أسعار الفاكهة اليوم الاثنين 17-6-2024 في قنا    نتنياهو يقيم مجلس المشاورات بديلًا لحكومة الحرب الإسرائيلية    حالة الطقس اليوم الاثنين 17-6-2024 في محافظة قنا    وزير التعليم العالي يلتقي وفد «الروس آتوم» الرائدة في التكنولوجيا النووية    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    الإسكان: تنفيذ 1384 مشروعا بمبادرة "حياة كريمة" بمحافظات المنيا وبنى سويف وأسيوط    وزير النقل: تنفيذ خطة شاملة لتطوير كافة الموانئ المصرية تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    وزيرة الهجرة تطلق «بودكاست» لتعريف المصريين بالخارج تاريخ حضارتهم    روسيا: لن نسمح بإعادة آلية فرض قيود على كوريا الشمالية في مجلس الأمن    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة الأهلي لمواجهة الاتحاد السكندري    هل حدثت مشاجرة بين زيزو وناصر ماهر؟ مصدر يوضح الحقيقة    وكيله: كفاراتسخيليا يريد الرحيل.. ورد ناري من نابولي    بعد الأداء الرائع.. رومانو: ريال مدريد سيبدأ المفاوضات لتمديد عقد كارباخال    محافظ أسيوط يشيد بمشاركة شباب الأحزاب في تنظيم احتفالات عيد الأضحى (صور)    "الميكروباص اتعجن".. 9 مصابين في حادث مروع بأسيوط- صور    تفاصيل الحالة المرورية في ثاني أيام عيد الأضحى    الغردقة تتألق صيفًا بنسب إشغال قياسية وإجراءات سلامة مشددة على الشواطئ    يقترب من 50 مليون.. تعرف على إيراد "ولاد رزق 3" بأول أيام العيد    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    كيف تتجنب المشكلات العائلية خلال أيام العيد؟.. خبير التنمية البشرية يجيب    اعرف آخر وقت لتقديم الأضحية ودعاء النبي وقت الذبح    طبيبة تغذية تكشف مفاجأة: الكوارع سهلة الهضم للأطفال (فيديو)    نصيحة في كبسولة.. الخطوات اللازمة لتجنب الإصابة بأمراض القلب    وزير الإسكان: جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد يتولى تنفيذ 1384 مشروعا    توافد آلاف الزوار على حدائق كفر الشيخ ومصيف بلطيم خلال ثاني أيام عيد الأضحى    خفر السواحل الصيني يتخذ تدابير تنظيمية ضد توغل غير قانوني لسفينة فلبينية    محافظ المنوفية: إطلاق مبادرة "الأب القدوة" ترسيخا لدور الأب    الرئيس السيسي يلتقى ولي العهد السعودي في لقاء أخوي    إيرادات قياسية لفيلم Inside Out 2.. اقترب من 300 مليون دولار    7 معلومات عن الطيار حسن عدس المتوفى بعد الهبوط في جدة.. «مكملش 40 سنة وغير متزوج»    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    دعاء طواف الوداع: «اللهم إن كنت رضيت عنِّي فازدد عنِّي رضا»    الري: إقبال كبير على زيارة حدائق القناطر الخيرية -(صور)    طهران تدين بيان الترويكا الأوروبية بشأن البرنامج النووي الإيراني    بدء دراسة كبيرة حول التغذية النباتية في البلدان الناطقة بالألمانية    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    إعلام فلسطينى: قصف إسرائيلى يستهدف المناطق الجنوبية لمدينة غزة    جندي إسرائيلي يتخلص من حياته بعد عودته من الحرب في غزة    إسرائيل تبحث اتخاذ خطوات عقابية ضد السلطة الفلسطينية بينها الاستيطان    حسم موقف سيرجو روبيرتو من الرحيل عن برشلونة    «المحلاوي» عن يوم «القر».. من أعظم أيام الله ويستجاب فيه الدعاء (تفاصيل)    بعد قرار كولر.. الأهلي يفتح باب الرحيل أمام أليو ديانج للدوري السعودي    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط غزة    «المالية»: تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودي ومتوسطي الدخل    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 17 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    الدولار يسجل 47.75.. أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه اليوم    المنيا تسجل حالة وفاه جديدة لحجاج بيت الله الحرام    لماذا خالفت هذه الدول توقيت احتفال أول أيام عيد الأضحى 2024؟    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. ثاني أيام عيد الأضحى 2024    بعد إثارته للجدل بسبب مشاركته في مسلسل إسرائيلي.. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    «زي النهارده».. وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوى 17 يونيو 1998    "تهنئة صلاح وظهور لاعبي بيراميدز".. كيف احتفل نجوم الكرة بعيد الأضحى؟    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راقص على كرسى متحرك
نشر في صباح الخير يوم 04 - 12 - 2019

فى حياتنا اليومية نقابل أشخاصًا أو نَمُرُّ عليهم مرور الكرام دون أن ندرك أنهم أبطال خارقون أكثر ممن نتابعهم فى أفلام الكارتون!.. نعم أبطال لا يسمحون لأنفسهم بالتعثر والسقوط فى منحنيات الحياة التى قد تكون أحيانًا فى غاية الصعوبة والقسوة معًا، لكن هؤلاء الأبطال تأتى لهم رسائل سماوية مع المحن التى يتعرضون لها بأن الحياة تستحق المقاومة والحياة جديرة بالعيش.
كان يرقص على كرسى متحرك مع فراشة متمكنة من أدواتها فى الرقص الحديث، يحلقان معًا ويؤديان حركات فى منتهى التناغم والجمال.. لم يكن يمشى على قدمَيه لكنه أخذ من الكرسى المتحرك جناحين يُحَلق بهما ويقفز فى الهواء الطلق معلنًا «لا شىء يعلو فوق صوت الإرادة وحب الحياة».. إنه محمود الجزار، أحد مصابى العمود الفقرى!، وما أدراك إصابة العمود الفقرى!!، إنها تتراوح نتائجها ما بين أن يعيش حياته كلها مستلقيًا على سرير أو يكون من المحظوظين الذين يعيشون على كرسى متحرك!.
لكن كيف للشاب الرياضى محمود، ابن العشرين ربيعًا، الذى كان يدرس السياحة ويخطط لمستقبل مشرق يجوب فيه أرجاء الكرة الأرضية، أن يجد كل جسمه يرتدى القميص الجبسى وممددًا على السرير بعد أن كان لاعب كرة فى فريق أول (العياط) ويمد قدَمَيْه فى أرجاء الملعب ويطير فى الهواء فور إحراز هدف أو يجرى على زملائه ليتعانقوا لفرحة الفوز!!، بالتأكيد مرارة وحُزن ويأس سكن قلب وعقل محمود ابن العشرين عامًا وقت الحادث، لدرجة أنه اعتزل الناس، بل إنه فكر فى مغادرة الدنيا، لكن من رحمة الله أنه يُولد من رحم الآلام دواء، ومن رحم النهايات بدايات جديدة قد تكون أكثر إشراقًا.
من داخل مركز العلاج الطبيعى جاءت له رسالة ربانية قوية حين وجد حالات أصعب منه بكثير، فأدرك أن عليه شرف المحاولة لتحويل النقمة إلى نعمة، والاختبار الكبير إلى تحد ونصر كبيرين. بعد ثلاث سنوات من الإحباط والاكتئاب واليأس أدرك أن فى حالته التى وصل إليها يحتاج إلى علاج تأهيلى وليس مجرد علاج طبيعى، تأهيل لحياته الجديدة عبر كرسى متحرك يتحرك به داخل البيت ويمارس حياته كاملة من خلال كرسى متحرك، بعد أن ألهمه الله فكرة أن الإعاقة فى العقل والقلب وليس فى الجسد، وأدرك أيضًا أن هناك بعض الأصحاء جسديّا لكنهم معاقون فى تفكيرهم ونظرتهم للأمور.
• حصد الجوائز
فكر «محمود» فى الرياضة لكى تكون الملاذ له، فقد كان منذ سنوات قليلة مضت كان على وشك أن يلعب فى أحد أندية الدرجة الأولى لكن القدر لم يمهله الفرصة فقرر هو أن يقتنص فرصًا أصعب، فبدأ برفع الأثقال وتدرّب فى نادٍ محدود، وكان التدريب ليس بالشكل السليم علميّا فترك رفع الأثقال واتجه إلى السباحة وأحبها وحقق مراكز ثانى وثالث على مستوى الجمهورية، وأثناء تدريبات السباحة التى تمد الجسم والعقل بالطاقة الإيجابية، ثم تعرّف «محمود» على رياضة قوس وسهم فلم يحلم بمجرد المشاركة لكن تطلع إلى حصد الجوائز، وبالفعل حصد أربع ميداليات ذهبية، وثلاث ميداليات فضية وميدالية برونزية، مع كل جائزة رياضية كان يشعر «محمود» بأن جزءًا من إرادته يكتمل ولا أحد يستطيع أن ينظر إليه على أنه معاق، هو لديه مجرد إصابة فى العمود الفقرى، مثله مثل باقى أقرانه الذين يسيرون على أقدامهم، ولكن كيف وهو لا يستطيع أن يسير على قدميه؟! هكذا فكّر وأجاب نعم لا أمشى على قدمَى لكنى أستطيع أن أرقص.. ولِمَ لا وأنا أملك الإرادة؟!.. هكذا قال محمود الجزار لنفسه وهو يتقدم لتعلم الرقص المعاصر، وهو حاليًا عضو فى مسرح الشمس الخاص بوزارة الثقافة، وتطوّر أكثر وأصبح يدخل فى الدراما كممثل بالفرقة ثم أيضًا تدرّب على الغناء ليصبح مطربًا فى فرقة الأصالة ربيع العمر، كل ما يتسلح به «محمود» هو الإصرار والإرادة التى أصَرّ على ألا يصيباه بالإعاقة الروحية.
• أفق horizon
بساحة الجامعة الأمريكية بوسط البلد كان العرض الذى أبهر الجميع ليس فقط بمحمود الجزار لكن أيضًا بشريكته فى العرض سلمى سالم، تلك الفنانة ذات الطراز الراقى فكريّا وفنيّا. فهى خريجة جامعة أمريكية علم نفس، اشتغلت فى مجال ذوى الاحتياجات الخاصة ضمن مجموعة داليا سليمان مع أطفال التوحد لتدريبهم على (الفيزيكال تشالنج)، وقد حققت نتائج مبهرة، إضافة إلى أنها راقصة رقص معاصر بدأت رحلتها مع الرقص من عمر السادسة وهى ترقص البالية، ثم الجاز ثم فلامنكو ثم الهيب هوب، وبقدر روعة انسجام حركتها وروحها مع محمود الجزار أثناء العرض الذى حصد تصفيق وإعجاب الحاضرين بقدر ما كانت تملك من نكران للذات وإشادة بروح الراقص الذى يتمتع بروح وإرادة قويتين وهى تؤكد أن العرض كان من وحى روحه الحلوة التى لا تعرف الاستسلام.
شيماء شكرى، مخرجة ومدربة العرض، هى قصة جميلة أيضًا فى تصميم الرقص المعاصر، فهى درست الفنون الجميلة بالجامعة الأمريكية ودرست «رقص حديث» بمركز الإبداع بالأوبرا ودرست فى استوديو عماد الدين ودرست مع الفنانة كريمة منصور ثم درست كيف تدرس ومع كل هذه الخبرات والدراسات وفى عام 2016 ساعدت مصممة هولاندية لتقديم عمل لذوى الاحتياجات الخاصة.. وعن محمود الجزار تحكى شيماء: إن العرض كفكرة ومضمون يعتمد على كيفية تطوير أدوات «محمود» للتعبير عن نفسه، كنا قد بدأنا بورشة عمل مفتوحة اخترت من كل المشاركين شخصًا واحدًا هو محمود الجزار، الذى بدأتُ معه تدريبات على أنه ينمى قدرته الفيزيقية لكى يستطيع أن يُعبر بحركات مختلفة إذا أراد أن يلف أو ينقلب أو يقوم من مكانه، وقد كان.. إنه استطاع أن يقوم بحركات فى العرض لا تصدق أن مصابًا بالعمود الفقرى يمكن أن يقوم بها. وعن سبب اختيار محمود الجزار دونًا عن كل المشاركين بالورشة، تقول شيماء: كان ملتزمًا ولديه شغف ويريد أن يحقق شيئًا، ولديه عزيمة، إنه يجرب، وهؤلاء من يبهروننا، فأنا لا أومن بالموهبة لكن أومن بالمحاولة.
«محمود» استطاع أن يرقص بالكرسى لأنه أحب الرقص المعاصر ووجد أنه أكثر حاجة متكاملة، فهو يقدم عروضًا فى مهرجان DEkafe للعام الرابع على على التوالى.. فى العروض السابقة كان تحت قيادة أجنبية لكن فى هذا العرض (أفقى) كان تحت قيادة المصرية شيماء شكرى التى يقول عنها: الفضل بعد الله فى نجاحى فى تقديم عرض بهذه (اللياقة) يرجع للمخرجة ومدربة العرض شيماء، فهى دربتنى بشكل صحيح وساعدت عضلاتى للوصول للشكل الأنسب، وهو ما لم يفعله معى دكتور العلاج الطبيعى. ويثنى «محمود» على شريكته فى العرض سلمى سالم، التى بذلت مجهودًا رائعًا معه وتغلبت على خوفها حين اقترح أن يمر فوقها بالعجلة المتحركة فى حركة فى قمة الصعوبة والتحدى فى الوقت ذاته، لكن كان لديه حلم جامح فى تقديم شكل متكامل جمالى وفنى بالعرض الذى استمر 25 دقيقة.
•أفاق جديدة
«محمود الجزار» لم تُعقه السنوات عن التوقف عن التعليم، فبَعد أكثر من ثمانى سنوات على إصابته وترك دراسته للسياحة قرر أن يكمل تعليمه واختار الإعلام، لكن بعد شهر أدرك أن دراسة الإعلام لا تناسبه فقرر التحويل إلى كلية التجارة جامعة القاهرة، وحين وجد بالجامعة فريقًا للكرة الطائرة (جلوس) اشترك فورًا، وفى أول مشاركة له حصل فريق جامعة القاهرة على المركز الثانى، كما شارك فى فريق تنس الطاولة بالجامعة.. ورُغم أن الفرق الأخرى كان بها أبطال عالم فإنهم استطاعوا أن يحصلوا على المركز الثالث، وهو يستعد للتخرج هذا العام وعمره 34 سنة، أى أنا استطاع فى الأربعة عشرة عامًا الأخيرة من عمره أن يعيش حياة حافلة بالمجهود والنجاح والتحقق والرقص المعاصر الذى يرى أنه أكثر شىء يحبه؛ لأنه- كما يقول عنه- أكثر شىء متكامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.