إتاحة الاستعلام عن القبول وموعد امتحان 21 وظيفة حرفي ب«الطرق والكباري»    رئيس جامعة القاهرة يفتتح المؤتمر الدولي لكلية الصيدلة    وزيرالتعليم العالي يبحث التعاون في البحث العلمي مع وزير خارجية جمهورية القمر    رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة: نأمل في تشكيل مستقبل لتحول رقمي شامل وأخلاقي وعادل    اجتماع تنسيقي بين «الرقابة المالية» و«التنمية المحلية» لبحث آليات التعاون    قانون الإيجار القديم أمام البرلمان.. الحكم الدستوري لا يحرر العلاقة بل ينظمها بعد عقود من الظلم    منال عوض تتابع جهود صندوق التنمية المحلية لتوفير فرص عمل للمرأة والشباب بالمحافظات    تموين الجيزة: حملات رقابية مكثفة على محطات الوقود ولا تهاون مع المخالفين    الرئيس السيسي يصل إلى أثينا في زيارة رسمية لليونان    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    القسام تعلن قتل وجرح إسرائيليين في تفجير حقل ألغام جنوب غزة    مصر تُتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع في جنوب آسيا وتدعو الهند وباكستان إلى التهدئة    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة الرائد في الدوري السعودي    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواقع تحت الإنشاء بالقطامية    تفاصيل حريق شقة تسبب في مصرع شخص وإصابة 3 آخرين بمنطقة فيصل    تأييد حكم حبس رجل الأعمال المتهم بالنصب على "أفشة" بالحبس 3 سنوات    تحرير 507 مخالفات مرورية بسبب عدم ارتداء الخوذة    تعرف على مدة الدراسة فى الترم الأول بالعام الدراسى الجديد 2026    ضبط 379 مخالفة متنوعة في مجال الأسواق والمخابز البلدية في أسوان    ملتقى القاهرة السينمائي يعود بمشاريع جديدة.. التقديم مفتوح حتى أغسطس    مليون و227 ألف شخص شاهدوا فيلم سيكو سيكو في 5 أسابيع    كندة علوش: تكشف «رد فعلها في حال تعرضها لموقف خيانة في الواقع»    الطيب صالح و«بيضة الديك»!    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    مصيرهم مش بإيديهم| موقف منتخب مصر للشباب من التأهل لربع نهائي أمم أفريقيا    المؤبد لعاطل لحيازته 7 كيلو لمخدر الهيروين بالإسكندرية    هل يمنح الدائن حقوق مطلقة؟ تعرف على قيود الرهن العقاري في القانون    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    وزير الري يتابع إجراءات تطوير منظومة إدارة وتوزيع المياه في مصر    بيدري منتقدا الحكم بعد توديع الأبطال: ليست المرة الأولى!    سفير مصر ووزيرة الثقافة الفرنسية يشاركان باحتفالية إصدار كتاب حول مسلة الأقصر    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    زيزو يتظلم ضد عقوبات الزمالك وجلسة جديدة لاستماع شكواه    الفريق أسامة ربيع يبحث مع رئيس هيئة الرعاية الصحية سبل التنسيق المشترك    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي على أصوله    كندة علوش تكشف علاقتها بالمطبخ وسر دخولها التمثيل صدفة    سعر اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 7 مايو    إحالة عاطلين للمحاكمة الجنائية لسرقتهما 6 منازل بمدينة بدر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 7 مايو 2025 م    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. حديد عز ب39 ألف جنيه    أمير مرتضى منصور: «اللي عمله الأهلي مع عبدالله السعيد افترى وتدليس»    ترامب: لا يمكن لإيران أن تمتلك أسلحة نووية ولن يبقى أمامنا خيار إذا سارت في طريق آخر    إريك جارسيا يلمح لتكرار "الجدل التحكيمي" في مواجهة إنتر: نعرف ما حدث مع هذا الحكم من قبل    «سترونج اندبندنت وومان».. 3 أبراج نسائها تمتلك شخصية قوية في العمل    "ماما إزاي".. والدة رنا رئيس تثير الجدل بسبب جمالها    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    ترامب يعلّق على التصعيد بين الهند وباكستان: "أمر مؤسف.. وآمل أن ينتهي سريعًا"    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    الهند: هجومنا على باكستان أظهر انضباطًا كبيرًا في اختيار الأهداف وطريقة التنفيذ    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاعر الحب والحكمة
نشر في صباح الخير يوم 08 - 06 - 2011


ريشة الفنان : ايهاب شاكر
«رأيت فيما يري النائم تجلس إلي جوار رأسي.. كانت تداعب خصلات شعري بأصابعها في رقة تأملت وجهها وغالبت دموعي.. حتي انهال علي حزن كلماتي التي لم أنطق بها.. ففجر نومي كما تفجر الفقاعة.. ونهضت جالسا، فرأيت المجرة فوق نافذتي تتوهج مثل عالم من الصمت استقر علي النار.. ورحت أتساءل: أكانت هي في تلك اللحظة تحلم بما كنت أحلم به أنا؟».
هذه كلمات لشاعر الهند العظيم «رابندرانت طاجور» الذي تحتفل الهند بذكري مولده في شهر مايو.. وهذا العام ذكراه المائة والخمسون..
فقد ولد في مايو 1861 في مدينة كلكتا عاصمة ولاية البنغال التي كانت أكثر ولايات الهند تقدما.. نشأ طاجور في جو حافل بأنواع النشاط الأدبي والوطني والديني مما أثر في روحه الرقيقة وجعله يمتزج بما حوله وكانت عائلته من الأثرياء.
قال عنه الزعيم الهندي «نهرو»: «لقد أدت أسرة طاجور دورا ضخما في شتي حركات الإصلاح في البنغال خلال القرن التاسع عشر، وكان فيها رجال لهم من عظمة الروح شأن كبير، وكتاب وفنانون ممتازون لكن رابندرانت طاجور سما عليهم جميعا».
لم يعجب طاجور نوع الدراسة وهو مازال صبيا، تلك الدراسة الصارمة التي وصفها فيما بعد.. أن الأطفال كانوا يجلسون بلا حراك كقطع أثرية فاقدة الحياة في المتاحف، تنهمر عليهم الدروس مثل حبات البرد علي الزهور فتؤذيها.. وبعد فشله المتكرر في الانتظام بقي في البيت، لم يكن ذلك راجعا إلي غباء فقد شهدوا له بالذكاء إنما هو نفوره من نظام التعليم الذي كان سائدا، وقد أصابه الإحباط والانطواء إلا أنه سرعان ما تغلب علي تلك المشاعر بالاندماج مع الطبيعة الخلابة المحيطة بالبيت فكان يناجي الطيور، ويغازل الزهور وبدأ حسّه الشعري.
وقد احتار والده المثقف في أمر ابنه المتمرد القلق.. وقد كانت داره منتدي الثقافة وملتقي المثقفين والفنانين، فماذا لو علموا بأمر هذا الولد الهارب من الدراسة؟ لم ييأس الأب واستدعي المعلمين إلي داره وعهد إليهم بأمر ابنه.. نجحت المحاولة باهتمام الصبي بدراسة العلوم وتعلق بالأدب القديم وتعجب المعلمون من اهتماماته حتي إنه نظم الشعر في سن الثانية عشرة.
العالم كله وطن له
قرر والد رابندرانت أن يرسله مع أخيه إلي إنجلترا ليدرسا القانون حتي يكمل تعليمه، لكن القانون تحول إلي الأدب فقد اجتذبه ذلك التراث الرائع من الشعراء والكتاب الإنجليز وترك أصول القانون الجاف، وهكذا فشل في الدراسة القانونية وعاد إلي الهند ليجد الأفكار الثورية في الدين والأدب والسياسة بدأ الناس يفهمونها، وظهر رابندرانت طاجور علي مسرح الحياة وقد تفتحت موهبته فنظم الشعر ليلحنه ويغنيه.. كانت أشعاره واضحة بسيطة بروح جديدة في الشعر الهندي مما لفت إليه الأنظار وهكذا لفت نظر صبية جميلة كما لفتت نظره بسحر وذكاء عينيها.. أحبها وتزوجا وهو في الثالثة والعشرين من عمره.
ويمضي القرن التاسع عشر ويعلو شأن الشاعر ويصل صيته إلي خارج الهند.. ومع بدايات القرن العشرين بدأت أسفاره إلي بلاد العالم، وكان يعود مسرعا بالحنين إلي وطنه.. ثم يعاوده شغفه بالرحلات التي كانت تزداد كلما تقدم به العمر بفكرة أن الرحلات وسيلة للتفاهم وتبادل المعرفة والخبرة، وقد زار معظم بلاد العالم الغربي والأمريكي والآسيوي وكانت زيارته لمصر عام 1926 وقد أقام له أمير الشعراء أحمد شوقي حفلا كبيرا شهده معظم رموز البلد من كتاب وفنانين وسياسيين.. وغني الموسيقار محمد عبدالوهاب وكانت موسيقاه تهز طاجور طربا.. وقد قال عن مصر إنها قطعة من فؤاد الشرق.. ولم يقعده عن رحلاته إلا مرضه في السنين الأخيرة من عمره هو الذي كان يعتبر العالم كله وطنا له وكان أصدقاؤه من فنانين وكتاب وشعراء ونقاد العالم، وكم من شهادات تقدير نالها وشهادات دكتوراه من جامعات مرموقة.
«دار السلام» لتعليم الأطفال
كان طاجور مهتما ببلاده بهؤلاء الناس الطيبين الذين يملأون الريف نشاطا وخيرا، وقرر أن يعمل علي خدمتهم وتيسير التعليم لأولادهم، فهو لم ينس أنه قاسي من ذلك النظام التعليمي البغيض الذي فرضه الاستعمار علي بني وطنه.. وفي أول عام من القرن العشرين أنشأ معهدا لخدمة الريف وأبنائه وأطلق علي المعهد «دار السلام»، وكان هدفه أن ينمو الأطفال بالعلم في حرية وانطلاق، ومدرسة تجذب الطفل ولا يفر منها كما فعل هو في صباه.. ولم يكد طاجور يستقر في معهده حتي فجع بموت حبيبته زوجته ثم ابنته الكبري ثم والده وابنه الأصغر.. لقد كان في الأربعين من عمره وماذا يفعل شاعر مرهف الحس في ظرف كهذا؟.. اعتصرته المحنة فلم يجد سوي الشعر ليكتب مشاعره وأحزانه وحكمته في الدنيا وتودده إلي الله في السماء.. حتي أصبح لديه في النهاية ديوان كامل من الشعر الغنائي أطلق عليه.
قرابين الغناء
كتب طاجور أشعاره باللغة البنغالية وليعرضه علي العالم ترجمه بنفسه إلي اللغة الإنجليزية.. وسرعان ما نقل عنها إلي لغات أخري في العالم.. وكانت بداية شهرته العالمية، فقد قدرته المحافل الأدبية الأوروبية ورشحته لجائزة نوبل وقد نالها طاجور عام 1913 وكان أول أديب من الشرق يفوز بها وقد أودع قيمتها المالية للمعهد في تعليم الأطفال، ولم يصرفه الشعر والشهرة عن رسالته تجاه وطنه، فقد أنشأ جامعة كانت شيئا وحدثا جديدا في العالم عام 1921 فقد ضمت طلابا من شتي أنحاء العالم ليدرسوا جميع العلوم العصرية والقديمة.. كما ساعد الفلاحين البسطاء بإنشاء «دار الثروة» لتكون مركزا لإصلاح الريف.
ومن قرابين الغناء: «هذه هي صلاتي إليك يا إلهي.. اضرب.. اضرب حتي الجذور في أعماق قلبي.. امنحني القوة بخفة كي أحتمل متعي وأحزاني.. امنحني القوة كي أجعل حبي مثمرا في خدمتك.. امنحني القوة كي لا أتخلي عن بائس أو فقير.. أو.. أحني ركبتي أمام سطوة المتعجرف.. امنحني القوة كي أتسامي بعقلي فوق التفاهات اليومية.. وامنحني القوة لأسلم قوتي إلي مشيئتك بمحبة».
ومن قرابين الغناء «إن رغباتي كثيرة وصراخي يدعو للرثاء، ولكنك كنت تحميني منها برفضك لها، وهذه الرحمة كتبت علي حياتي مرات ومرات.. يوما إثر يوم تهيئني لكي أكون جديرا بالعطايا البسيطة والعظيمة التي تهبني إياها بدون سؤال.. هذه السماء، والضياء.. هذا الجسد والحياة والعقل.. حاميا إياي من خطر الرغبات الطاغية».
ومن قرابين الغناء: «أوه أيها الأحمق، أن تحاول أن تحمل نفسك فوق كتفيك!.. أوه أيها الشحاذ، أن تأتي لتشحذ عند باب بيتك!.. اترك كل أحمالك بين يديه هو القادر علي حملها ولا تنظر خلفك أبدا بأي ندم».
ومن قرابين الغناء: «حيثما العقل بلا مخاوف والرأس مرفوع عاليا، حيث المعرفة حرّة.. حيثما العالم غير مفتت إلي شظايا عبر الجدران الضيقة المحلية.. حيثما تخرج الكلمات من عمق الحقيقة.. حيثما يجهد الجهد الحثيث نحو الكمال.. حيثما جدول السببية لم يفقد مجراه إلي صحراء الرمال من العادات البالية.. حيثما العقل مقود إلي الأمام عبرك إلي أفكار وأعمال عظيمة الانفتاح إلي جنة الحرية.. يا أبتي دع بلادي تستيقظ فيها».
لقد حاولت أن أقدم ملخصا لحياة شاعر الحب والحكمة «طاجور» الذي عرفه كتاب وفنانو العالم ولم ينسوا هذه الموهبة بل استضاءوا بنورها تماما كما تنبأ والده عندما أطلق عليه اسم «رانبدرا» ومعناها الشمس لأنه سيجوب العالم وسيهتدي الناس بنوره.
واستعنت بكتاب الأديب الراحل «علي شلش» عن حياة شاعر الحب والحكمة وكتاب «قرابين الغناء» عن المركز القومي للترجمة. ترجمة الأستاذة «ظبية خميس» وهي كاتبة ومترجمة ودبلوماسية من دولة الإمارات العربية المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.