فاز جو بايدن الديمقراطى برئاسة أمريكا.. إلا أنّ دونالد ترامب الرئيس الحالى الجمهورى لم يقبل الهزيمة ويسعى للطعن قانونيًا فى نتائجها. وأهل أمريكا يتابعون ما حدث وما قد يحدث بشك وقلق وغضب وحيرة.. مع الأخذ فى الحسبان جميع الاحتمالات المفاجئة وربما الصادمة التى قد تطرأ خلال الأيام والأسابيع المقبلة. المشهد الأمريكى بشكل عام مرتبك وصاخب بالأسئلة الصعبة وملىء بالتفاصيل التى تدعونا للتأمل والتساؤل عن المتوقع والمنتظر وربما المأمول أيضًا. بداية الفترة الانتقالية الرئيس المنتخب بدأ الفترة الانتقالية بالإعلان عن فريق عمل من خبراء لمواجهة كورونا. كورونا بتبعاته الصحية والاقتصادية هو التحدى الأكبر والأهم للرئيس المقبل. وعدد حالات الإصابة فى أمريكا تجاوز ال10 ملايين حالة.. ونحو 250 ألف حالة وفاة منذ بدء انتشار كوفيد 19. وأرقام الإصابة يوميًا اقتربت من 100 ألف حالة فى الأيام الأخيرة!! الرئيس المنتخب طالب الشعب الأمريكى بضرورة ارتداء الكمامة فى حياتهم اليومية! وقد يتساءل المرء ماذا يحمل جو بايدن معه إلى أمريكا والعالم؟ الرئيس الأمريكى رقم 46 البالغ من العمر 78 عامًا. السياسى المخضرم يحمل معه خبرة العمل والتعامل فى واشنطن ودهاليزها وأروقتها لأكثر من 40 عامًا منها 8 سنوات من العمل كنائب الرئيس السابق باراك أوباما. وقبلها كرئيس لجنة العلاقات الدولية بمجلس الشيوخ. له إلمام شامل بكافة القضايا المحلية والدولية وله إضافة إلى ذلك خبرة التواصل والتفاعل مع الآخرين وضم خبراتهم وكفاءاتهم. كما أن انتخاب نائب الرئيس كامالا هاريس (56 عاما) تعد سابقة تاريخية فى أمريكا فهى أول امرأة سوداء ابنة أب مهاجر من جاميكا وأم مهاجرة من الهند. لها حياة مهنية كقانونية متميزة فى كاليفورنيا كما تم انتخابها عضوًا فى مجلس الشيوخ فى السنوات الأخيرة. وبلا شك اختيارها لخوض الانتخابات الأمريكية 2020 كنائب رئيس عنصر مهم فى ضمان الحصول على أصوات النساء والسود والمهاجرين الهنود وأصحاب البشرة السمراء.. ووجود كامالا ونساء أخريات فى قيادات الإدارة الجديدة سوف يعد سمة من سمات التغيير فى واشنطن. ومن المحتمل أن يتم اختيار امرأة كأول وزيرة للدفاع فى الولاياتالمتحدة. بايدن والعالم مع إعلان فوز بايدن بالرئاسة، تزايد النقاش والجدل حول ما سيفعله الرئيس الأمريكى فى تعامله مع العالم وهل هو تكرار لما فعله أوباما من قبل؟ لم يستبعد الكثير من المراقبين بأن العودة إلى العالم وإلى الحلفاء والشركاء عبر الأطلسى ستكون لها الأولوية فى قائمة اهتماماته وقراراته واشنطن يجب أن تعود إلى العالم وعليها أن تعمل من أجل أن يعود العالم إليها هذا القول تردد على لسان أكثر من دبلوماسى أمريكى سابق شهد ما آلت إليه أمريكا فى سنوات ولاية ترامب. وعلى هذا الأساس من المنتظر أن تنضم أمريكا من جديد إلى اتفاقية باريس للمناخ وأيضا إلى دعم منظمة الصحة العالمية. وأن تتواصل من جديد مع الأممالمتحدة وحلف شمال الأطلسى وشراكات أمريكا وحلفائها فى كل بقاع العالم. وهذا كله بلا شك سوف يتم من خلال إعادة إحياء القنوات الدبلوماسية مع عواصم العالم واللجوء إلى دبلوماسية الخارجية الأمريكية.. العلاقة أو المواجهة السياسية والاقتصادية مع الصين لها الأولوية وبالتالى قد تشغل إدارة بايدن لبعض الوقت. كما أن التواصل مع روسيا ضرورة لا مفر منها خاصة فيما يتعلق بالسلاح النووى. الشرق الأوسط بملفاته العديدة بالتأكيد سوف يحتل مكانه فى أجندة بايدن . وما قيل فى الأيام الماضية وتردد صخبا كان أم همسا فى المنطقة وفى وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعى يعكس ضبابية الرؤية والعقلية التآمرية التى تهيمن على الأجواء. بايدن لن يكون تكرارًا لأوباما.. ليس هذا هو المتبع والمتكرر فى العرف الأمريكى.الزمن تغير ويتغير والأمور اختلفت ولم تعد كما كانت من سنتين أو خمس سنوات وبالتأكيد لم تعد كما كانت من عشر سنوات. وبراجماتية بايدن بالتأكيد سوف تلعب دورها فى إدارة دفة القيادة. غالبًا سوف نرى هذا فيما يخص ملفات الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط وملف إيران النووى وفى التعامل مع أمور المنطقة وإسرائيل وسوريا والعراق وتركيا والإرهاب والإسلام السياسى والديمقراطية.. ربما تتاح لنا الفرصة فى الأسابيع المقبلة بشكل مفصل تناول كل هذه الأمور بعيدًا عن التكهنات والتمنيات التى صارت تحاصرنا من كل جانب.. كل يوم. ما تراه أو ما تريد أن تراه.. أو ما تتصور أنك تراه .. أحيانا لا يعنى شيئا بالنسبة لما يحدث على واقع الأرض. خصوصًا فى زمن فوضى الأكاذيب والمعلومات المغلوطة أو المفبركة أو فى زمن خلط الأوراق والسوشيال ميديا.. والتريندات. الأولوية.. لملمة الأوضاع كيف ستواجه أمريكا كل هذه التحديات فى المرحلة المقبلة؟.. وبالتأكيد الأسئلة المطروحة أكثر بكثير من الإجابات المقترحة أو السيناريوهات المتوقعة. أولًا: على الرئيس المقبل أن يقوم بالمهمة الصعبة فى لملمة الأوضاع .. وإعادة التركيب من جديد لآليات صناعة القرار الأمريكى فى مؤسسات الدولة وفى أجهزتها المختلفة. والسبب فى التذكير بهذا التحدى هو ما قام به ترامب فى عهده وهذا ليس اتهامًا له بقدر ما هو إقرار لحالة استثنائية أوجدها وعمل بها الرئيس ترامب. بل وتباهى بها وهو يعلن أنه يعمل لكسر هيمنة وجبروت أهل واشنطن ونخبتها السياسية. ثانيًا: الرئيس المنتخب وفى إطار استعداده لولايته المقبلة فى يناير 2021 عليه أن يعيد إلى الحياة الآلية المؤسساتية للإدارة الأمريكية ومراكز القرار فى العاصمة الأطراف المشاركة فى صياغة السياسات وتطبيقها. واحياء ما يُعرف بالمحاسبة والمكاشفة التى تبنتها وعاشتها أمريكا لسنوات طويلة. لم يكن بالأمر الغريب بالنسبة للأمريكى وغير الأمريكى أن اختيار القرارات والسياسات وتنفيذها فى عهد ترامب كان تم حصره فى البيت الأبيض كما أن التعامل مع الملفات الدولية جرى تحديدا من خلال صفقات يسعى إليها ترامب (له دائما الكلمة الأولى والأخيرة) مع فريق مستشاريه المقربين له والعاملين بأوامره أهل الثقة وعلى رأسهم زوج ابنته جاريد كوشنر. الترامبية أولا نهاية ترامب لا تعنى نهاية أو موت الترامبية فالترامبية كما يراها البعض حية ومنتشرة ومنتعشة فى كل أركان البلاد. وأن ال71 مليون الذين صوتوا له فى الانتخابات الأخيرة سوف يحافظون على ترامبيتهم الشعبوية الأمريكية فى أشهر وأخطر صورها ومن ثم سوف يسعون إلى إعادة انتخاب ترامب من جديد فى الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024. صحة هذا الافتراض أو عدم صحته تعتمد على ما سيحدث فى الشهور والسنوات القادمة وبعد خروج ترامب من البيت الأبيض. وهل ترامب كمواطن أمريكى كان رئيسا للبلاد (لا تحميه الحصانة الرئاسية) سيتم محاسبته قانونيًا فى المخالفات المالية وغيرها التى تم توجيه اتهامات له بشأنها؟؟. أمريكا فى هذه الفترة الحرجة تواجه تحديات داخلية وخارجية غالبا لا يتوافق معها الشعار الذى رفعه ترامب ولقى رواجًا شعبيًا كبيرًا.. أمريكا أولا!! ما أشرت إليه فى هذا الوصف / التحليل للمشهد الأمريكى مجرد رءوس موضوعات سوف تشغل اهتمامنا فى الأيام والأسابيع المقبلة ونحن نتابع ما يحدث فى أمريكا.. وما قد يسفر عن تطور للأحداث والمواجهات السياسية والقانونية التى تشهدها البلاد. وهل التشكيك فيما حدث فى الانتخابات الأخيرة سوف يؤدى إلى عدم الاعتراف الجمهورى بما حدث من تغيير ومن فوز لبايدن وهاريس؟. ماذا إذا؟ صيغة التساؤل والافتراض تهيمن على المشهد الأمريكى فى نوفمبر 2020.. ولا شك أن ماذا إذا؟ سوف تلاحقنا فى ديسمبر 2020.. خاصة أن هذا الوباء السياسى (الاستقطاب الأعمى) متفشٍ بشكل لا يصدقه أى عقل ويخشى عواقبه أى عاقل!!