فى إطار تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بين البلدين، قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة رسمية إلى جمهورية اليونان، حيث أجرى لقاءات مع الرئيس اليونانى، ومع رئيس الوزراء اليونانى، كما ترأس الجانب المصرى فى الاجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى بين مصر واليونان. وبمقر رئاسة الجمهورية فى أثينا، التقى الرئيس بالرئيس اليونانى كونستانتينوس تاسولاس، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمية للرئيس، وشهد اللقاء التأكيد على الزخم الذى تشهده العلاقات بين البلدين، والذى يتجسد فى عقد الاجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى بين مصر واليونان خلال الزيارة، إلى جانب التوقيع على الإعلان المشترك بشأن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وعدد من الاتفاقيات التى تعزز التعاون فى مجالات مختلفة، مما يعكس الإرادة المشتركة للارتقاء بالعلاقات إلى مستويات أكثر عمقًا واتساعًا. وأكد الرئيس السيسى، خلال اللقاء على اهتمام مصر بالشراكة المتميزة التى تجمعها باليونان، والتى تمثل ركيزة قوية للتعاون الثنائى والإقليمى، وحرص مصر على تعزيز التعاون المشترك مع اليونان فى المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية والثقافية، إلى جانب مجالات الطاقة والنقل والربط الكهربائى، خاصة مع تنفيذ مشروع الربط الكهربائى بين مصر واليونان، الذى يُعد نقلة نوعية فى مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، ويفتح آفاقًا جديدة لنقل الطاقة الكهربائية النظيفة من مصر إلى أوروبا للمرة الأولى. فيما أعرب الرئيس اليونانى عن تقدير بلاده الكبير لمصر، مشيرًا إلى حرص اليونان على تعزيز العلاقات مع مصر بما يتناسب مع حجم الشراكة القائمة بين البلدين، خاصة مع الدور المحورى الذى تضطلع به مصر فى إرساء دعائم الأمن والاستقرار الإقليميين ومعالجة أزمات المنطقة، وهو ما يعكس الأهمية الاستراتيجية لمصر كشريك رئيسى للاتحاد الأوروبي. رئيس الوزراء والتقى الرئيس السيسى، بمقر رئاسة الوزراء فى أثينا، برئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس. وشمل اللقاء جلسة مباحثات ثنائية، أعقبها جلسة موسعة بحضور وفدى البلدين، ثم المشاركة فى مأدبة غداء أقامها رئيس الوزراء اليونانى على شرف الرئيس. وتناولت المباحثات مجمل العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، بما فى ذلك تكثيف التعاون فى إطار منتدى غاز شرق المتوسط، وآلية التعاون الثلاثى بين مصر واليونان وقبرص، وتطرقت إلى مستجدات الأوضاع الإقليمية، وعلى رأسها الوضع فى قطاع غزة، حيث شدد الجانبان على أهمية استئناف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن، وضمان وصول المساعدات الإغاثية إلى القطاع بالكميات الكافية لمواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة. كما أكدا أهمية تنفيذ حل الدولتين باعتباره الضمان الوحيد لتحقيق سلام دائم واستقرار مستدام فى المنطقة، مشددين على ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية للحيلولة دون تصعيد أو توسع دائرة الصراع فى المنطقة. ووقّع الرئيس ورئيس الوزراء اليونانى الإعلان المشترك بشأن الشراكة الاستراتيجية بين مصر واليونان، كما شهدا توقيع عدد من مذكرات التفاهم فى مجالات عدة، تعكس عمق العلاقات الثنائية بين البلدين. مجلس التعاون ترأس الرئيس ورئيس الوزراء اليونانى الاجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى بين مصر واليونان، حيث تم استعراض مسار التعاون الثنائى والموقف التنفيذى للمشاريع المشتركة فى مختلف المجالات الجارى تنفيذها، وفى مقدمتها مشروع الربط الكهربائى بين البلدين الذى يعد بمثابة خطوة استراتيجية مهمة نحو تعزيز أمن الطاقة فى المنطقة والاتحاد الأوروبى، باعتباره أول ربط مباشر للطاقة النظيفة القادمة من مصر إلى أوروبا عبر اليونان، كما تم بحث التعاون فى مجالات التكنولوجيا والابتكار وريادة الأعمال، والهجرة النظامية واستقدام العمالة الموسمية. وأكد الرئيس على أهمية مجلس التعاون كونه يمثل نقلة نوعية فى العلاقات الثنائية، ويعزز من التواصل والتنسيق الوثيق بين البلدين فى القضايا ذات الاهتمام المشترك، ودعم التعاون الاقتصادى والتنموى الثنائى، وتبادل الخبرات، والتكامل فى مجالات حيوية مثل النقل، البيئة، الأمن البحرى، التعليم، الصناعات التحويلية والطاقة، وفى مجالى مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب، استنادا إلى التجربة المصرية الناجحة فى هذين المجالين. وقال الرئيس خلال مؤتمر صحفى عقب الاجتماع: يهمنى وأنا أقوم بزيارتى الخامسة إلى بلدكم الصديق، أن أجدد التأكيد على اهتمام مصر الراسخ، بتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع اليونان تلك الشراكة التى تعد نموذجا يحتذى به فى منطقتنا، إذ تستند إلى روابط تاريخية وطيدة بين الشعبين الصديقين، وتقوم على الاحترام المتبادل، والرغبة المشتركة فى تطوير التعاون فى مختلف المجالات. وتابع: أود أن أشير كذلك إلى أمر آخر مرتبط بدير سانت كاترين، وأوضح هنا أننا فى مصر خلال العشر سنوات الماضية كنا نؤكد على احترام شديد جدًا ليس فقط للآخرين وإنما للتعدد والتنوع الموجود فى النسيج الإنسانى، وقمنا بممارسات تؤكد ذلك وتسعى إلى ترسيخه بين المواطنين، لذا فإننى أنزعج بشدة عندما أسمع ما يتردد بأن مصر يمكن أن تقوم بإجراء سلبى تجاه دير سانت كاترين، لأن هذا يتعارض مع ثوابت مصر وتسامحها، وأشير على سبيل المثال إلى أنه عندما قام المتطرفون بحرق 65 كنيسة، قامت الدولة بإعادة بنائها، كما نقوم ببناء كنائس فى كل حى، ولو كان يوجد بمصر مواطنون يهود فإن الدولة كانت سوف تبنى معابد لهم، وأؤكد أننى لا أريد ولن نسمح بالعبث فى العلاقات مع اليونان بسبب ما يتردد بشكل مغرض عن دير سانت كاترين، وأؤكد التزام الدولة المصرية بالتعاقد ما بين الدير والدولة وهو تعاقد أبدى لن يمس، خاصة أن الدير يحتضن رفات قديسة عظيمة، وأشدد أننى قد حرصت على توضيح ذلك الأمر بنفسى وأذكره بشكل مباشر لدحض الأقاويل المغرضة. وواصل: أؤكد على الأهمية البالغة، التى نوليها لمشروع الربط الكهربائى بين مصر واليونان «جريجى» فهو ليس مجرد مشروع ثنائى، وإنما خطوة استراتيجية ذات أبعاد إقليمية ودولية، باعتباره أول ربط مباشر، للطاقة النظيفة القادمة من مصر إلى أوروبا عبر اليونان ونتطلع لاستمرار دعم الاتحاد الأوروبى، لهذا المشروع الطموح، وتسريع خطوات تنفيذه. واستطرد: لقد تبادلت اليوم الرؤى، مع صديقى دولة رئيس الوزراء «كيرياكوس»، حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها التطورات الخطيرة فى الشرق الأوسط، الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على غزة، والكارثة الإنسانية المستمرة فى القطاع، منذ ثمانية عشر شهرا، وأكدت موقف مصر الثابت، بضرورة استئناف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بكميات كافية، ورفض استخدام التجويع والحرمان من الخدمات الطبية.. كسلاح ضد المدنيين. وقال الرئيس: كما شددت على رفض وإدانة أى محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه تحت أى ذريعة وضرورة التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، تضمن استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدسالشرقية، ووفقا لقرارات الشرعية الدولية وتلك الحقوق التى لن تسقط بالتقادم، أو بمحاولات تجزئة الأرض الفلسطينية، أو ضمها، أو تغيير الواقع الديموجرافى بها.