صُنّاع الفيديوهات موجودون بكثرة على كل منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا على موقع يوتيوب الذى يحتوى على 44 مليون مؤثر، لكن اللافت أن المحتوى المعروض فى الفترة الأخيرة شهد طفرة ذات طابع تراجيدى فبين المحتويات الهادفة العلمية والثقافية والترفيهية، انتشرت قنوات أخرى تحمل طابع الترفيه لكنها لاقت استهجانًا وسيلًا من السخرية على المواقع. حمى الشهرة والمكسب الذى يصل لآلاف الدولارات شهريا، دفعت أصحاب القنوات للذهاب نحو وسائل تسويق لمحتواهم لا تخطر على بال ولا تجلب عليهم سوى السباب فى التعليقات لكنها بالفعل تضمن نسب مشاهدة عالية، وبالتالى تقاضى أجر أكبر من اليوتيوب. بطة حماتها تحقق 2 مليون مشاهدة تحت شعار «كان يوم أسود لما المصريين عرفوا إن اليوتيوب بيكسب فلوس» يتداول رواد فيسبوك صورًا لعناوين صادمة على يوتيوب مثل «هو ده سبب طلاقى وخراب بيتى هو اللى ضيع عياله مش أنا» «بابا هو اللى خرب بيتى» «ربنا يستر على البيبى بعد اللى عملته كان فين عقلى» «نزلت لحماتى أعيد عليها وأراضيها» «أول ظهور لسلفتى الكبيرة والصغيرة». تحتوى تلك المقاطع على تفاصيل عائلية لأقصى درجة ترويها صاحبة القناة لمتابعيها وتشركهم فى خلافات تحدث مع والدة زوجها أو غيرها، بل وأحيانًا تقوم بعرض ملابس لأطفالها ليختار المتابعون الأفضل ليرتديه الأولاد فى العيد مثلًا أو حسب موضوع الفيديو. بعض تلك الفيديوهات قد يحمل عنوانًا غريبًا للغاية لكن المتابع يمكن أن يستفيد من المحتوى مثل فيديو على قناة طبخ واقتصاد منزلى بعنوان «حماتى عملت عزومة وجابتلى البط صاحى وقالتلى ورينى شطارتك» عنوان غريب وتفاصيل عائلية يمكن أن نسمعها فى جلسات السمر العائلية أو بين الأصدقاء وليس أمام أكثر من 2 مليون مشاهد شاهدوا الفيديو على قناة تحقق ربحًا شهريًا يتراوح بين 4-61 ألف دولار وفقًا لموقع Social Blade، الذى يرصد الفيديوهات التى تحقق أعلى عائد على يوتيوب. لكن المحتوى وإن اشتمل على العديد من التفاصيل حول العائلة وأطفالها وولائمها وعدد أيام زيارة صاحبة القناة لحماتها إلا أنه يمكن الاستفادة ببعض المعلومات حول طهو البط وتنظيفه ويمكن اعتبارها حلقة تعليم طهو محلية فى الأرياف. تنظيفة العيد فيديو آخر على قناة أخرى ضاعت فيه 22 دقيقة ثمينة من حياتى لا يظهر فيه سوى صاحبة القناة وهى تنظف منزلها قبل العيد كأى شخص فى العالم، هو ما لم أستطع أن أجد له فائدة واحدة يمكن أن تضاف إلى حصيلة خبراتى الحياتية، لا أعتقد أن السجادة التى غسلتها أمام الكاميرا غسلة «نص كم» كما ذكرت ستفيد أى عابر سبيل. الدعاية السوداء تنجح الفيديوهات بهذه العناوين فى جذب مئات الآلاف من المشاهدات على فيسبوك ويوتيوب، تداولها كمادة سخرية فى حد ذاته يعتبر دعاية لتلك النوعيات من القنوات ونجاحها فى الوصول للمستخدمين وتأثيرها فيهم؛ سواءً بالسلب أو الإيجاب كما يشير المبدأ التسويقى المعروف القائل بأن أى دعاية هى دعاية مفيدة. جولة مع زوار الصباحية قناة أخرى تملكها شخصية تعمل مع العرائس لترتيب الأثاث داخل منزل الزوجية، بعد الانتهاء من الفرش والترتيب تنشر فيديوهات بتفاصيل الأثاث ونوعه وتعرض للمتابعين كل تفاصيل شقة العروس من الإبرة للصاروخ فى جولة أشبه ما يكون بعادة أهل الريف الطيبين فى تجول زوار الصباحية بالشقة وعرض الجهاز عليهم، تحت مسمى «عشان الناس متاكلش وشنا». قناة شقق العرائس التى تحصل على ربح شهرى يتراوح بين 1-22 ألف دولار وحققت إجمالى 22 مليون مشاهدة لا تخلو أيضًا من العناوين الجاذبة ولم تسلم من سخرية الرواد. رجال المقالب الصعبة الفئة السابقة من صانعى المحتوى، كوم، والشباب كوم آخر، نترك عالم الطبخ والحموات وشقق العرائس لنصل إلى رحلة المقالب على قناة معظم محتواها مقالب «جوزى اتجوز عليا» «أقوى مقلب خطفنا بنتها» «مقلب بنتى وقعت من على السلم». المقالب ليست مستحدثة على الترفيه فى مجتمعنا ومقالب إبراهيم نصر والكاميرا الخفية كانت تسليتنا الوحيدة على الإفطار كل عام لكنها لم تكن قناة يوتيوب لها خمسة ونصف مليون متابع وتجنى 21-330 ألف دولار شهريًا. الأغرب أن تتصفح يوتيوب لتجد نفسك فى رحلة بحث عن عروسة مع يوتيوبر يملك قناة بمليون ونصف متابع تجنى 1-14 ألف دولار شهريًا، يرغب الفتى أن يكمل نصف دينه ويجد نصفه الآخر وبلا شك أنسب مكان لنقاش تلك المعضلة هو اليوتيوب، وأخيرًا نتنفس الصعداء ونجد ضالته المنشودة فتاة أجنبية فى شرم الشيخ، لكن الحلو لا يدوم يتفاجأ المتابعون بفيديو الانفصال. يدخل الدنجوان فى رحلة بحث أخرى على مستوى محلى تلك المرة ثم بعض فيديوهات المقالب «مقلب الخيانة» «مقلب الإهانة» «مقلب السحر» وهكذا، وكل يوم بحال تارةً فيديو مع خطيبتى والكثير من القلوب وبمجرد طلوع الشمس ينقلب الحال وينوح فى فيديو آخر على ليلاه الشاردة.
