الصديق العزيز والفنان الكبير محمود عبدالعزيز استطاع بعض أهل الخير أن يقنعوه بخوض انتخابات نقابة الممثلين وطبعا الأسباب ليست خافية.. فهذا الفنان له رصيد من الحب والاحترام والتقدير لدي عشاق دولة الفنون وأيضا عند زملاء المهنة ولكن وبمجرد قبول هذا العملاق للعرض وبعد أول زيارة لنادي نقابة الممثلين بشارع البحر الأعظم بالجيزة والجلوس إلي زملاء المهنة من كل الأعمار والاستماع إلي الشكاوي والأحلام والأهداف والمعوقات والاقتراحات.. ذهب محمود عبدالعزيز إلي بيته ليجد هجوما عنيفا وغير مسبوق علي صفحات الإنترنت وكأنه ارتكب جريمة شنعاء في حق المهنة والزملاء والوسط الفني بأكمله وقرأ محمود الاتهامات وعبث بصفحات الفيس بوك والإنترنت. اكتشف أن الفلول لم تكن حكرا فقط علي الحزب الوطني والنظام السابق لا أعاد الله أيامه، ولكن الفلول والذيول والأذناب موجودة بتبرطع في كل الأمكنة وتسعي بكل الجهد لوأد أي تغيير أو حجب أي وافد جديد وكأن مصر موعودة في كل مجال بمن يسحبها ويجرجرها إلي الخلف، وأقول قولي هذا وأنا لا أفتي في الأمر إذ أبالغ فيه وقد تدهش معي لو علمت أن فنانة صاحبة قدرات تمثيلية خارقة وعقلية إدارية استثنائية هي الفنانة إسعاد يونس تكرر معها نفس السيناريو بنفس التفاصيل المملة وقد أصبت بالدهشة والفزع عندما شنت الفلول عليها هجوما إليكترونيا أجبرها علي التقهقر والانسحاب وإعلان التوبة من دي النوبة، لقد جلست إلي الأصدقاء الأعزاء الكبير فنا وموهبة رياض الخولي والفنان والمخرج والنقابي المتمرس محمد أبوداود، وقد أحزنني الحال الذي آلت إليه الأمور بالنسبة للعمل النقابي، الكل يخشي الترشح والجميع يخاف كتائب الفيس بوك والإنترنت وقصفها العشوائي والمكثف علي كل من تسول له نفسه الترشح أو حتي التفكير.. مجرد التفكير في الأمر.. فهل هناك طابور خامس في نقابة أهل الفن والجمال والذوق والإبداع في بر مصر؟! لماذا نحارب قامة فنية في حجم محمود عبدالعزيز.. لو تولي أمر العمل النقابي فسوف يرتقي به بالتأكيد إلي أعلي منحني في الأداء. لقد مر علي هذه النقابة اثنان من الذين تركوا بصمة وكانت لهما إنجازات لا يمكن لأحد يملك ذرة عدل أن ينكرها وهما الفنان الكبير يوسف شعبان صاحب الفضل في هذا المقر النهري والثاني هو الفنان أشرف زكي صاحب الجهد العبقري والنشاط الدءوب.. فهو لا يكف عن الحركة ولا يكف عن تقديم الخدمات للجميع ولكن وقد اعتزل فيما يبدو يوسف شعبان العمل النقابي وابتعد أشرف زكي بعد الثورة فهل من نقيب لأهل الفن ينزل الساحة ويجدد الأمل ويبعث بدماء جديدة وفكر متجدد، وبقي السؤال الأهم: من يقف وراء الهجوم الإليكتروني وتشويه الصورة ونشر السباب.. بالتأكيد هذا السلوك لا يليق بأحد من فناني مصر وصناع بهجتها! --- الفنان الجميل سمير خفاجي كان دائما يسير ضد التيار ويقهر أقسي الظروف ويمشي في الطرق الأكثر وعورة ويعشق التحدي، وفي عز التوجه الاشتراكي وسيطرة الدولة علي وسائل الإنتاج وقتها، حتي الإنتاج الفني قرر خفاجي أن يكون الرأسمالي الأوحد علي ساحة الفنون في عالمنا العربي، وخسر سمير خفاجي مدخراته كلها من أجل الصرف علي المسرح وكسب بعد ذلك الملايين من وراء ما قدمه علي خشبة المسرح ولأنه شديد العناد فقد قرر أن يتوسع ويمتلك أكبر عدد من صالات المسارح ووضع كل ما يملك في إحدي دور العرض السينمائي ليحولها إلي مسرح عظيم الشأن وخسر سمير خفاجي كل ما يملك في هذه العملية، ولكنه استطاع أن يبدأ من الصفر وأنتج روايتين لعادل إمام بعد أن خسر كل ما يملك وهما «الزعيم» ثم «بودي جارد» والشيء العجيب أن سمير خفاجي استطاع أن يقف علي قدميه من جديد لولا الأزمة العالمية التي طالت كل مناحي الحياة وكان بالطبع منها العمل المسرحي، ولسوء حظ خفاجي أن المصائب والتي لا تأتي فرادي انهالت علي رأسه فقد أصيب بجلطة في جذع المخ عندما كان يقدم العرض المسرحي «بودي جارد» في إمارة دبي ومكث في أحد مستشفياتها لمدة شهرين ثم عاد إلي القاهرة ليستكمل علاجه، وقد استقرت أحواله الصحية ولكن مسرحه مع شديد الأسف أغلق أبوابه، وهكذا انتهت أكثر من خمسة عقود من الفن والفكر والفكاهة اليوم وبعد سنوات طويلة قرر خفاجة أن يهجر سياسته القديمة وأن يتخذ من غيرها سياسة جديدة وهي سياسة البوح.. البوح بأسرار الوسط الفني الذي تعامل معه خفاجي منذ الخمسينيات من القرن الماضي وحتي شهور قليلة مضت، فسوف يفرج سمير خفاجي عن خزائن أسراره من خلال مذكراته والتي اختار شخصي الضعيف لكتابتها ونشرها علي حلقات اتفقنا علي تسميتها.. «صانع النجوم».. والشيء الغريب أن خفاجي كان قد انتهي بالفعل من تسجيلها بالصوت منذ ما يقرب من العامين، ولكنه كان دائما ما يقول أن الوقت المناسب لم يأت بعد.. وقد أسعدني أن خفاجي ظهر في وسائل الإعلام وعبر الفضائية المصرية منذ عدة أشهر في برنامج «صباح الخير يا مصر» ثم أجري حوارا مؤخرا مع إحدي الزميلات في صوت الأمة وقد أدرك الجميع أنه يستطيع التعبير بشكل جيد عن أفكاره وأن ذاكرته لاتزال حاضرة وأن حياءه وأدبه الجم وكبرياءه سوف تكون حائلا أمام بعض التفاصيل حول بعض الأصدقاء وبعض النجوم وله في ذلك كله.. بعض العذر.