رئيس جامعة القناة يُؤكد توافر الأطقم الطبية داخل عيادات الكليات خلال الامتحانات (صور)    اعتماد 28 مدرسة بقنا، بعد حصول الإدارة التعليمية بالمحافظة على شهادة الاعتماد بجودة التعليم    البورصة المصرية، تذبذب أداء قطاعات سوق الأوراق المالية بتداولات اليوم    إف چي هيرميس توقع اتفاقية شراكة مع بنك مصر لتوفير خاصية تغذية حسابات العملاء    رئيس الوزراء يتابع تنفيذ المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية    استشهاد 4 أشخاص في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف رفح الفلسطينية    يورو 2024، هالاند وألابا أبرز الغائبين عن كأس أمم أوروبا    كرة سلة - الكشف عن عدد الحضور الجماهيري لنهائي دوري السوبر بين الاتحاد والأهلي    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    ضبط كيان تعليمى بدون ترخيص للنصب على المواطنين في سوهاج    رئيس الوزراء يستعرض مع مايا مرسي ملفات وأنشطة القومي للمرأة    بعد استدعائه للتحقيق، تفاصيل جديدة حول أزمة حفل مسلم بإحدي المدارس بالمحلة    المتحف القومي للحضارة يحتفل بذكري دخول العائلة المقدسة مصر    شاهيناز عن تعرضها لحادث خطير: ملهوش علاقة بخلع الحجاب (فيديو)    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأبراج في شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    بعد 5 أسابيع| «السرب» يتصدر شباك التذاكر ب37 مليون جنيه    6 شهداء بقصف للاحتلال على الزوايدة وحي الصبرة في قطاع غزة    ما جزاء من يقابل الإحسان بالإساءة؟.. أمين الفتوى يوضح    طريقة عمل دجاج كنتاكي المقرمشة، أحلى من المطاعم    وكيل «صحة البحيرة» يتفقد أعمال القافلة الطبية العلاجية بقرية بلقطر الشرقية    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    اليونيسف: تعطل توزيع المكملات الغذائية بغزة يهدد حياة أكثر من 3 آلاف طفل    أماكن صلاة عيد الأضحى في المحافظات 2024.. الأوقاف تعلن 6 آلاف ساحة    ينطلق السبت المقبل.. قصور الثقافة تعلن عروض المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية    تعرف على سبب فشل زيجات نسرين طافش    وزير الداخلية يستقبل نظيره الكويتي لبحث سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين (صور)    هل يجوز التضحية في بلد أفريقي لأنها رخيصة هناك؟.. عالم أزهري يجيب    تكبيرات عيد الأضحى مكتوبة.. «الإفتاء» توضح الصيغة الشرعية الصحيحة    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    رئيس الشعبة بالغرف التجارية: مبيعات الأدوية تتجاوز 65 مليار جنيه خلال 5 أشهر من 2024    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    مفاجأة.. مدرب ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهمين ب "جماعة حازمون الإرهابية" ل 2 سبتمبر    العمل: 3537 فُرصة عمل جديدة في 48 شركة خاصة تنتظر الشباب    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    توجيه جديد لوزير التعليم العالي بشأن الجامعات التكنولوجية    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    عمرو السولية يكشف طلب علي معلول في لقاء الجونة وما ينتظره من الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش الجزائرى و«ملحق» الخريف العربى
نشر في صباح الخير يوم 24 - 04 - 2019

الموجة الثانية «الملحق» لما يسمى «الربيع العربى» تأخرت بالجزائر ثمان سنوات، لأنها فى كل مرة يتصاعد الغضب الشعبى، كان يطل شبح «العشرية السوداء» ليوقف التصعيد.. لكن الغضب هذه المرة جاء مقترناً بتحركات قوى دولية تسعى لإعادة ترتيب أوضاع الإقليم بما يتسق ومصالحها، لذلك دفعت بكل مؤسسات الدولة الجزائرية، ومنها الجيش، إلى قلب الأزمة.. السبب الآخر لتأخر «الملحق» هو حالة التوافق التى سادت لسنوات بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية، والتى أنهاها بوتفليقة بفك عرى الارتباط التقليدى بين مؤسسة الجيش والمخابرات، وإخضاعهما لسطوة وتوجيه الرئاسة، بعد أن كانا الطرف الفاعل الرئيسى.
نواة المؤسسة العسكرية الجزائرية نشأت خلال حرب التحرير 1954/1962، لذلك استلهمت عقيدتها القتالية من التطلعات الوطنية للمجاهدين، قامت بهندسة السياسات وصناعة الرؤساء عبر عقود متعاقبة.. انقلبت على أحمد بن بلة أول رئيس للدولة، ضمن عملية وصفتها بال«تصحيح الثورى» يونيو 1965.. وعندما اشتعل التنافس على خلافة بومدين، بين بوتفليقة وزير الخارجية، ويحياوى رجل الحزب مطلع 1979، تدخل الجيش ليفرض الشاذلى بن جديد رئيساً.. تدخل بعد فوز جبهة الإنقاذ المحظورة فى الانتخابات البرلمانية يناير 1992، وأوقف المسار الانتخابى، ونصَّب محمد بوضياف.. ومن بعده اليامين زروال 1995/1998.. قبل أن يصعٍّد بوتفليقة للاستفادة من حنكته الدبلوماسية فى تمرير ميثاق السلم والمصالحة، وإنهاء الحرب الأهلية التى تجاوز عدد ضحاياها 200 ألف قتيل، فترة «العشرية السوداء»، وإعادة تأهيل البلاد لتجاوز تداعياتها.
بوتفليقة وتوازن المؤسسات
لكن بوتفليقة فى المقابل قام بتفكيك المؤسسة العسكرية، والوقيعة بين قادتها؛ نجح فى الإطاحة بالجنرال محمد العمارى رئيس الأركان السابق، الذى عارض ترشحه فى انتخابات 2004، وذلك بالتحالف مع الجنرال محمد مدين «توفيق»، مدير جهاز المخابرات المنحل «دائرة الاستعلام والأمن» التى كانت تابعة لوزارة الدفاع.. ثم فكك الجهاز إلى ثلاثة «مصالح أمنية» 2015، قبل أن يطيح بتوفيق نفسه، بعدما ضمن عقد شرف من الجنرال أحمد قايد صالح قائد الأركان، وعين بشير طرطاق «منسقاً للمصالح الأمنية».. وفى نفس الوقت حرص على إضعاف صالح بإقالة معظم قادة النواحى العسكرية الجزائرية وقادة الأمن العسكرى والدرك الوطنى آخر أغسطس 2018.. ليحقق فى النهاية حالة من توازن القوى بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، ضماناً لاستقرار النظام، وحسن إدارته، بالجهد القليل، الذى سمحت به حالته الصحية.
حاكم لايستوعب الدرس!
عندما ترشح بوتفليقة لولايته الرابعة 2014 اجتاحت الاحتجاجات الجماهيرية البلاد، وعدهم بالإصلاح، والتأسيس لمرحلة انتقالية، وإعداد كوادر صالحة للحكم، وفاز بأكثر من 80 % من الأصوات، بعدها نسى الضغط الشعبى، ونسى وعوده.. «حكام لا يستوعبون الدروس».. وتدور الأيام سريعاً لتبدأ التعبئة فى 22 فبراير على مواقع التواصل الاجتماعى فتخرج الجماهير إلى الشوارع، للتعبير عن رفض «ولايته الخامسة»، وتفتح ملفات الفساد وسوء الإدارة وصعوبة الظروف المعيشية.. منذ اللحظة الأولى للمظاهرات كان واضحاً أن الجماهير التى خرجت إلى الشوارع، بطول البلاد وعرضها تراهن على استقطاب ضمير المؤسسة العسكرية إلى صفها، بترديد شعار «جيش، شعب.. خاوة خاوة «إخوة إخوة».. بعض المتظاهرين توجهوا إلى مقر الحكومة والآخر لرئاسة الجمهورية، ولكن لم يفكر أحد فى التحرك نحو مبنى وزارة الدفاع، لقناعتهم بالدور الوطنى لمؤسسة الجيش، وأنها وحدها تمتلك القدرة على الحسم.
الجيش وإسقاط بوتفليقة
والحقيقة أن موقف المؤسسة العسكرية كان بالغ التوازن؛ ظل حتى آخر لحظة مؤيداً للنظام، ولكن عندما تأكد أن الأغلبية الساحقة قد انقلبت ضده، وأن الاستمرار فى تأييده يعنى المخاطرة بالدخول فى خصومة مع الشارع، وأنه لا يتوافر بديل من خارج الجيش، يمكن استئمانه على الدولة، انقلب على الرئيس.. بوتفليقة تحت ضغط المتظاهرين تعهد بالتخلى عن منصبه قبل نهاية فترته الرئاسية فى 28 أبريل، لكن تسريبات مجهولة نسبت بياناً لرئاسة الجمهورية يزعم قيام الرئيس بإنهاء مهام الفريق صالح قائد الجيش، بسبب تدخله فى الشأن السياسى للبلاد، وانتهاك قوانين الجمهورية، مما أثار حالة من الارتباك، تم التوافق على أثرها على نفى بوغازى مستشار الرئيس صحة البيان، والتبرؤ من نتائجه، وتأكيد وزارة الدفاع قناعتها بأن البيان المنسوب للرئاسة غير صحيح، وهدفه إثارة البلبلة فى البلاد.. إلا أن بياناً آخر نُسب لمستشار بوتفليقة زعم أن المئات من الحرس الجمهورى يقوم بمحاصرة مقر الرئاسة والإقامات الحكومية والتليفزيون الرسمى، تزامن مع بيان آخر للجيش يدعو إلى «التطبيق الفورى للحل الدستورى» وتفعيل المواد 7 و8 و102 التى تتيح عزل الرئيس.. البيان كشف عن تغير جذرى فى موقف المؤسسة العسكرية من النظام، بتأكيده أن مساعى الجيش تهدف لحماية الشعب من «العصابة التى استولت دون وجه حق على مقدراته»، وتضامنت الأحزاب فوراً مع مطلب رحيل الرئيس.. هنا أسقط فى يده، واضطر بوتفليقة لإبلاغ المجلس الدستورى باستقالته 2 أبريل 2019.
تدخل الجيش على هذا النحو لا يمكن تفسيره بطموح شخصى فى السلطة لدى الفريق صالح، لأنه ظل حتى الفصل الأخير من الأزمة داعماً لبوتفليقة، ولكن الشارع كان قد وصل إلى توافق كامل بضرورة رحيل الرجل، مهما بلغت النتائج المترتبة على ذلك، فكان لزاماً على الجيش أن يعدل موقفه، ليساند الشارع، حفاظاً على الدولة، تدخل الجيش الجزائرى يندرج «ضمن المهام التى يخولها له الدستور طبقا للمادة 28، بصفته «الضامن والحافظ للاستقلال الوطنى، والساهر على الدفاع عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية، وحماية الشعب من أى خطر محدق أو تهديد».. الجيش قام بإنهاء مهام اللواء عثمان طرطاق، مستشار الرئيس، المكلف بالتنسيق بين المصالح الأمنية «المخابرات»، وأصدر قراراً بإلحاقها من جديد بوزارة الدفاع، وإنهاء تبعيتها لرئاسة الجمهورية 7 أبريل 2019، مما يسمح لقائده الفريق صالح بزيادة إحكام سيطرته على السلطة، وتعزيز قوته كحاكم فعلى للبلاد.
والحقيقة أن تدخل الجيوش الوطنية أضحى يمثل صمام أمن، فى مواجهة مخططات التخريب التى تستهدف دول المنطقة، التى تعتمد على عناصر مندسة داخل الاحتجاجات، للتجسس والتحريض والاغتيال، الأمن الجزائرى ضبط مجموعة إرهابية مسلحة، وواجه أعداداً من الملثمين الذين كانوا يسعون للتخريب.. ولكن إذا كان الجيش الجزائرى مسئولاً عن تأمين الدولة فى مواجهة مخططات التخريب، فإن وعى المواطن وحده لاغنى عنه لإدراك حقيقة أنه ليس من الكياسة إسقاط الدولة، بالتمسك بشعارات تستهدف إزاحة كل الشخصيات التى تنتمى للنظام السابق من المشهد السياسى، لأن ذلك لا يعنى فقط إسقاط الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح رئيس مجلس الأمة السابق، الذى عينه قائد الجيش رئيسا مؤقتاً إعمالاً للنصوص الدستورية، وإنما يشمل رئيس الوزراء نور الدين بدوى، ورئيس المجلس الدستورى الطيب بلعيز، لكن الأخطر، أن ذلك يعنى إهدار الدستور الذى تمت كل تلك التعيينات بمقتضاه، ويمتد ذلك الإعصار بالطبع ليشمل إقالة كل القيادات التى تدير الدولة، ما يعنى إسقاط كل المؤسسات.. ولن يبقى ذلك المنطق الفوضوى بالطبع على قادة الجيش المعينين بقرارات من بوتفليقة، لتسقط الدولة الجزائرية فى الفوضى الشاملة.. هذا التداعى الخطير فى حد ذاته هو الهدف من مخططات التخريب التى تستهدف المنطقة.. فهل نحن واعون؟!.
مصر ونموذج التغيير
مصر دائما النموذج والمثل.. شهدت تغييراً تم بفعل ضغط الشارع السياسى العشوائى فى يناير 2011، انتهى بسرقة عصابة الإخوان للسلطة، وكاد على مدى عام من الحكم أن يزعزع أوصال الدولة المصرية، وأن يحرق الأخضر واليابس.. أعقبه تغيير حدث فى 30 يونيو 2013، بفعل حركة الشارع السياسى المنظم، والمتوافق على الهدف من التغيير، ومن خلال تعبئة جماهيرية قامت بها «حركة تمرد».. التغيير الأخير قاده الجيش، وشاركت فيه كل المؤسسات الوطنية، وانتهى بتحول سياسى واستقرار اقتصادى ونهضة تنموية شاملة.. هذا النموذج المثالى يفسر أن «ملحق» الخريف العربى فى الجزائر والسودان تؤمنه المؤسسة العسكرية، بل تلتقط مقود إدارته مرحلياً.. هذا الإجراء يتم حمايته للدولتين من مصير سوريا واليمن، وتقديراً من المؤسسات العسكرية الوطنية لحجم مخاطر المرحلة، وعمق الاستهداف الدولى للمنطقة.. هذه المؤسسات لا تلعب السياسة، لكنها خير من يقدر حجم المخاطر التى يتعرض لها الأمن القومى، واتجاهات المصلحة الوطنية، تصدرها للمشهد يؤكد أن المرحلة القادمة ستشهد تنسيقاً بين دول المنطقة، على نحو يكفل الحفاظ على أمن الإقليم، ومصالح دوله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.