أن نستمع لبعضنا البعض وأول مبادئها أن نختلف مع بعض ولكن دون عداء وأنا كإعلامى ليست مهمتى أن أحكم على النوايا، ولكن من حق المشاهد الذى يمثل الرأى العام أن يكون مطلعاً على وجهتى النظر والرأى والرأى الآخر المعارض، فبالنسبة لى تلك المناظرات تعد أداة من أدوات مصر الجديدة ومعلماً من معالمها. * هل ترى أن علنية محاكمات رموز الفساد كان لها تأثير إيجابى على الشارع المصرى وساهمت فى تهدئة الرأى العام؟ - أرى أنها خطوة إيجابية فى الطريق الصحيح تبعد فكرة التباطؤ والتواطؤ المحفورة فى أذهان البعض لأننا نظرية المؤامرة مترسخة لدينا، لذلك فإن العلنية فى المحاكمات تعتبر سكة قصيرة لقطع الشك باليقين كما شاهدنا مثول مدير صندوق النقد الدولى «دومينيك شتراوس»، أمام المحكمة فى قضية تحرش فهذه العلنية فى المحاكمات خطوة فى منتهى الشفافية. * لماذا يسود فى الشارع شعور بالتباطؤ من قبل المجلس العسكرى؟ - أصبح المجتمع أخيرا يشعر أنه حر، ونختبر فكرة الاختلاف مع الحاكم والضغط عليه لتحقيق نتائج أفضل، والمجلس العسكرى الآن هو الحاكم فى المرحلة الانتقالية وبصيغة ارتضيناها، فالمحكوم يقوم بضغط والحاكم يستجيب قد يكون يستجيب بتباطؤ وقد تكون حدثت فجوة فى التواصل، ولكن بنظرة موضوعية شديدة للأحداث هناك تتطور منذ بداية الثورة حتى الآن هناك بالفعل مطالب لم تنفذ ولكن أنا إنسان إيجابى أشعر أن هناك أملاً لأنه بالفعل حدثت تطورات كبيرة لم نتصورها فأريد أن أنحى نظرية المؤامرة جانبا لبعض الوقت وأعطيها إجازة. * هل ثورتنا أصبحت بحاجة إلى دعم شعبى من جديد، حيث عدنا لنقطة البداية مرة أخرى ونشهد اختلافات فى الرأى مرة أخرى؟ - نحن بحاجة بالفعل إلى مزيد من الحوار لأن الحوار بين المؤسسات الموجودة فى مجتمعنا الآن غير كافٍ من وجهة نظرى فيجب فتح العديد من قنوات التواصل وقنوات الحوار لكى يحدث تطور فى الموقف السياسى فيجب أن تتحاور ائتلافات الشباب مع بعضها البعض ثم تتحاور مع المجلس العسكرى، والمجلس العسكرى يجب أن يتحاور مع دكتور عصام شرف وحكومته، وحكومة عصام شرف يجب أن تتواصل مع ائتلافات الشباب، وأن تتحاور الائتلافات أيضا مع المعارضين لهم. * ماهى المواصفات التى يجب أن تتوفر فى رئيس مصر القادم؟ - يجب أن يكون إنسان فاهم البلد قوى ولديه رؤية خارج الصندوق لأن مشاكل مصر مشاكل عميقة وتحتاج حلولاً غير تقليدية، والأهم من هذا كله أنه يجب أن يكون مثقفاً سياسيا ويدرك جيدا أنه ليست لديه سلطة مطلقة وأنه سيكون دائما تحت المساءلة والرقابة الشعبية. * لماذا يصنع المصريون الفرعون؟ - إذا رجعنا لدروس التاريخ وإذا رجعنا للتاريخ القريب سنجد أنه تم حكمنا بطريقة لم تؤهلنا لأن نحكم بإنسان بشر وليس فرعوناً، وهذا لن يحدث بين ليلة وضحاها بل تأخذ سنوات وقروناً لكى تترسخ فى المجتمعات، ولكن حتى لو كنا نحكم بهذه الطريقة آن الأوان لتتغير هذه المفاهيم ومصر الجديدة لن يحكمها فرعون. * ماذا عن محاكمة الرئيس السابق؟ - هو مثله مثل أى متهم، ولكن القضية تحظى باهتمام كبير من الرأى العام لذلك التناول الإعلامى لها كان بكثافة لما لها من جاذبية إخبارية وجاذبية المشاهدة والمتابعة مع الجمهور الذى نعمل لصالحه. * التليفزيون المصرى فقد مصداقيته فى الشارع واستمر ذلك حتى بعد تغيير القيادات، كيف يستعيد مكانته لدى المتفرج؟ - التليفزيون المصرى فى وضعه الحالى يحتاج لحلول غير تقليدية بعيدا عن تغيير القيادات فهو بحاجة إلى تطهير مؤسسى، فهذه التركة الثقيلة تحتاج إلى إعادة تشكيل من البداية وعمل محطات تخاطب الناس وليس الحكام وتخاطب قضاياهم الفعلية الحقيقية للوصول إلى مرحلة إعادة بناء الثقة بين المشاهد وبين تليفزيون بلده الحكومى، وإدارة هذه المحطات الخاصة به يجب أن تنفصل عن الحكومة فهو تابع إداريا للحكومة، ولكن تبعيته لا تعنى أن إدارته الحقيقية تكون من قبل الحكومة بل من قبل هيئة مستقلة مكونة من أفراد وطنيين ومهنيين محترفين يديرونه ويحولونه إلى منظومة مهنية احترافية تحظى بجاذبية ونسب مشاهدة مرتفعة.