دفعوا دماءهم ثمنا لحرية وطنهم.. ضحوا بدرة شبابهم من أجل غد أفضل.. غد بلا فساد أو رشوة.. إنهم شهداء 52 يناير. فهل يكون جزاؤهم هو المتاجرة بدمائهم؟!! شهداء الثورة المصرية يباعون فى سوق النخاسة.. مافيا من السماسرة يتجارون بدمائهم الطاهرة.. أذيال الثورة المضادة يبيعون الأرواح مقابل 001 ألف جنيه أو شقة.. حالات تعايشنا معها ونقلناها لكم.. وهنا نطرح السؤال؟! من ولصالح من تحاول بعض الأيدى الخفية شراء دم الشهداء؟! لن يعوضنى عنه شىء: - على رصيف ماسبيرو قابلته.. شاكر عبدالفتاح والد الشهيد مصطفى الذى استشهد فى ميدان التحرير يوم جمعة الغضب برصاص أمن الدولة.. تحدث معى وقلبه ملىء بالدموع وسألنى مستنكرا: من يستطيع أن يبيع فلذة كبده؟ ومن الذى قد تسول له نفسه ويتخلى عن حق دم ابنه الشهيد مقابل مال أو شقة؟! - يحكى شاكر: منذ ما يقرب من يومين فوجئت باتصال من سيدة ادعت أنها صحفية، وقالت لى: ازيك يا أبومصطفى، فاستغربت بشدة، وسألتها: هل تعرفينى؟ فقالت: نعم يا عم شاكر. وأكملت: ما رأيك فى العفو عن رئيس الجمهورية؟! ألا ترى أنه شخص خدم البلاد لأكثر من 03 عاما، فبادرتها نعم هذا كان فى العشرة سنوات الأولى، لكن بعد ذلك أصبح فاسدا وجعل مجموعة من اللصوص هم من يتحكمون بنا وبالبلد. فقاطعتنى قائلة: لا تنسى أيضا أنه كان صاحب الضربة الجوية وأحد قادة القوات المسلحة. وهنا انفجرت فيها: وما شأنى أنا بهذا. فقالت: ما رأيك فى أن تتنازل عن قضية ابنك الشهيد مقابل ما تريده من أموال، أو شقة إذا أردت، وعليك أن تعرف أن ذلك أفضل لك لأن الدولة لن تعطى لك شيئا ولن يحاكم أحد. وهنا أغلقت الهاتف فى وجهها وبكيت بشدة وسألت نفسى: هل وصل الإجرام لهذا الحد؟! الله يرحمك يا ابنى. صفقة فى شارع طلعت حرب أما محمد كامل - بكالوريوس علوم وأخ للشهيد أحمد كامل، فقد جاء من بلدته الفيوم ليطلب القصاص لدم أخيه الشهيد الذى استشهد يوم جمعة الغضب وهو يحاول مساعدة مصاب. فوجئ محمد بشخص يأتى له فى الميدان ويسأله: هل أنت أخو الشهيد أحمد سمير، فأجابه الإجابة الطبيعية: نعم. ودار الحوار كالتالى: ف الرجل: هل حصلتم على أى تعويض من الدولة حتى الآن؟ - محمد: لا. فطلب منه الرجل أن يذهب معه إلى أقرب كافتيريا ليتحدثوا سويا. - يقول محمد كامل: وبالفعل وافقت وذهبت معه ولم أكن أدرى ماذا يريد منى؟ وفوجئت به يقول لى: أنت تعرف أن الدين يقبل الدية فى القتيل أليس كذلك؟ - فأجبته: نعم، لكن لماذا؟ فقال: ما رأيك فى أن تقبل دية أخيك مقابل أن تتنازل عن حقك فى تقاضى المسئولين عن وفاته؟ فسألته: ولو كان هذا هو أخيك، فهل تقبل أن تبيع دمه مقابل مال؟ - فادعى أنه هذا هو نصيبه وقدره ومكتوب له، وأى حديث لن يعيده لى. فرفضت رفضا شديدا، ونهرته وكدت أضربه لولا تدخل الناس، ثم تركته وانصرفت.. ويستكمل محمد كلامه قائلا: وبعد يومين فوجئت به يتصل بى مع العلم بأننى لم أعطه رقمى، وبمجرد أن عرفته أغلقت السماعة فى وجهه، فأرسل لى رسالة كتب فيها: عليك أن تعلم أن هناك كثيراً من أسر الشهداء قد قبلوا بالأمر، فخليك ذكى، ووافق زيهم، وصدقنى سيكون الأمر سرياً ولن يعرف أحد بالموضوع. ف رئيس المباحث يهددنى رئيس المباحث يساومنى».. هكذا بدأ معى أسامة علاءالدين 62 سنة والذى تردد كثيرا قبل أن يتحدث معى، فهو يخاف من بطش حسام فوزى - رئيس قسم الشرطة التابع لمنطقته، وهو قسم إمبابة. أسامة من أحد مصابى الثورة الذى تمت إصابته بثلاث طلقات على يد الرائد محمد العادلى أحد ضباط القسم يوم 192 وقام برفع قضية مع عشرة من أبناء منطقته ضد كل من الرائد محمد العادلى، والرائد محمد مختار ضباط قسم إمبابة وإبراهيم نوفل - مأمور القسم حيث قاموا برش الرصاص ضد كل مار فى الشارع أيام 82، 92، 03 يناير. وكان من بينهم أسامة، فوجئ أسامة بشخص يدعى مختار العمدة - أحد سكان المنطقة جاء إليه وقال له إن المقدم حسام فوزى - رئيس قسم إمبابة يعرض عليك عشرة آلاف جنيه مقابل التنازل عن القضية ضد هؤلاء الضباط. يقول أسامة: لقد رفضت الحصول على أية مبالغ فى مقابل السكوت عن هؤلاء المجرمين، حتى لا يهربوا من جزائهم. وهنا سألت أسامة: هل حاول هذا الضابط تهديدك بعد أن رفضت؟! - فأجاب: لا لم يهددنى شخصيا، لكنه قام بتهديد مصابين آخرين فى نفس القضية. ويؤكد أسامة علاءالدين أنه لن يتخلى عن قناعته الشخصية وحقه فى أن ينال كل مجرم أجرم فى حق هذا البلد جزاء إجرامه. ف شخص من دار الإفتاء حاول إقناعى - لفت نظرى مقال الأستاذ وائل قنديل فى إحدى الجرائد الزميلة وهو يحكى عن نفس الموضوع وذكر قصة والدة أحد الشهداء فى الإسكندرية والتى تعرضت لنفس المساومة فحاولت الوصول إليها وحدثتها فى التليفون فقالت لى: أنا أم الشهيد أحمد عادل والذى استشهد عن عمر يناهز 81 عاما بعد أن تلقى عدة رصاصات غادرة فى قلبه يوم جمعة الغضب. فقدت ابنى العزيز قرة عينى، واحتسبته عند الله شهيدا وأهديته لمصر مع شبابنا الأخيار كهدايا لتحريرها والقضاء على الفساد الذى طغى فيها كما يقال. فرفضت بشدة، وطردتهم خارج منزلى. - وهنا تتساءل والدة الشهيد أحمد: لقد رفضت بيع دم ابنى، لكن ماذا عن الأسر التى انهارت ووافقت على المقايضة؟ وماذا إن استمرينا على هذه الطريقة، فهل سيفلت الجناة من جرائمهم، ويضيع دم شبابنا هدراً وبدون أى مقابل؟!! سؤال يستحق التفكير. لكنى فوجئت بأحد المحامين يزورنى فى منزلى ومعه شخص آخر قال إنه يعمل موظفا فى دار الإفتاء المصرية وحاولوا إقناعى بشتى الطرق أن أتنازل عن حق ابنى الشهيد ضد الضابط الذى قتله والذى أعرفه جيدا، مقابل 001 ألف جنيه وشقة. وقال لى الشيخ: احتسبيه عند الله، وسيجازيك الله عنه خيرا وسيجمعكما فى الجنة معا، كما أنه لا فائدة من مقاضاة شخص آخر وفى الحالتين لن يعود لك ابنك، فعصفور فى اليد خير من عشرة على الشجرة. أما المحامى، فقال بدوره: كل ما عليك فعله يا سيدتى هو أن تغيرى أقوالك فى المحكمة، وتقولى: أتهم جهاز الشرطة كله، ولا أتهم شخصا بعينه حتى لا يتحدد القاتل ويخرج براءة لعدم توافر الأدلة ضده، ويتفرق دم ابنك بين القبائل.