ليس أسوأ من الخطأ سوى الإصرار عليه. وليس أسوأ من الإثم إلّا المجاهرة به. والحقيقة أن اتحاد الكُتَّاب لم يكتف بخطأ تكريم المتطرف حلمى القاعود ومنحه جائزة التميُّز – أرفع جوائز الاتحاد- بل أصر على الخطأ، ورد عليه بمزيد من الخطأ فى خطاب أرسل به إلى المجلة حوى مزيدًا من الأخطاء فى سلسلة جديدة نعيد تتبعها فى الأعداد المقبلة. لم يرد الاتحاد فى خطابه على ما نشرناه من وقائع دامغة تكشف معاداة حلمى القاعود الفائز بجائزة الاتحاد هذا العام لقيم الفكر الحر والثقافة، وامتهانه لكل من يخالفه الرأى أو ينتقد جماعة «الإخوان» الإرهابية، أو أنه واحد من الكُتَّاب على مواقع الجماعة الإرهابية للآن. وبدلًا من أن يتراجع اتحاد الكُتَّاب عن خطيئته فى حق مصر، والثقافة المصرية، بتكريمه رجلًا لا يتوانى عن التحريض ضد كل ما هو وطنى وضد الأقباط وضد النساء وضد الفن وضد الثقافة نفسها وممارسة «الإرهاب الفكري» ضد كل ما ومن يختلف معه، إذا به يهددنا بالتصعيد، ويطالب بإيقافى عن الكتابة، وإحالتى أنا والسيد رئيس تحرير المجلة إلى التحقيق، بتهمة الإساءة إلى السيد القاعود!! الخطاب الذى وصلنا بتوقيع المستشار القانونى لاتحاد الكتاب خطأ جديد، يضاف إلى سلسلة الأخطاء والخطايا التى تواصل قيادة الاتحاد ارتكابها. فكيف باتحاد للكُتَّاب، يفترض أن أهم أدواره تعزيز حرية الرأى أن يدعو إلى حرمان كاتب وصحفى من ممارسة عمله وأداء دوره فى كشف الحقائق وخدمة الرأى العام عبر تأكيد حقه فى المعرفة؟! ولا أعلم منذ متى تحول اتحاد الكتاب إلى جهة وصاية على الصحافة والصحفيين، أو إلى محكمة تفتيش تدعو إلى قمع الصحفيين ومنعهم من الكتابة لأنهم تجرأوا وكشفوا أن «الذات العليا» لاتحاد الكُتَّاب قد أخطأت بتكريم رجل لا يتوانى عن سب كل من لا ينتمى إلى «حظيرة» الإخوان، وكان الأجدر باتحاد الكُتَّاب أن «يجرم» ذلك الرجل بدلًا من أن «يكرمه»! من يخالف القانون؟! واضح أن إدارة الاتحاد لم تمنح نفسها وقتًا لمراجعة ميثاق الشرف الصحفى الذى اتهمنا بمخالفته، خصوصًا وأن الميثاق ينص على: «حق المواطنين فى المعرفة هو جوهر العمل الصحفى وغايته، وإسقاط أى قيود تحول دون نشرها والتعليق عليها».. كما ينص الميثاق أيضًا على: «الالتزام بتحرى الدقة فى توثيق المعلومات، ونسبة الأقوال والأفعال إلى مصادر معلومة كلما كان ذلك متاحًا أو ممكنًا طبقا للأصول المهنية السليمة التى تراعى حسن النية» وهو ما فعلناه. فلا توجد كلمة فى المقال المنشور بعدد المجلة يوم 8 ديسمبر 2020 إلا وبأدلة موثقة ومن واقع مقالات السيد «القاعود» نفسه الذى ناصر «الإخوان الإرهابيين» ويناصرهم للآن، وسب المرأة المصرية والمثقفين وأساء إلى الجيش المصري والدولة ومؤسساتها. ويدعو ميثاق الشرف الصحفى إلى «الالتزام بعدم الانحياز فى كتاباته إلى الدعوات العنصرية أو المتعصبة أو المنطوية على امتهان الأديان أو الدعوة إلى كراهيتها، أو الطعن فى إيمان الآخرين، أو تلك الداعية إلى التمييز أو الاحتقار لأى من طوائف المجتمع»، وهذا ما فعلناه فيما نشرنا بالضبط, بكشفنا الانتهاكات التى ارتكبها صاحب جائزة التميُّز من اتحاد الكُتَّاب، عبر عشرات المقالات التحريضية التى تمثل انتهاكًا فاضحًا لكل أخلاقيات النشر، وضوابط حرية التعبير، فضلا عن المخالفات القانونية الجسيمة بها، والترويج ضد الدولة المصرية وسيادتها!! فى خطابه المرسل، أشار اتحاد الكُتَّاب تحديدا إلى المادة «19» من قانون الثقافة والتى تنص على أنه «يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكترونى، نشرأو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوى على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب أو يتضمن طعنًا فى أعراض الأفراد أو سبًا أو قذفًا لهم أو امتهانًا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية»، فأين الأخبار الكاذبة التى تضمنها ما نشرناه؟!، هل خبر منح جائزة التميُّز للقاعود كان كاذبًا؟! أم تلك الوقائع الدامغة التى خطها القاعود بقلمه ومنشورة على العديد من المواقع باسمه وصورته وموثقة توثيقًا لا يقبل التشكيك أو الإنكار مفبركة؟! الحقيقة أن «القاعود» هو من ارتكب الدعوة إلى العنصرية والتعصب، ومارس التحريض على العنف والكراهية سواء على أساس سياسى أو دينى دعما لجماعته الإرهابية. إهانة الدستور والقضاة!! بينما اتهمنا اتحاد الكتاب بمخالفة ميثاق الشرف الصحفي، فإننى أهديه بعضًا مما قاله صاحب جائزة التميُّز من الاتحاد الذى أساء إلى الدستور المصرى بألفاظ نعف عن ذكرها، ويمكن مراجعتها على موقع جريدة المجتمع الكويتية«الإخوانية» تحت عنوان: « بركاتك يا مرسي!» منشور على موقع الجريدة. ألم يكن من الأجدر بالاتحاد بدلًا من المطالبة بمنع كاتب من ممارسة واجبه فى كشف الحقائق، أن يوفر غضبه دفاعًا عن القضاء المصرى الذى أهانه القاعود فى مقال قال حيث وصف قضاة مصر بأنهم «عنصريون». لم يتضمن خطاب اتحاد الكتاب حرفًا ينكر فيه الوقائع التى نسبناها لصاحب «جائزة التميز» أو حتى يشير إليها من قريب أو من بعيد، وبدلًا من ذلك يتضمن الخطاب إخطارًا – وربما تهديدًا- بأن «مجلس اتحاد الكتاب فى انعقاده الطارئ المقبل سيقرر الخطوات التصعيدية ضدنا»، ونحن من جانبنا ندعو مجلس الاتحاد وهو يعد «خطة الحرب» ضدنا، أن يجد دقائق على هامش «الاجتماع الطارئ» ليقرأ بعضا من سيرة صاحب جائزة التميُّز وأفكاره الأكثر «تميزا»، فالحقيقة أن الرجل لم يقصر فى نشر فكره الأسود وتحريضه السافر عبر عشرات المقالات عبر منصات الجماعة الإرهابية داخل مصر وخارجها، وإذا كان اتحاد الكُتَّاب لا يعلم بها فتلك مصيبة، وإذا كان يعلم ويصمت، فالمصيبة أعظم!! سب المثقفين؟! وفق قانون الصحافة، لا يمكن اعتبار خطاب الاتحاد «ردًا»، إذ ذكر الاتحاد نفسه فيما وصلنا أن مجلس إدارته يعمل على صياغة رد حالة ما لم تمنع المجلة الكاتب من الكتابة وما لم يتم وقف رئيس التحرير!!، وهنا وجب أن نهدى الاتحاد مقطعًا من أحدث مقالات القاعود وهو منشور قبل أيام بموقع صحيفة المجتمع، الصادرة عن جمعية الإصلاح الاجتماعى وهى فرع لجماعة «الإخوان» بإحدى الدول خارج مصر، بعنوان: «فى ليلة الكرامة : الفاتح يقهر الأعراب!» وصف فيه «القاعود» الإعلاميين المصريين المهاجمين لأردوغان بأنهم «نعال البيادة المصرية»!! وفى الصحيفة نفسها، لكن فى مقال آخر بعنوان «خُدّام الاستبداد يُكرّمون أعداء الحرية!» واصل «القاعود» إهاناته لرموز الثقافة المصرية، سب فيه كل المثقفين الذين يرفضون فكر جماعته الإرهابية، ووصفهم إما «حظائريين» أو «شيوعيين» أو «مرتزقة»، ويصف فى المقال ذاته بعض المثقفين الرافضين لفكر «الإخوان» بأنهم: «لا يسمحون لأحد من خارج اليسار أو المرتزقة أن يشارك فى «الوليمة» المجانية التى تنتج شيكات ومكافآت ومنافع وفوائد بلا حدود، وتُبْقى على فكرهم التخريبى مزدهرًا، وخاصة فى عصر الانهيارات الثقافية والفكرية والنفسية!». وتحت عنوان «هل كان مرسى فاشلًا؟»، نشره القاعود على موقع نافذة مصر، وهو موقع إخوانى يتخذ من علامة رابعة شعارًا له، دافع فيه القاعود عن مرسى الجاسوس ويصف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بأنه «البكباشى الأرعن» ووصف خروج المصريين فى 30 يونيو بسقوط غرناطة آخر ممالك الأندلس. تحريض طائفى أما التحريض الطائفى ونشر الكراهية ضد المسيحيين المصريين وضد الكنيسة، فهو أحد أبرز أركان الفكر «القاعودى»، ففى مقال منشور كتب القاعود تحت عنوان له على موقع يمنى يحمل اسم أخبار اليوم «الكنيسة تحكم مصر!» تهجّم فيه على قداسة البابا تواضروس ووصفه بأنه عدو الإسلام. وفى مقال آخر للقاعود بعنوان «المسجد والكنيسة» منشور على موقع طريق الإسلام نجد الرجل يرفض مبدأ المواطنة، ويصف المدافعين عن الكنيسة المصرية بأنهم «كلاب». وفى مقال ثالث، وصف القاعود الكنيسة المصرية بمحاكم التفتيش قائلا: «لا يختلف تواضروس عن رجال الدين فى قرطبة وإشبيلية وبلنسية وغرناطة الذين كانوا يجلسون على منصات محاكم التفتيش التى كانت تقضى بالحرق والسجن الطويل على المسلمين المتنصّرين فى الأندلس!». تخيلوا .. هذا ما كتبه أستاذ جامعى يعلم طلابنا، وشخص منحه اتحاد الكتاب أرفع جوائزه!! «التميُّز» فى البذاءة!! صحيح يستحق القاعودة جائزة التميز، لكن التميز فى الحقد وبث الكراهية والبذاءة، والتى لم تقتصر على الكنيسة المصرية وملايين المواطنين المسيحيين، لكن لم يسلم منه حتى رجال الأزهر والأوقاف، ففى مقال بعنوان «فقهاء البيادة!» منشور على موقع «هنا عدن» كتب القاعود يمجد سيد قطب والقرضاوى. وفى المقابل وصف رجال الأزهر «فقهاء البيادة»!! وصل القاعود حاصد جائزة التميز من اتحاد كتاب مصر إلى درجة غير مسبوقة من البذاءة، تقتضى تحركًا من النائب العام لمواجهة تلك الإهانات التى طالت ملايين المصريين الذين خرجوا فى ثورة شعبية فى 30 يونيو، وباتت تلك الثورة من الأسس التى قامت عليها الدولة، وتمثل أحد المبادئ التى يستند عليها دستورها، لكن «القاعود» لا يرى فى جموع المصريين الذين ثاروا على حكم الإخوان سوى «أنجاس مناكيد» وأنهم «عبيد العسكر»، بل يتجاوز الأمر إلى حد إهانة الدولة المصرية كلها، فيقول القاعود فى مقاله المنشور بموقع «هنا عدن» تحت عنوان «الأحرار والعبيد»: «فى الوقت الذى كانت تسيل فيه دماء المعتصمين بميدانى رابعة والنهضة، كان عدد من أحذية النظام يبررون ما يقوم به القتلة الانقلابيون ويشككون فى المجزرة!!». فى مقالات القاعود، كثير من أهوال لم ننشرها، وخطايا ضد الدولة المصرية لا تتسع المساحة لذكرها وكثير مما لا تجيزه لنا قواعد الأدب لنشره، لكن فى النهاية يبقى هذا ردًا سريعًا على خطاب من اتحاد كُتَّاب مصر، وننتظر أن يعقد اجتماعًا طارئًا لبحث الإجراءات التصعيدية ضدنا لأننا كشفنا مؤسسة ثقافية مفترض فيها الدفاع عن الدولة وحقوق المواطن المصرى، ومفترض فيها الدفاع عن القيم والمثل العليا، وعلى رأسها المواطنة والاستقرار وحق الدولة فى الحفاظ على أمنها وحماية شعبها من الإرهاب!! هل يدافع اتحاد كتاب مصر عن رجل صب نيران حقده وكراهيته على دولة كرمها الله ومجّدها التاريخ، ليصفها فى مقال له ب«هبة الصرف الصحى». هذه الإهانات وجرائم السب بحق مصر وشعبها .. مثقفيها وقضاتها .. إعلامييها وفنانيها .. أزهرها وكنيستها .. مجرد غيض من فيض، ولدينا المزيد والمزيد من الإهانات الموثقة للمتطرف الإخوانى، الذى من بين جموع المثقفين المصريين، لم يجد اتحاد الكتاب غيره ليمنحه جائزته؛ بل إنه يواصل الإصرار على الخطيئة.. إننا نقدم تلك الوقائع الموثّقة لاتحاد الكُتَّاب عله يقرأ ويفهم حجم ما اقترفه من جرم بحق كل مصرى يوم اختار أن يكرّم متطرفاً فى ثياب ناقد، بينما الوصف الأدق له هو «الحاقد»!!