أحياناً يظل الممثل يلعب أدوارا سواء كانت بطولة مطلقة أو بطولة مشتركة فى أعمال فنية لكن بلا وهج فنى، لعدم استخدام إمكانياته الفنية بشكل أمثل من قبل المُخرج وحصره فى نوعية مُحددة من الأدوار، وأحيانًا للأسف يختفى الفنان لأسباب مُختلفة دون الاستفادة من ربع موهبته والمحظوظ هو من تأتى له الفرصة ويتشبث بها ليقول: «انتبهوا لى يا سادة أنا لست مجرد وجه جميل ولا اسم جذاب على بوسترات أعمالكم الفنية» . . وتعتبر «ماريان» - وهو اسمها الحقيقى - أو نور اللبنانية كما يحب الجمهور إطلاقه عليها نموذجا حيا لما أشرت له، لا ينكر أحد أنها من أجمل الوجوه التى أحبتها الكاميرا. بدايتها كانت فى فيلم «شورت وفانلة وكاب»، أطلت على الجمهور بجمال هادئ يشى برومانسية صاحبته لتكون فتاة أحلام الكثير من الشباب، ووقتها استغل المُنتجون مواصفاتها الشكلية لتكون صاحبة البطولة النسائية فى أفلام نجوم الشباك مثل أحمد حلمى ومحمد سعد وتامر حسنى.. وغيرها من الأفلام المتنوعة التى حاولت فيها التنوع بأدوارها لتبرز جزءًا من موهبتها وإمكانياتها الفنية إلا أن دورها فى فيلم «ملاكى إسكندرية» لساندرا نشأت يعتبر هو الأهم والأجمل فى مشوارها السينمائى، وإن كان فيلما «من 30سنة» و «تصبح على خير» اللذان قدمتهما خلال الخمس سنوات الماضية كانا بداية لمرحلة فنية مختلفة تزامناً مع اهتمامها مؤخراً بالتدقيق فى اختيارتها بالدراما التليفزيونية خلال العامين السابقين بأدوار لا بأس بها فى مسلسلى «رحيم» لياسر جلال و«البرنس» لمحمد رمضان، وإن كانت لم تُتح مساحة وطبيعة الأدوار التى جسدتها بالمسلسلين الكشف عن مخزونها الإبداعى إلا فى مشاهد قليلة للغاية، إلى أن عُرض لها مؤخرا مُسلسل «جمال الحريم» للمخرجة المُتمكنة من أدواتها منال الصيفى والمؤلفة سوسن عامر وإنتاج شركة «سينرجى» التى وفرت له ميزانية مُحترمة. لا ننكر دسامة وثقل موضوع مسلسل «جمال الحريم» المُتمثل فى االصراع بين الشيطان والإنسان ومناطق أخرى مُهمة ومُثيرة للجدل يأخذنا لهاالسيناريو بلا ضجيج، وهذه النوعية تحتاج لمُمثلين مُحترفين لديهم القدرة على توصيل رسالة العمل، ويحتاج أيضاً مُشاهدة مُتأنية بعيدًا عن زحمة المسلسلات فى شهر رمضان، وأريد التوقف هنا عند نور اللبنانية التى كانت بمثابة مُفاجأة حقيقية، مثلما قلت فى البداية أن جميع أدوارها السينمائية والتليفزيونية لم تعكس بشكل جيد إمكانيتها كممثلة رغم موهبتها وشطارتها، لكنها فى «جمال الحريم» تُعلن عن نفسها كمُمثلة من العيار الثقيل فهى تجسد شخصيتين فى زمنين مُختلفين أولهما «صفية» من عصر قديم والأخرى «نور» من العصر الحديث والشخصيتين يشتركان سويًا فى الصراع الأبدى للنفس البشرية، والشخصيتان تتسمان بالصفاء والنقاء الداخلى الذى يتواءم مع وجه نور الملائكى، فى ذات الوقت شعرت أننى أمام شخصيتين مُختلفتين تمامًا بأسماء مختلفة. وبضمير مرتاح نستطيع القول إن «نور» وصلت لمرحلة متميزة من النضج الفنى فى تجسيد شخصية صعبة ومُجهدة يجعلها تدشن نفسها فى منطقة مختلفة عن التى وضعها فيها من قبل المخرجين والمنتجين والمؤلفين.