كلية الشرطة.. أو كلية الأكابر كما كانت تسمي.. حلم كل شاب في مصر منذ نعومة أظافره ولكنه كان حلما مستحيلا لا يجرؤ أن يحلمه أي شاب بسيط ليس لديه واسطة ولا يمتلك من الحياة سوي جهده وتطلعاته لمستقبل أفضل فهل تغير الحال بعد الثورة وصار القبول للأصلح ؟ وهل أثرت الأحداث الأخيرة علي رغبة الطلبة في الالتحاق بالكلية؟ اللواء عماد حسين مساعد وزير الداخلية ورئيس أكاديمية الشرطة في تصريحات خاصة لصباح الخير يقول: أتوقع أن يكون الإقبال شديدا هذا العام أكثر من الأعوام السابقة وأن الأحداث الجارية سوف تؤثر بالإيجاب علي رغبة الطلبة في الالتحاق بالكلية وذلك لأن الشعور الوطني العام يعطي هذا الانطباع فلقد زاد الحس الوطني لدي الشباب وزادت رغبته في المساهمة في تنمية المجتمع وزيادة أمنه وازدهاره، وحتي الآن لم تخطرنا وزارة الداخلية بالأعداد المطلوبة للأكاديمية ولكن الأكاديمية تفتح أبوابها لكل طالب مصري بغض النظر عن الانتماءات الدينية أو الطائفية أو السياسية وبدءا من يوم 23 يوليو سوف يفتح باب القبول لدفعتين جديدتين الأولي لخريجي الثانوية العامة والثانية لخريجي الكليات المختلفة من خريجي تخصصات الطب والهندسة والعلوم وسوف نقبل عنصرا نسائيا من خريجات كليات التمريض وحسب تعليمات اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية أنه لن تكون هناك وساطة أو محسوبية. أما شروط القبول لطلبة الأكاديمية الحاصلين علي الثانوية العامة هذا العام فهي نفس الشروط القديمة ولكن تم تطوير آليات تنفيذها بما يتناسب مع طبيعة مجتمع يتطلع للعدل والمساواة والديمقراطية وذلك من خلال عدة محاور: - سوف يتم التقدم للأكاديمية من خلال موقع وزارة الداخلية علي شبكة الإنترنت، حيث يتم نسخ نموذج التقدم للأكاديمية ثم ملء البيانات وتسليمه للأكاديمية وذلك تيسيرا علي الطلبة. - وهذا العام سوف نكتفي بالتحريات حتي أقارب الدرجة الثالثة بدلا من الدرجة الرابعة. - تم تغيير شرط الوزن من (الطول بالسم ناقص100 إلي الطول ناقص 90) وذلك لنضمن أن يكون الطالب متناسق القوام غير قابل للسمنة وهو نفس الوزن المطلوب بالكلية الحربية. - سوف يتم إلغاء كشف الصدر والذي كان يتطلب أن يكون محيط قياس الصدر 85 سم بعد أن لوحظ أن هذا الشرط يتم استيفاؤه طوال فترة الدراسة بالأكاديمية) الاعفاء خاص بالطلبة الجدد ولكن لا يعفي منه الضباط المتخصصون خريجو الكليات المختلفة حيث يتطلب أن يكون محيط الصدر 83). - كما تقرر أن تدمج اختبارات (طول القامة وتناسق القوام واختبار القدرات) في يوم واحد بدلا من ثلاثة أيام تيسيرا علي الطلبة. - فضلا عن ذلك فقد قامت الكلية بتخصيص منافذ خدمية للمتقدمين لمن يريد استخراج صحيفة أحوال أو شهادة ميلاد أو تصوير ورق وخلافه. هل نتوقع أن تتغير السياسة التعليمية لطلبة الأكاديمية بحيث تخرج ضباطا بأفكار جديدة تماشيا مع الأحداث الأخيرة؟ خاصة أن هناك مجموعة من أطباء علم النفس تقدموا لوزير الداخلية بدراسة تستوجب إخضاع الضباط لارشادات نفسية تمكنهم من التعامل مع الجمهور بشكل أفضل محاولة لتقليل الفجوة التي حدثت بينهم؟ لنكون أكثر واقعية يجب أن نقر أنه بعد ثورة يناير تتجه كل مؤسسات الدولة إلي تعديل سياساتها وآلياتها الخدمية بما يتوافق مع القيم التي أفرزتها ثورة يناير من عدالة ومساواة وضرب الفساد ونحن ننفذ ذلك بتغيير فلسفة إعداد ضابط الشرطة داخل الأكاديمية من خلال تعديل المناهج وأسلوب التدريس بما تقتضيه طبيعة الظروف الجارية. فنظام التعليم داخل الأكاديمية يعتمد علي شقين الأول: علوم جامعية تماثل ما يدرسه طلبة الحقوق والثاني علوم شرطية ولقد كنا نعمد من قبل إلي إعداد الطالب إعدادا قانونيا بحرفية المواد الدراسية لتخريج رجل قانون (يكتب محضرا - يكافح حريقا - يقبض علي مجرم - يحتوي أزمة - ينقذ أسرة). ولكن اليوم نسعي إلي تدريبه علي آليات تنفيذ هذه القواعد من خلال إبراز الجانب الإنساني في تعامله مع الجمهور علي اختلاف شخصياتهم وفئاتهم (جان - مجني عليه - شاهد - محقق - خبير). ويتم ذلك من خلال إضافة مواد جديدة تتعلق بفن التعامل مع الغير بالإضافة إلي تطوير للمناهج الدراسية السابقة والتي تقرر أن تكون أساسها الأحداث الجارية وأن توظف فيها مبادئ علم النفس بالشكل الذي تقتضيه الظروف الحالية وخاصة المواد التي تتعلق بالعلاقات العامة والإنسانية واتجاهات الرأي العام وحقوق الإنسان وحماية حرياته الأساسية. وقد قمنا بتكليف مجموعة من أساتذة الأكاديمية بتعديل المناهج بحيث ننتقي دروسا مستفادة من وقائع حدثت وتتم مناقشتها بموضوعية بين الأستاذ والطالب وذلك لتنمية قناعات واتجاهات الطلبة بما يحقق تطوير أسلوب المعاملة مع الجمهور وحماية حقوقه الأساسية وتم تحديد جدول زمني للانتهاء من المناهج وتسليمها للأكاديمية لمراجعتها واعتمادها. وما حقيقة مادة الإجرام التي يقال إنه يتم تدريسها للطلبة داخل الأكاديمية لتدريبهم علي العنف في التعامل مع الجمهور؟ - هذه إشاعة ليست حقيقية ولا يوجد ما يسمي مادة الإجرام ولكن علم الإجرام في القانون هو علم يبحث عن أسباب الانحراف عند الأسوياء وهي مادة تدرس لطلبة كلية الحقوق ولا تتعرض إطلاقا لطريقة تعامل الشرطي مع المواطن. وبناء علي تعليمات اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية قمنا بإعادة تطوير فلسفة الأكاديمية والتنبيه علي تغيير أسلوب التدريس للطلبة داخلها وعليه فقد تم استبعاد بعض مدرسي الأكاديمية كما تمت الاستعانة بأكثر من 20 ضابطاً شابا تم اختيارهم من الخارج بدقة وموضوعية بعيدا عن الواسطة والمحسوبية ليمثلوا نقطة انطلاق حقيقية للأكاديمية لتدريب الأجيال القادمة تنفيذا للسياسة الجديدة في مجال إعداد الطلبة وتدريب الضباط كل حسب رتبته وطبيعة وظيفته فالأكاديمية ليست مسئولة عن إعداد الطلبة فقط بل تدريب الضباط من درجة ملازم إلي درجة لواء ومنح الماجستير والدكتوراه ونشر الحركة الفكرية وحركة البحث العلمي وإن كان هناك من يقرن بين العنف والانضباط فنحن نؤكد أن العنف ليس الطريق لتحقيق الانضباط بل التفهم وأن يتعرف كل فرد علي حقوقه وواجباته فالحقوق والواجبات أصبحت مادة سلوكية وليست مجرد علم يدرس، فلكل فرد حدود يجب ألا يتخطاها ولقد بدأنا في تعديل منظومة السلوك في الأكاديمية منذ العام الماضي أساسه البعد عن العنف في معاملة الطالب ووضع معايير للتعامل داخل الأكاديمية بين الطلبة وبعضهم البعض وبينهم وبين غيرهم من الأساتذة أو العساكر الذين يقومون علي خدمتهم أو المؤسسات التي تقدم لهم الخدمات المختلفة وهذه المعايير أولها ألا يتخطي من هو أقدم منه ولا يتباسط مع من هو أحدث منه. بالإضافة إلي جانب آخر يتعلق بتطوير أسلوب التعامل مع الجمهور والمجتمع المدني بكل مؤسساته خاصة الإعلام الذي أصبح المؤسسة الأقوي تأثيرا في الفرد. علي هذا نستطيع القول بأن التجاوزات التي شاهدناها من بعض أفراد الشرطة جاءت نتيجة تعليمات مهنية ولم تكن سلوكيات تم التدريب عليها داخل الأكاديمية؟ نحن في مجتمع كبير يمكن أن يتجاوز أحد أفراده ولكن يجب ألا نعمم هذا الخطأ علي هيئة بها آلاف الأفراد وفي هذه الحالة يجب أن يكون رد فعل المؤسسة الأمنية يحقق جانبين: أولا: ردع خاص يتمثل في عقوبة مناسبة ثانيا: ردع عام يتمثل في أن يعرف كل زملائه خطأه وعقوبته لكي لا يتجاوز أحد منهم فيما بعد. هذا وأثق أن الأيام القادمة سوف تشهد زيادة التقارب بين الشرطة والمواطنين.