كتب: أمير رمسيس مخرج سينمائي مهرجان برلين السينمائى الدولى، يعد واحدًا من أهم وأضخم ثلاث مهرجانات عالمية، وأبرز ما يميز هذا المهرجان هو السوق السينمائية التى تعد الأقوى من بين المهرجانات الثلاث على مستوى العالم «كان.. فينسيا.. برلين» ،فهى دائما تعد بمثابة تمهيد للموسم السينمائى على مدار العام، يأتى فى بداية العام وتحديدا فى مطلع شهر فبراير، ليصبح «الترمومتر» وسوق برلين يعد هو الأهم لممثلى وصناع السينما العالمية والمهرجانات الدولية. فهم يهتمون للغاية بفعاليات هذه السوق بنفس قدر اهتمامهم ببرنامج المهرجان خلال كل دورة جديدة ومن خلال السوق السينمائية يستطيع كل مهتم بالسينما العالمية أن يستشعر ملامح السنة السينمائية التى نكون على أعتابها. مغامرة فنية.. فروق طفيفة يدركها أى سينمائى بين المهرجانات الثلاث ولكن يظل برلين يتسم عبر دوراته واختياراته للأفلام التى يتضمنها بجرأته فى الاختيار، تجارب ذات طابع فنى جرئ، وحده برلين القادر على اكتشافها أفلام قد لا تستهوى البعض إلا أنها أفلام عالية الجودة، قدمها أسماء كبيرة لديها بصمتها الباقية حتى الآن. حضور عربى.. شهدت الدورة 69 من مهرجان برلين هذا العام نخبة من التجارب السينمائية المختلفة، وأبرز إيجابيات هذه الدورة، الاهتمام بالعالم العربى من خلال فعاليات المهرجان، على سبيل المثال الفيلم السودانى، حضور يستحق الإشارة إليه، وخاصة أن السودان نادرا ما تصنع سينما، أيضا هناك حضور لكل من لبنان والسعودية سواء من خلال الأقسام الرسمية أو غير الرسمية للمهرجان. مشاركة نسائية.. هناك أيضا حضور يستحق تناوله لعدد كبير من المخرجات، مشاركة نسائية قياسية، فعلى مدار ثلاثة أيام فقط، ومن بين ثمانية أفلام كانت المفاجأة أن هناك أربعة أفلام لمخرجات، استطعن حفر بصمة بالفعل بحضورهن من خلال أعمال تستحق المشاهدة، وهناك مشاركة نسائية تحسب لمهرجان برلين بالمقارنة بمهرجانى كان و فينسيا، ولعل من أبرز وأقوى تلك المشاركات فيلم ‘ God is a woman her name is petronia' من ماسيدونيا. اكتشاف وإبهار.. ضمت الدورة 69 نخبة من الأفلام لأشهر المخرجين والمخرجات، تتناول أبرز قضايا العصر، وتتسم غالبيتها بالجدية، إنتاجات سينمائية مفاجئة، وكعادته يواصل مهرجان برلين مسيرته فى اكتشاف تجارب سينمائية مختلفة، System crusher من ألمانيا .La stranza de bambini من إيطاليا .its talking about trees من السودان وغيرها من أشهر الأفلام على مستوى العالم، التى نجحت فى تحقيق إبهار لدى جمهور برلين السينمائى هذا العام. وداع.. لقاء.. «ديتر كوسليك»هو الاسم الأهم وكانت محطته الأخيرة من خلال الدورة 69 من مهرجان برلين السينمائى الدولى، ها هو يودع المهرجان، بعد بصمات كثيرة حفرها من خلال ترأسه إدارة المهرجان على مدار أعوام . فقد كان من السهل على أى سينمائى إدراك ما أضافه هذا القائد لمهرجان بحجم وقيمة مهرجان برلين، فى خلق هوية، فى حفاظه على مكانته بين أشهر المهرجانات الدولية الكبرى، وهناك قائد جديد على وشك تولى المهمة الصعبة، هو كارلو شاتريان المدير الحالى لمهرجان لوكارنو. جمهور عريض.. السينما الألمانية شهدت على مدار تاريخ طويل حضورا لأفلام تتسم بالجدية، قسوتها الفنية لم تكن عائقا أمام كبار المخرجين الألمان فى الانتشار وتحقيق التلامس مع العالم، تيار سينمائى ربما أعاقه الطابع الذى يتسم به للانتشار تجاريا ،ولكن يظل هناك جمهور فى ألمانيا شديد الارتباط به، نظرا لشدة تلامسه مع الواقع، فعلى الرغم من القسوة البصرية والتى تتضح من خلال العديد من عناصر العمل السينمائى مثل الاستغناء عن الموسيقى فى بعض الأحيان، يظل هناك جمهور عريض خارج ألمانيا يتابع بحرص شديد أفلام كبار المخرجين الألمان، والجدير بالذكر أن السينما الألمانية هى سينما المخرج والمؤلف أكثر منها سينما الممثل، حتى بين جمهور الشارع الألمانى نلاحظ ارتباط الغالبية بمخرج العمل السينمائى، كصانعه ومبدعه.